تاريخ النشر 22 مايو 2014     بواسطة الدكتور عبدالصمد عبدالحميد الجشي     المشاهدات 201

كلمات «غبي وكسلان وقبيح»

دراسة: 38.7% من الأطفال يتعرضون لإساءة المشاعر بكلمات «غبي وكسلان وقبيح» استشاريون نفسيون وحقوقيون ينذرون المجتمع من ألفاظ تحول الأطفال إلى مرضى وعدوانيين مخاوف من أن تحول الكلمات النابية الأطفال إلى مرضى وعدوانيين (تصوير: أثير السادة) الدمام: سامي العلي كشفت دراسة سعودية حديثة، أن 38.7 ف
ي المائة من الأطفال الذين يتعرضون للإساءة المشاعرية من خلال بعض الكلمات مثل: غبي، كسلان، قبيح.
وكانت الدراسة الميدانية التي أعدها الدكتور علي الزهراني بكلية الطب في جامعة الطائف، واستغرقت ثلاثة أشهر، أبانت أن نحو 38.7 في المائة من الأطفال في المجتمع يتعرضون للإساءة المشاعرية من قبل المحيط الاجتماعي الذي يعيشون فيه، من ناحية وصف المجتمع لهم ببعض الكلمات السيئة مثل، غبي، كسلان، قبيح، والتي تهين الأطفال وتتأثر بها مشاعرهم باتجاه الأسوأ.
وأوضح الزهراني في حديثه مع «الشرق الأوسط» أن عينة الدراسة شملت 800 من الذكور والإناث، من فوق 18سنة، حيث بلغت نسبة الذكور الذين أجريت عليهم الدراسة 66 في المائة، أن أكثر الأطفال الذين يتعرضون لهذه الكلمات تتراوح أعمارهم بين 10 و15 سنة، وهي ما تسمى بمرحلة المراهقة عند الإنسان.
وأوضحت الدراسة، إن الآباء يأتون في المرتبة الأولى من حيث الإساءة إلى الأطفال، في حين يأتي في المرتبة الثانية الاخوة الذكور الكبار، يليهما الأقارب، ثم الأمهات، وبعد ذلك المعلمين والزملاء.
وأشار الزهراني، إلى أن أخطر ما يتعرض له الأطفال من جراء هذه الكلمات، هو الاضطرابات النفسية والتي تبقى مع الإنسان حتى في الكبر، والتي عادة ما يكون الآباء في غفلة عن أسباب هذه الاضطرابات والأمراض، والتي منها انخفاض تقدير الذات والإندفاعية والعدوانية والقلق والاكتئاب.
وبينت الدراسة، أن الأشخاص الذين قلت أعمارهم عن 30 سنة، كانوا أقل عرضة للإيذاء المشاعري، وذلك بنسبة 21.9 في المائة، بسبب نشأة الأطفال في مجتمع وجيل يختلفون من ناحية التعلم والوعي عن سابقه، في حين كانوا من أعمارهم فوق 30 سنة، أكثر عرضة للإيذاء المشاعري، بنسبة 37.5 في المائة.
ويرجع الزهراني ذلك بقوله «إن الجيل الحالي من المجتمع هو أكثر وعيا وتعلما عن سابقه، كذلك انتقال المجتمعات والأجيال من مرحلة لأخرى، والذي أصبح أكثر وعيا بمخاطر استخدام الكلمات النابية على الأطفال».
وتقول عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، الدكتورة سهيلة زين العابدين، إنه وردت للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، عددا من النساء والأطفال يشتكون من العنف اللفظي، سواء الصادر من الأب أو الزوج أو حتى الأقارب، حيث بينت آخر إحصائية للجمعية للعام الماضي أن نسبة العنف البدني والنفسي بالنسبة للمرأة والطفل نحو 36.5 في المائة في السعودية، في المقابل كان الاتهام والقذف نحو 5.6 في المائة. ولمحت زين العابدين إلى أنه يوجد دراسة حول تعرض الأطفال للعنف اللفظي، لم يتم الإنتهاء منها.
