تاريخ النشر 10 مايو 2016     بواسطة الدكتورة طرفه صالح الحقباني     المشاهدات 201

الاضطرابات الفكية الصدغية

يقوم المفصل الصُّدغي الفَكِّي بربط الفكِّ على جانبي الجمجمة. وعندما يؤدِّي هذا المفصل وظيفتَه بطريقة صحيحة، يستطيع الإنسان أن يتكلَّم ويمضغ ويتثاءب. أمَّا الأشخاص الذين يعانون من خَلَل وظيفة المفصل الصدغي الفكِّي، فقد تؤدِّي المشاكل الموجودة في المفصل وفي العضلات المحيطة به إلى إصابتهم بما يلي:
 
•ألم ينتشر عبر الوجه أو الفكِّ أو الرقبة. 
•تصلُّب عضلات الفكِّ. 
•تحدُّد الحركة أو سوء إطباق الفكِّ. 
•طقطقة مؤلمة في الفكِّ. 
•تغيُّر في طريقة إطباق الفكِّين السفلي والعلوي. 
قد يزول ألمُ الفكِّ ببعض المُعالجة أو من غير علاج؛ ويمكن أن تتضمَّن المُعالجة أشياء بسيطةً يستطيع المرء أن يفعلها بنفسه، وذلك من قبيل تناول الأطعمة الليِّنة فقط أو وضع كمادات باردة على مفصل الفك. وقد يُضاف إلى ذلك تناول بعض الأدوية المُسكِّنة أو وضع جهاز تثبيت داخل الفم. ولكن، قد يحتاج المريضُ إلى إجراء عملية جراحيَّة في بعض الحالات النادرة. 
مقدمة
الاضطراباتُ الصدغية الفكِّية هي مجموعةٌ من المشكلات الطبِّية المرتبطة بالمفصل الفكِّي. 
يمكن للاضطرابات الصدغية الفكِّية أن تسبِّب صداعاً وألماً في الأذن، ومشكلات في الإطباق، وأصوات طقطقة، وسوء إطباق للفكِّ، وغير ذلك من الأعراض التي يمكن أن تؤثِّر في نوعية حياة المريض. 
يشرح هذا البرنامجُ التثقيفي اضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي، ويستعرض تشريح الفكِّ، كما يناقش أعراض تلك الاضطرابات وأسبابها وتشخيصها وخيارات مُعالجتها. 
تشريح المفصل الفكي الصدغي
يربط المفصلُ الصدغي الفكِّي الفكَّ السفلي بعظم الصدغ على جانبي الجمجمة، ممَّا يعني أنَّ هناك مفصلين صدغيين فكِّيين، واحد على كلِّ جانب من الفكِّ. 
نظراً لمرونة المفصلين الصدغيين الفكِّيين، يمكن للفكِّ أن يتحرَّك بسلاسة إلى أعلى وإلى أسفل وإلى الجانبين، ممَّا يتيح لنا أن نتكلَّم ونمضغ ونتثاءب. وتسيطر العضلاتُ المتَّصلة بمفصل الفكِّ والمحيطة به على كلٍّ من وضعيَّته وحركته. 
عند فتح الفم، تنزلق نهايتا مفصل الفكِّ السفلي المدوَّرتان اللتان تُدعيان اللقمتين، في حُقَّي المفصل أو تجويفيه الموجودين في عظم الصُّدغ. 
وعند إغلاق الفم، تنزلق اللقمتان عائدتين إلى وضعهما الأصلي. 
كي تبقى هذه الحركة سلسةً، هناك قرص ليِّن يقع بين اللقمتين وعظم الصدغ. وهذا القرص هو غضروف يمتصُّ صدمات المفصل الصدغي الفكِّي الناجمة عن المضغ وغيره من الحركات. 
الوَتَرُ هو جزء من العضلة يربطها بالعظم. 
