تاريخ النشر 26 اغسطس 2015     بواسطة البروفيسور ياسر عبدالعزيز بهادر     المشاهدات 201

المعالجة بالأشعة

إن الإشعاع هو نوع من الطاقة المتحررة على شكل جزيئات أو أمواج. إن الجرعات العالية من الإشعاع قادرة على تدمير الخلايا أو منعها من التكاثر. إن المعالجة الشعاعية هي معالجة السرطان. والغاية منها هي قتل الخلايا السرطانية وتقليص حجم الأورام. إن المعالجة الشعاعية تقتل الخلايا السرطانية وتؤذي الخلايا
الطبيعية، لكن الخلايا الطبيعية تشفى عادة فيما بعد. يحاول الأطباء حماية الخلايا الطبيعية بتحديد الجرعات الإشعاعية وتوزيع المعالجة على فترات. وكذلك عندما يستخدمون الآلات الشعاعية لمعالجة السرطان فإنهم يسترون بقية الجسم قدر الإمكان. 
يصدر الإشعاع الخارجي المستخدم في معالجة السرطان من آلات خاصة، أو من مواد داخلية نشطة إشعاعياً يضعها الطبيب في الجسم. ويستخدم الإشعاع أحياناً مع المعالجات الأخرى، مثل المعالجة الكيميائية والجراحة. 
مقدمة
المعالجة بالأشعة هو أسلوب واسع الإنتشار يستخدم في علاج أنواع مختلفة من السرطان. 
من المُثبَت أن المعالجة بالأشعة آمنة، ولكن يمكن أن يكون لها بعض الآثار الجانبية. 
من المهم أن يفهم المرضى الذين يتلقون المعالجة بالأشعة مختلف الآثار الجانبية لهذه المعالجة، لأن هذا يساعدهم على احتمالها ويساهم في نجاحها أيضاً. 
يقدم هذا البرنامج التعليمي المعلومات حول ما يمكن أن يتوقعه المريض خلال المعالجة بالأشعة وبعدها. 
السرطان وأسبابه
يتألف الجسم من خلايا صغيرة جداً. 
تنمو الخلايا الطبيعية وتموت بطريقة منضبطة. 
يحدث مرض السرطان عندما تواصل الخلايا انقسامها ونموها دون ضابط طبيعي. 
يمكن أن تنتشر خلايا السرطان إلى أجزاء مختلفة من الجسم عبر الأوعية الدموية والقنوات اللمفاوية. 
يتم استخدام أساليب مختلفة في علاج السرطان من أجل قتل هذه الخلايا التي تنمو بصورة غير منضبطة أو من أجل ضبط نموها. 
يُسمى السرطان باسم العضو الذي ينشأ فيه. 
فالسرطان الذي ينشأ في الرئة يسمى دائماً سرطان الرئة حتى لو انتشر إلى أماكن أخرى من الجسم مثل الكبد أو العظام أو الدماغ. 
وقد لا يمكن تحديد سبب ظهور السرطان عند المريض تحديداً دقيقاً. 
تحوي الخلايا مواد وراثية، أو جينية، تسمى الصبغيّات أو الكروموزومات. إن الصبغيّات هي التي تضبط نمو الخلية. 
يحدث السرطان دائماً نتيجة تغيرات تطرأ على الصبغيّات أو الكروموزومات. عندما تصبح الصبغيّات غير طبيعية في إحدى الخلايا فمن الممكن أن تفقد الخلية قدرتها على ضبط نموها. 
يُمكن أن تطرأ التغيرات على المادة الجينية لأسباب كثيرة. وهذه الأسباب يُمكن أن تكون وراثية أحياناً. 
يُمكن أن تحدث هذه التغيرات أيضاً نتيجة التعرض للعدوى أو نتيجة تعاطي المخدرات أو التبغ أو التعرض لمواد كيماوية، أو غير ذلك. 
كيف تتم المعالجة بالأشعة؟
يمكن تطبيق المعالجة بالأشعة من خارج الجسم أو من داخل الجسم. 
في حالة التطبيق الخارجي للعلاج بالأشعة يتمّ إصدار الأشعة من جهاز يقع خارج الجسم. وفي هذه الحالة يتم تسليط أشعة سينية عالية الطاقة على المنطقة التي يوجد فيها السرطان. 
