تاريخ النشر 12 ديسمبر 2016     بواسطة الدكتور عمر محمد دباعي     المشاهدات 201

سرطان العظام

وجد للعظام في اجسامنا عدة وظائف، فانها تكون اطارا يدعم ويحمي الاعضاء الداخلية (مثل عظام الجمجمة لحماية الانسجة اللينة في الدماغ، والقفص الصدري يحمي الرئتين). يتم بواسطة العضلات تحريك العظام، ويعمل النخاع العظمي (نقي العظم - Bone marrow) على انتاج خلايا الدم الموجودة في اجسامنا. يطلق على النمو ا
لسرطاني الذي ينشا في نسيج العظام النامية، "سرطان العظام الاولي" (Primary bone cancer)، تظهر مثل هذه الاورام في الغالب في عظام اليدين والقدمين، لكنها يمكن ان تحدث في اي نوع من العظام في الجسم. ان سرطان العظام عند الاطفال نادر، ولكن عند الناشئين والبالغين في طور الشباب، هو الثالث في انتشاره من بعد ابيضاض الدم (Leukemia) والاورام اللمفاوية (Lymphoma).
ان سرطان العظام الاولي، غالبا ما يسمى بال "سركومة" (Sarcoma). هناك عدة انواع مختلفة من السركومة، وكل واحدة تميز طبقة عظام مختلفة؛ اما الاكثر شيوعا فهي السركومة العظمية (Osteosarcoma)، سركومة ايوينغ (Ewing) والسركومة الغضروفية (Chondrosarcoma).
السركومة العظمية (Osteosarcoma) او يطلق عليها ايضا "سركومة عظمية المنشا"، هي ورم خبيث في العظم مصدره في الخلايا المنتجة للعظم، ويتميز بتشكيل مادة تسمى اوستيوئيد (Aostauaid) وهي المرحلة الاولى من تكوين العظام.
ان حوالي 60 % من اورام العظام الاولية، هي من نوع السركومة العظمية. يظهر هذا الورم لدى الناشئين، لا سيما في مناطق النمو السريع، في عظم الكتف والركبة والفخذ. ان فرص الشفاء افضل في الاورام الموجودة بالاطراف. لقد لوحظ انتشار السركومة العظمية، عند المرضى الذين يعانون من ورم ارومي شبكي (Retinoblastoma)، وخصوصا في اجزاء من الجسم، والتي تعرضت للعلاج بالاشعة، في اوساط المرضى الذين تجاوزت اعمارهم الاربعين، والذين يعانون من  داء باجيت (Paget’s disease).
تعرف السركومة العظمية بحسب نوع الخلية المهيمنة (السائد) المسؤولة عن عملية التورم، مثل الخلية "بانية العظم" (Osteoplast) الخلية "بانية الغضروف" (Chon last) الخلية الليفية (Fibroplast)، وتلك المتعلقة بالشعيرات المتوسعة (Telangiectatic) (التي تشمل الفراغات الممتلئة بالدم في حالات الورم). هناك حالات متعددة المواضع، التي لا تستجيب للعلاج باي شكل من الاشكال، وهناك حالات ورمية افضل، التي لا يسبب فيها الورم اي ضرر لتجويف العظام، وانما للعظم نفسه، اي القشرة (Cortex).
يبدو المظهر النموذجي للتورم، على شكل اوجاع وتورم موضعي، بدون ظهور الحمى، وقد يبقى المريض على هذا الحال لمدة تزيد عن نصف سنة. تظهر في تصوير الاشعة السينية منطقة، تم فيها انهدام العظام وتكلس الانسجة اللينة. يظهر في فحص تخطيط العظام نشاط العظام في تلك المنطقة، لقد وجدت عند حوالي 10 % - 20 % من المرضى، نقائل سرطانية (Metastases) في الرئتين، التي تم اظهارها عن طريق المسح المقطعي المحوسب (CT). من الضروري اجراء عملية زرع لخزعة (Biopsy) لتاكيد التشخيص. ان علاج سرطان العظام يشمل العلاج الكيميائي والجراحة.
يحسن اعطاء العلاج الكيميائي قبل الجراحة (Neoadjuvant)، من القدرة على المحافظة على الاطراف دون تعريض المريض للخطر. يعتمد العلاج الكيميائي على ثلاثة ادوية من اصل اربعة ادوية: الميثوتريكسات (Methotrexate - MTX)، ادرياميسين (Adriamycin) والسيسبلاتين (Cisplatin) وايفوسفوميد (Ifosfomide)،  ، يعطى الدواء الرابع في الحالات التي تكون فيها الاثار الجانبية شديدة، او عدم الاستجابة للعلاجات الاخرى. يعتبر استئصال الورم وادخال جسم اصطناعي في مكان العظم، او مع اوعية تزويد الدم الخاص بها، اكثر قبولا اليوم، من البتر والذي كان منتشرا في الماضي.