أنماط اضطرابات المفصل الفكي الصدغي
يمكن تصنيفُ اضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي إلى ثلاثة أصناف أساسية:
اضطرابات عضلية.
اضطرابات خَلَل المفصل.
اضطرابات المفصل التَّنَكُّسية.
الاضطرابات العضليةتضمُّ هذه الاضطرابات الألمَ في العضلات التي تتحكَّم بوظيفة الفكِّ؛ ويُدعى هذا النمطُ من الألم باسم "الألم العضلي الوجهي"، وهو الشكلُ الأكثر شيوعاً بين اضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي. 
اضطرابات خَلَل المفصلترتبط هذه الاضطراباتُ بخَلَل المفصل الصدغي الفكِّي، كخلع المفصل وانزياح القرص وإصابة العظم. 
اضطرابات المفصل التنكسيةترتبط هذه الاضطراباتُ باهتراء المفصل الصدغي الفكِّي، مثلما يحصل في التهاب المفصل؛ وهي تؤدِّي إلى تدمر الغضروف الذي يغطِّي المفصل الصدغي الفكِّي. 
أسباب اضطرابات المفصل الفكي الصدغي
قد تنجم اضطراباتُ المفصل الصدغي الفكِّي عن حدوث إصابات، وعن اهتراء ناجم عن التقدُّم في العمر، وعن عوامل سلوكية. 
يمكن لإصابة شديدة في المفصل الصدغي الفكِّي أن تؤدِّي إلى اضطرابه؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدِّي ضربةٌ قوية على الفكِّ إلى كسر عظامه أو تضرُّر القرص، وقد تُدمر حركة المفصل السلسة، وتُسبِّب الألم أو سوء إطباق المفصل. 
يمكن لاهتراء المفصل الصدغي الفكِّي، بسبب التقدُّم في العمر، أن يسبِّب اضطرابات في المفصل، كالتهاب المفصل مثلاً. كما يمكن لالتهاب مفصل الفكِّ أن يحدث بسبب إصابة أيضاً. 
يمكن أن تسبِّب تصرُّفات أو حالات معيَّنة، في بعض الأحيان، اضطرابات في المفصل الصدغي الفكِّي؛ فعلى سبيل المثال، قد يؤدِّي مضغ العلكة المتواصل لدى بعض الأشخاص إلى اضطرابات في المفصل الصدغي الفكِّي. 
يمكن للضغط على الأسنان والشدِّ عليها أن يزيد من اهتراء غضروف المفصل الصدغي الفكِّي؛ وهذا ما قد يؤدِّي إلى ألم في الأذن والفكِّ. وفي بعض الأحيان، يعمد الأشخاص الذين يعانون من التوتُّر النفسي إلى الضغط على أسنانهم والشدِّ عليها. 
يمكن لسوء إطباق الفكِّين، أو اتِّباع عادات خاطئة في مضغ الطعام، أن يدفع الشخص إلى استخدام جانب واحد من الأسنان في عملية المضغ، ممَّا قد يسبِّب اضطرابات في المفصل الصدغي الفكِّي. 
العلامات والأعراض
هناك مجموعة متنوِّعة من الأعراض التي ترتبط باضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي. ويكون الألم، خاصَّةً في عضلات المفصل الصدغي الفكِّي، هو العرض الأكثر شيوعاً. 
ومن بين الأعراض الأخرى لاضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي:
تحدُّد الحركة أو سوء إطباق الفك.
ألم في الوجه أو الرقبة أو الكتفين.
طقطقة مؤلمة في الفكِّ عند فتح الفم أو إغلاقه.
تغيُّر مفاجئ وكبير في طريقة إطباق الفكَّين السفلي والعلوي.
تظهر، في بعض الأحيان، أعراض مثل الصُّداع وألم الأذن والدُّوار ومشكلات السمع، وتكون مرتبطة باضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي. 
من تظهر لديهم طقطقةٌ في مفصل الفكِّ، يكون القرص لديهم في وضع غير سويٍّ على الأرجح. لكن لا حاجة للمعالجة ما دام القرصُ المنزاح لا يسبِّب ألماً أو مشكلات أخرى. 
