تاريخ النشر 28 اغسطس 2016     بواسطة الدكتور خالد ابراهيم الهذلول     المشاهدات 201

فحص المولود

تُجرى اختباراتُ فحص المولود قبل أن يغادر المستشفى. حيث يفحص الأطفال لتحديد الحالات الخطيرةِ أو المهددةِ للحياة قبل أن تبدأ أعراضها. هذه الأمراضُ نادرةٌ لكنها يمكنُ أن تُؤَثر على نمو الطفلِ الجسمي والعقلي الطبيعيين. تَستعمِل معظم الاختبارات بضعة قطرات من الدم يتم الحصول عليها عن طريق وخز كعب الط
فل. كما أنّ هناك فحصَ سمعٍ ينطوي على وَضعِ سماّعةٍ صغيرةٍ جداً في أذن الطفل وقياسِ استجابته للصوت. إذا أشارَ أحدُ اختباراتِ التحري إلى مشكلةٍ، سيتابع الطبيب اختباراتٍ إضافية. إذا أكدَّت هذه الاختبارات وجودَ المشكلة، فقد يُحَول الطبيب الطفل إلى مختصٍ للمعالجة. إنّ اتباع خطة المُعالجة التي وضعها الطبيب يمكنُ أن تنقذَ الطفل من مشاكلَ صحيةٍ ونمائيةٍ مدى الحياة. 
مقدمة
فحص المولود هو برنامج صحي يبدأ عادة باختبار يُجرى على دم الوليد أو أختبار آخر. وهو يُستخدم من أجل التَعرُّف على الحالات الصحية الخطيرة أو المهددة للحياة قبل أن تبدأ أعراضها. حيث يُمكِّن الفحص من البدء بالمعالجة قبل أن تؤدي هذه الحالات إلى الإضرار بصحة الطفل. بالرغم من أن كلاً من هذه الأمراض نادرة في حد ذاتها، ولكنها مجتمعة تصيب طفلاً من كل 1500 طفل. من الممكن أن تؤدي هذه الأمراض إلى مشاكل صحية إذا لم تعالج، مثل ضعف النمو والتخلف العقلي ومن الممكن أن تؤدي إلى وفاة الطفل. قد تتضمن اختبارات فحص الأطفال حديثي الولادة تحليلاً للدم أو مجموعة متنوعة من الاختبارات الأخرى. يتم إجراء اختبارات متعددة على الدم، وإذا ظهرت النتائج غير طبيعية فإن المختبر يبلغ طبيب الطفل بذلك. حالما يتم تشخيص الحالة، يمكن للمعالجة إنقاذ الطفل من الموت أو أن تقيه من مشاكل صحية مدى حياته. تشرح هذه المعلومات الصحية اختبارات فحص الأطفال حديثي الولادة. وتناقش أسبابها، وكيفية إجرائها، وتفسير نتائجها. 
ما هو سبب القيام بالفحوصات؟
إن فحص الطفل حديث الولادة إجراء مهم لأن الطفل الذي يعاني من أحد هذه الأمراض قد يبدو معافى، ولكن عند ظهور الأعراض قد يكون الضرر الدائم حدث بالفعل. وهذا الضرر الدائم قد يؤدي الى التخلف العقلي أو الإعاقة أو الوفاة في الكثير من الحالات. مع تقدم التقنيات الطبية، اصبح من الممكن الآن أن نحلل الدم بحثاً عن مقادير ضئيلة جداً من المواد الكيماوية في الجسم. وهذا يبين لنا ما اذا كان المولود مصاباً بأحد هذه الأمراض. وفي هذه الحالة يطلب الطبيب عادةً إجراء اختبارات إضافية، مثل الفحوص الجينية. مرض بيلة الفينيل كيتون من أول الأمراض التي يتحرى الأطباء عنها لدى الأطفال حديثي الولادة، إذ ليس لدى الأطفال المصابين ببيلة الفينيل كيتون الإنزيم الذي يعالج الفينيل ألانين. ولهذا السبب فإن الفينيل ألانين يتراكم في الدم وفي الدماغ مما يؤدي إلى التأخر العقلي. ويشمل علاج بيلة الفينيل كيتون نظاماً غذائياً يتضمن كمية قليلة من الفينيل ألانين. هذه المعالجة