ويرى الدكتور جمال سالم الطويرقي، استشاري الأطفال والمراهقين في مستشفى الحرس الوطني في الرياض، أن تكرار الألفاظ مثل قبيح أو مغفل أو كسلان، على الطفل قد يصيبه بالإحباط، وأنه إنسان فاشل لا يستحق الحياة أو العيش، ويكون الطفل معقدا في حياته الاجتماعية، يمنعه من الذهاب إلى المدرسة ومخالطة الآخرين من أقرانه، وهذا ما ينذر أن يلحق الطفل الضرر بنفسه بشكل كبير، منها الانتحار، وهذا عادة ما يكون نادرا.
ويضيف الطويرقي، أن الكلمات السيئة التي تطلق على الأطفال عادة لا يعي الآباء والأمهات أو المحيط الاجتماعي، تأثيراتها النفسية والسلوكية على الطفل، من جراء تكرارها، والذي قد يتحول الطفل إلى عدواني ينتقم من زملائه في المدرسة أو إخوانه في البيت، ويكبر هذا الشعور مع الطفل حسب الكلمة التي تطلق عليه، والذي يعتقد أنها تنطبق عليه، ما تحد من قدراته، والذي لا يستطيع التخلص منها، ويرى أنها وصمة عار عليه.
واضاف الطويرقي أن أغلب ما يتعرض له الأطفال من ألفاظ سيئة تكون عادة من البيئة المدرسية، بسبب قلة تفهم ووعي مخاطر الألفاظ والألقاب السيئة بين الأطفال الذين يطلقونها على أنفسهم، كذلك التي تصدر من المعلمين باتجاه الأطفال، وطالب الطويرقي، وزارة التربية والتعليم بوضع مناهج تعليمية نفسية في المرحلة الابتدائية والمتوسطة، مبينا عن أهمية علم النفس لدى طلاب هاتين المرحلتين.
ويقول الدكتور عبد الصمد الجشي، استشاري الأمراض النفسية للأطفال والمراهقين بمستشفى أرامكو، أن الألفاظ السيئة مثل غبي وكسلان وقبيح لها تأثيراتها السلبية، تبدأ عند الإنسان منذ طفولته، وهي ألفاظ غير مقبولة لدى الطفل، وتجرح مشاعره، وإن كان لا يستطيع أن يعبر عن ردة فعله باتجاه هذه الكلمات التي تؤثر على مشاعره، ويضيف الجشي، أن هذه الكلمات تؤثر في علاقاته الاجتماعية، وقدرته في التعامل مع الآخرين، كذلك ثقته بنفسه، ونظرته إلى المجتمع. وبين الجشي، أن الأطفال يتأثرون من الأقارب بشكل كبير، التي تبدأ من الوالدين والإخوان، ثم المعلمين، لأن الطفل في هذه المرحلة يشعر بالأمان داخل الأسرة، التي يجب أن تحافظ عليه وتشعره أنه آمن ومستقر في داخلها، مبينا أن الطفل الذي يخرج عن نطاق الأسرة، سيكون غير آمن فيها، وهذا ما سيؤثر عليه بشكل أكبر، موضحا أن الطفل في هذه الحالة، قد يصاب بالرهاب الاجتماعي، وهو عدم قدرته على مواجهة الآخرين، ويصاب بنوبات من القلق عن إنجازه عمل داخل المجتمع، وعدم قدرته على الكلام أو التعبير بشكل صحيح.
وقال الجشي، إنه يجب تحفيز الطفل بكلمات تشعره أنه قادر على تولي المهمات وإنجازها، وإنه إنسان ذكي، كذلك تشجيعه على الاعتماد على نفسه، وعدم تصيد الأخطاء عليه، الذي يشعره بالإحباط، مبينا أن هذا السلوك السلبي من الكلمات ناتج عن بيئة اجتماعية، لا تفرق بين تفاوت الأطفال من ناحية التفكير والقدرة العقلية ومستوى الذكاء.


أخبار مرتبطة