أما عند التطبيق الداخلي للعلاج بالأشعة فيجري وضع كميات قليلة من مواد كيماوية فعالة شعاعياً في المنطقة التي يوجد فيها السرطان. وهذا ما يعرف باسم المعالجة عن قُرب. 
إن الطاقة المرتفعة للأشعة تدمر جزءاً من المادة الوراثية في الخلايا وتوقف انقسامها. وهذا ما يؤدي إلى موت الخلايا التي تتعرض للأشعة. 
تتأثر الخلايا السرطانية بالأشعة أكثر مما تتأثر الخلايا الطبيعية المحيطة بها لأن الخلايا السرطانية تتكاثر بسرعة. 
يمكن أن تؤذي الأشعة أيضاً بعض الخلايا السليمة، ولاسيما الخلايا ذات الانقسام السريع مثل خلايا الجلد وبطانة المعدة والأمعاء والمثانة. 
برنامج المعالجة الشعاعية
قبل بدء المعالجة بالأشعة يقوم فريق المعالجة بوضع خطة المعالجة. وعندما يأتي المريض من أجل جلسة التخطيط للمعالجة تجرى إجراءات تُسمّى "إجراءات المُحَاكاة". وفي هذه الإجراءات يتم رسم حدود المنطقة المُستهدفة بالمعالجة، إذ يضع الأطباء نقاطاً على سطح الجلد تحدد منطاق دخول الأشعة إلى الجسم. 
يستخدم فريق المعالجة الشعاعية الحبر لوضع النقاط على الجلد، ثم يوصل بينها بأضواء ليزرية حتى يتخذ المريض الوضعية الدقيقة للمعالجة. إن ضوء الليزر الأحمر غير ضار، وهو يُستخدم للمساعدة في تحديد وضعية المريض. 
بعد ذلك يتم إجراء تصوير طبقي محوري لتخطيط المعالجة بواسطة الحاسوب ولمعرفة الطريقة الأكثر ملاءمة لتطبيق المعالجة بالأشعة. إن هذه التقنية المتطورة تساعد الطبيب على توجيه الكمية المناسبة من الأشعة إلى الأماكن الصحيحة؛ وهذا ما يساعد أيضاً على تقليل تعرُّض المناطق السليمة للأشعة وعلى تقليل الآثار الجانبية السلبية القريبة والبعيدة. 
أثناء جلسة المعالجة بالأشعة يجب أن يكون المريض ساكناً تماماً أو أن تكون المنطقة المعرضة للأشعة ثابتة من غير حركة بحيث تتعرض المنطقة نفسها للأشعة في كل جلسة. ويمكن أن يستخدم الطبيب قالباً للجسم من أجل تثبيت المريض في الوضعية الصحيحة. كما يتم صنع أغطية لحماية المناطق السليمة من الأشعة. 
يتم إجراء التصوير الطبقي المحوري المستخدم في تخطيط المعالجة بالأشعة على سطح طاولة شبيهة بطاولة المعالجة بالأشعة. يُوضع المريض في وضعية معالجة محددة. ويطلب فريق المعالجة الشعاعية من المريض بالثبات وعدم التحرك أثناء إجراء التصوير الطبقي المحوري. 
قد يجري الاختصاصي بالمعالجة الشعاعية الصور المقطعية في نفس الوقت الذي يحضر فيها للعلاج الشعاعي عبر المحاكاة. ويستفيد الاخنصاصي بمعالجة الأورام بالأشعة من المعلومات التي يحصل عليها من الصور المقطعية ومن المحاكاة للتأكد من أن العلاج الشعاعي يعطى في المناطق الصحيحة وبالجرعة الصحيحة. 
يدرس الطبيب المتخصص في معالجة الأورام بالأشعة، ومعه فريق الرعاية الصحية أيضاً، نتائج تخطيط المعالجة بواسطة الكمبيوتر ويحددون الطريقة الأفضل للمعالجة. وفي أكثر الأحيان لا تبدأ المعالجة بالأشعة أثناء جلسة التخطيط. 
تستمر دورة المعالجة بالأشعة التي تستهدف شفاء السرطان سبعة أسابيع أو ثمانية أسابيع عادةً، وذلك بمعدل خمسة أيام في الأسبوع. وفقاً لنوع السرطان. 
تستغرق كل جلسة ثلث ساعة أو نصف ساعة. ويلتقي المريض مع طبيبه في مواعيد منتظمة للاطلاع على تطورات الوضع. 