تسمح للطفل بالنمو بشكل طبيعي دون تأخر عقلي أو جسدي. إن بعض هذه الأمراض التي تصيب حديثي الولادة تكون خطيرة للغاية. ومن هذه الأمراض مرض نادر يُدعى باسم "عَوَزْ نازِعة هيدروجين تَميم إنزيم الأسيل المتوسط السلسلة" أو MCAD. إن خمسة وعشرين بالمئة من الأطفال المصابين بهذا المرض دون اكتشاف وجوده لديهم يموتون عند إصابتهم بأول مرض. يُمكن أن تكون معالجة هذا المرض بسيطة، وهي مجرد تجنب أي امتناع عن الطعام مع إعطاء الطفل وجبات متكررة. إن فحص الأطفال حديثي الولادة للتحري عن هذه الأمراض النادرة والخطيرة يعطيهم أفضل فرصة لعيش حياة صحية. تختلف الاختبارات من بلد لآخر. ففي الولايات المتحدة الأميركية، يتم التحري عن أكثر من ثلاثين مرضاً في معظم الولايات، في حال يتم فحص أقل من عشرة أمراض في ولايات أخرى. وينبغي سؤال مقدم الرعاية الصحية عن الأمراض التي يتم التحري عنها لدى المولود في محل أقامته. 
الأمراض
هناك أنواع عديدة من الأمراض التي يمكن الكشف عنها من خلال فحص حديثي الولادة ، مثل الاضطرابات الاستقلابية، والاضطرابات الهرمونية، وأمراض الدم، واضطرابات السمع. تشكل اختبارات الكشف عن الاضطرابات الاستقلابية معظم إختبارات فحص الامراض عند حديثي الولادة. الأمراض الاستقلابية هي أمراض تتعلق بالاستقلاب. والاستقلاب هو الطريقة التي يستخدم الجسم من خلالها العناصر الغذائية للحفاظ على سلامة الأنسجة وإنتاج الطاقة. كما أن الاضطرابات الهرمونية تتعلق بالهرمونات وهي مواد كيماوية يطلقها الجسم في الدم لتنظم وظائف مهمة في الجسم. يشتمل فحص حديثي الولادة على أختبارات السمع في الكثير من الدول. وإذا لم يتم فحص سمع الطفل عند ولادته فينبغي الحرص على إجراء هذه الاختبارات. إن قياس كيفية استجابة الطفل حديث الولادة للصوت وتحديد ضعف السمع مبكراً يحدث فرقاً كبيراً، لأن العلاج المبكر يُحَسِّن النتائج على المدى الطويل. ويؤدي ضعف السمع غير المكتشف الى صعوبات التعلم. ومن الأمثلة على الأمراض الاستقلابية:
بِيلَةُ الفينيل كيتون.
وجود الغالاكتوز في الدم (الغالاكتوزيميا).
عوز البيوتينيديز.
داء بول شراب القَيقَب (MSUD).
بِيلَة الهوموسيستين.
ومن الأمثلة على الأمراض الهرمونية:
قصور الوظيفة الدرقية الخِلقي.
فرط تَنَسُّج الكُظر الخِلقي.
ومن الأمثلة عن أمراض الدم مرض فَقر الدم المِنْجَلي. 
الأجراء
يُؤخذ الدم اللازم لفحص الطفل حديث الولادة عن طريق وخز كعب الطفل. تترك الورقة حتى تجف ثم تُرسل إلى المختبر حيث تُجرى عليها عدة اختبارات. عادة ما تؤخذ عيّنة الدم حين يكون عمر الطفل بين 24 و48 ساعة. وهذا لأن بعض الأمراض، مثل بِيلَةُ الفينيل كيتون، لا تظهر إذا تم أخذ العيّنة فور الولادة. أما إذا خرجت الأم من المستشفى قبل أن يصبح عمر وليدها 24 ساعة فلا بد من إجراء الاختبار قبل الخروج، وتكراره بعد فترة 48 ساعة من الولادة. من الممكن أن تؤدي بعض الأمراض التي يُمكن التحري عنها إلى موت الأطفال حديثي الولادة في غضون خمسة أيام إذا لم يتم علاجها. 