من الشائع كثيراً أن يشعر المرءُ بانزعاج في مفصل الفكِّ أو عضلات المضغ، وهذا لا يدعو إلى القلق في العادة. غير أنَّ مراجعة الطبيب تصبح ضرورية إذا كان الألم شديداً أو إذا استمرَّ طويلاً. 
تشخيص مشاكل المفصل الفكي الصدغي
يمكن أن يكون تشخيص اضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي أمراً صعباً، لأنَّ الأسباب الدقيقة لهذه الاضطرابات وأعراضها ليست معروفة. 
لا يوجد اختبارٌ معيَّن لتشخيص اضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي. وفي معظم الحالات، يستفيد الطبيب من وصف المريض للأعراض، إلى جانب الفحص البدني البسيط للوجه والفكِّ، من أجل جمع معلومات تفيد التشخيص. 
يشتمل الفحصُ البدني على تحسُّس مفصلي الفكِّ وعضلات المضغ بحثاً عن مكان الألم، وعلى الاستماع إلى أصوات الطقطقة في أثناء حركة المفصل، والبحث عن وجود حركة محدودة أو انعقال عند فتح الفم أو إغلاقه. 
يعدُّ تقصِّي السوابق المرضية والسنِّية هاماً جداً. وهذا ما يوفِّر، في معظم الحالات، معلومات كافية لتحديد موضع الألم أو موضع المشكلة الفكِّية، بحيث يصبح وضعُ التشخيص ممكناً من أجل بدء المعالجة لإزالة الألم أو انعقال الفكِّ. 
لا يكون تصوير الأسنان وتصوير المفصل الصدغي الفكِّي الشعاعيَّان الدوريَّان مفيدين في جميع الحالات من أجل تشخيص اضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي؛ وقد نحتاج إلى طرائق شعاعية أخرى، مثل تصوير المفصل والتصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير الطبقي المحوري. 
علاج المفصل الفكي الصدغي
تبدأ معالجةُ اضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي بالمُعالجات المُحافظة. وهذه المعالجاتُ بسيطة ولا تعتدي على أنسجة الوجه أو الفكِّ أو المفصل. وبما أنَّ معظم اضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي تكون عابرة ولا تتفاقم مع الزمن، فإنَّ المعالجة المحافظة البسيطة هي كلُّ ما نحتاجه في العادة للتخلُّص من الإزعاج. 
تسبِّب المُعالجاتُ غير العكوسة تغيُّرات دائمة في بنية أو وضعيَّة الفكِّ أو الأسنان. 
تفيد ممارساتُ العناية الذاتية في تخفيف أعراض اضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي، وهي تشتمل على الراحة والمعالجة بالكمَّادات الحارَّة أو كمَّادات الثلج والأدوية المضادَّة للالتهاب. 
يمكن لإراحة الفكِّ أن تشفي المفصلين الصدغيين الفكِّيين. وعلى المرضى أن يتجنَّبوا مضغ العلكة، وأن يمتنعوا عن فتح أفواههم على اتِّساعها. 
يمكن للكمَّادات الحارَّة وكمَّادات الثلج أن تُرخي العضلات. وتكون المعالجةُ بالكمَّادات الباردة، بعد إصابة المفصل الصدغي الفكِّي مباشرةً، أفضلَ من المعالجة بالكمَّادات الحارَّة. 
يمكن للطبيب أن يصف أدوية لمعالجة الالتهاب، أو إرخاء العضلات، أو السيطرة على الألم. وإذا كان الألم خفيفاً، يمكن استخدام المسكِّنات العادية التي تُباع من دون وصفة طبِّية. 
مع استخدام الدواء، قد ينصح الطبيب بمعالجة فيزيائيَّة في البيت، مع تركيز على تمارين تمطيط العضلات بلطف وإرخائها. 