ان نسبة 60 % - 80 % من المرضى، دون وجود النقائل اثناء التشخيص، يشفون من دون وجود ادلة على عودة المرض، طوال خمس سنوات مقبلة؛ ومع ذلك، فان معدل الشفاء من الورم مع النقائل، هو 20 % فقط. يمكن، لدى المرضى المصابين بالاورام المستقرة، اعطاء علاج موجه عن طريق الاشعة بالاضافة لاعطاء ادوية اخرى مثل جيمسيتابين (Gemcitabine)، ايتوبوسيد (Etoposide) وكاربوبلاتين (Carboplatin).
لقد وصفت سركومة ايوينغ (Ewing) لاول مرة، بواسطة جيمس ايوينغ في عام 1921، كورم عظمي يتميز بخلايا دائرية زرقاء حساسة للاشعة. ان هذا هو نوع الورم الاكثر شيوعا، بين الاورام الخبيثة في العظام لدى الاطفال والناشئين. يتم في كل عام تشخيص اربع حالات جديدة، لكل مليون طفل دون سن 15. ان المرض في العظم او الانسجة اللينة هو اكثر شيوعا لدى الاولاد منه لدى البنات. ويتم تشخيص معظم الحالات في الاطراف - 53 % . والفخذ - 25 %. وقد تم، في الجسم، تشخيص - 47 %، الحوض - 20 % والعمود الفقري والاضلاع - 13 %.
ان اول اعراض المرض هو الالم الموضعي المتقدم، الذي يوقظ المريض من النوم، بحسب مكان الورم، اذ قد يعرج المريض ويعاني من اوجاع متزايدة اثناء التنفس، او الم ينعكس في الطرف. يبرز الانتفاخ في منطقة الورم بشكل خاص في الاطراف.
يصاب المرضى في 3 % من الحالات، بالشلل نتيجة لضغط الورم على النخاع الشوكي. ستظهر لدى 28% من المرضى، حمى شبيهة بالحمى الناجمة عن تلوث العظام، و26% من المرضى يتم تشخيص نقائل عندهم في التشخيص. ان المواقع الاكثر شيوعا للنقائل هي الرئة والعظام والنخاع العظمي.
يشمل تقييم المريض تصوير منطقة الورم، والبحث عن النقائل والتشخيص التفريقي (Differential diagnosis‏). يمكن من خلال التصوير اكتشاف داء مدمر في العظم وشرائط متكلسة متوازية مثل قشر البصل. يمكن في المسح المحوسب للعظم، والتصوير بالرنين المغناطيسي، فحص عينة من كتلة النسيج اللينة. كما يتم في مسح العظم، تحديد منطقة المرض والنقائل العظمية. تكون سرعة ترسب الكريات الحمراء (ESR) وتركيز انزيم نازعة هيدروجين اللكتات (Lactatedehydrogenase ) مرتفعة.
يعتمد علاج سرطان العظام الموضعي، على نسبة عالية من الاشعاع (45 -  65 وحدة اشعاع) او الاستئصال، وهذا يرتبط بالقدرة على اجراء الجراحة وعلى النتائج الوظيفية ومخاطر الاورام الثانوية الناجمة عن الاشعة (5% - 10 % في 20 سنة). يتم العلاج بالاشعة للاورام الموجودة بالحوض والعمود الفقري، وعند وجود بقايا للورم المستاصل. تتم جراحة الاورام في الاطراف، مع الحفاظ على الطرف.
يتضمن العلاج المتعارف عليه حاليا، اعطاء العلاج الكيميائي عن طريق الوريد لتقليل الورم قبل الاستئصال و/ او الاشعة. ويشمل العلاج الكيميائي خمسة ادوية : فينكريستين (Vincristine)، دوكسوروبيسين (Doxorubicin) وسيكلوفوسفاميد (Cyclophosphamide)، بالتناوب مع ايفوسفاميد (Ifosfamide) وايتوبوسيد (Etoposide).
تعتمد احتمالات الشفاء بالنسبة للاطفال والمراهقين، الذين يعانون من سركومة ايوينغ، على حجم الورم وموقعه، ومرحلة المرض ووجود النقائل. لقد توصلت الدراسات الدولية، الى ان نسبة البقاء على قيد الحياة، وعدم الشعور بالمرض لمدة خمس سنوات، بالنسبة للمرضى الذين لا توجد لديهم نقائل، تصل الى  70 %.
ان السركومة الغضروفية (Chondrosarcoma) هي الاكثر شيوعا من بين الاورام الخبيثة في جدار الصدر. تكون نسبة حدوث هذا النوع من السركومة، اكبر لدى الرجال في العقد الثالث او الرابع من حياتهم؛ وعادة ما يتركز الورم في القفص الصدري الامامي، وقد يسبب الالم، ولكنه لا يسبب كسر الضلع. يتم استئصال الورم مع هوامش واسعة بقدر اربعة سنتيمترات من الانسجة السليمة. فهذه الجراحة الواسعة مع الهوامش، تقلل بشكل ملحوظ، من نسبة احتمال عودة الورم ونسبة ظهور النقائل، لكن نتيجة للجراحة الواسعة، غالبا ما يتطلب اعادة بناء جدار الصدر اثناء الجراحة.


أخبار مرتبطة