النتائج
يتم إرسال نتائج الفحص من المختبر إلى الطبيب أو إلى المستشفى الذي وُلد فيه الطفل. وينبغي سؤال الطبيب عن كيفية الحصول على النتائج وعن وقت ظهورها. إذا كانت النتائج طبيعية، فهذا يعني أن الطفل غير مصاب بأي مرض من الأمراض النادرة. أما إذا كانت النتائج غير طبيعية فقد يعني هذا أن الطفل مصاب بأحد الأمراض النادرة التي يُجرى فحصها، أو أن النتائج غير صحيحة. وفي الحالتين يحتاج الأمر إلى إجراء مزيد من الاختبارات. إذا أثبتت الاختبارات اللاحقة أن الطفل مُصاب بأحد هذه الأمراض فقد يقوم طبيب الأطفال بإحالة الطفل إلى طبيب متخصص من أجل معالجته. وإذا كان لوالد الطفل بعض الأطفال الآخرين الذين لم يخضعوا للفحص من أجل التحري عن هذا المرض، فقد يكون من المناسب أن يجري فحصهم أيضاً فربما كانوا معرضين لهذا المرض وبحاجة إلى العلاج. 
المخاطر
نادراً ما تنجم مضاعفات عن وخز كعب الطفل من أجل أخذ عينة للدم. إن الاختبار الذي يعطي نتيجة غير طبيعية يسمى اختباراً إيجابياً. فإذا كانت نتيجة فحص الطفل حديث الولادة إيجابية ثم جاءت نتائج الاختبارات اللاحقة سلبية، فإننا نسمي هذه نتيجة إيجابية كاذبة. إن الخطر الذي ينجم عن النتائج الإيجابية الكاذبة هو القلق الذي تسببه للأهل. 
برامج الفحوص الوطنية
يوجد لدى العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا برنامجاً وطنياً لفحص الأطفال حديثي الولادة. وتتفاوت برامج الفحص في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عدد الحالات التي يتم التحري عنها. ويتزايد عدد الفحوص التي يتم إجراؤها في بعض البلدان. توفر بعض المستشفيات فحوصاً أكثر مما يتطلبه برنامج الفحص الوطني في ذلك البلد. يمكن أن يطلب الأهل من مقدمي الرعاية الصحية إجراء اختبارات إضافية، مثل قياس الطيف الكُتلي. 
الاختبارات الإضافية
يمكن أن يكون قرار إجراء اختبارات إضافية أو عدم إجرائها قراراً صعباً. يجب أن يناقش الأب والأم هذا القرار مع الطبيب. أما إذا كان أحد أقارب الطفل مصاباً بمرضٍ وراثي أو توفى بسبب مرض وراثي فإن على الوالدين النظر في إجراء اختبارات إضافية. إذا كان لدى الوالدان تأمين صحي فعليهما أن يأخذا بعين الاعتبار احتمال ألا يغطي التأمين نفقات اختبارات إضافية. وقد يكون على الوالدين أن يدفعا تكلفة هذه الاختبارات من حسابهما الخاص. ويجب ألا يؤثر ذلك على قرارهما في إجراء اختبارات إضافية. وفي حال عدم قدرتهما على تحمل مصاريف اختبارات إضافية فعليهما إخبار الطبيب. حيث سيحيلهما الطبيب إلى جهات مختصة يمكن أن تساعد في هذا الخصوص. 
الخلاصة
فحص الوليد هو برنامج صحي يبدأ عادة باختبار الدم أو باختبارات أخرى للكشف عن أمراض خطيرة أو مهددة للحياة قبل أن تبدأ أعراضها بالظهور. هذه الأمراض نادرة في العادة. ولكنها تعيق النمو الطبيعي للطفل بطرق كثيرة، سواء من الناحية الذهنية أو الجسدية. عند فحص الأطفال حديثي الولادة، يُجرى عادة وخز كعب الطفل للحصول على بضع قطرات من الدم. ومن خلال نتائج الاختبارات يعرف الطبيب والأهل ما إذا كان الطفل مصاباً بأمراض معينة يمكن أن تؤدي إلى إصابته بمشاكل صحية. وبعد التشخيص، يمكن للمعالجة أن تنقذ الطفل من مشاكل صحية ومشاكل نمو ترافقه مدى الحياة؛ ويمكن أن تنقذ حياة الطفل أيضاً. 


أخبار مرتبطة