إذا كان الألمُ ناجماً عن الشدِّ على الأسنان بسبب الشدَّة النفسية، فإنَّ طرائق الاسترخاء الرامية إلى تخفيف الشدَّة يمكن أن تساعد على تخفيف الألم الناجم عن اضطراب المفصل الصدغي الفكِّي. 
قد يوصي الطبيب بوضع جهاز معالجة فموي، وهو جَبيرة أو صفيحة للعضِّ؛ وهي واقية بلاستيكية توضَع على الأسنان العلوية أو السفلية. ويمكن للجبيرة أن تساعد على تخفيف الشدِّ على الأسنان، ممَّا يخفِّف التوتُّر العضلي. 
ينبغي أن يكون استخدامُ الجبيرة الفموية لفترة قصيرة، وألاَّ يُحدث تغيُّرات دائمة في الإطباق. وإذا ما سبَّبت الجبيرة ألماً أو زادت الألم، فإنَّ على المريض أن يتوقَّف عن استخدامها ويراجع الطبيب. 
من بين المعالجات غير العكوسة التي لم تثبت نجاحها (ولعلها تزيد الأمور سوءاً) نذكر تقويمَ الأسنان لتغيير الإطباق، واستخدام التيجان والجسور الهادفة إلى موازنة العضَّة، والشدَّ على الأسنان السفلية لموازنة الإطباق، أو ما يُدعى "تعديل الإطباق"، وإعادة وضع الجبائر، ممَّا يغيِّر الإطباق بشكل دائم. 
تبقى المُعالجات الجراحية محلَّ خلاف، وهي غير عكوسة غالباً، وينبغي تجنُّبها ما أمكن؛ حيث لم تُجرَ حتَّى الآن اختباراتٌ سريرية مديدة لدراسة أمان المُعالجات الجراحية ونجاحها في معالجة اضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي. وليس هناك أيضاً معايير لتحديد الأشخاص الذين من المرجَّح أن تفيدهم هذه الجراحة؛ فعلى سبيل المثال، لا يعني فشلُ الاستجابة للمعالجات المحافظة أنَّ الجراحة ضرورية بشكل تلقائي. 
قد يسبِّب الاستبدالُ الجراحي للمفصلين الفكِّيين بغريستين صُنعيتين ألماً شديداً وضرراً فكِّياً دائماً. كما أنَّ بعض هذه الوسائل قد يفشل في القيام بالوظيفة المطلوبة، أو ينكسر في الفكِّ مع مرور الوقت. وإذا ما كان قد سبق للمريض أن أجرى جراحة في المفصل الصدغي الفكِّي، فإنَّ عليه أن يحذر أشدَّ الحذر من إجراء مزيد من العمليات، لأنَّ من يخضع لجراحات متعدِّدة في المفصل الفكِّي يصبح مظهرُ فكِّه بائساً عادة بالمقارنة مع المفصل السوي الذي لا ألم فيه. ولذلك، قبل إجراء أيَّة جراحة على المفصل الفكِّي، من الأهمِّية بمكان أخذ المشورة وفهم جميع المخاطر. 
الخلاصة
اضطراباتُ المفصل الصدغي الفكِّي هي مجموعة من المشكلات الطبِّية المرتبطة بمفصل الفكِّ؛ ويمكن أن تُحدث صداعاً أو ألماً في الأذن أو مشكلات في الإطباق أو أصوات طقطقة أو انعقالاً للفكِّ. 
لا تُسبِّب اضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي عجزاً في العادة. ومن الممكن معالجتُها بالراحة والمُعالجة الفيزيائيَّة والأدوية. 
بفضل التقدُّم الطبِّي، باتت معالجة اضطرابات المفصل الصدغي الفكِّي الأشدُّ خطورة أمراً ممكناً، ممَّا يتيح لمعظم المرضى أن يتمتَّعوا بحياة صحِّية خالية من الألم. 


أخبار مرتبطة