وفي غرفة المعالجة بالأشعة يطلب فريق المعالجة بالأشعة من المريض أن يخلع ملابسه ليلبس رداءاً خاصاً بالمستشفى. وبعد ذلك يضع فريق المعالجة بالأشعة مريضهم الذي يُعالِجونه على طاولة المعالجة. 
يغادر فريق المعالجة بالأشعة الغرفة قبل أن يبدأ تطبيق الأشعة. وعلى المريض عند ذلك أن يبقى ثابتاً وأن يتنفس تنفساً طبيعياً. وسوف يسمع المريض أصواتاً صادرة عن جهاز الأشعة. 
عند نهاية الجلسة يساعد فريق المعالجة بالأشعة مريضهم في النزول عن طاولة المعالجة. 
بعد استكمال المريض لجميع جلسات المعالجة بالأشعة، يتابع الطبيب المتخصص في معالجة الأورام بالأشعة تطور حالة المريض من خلال استقباله في زيارات دورية. 
الآثار الجانبية للمعالجة الشعاعية
يمكن أن تسبب المعالجة بالأشعة لدى المريض شعوراً بالتعب، وقد يكون من المفيد أن يُخفف المريض من مقدار عمله أثناء فترة المعالجة. 
إن حدوث الغثيان والقيء أمر ممكن أيضاً؛ وهناك أدوية تُخفّف هذه الأعراض. 
يُمكن أن تُسبب المعالجة بالأشعة تساقط الشعر عن المنطقة الخاضعة للمعالجة، وقد لا ينمو شعر جديد في هذه المنطقة. 
يُمكن أن يصاب الجلد الذي يتعرض للأشعة بالتهيج وبالجفاف وبزوال اللون. وعلى المريض أن يستشير فريق المعالجة الشعاعية الذين يشرفون على علاجه قبل استخدام الدهونات والمحاليل أو المساحيق الجلدية، وقد يزودوه بدهونات أو بسوائل تخفف من حالة التهيج، كما أن ارتداء الملابس الفضفاضة مفيد في التقليل من التهيج. 
عندما تشمل المعالجة بالأشعة مناطق قريبة من الأمعاء أو من المَثَانة فقد يعاني المريض من الإسهال ومن التَبَوُّل المتكرر، وقد يظهر الدَّم في البول أو البراز. وتتراجع هذه الأعراض مع الوقت، لكنها قد تحتاج إلى علاج طبي من أجل تخفيفها إن كانت شديدة. 
يمكن أن تتأثر الأعصاب القريبة من المنطقة الخاضعة للعلاج بالأشعّة مما يؤدي إلى نقص في الحِسِّ وإلى بعض الضعف أحياناً. فمثلاً، يُمكن أن تُؤدي معالجة الثَّدي بالأشعة إلى إصابة الأعصاب الذاهبة إلى الذراع. 
إن تعرُّض الدماغ إلى جرعات عالية من الأشعة يُمكن أن يُؤدي إلى تراجع في القُدرات الذهنية عند المريض. 
لا بدّ من استشارة طبيب الأسنان وإنجاز الإصلاحات الأساسية الكبيرة على الأسنان قبل بدء المعالجة بالأشعة في منطقة الفم. 
يُمكن أن تُقلّل المعالجة بالأشعة من قدرة المريض على الإنجاب. إن على المرضى الذين يفكرون في إنجاب الأطفال إجراء استشارة طبية بهذا الخصوص، فقد يكون تخزين نُطاف الرّجل ضرورياً في بعض الحالات. ومن المهم أيضاً أن تستخدم المرأة التي تخضع للمعالجة بالأشعة وسائل مناسبة لمنع الحمل إن كانت في سن تسمح لها بإنجاب الأطفال. 
يُمكن أن تكون المعالجة بالأشعة مؤذية جداً للجنين. 
الخلاصة
غالباً ما تكون المعالجة بالأشعة ضرورية لمكافحة السرطان. 
يمكن تطبيق المعالجة بالأشعة من خارج الجسم أو من داخل الجسم. صحيحٌ أن المعالجة بالأشعة آمنة نسبياً، لكن من الممكن دائماً ظهور بعض الآثار الجانبية. إنّ فهم المريض لهذه الآثار الجانبية يجعله مستعداً للتعامل معها على نحو أفضل. 


أخبار مرتبطة