تاريخ النشر 5 ابريل 2018     بواسطة الدكتور محمد حسن ال قمبر     المشاهدات 4

التهاب الغدَّة الدرقيَّة

التهابُ الدرقيَّة thyroiditis هو المصطلح الطبِّي لالتهاب (أو تورُّم) الغدَّة الدَّرقيَّة، والذي يمكن أن يُسبِّبَ حدوثَ ارتفاعٍ أو انخفاض غير طبيعيّ في مستويات الهرمونات الدَّرقيَّة في الدم. الغدَّةُ الدرقيَّة هي غدَّةٌ على هيئة فراشةٍ موجودةٍ في الرقبة. وهي تُنتج هرمونات ٍ تُطلَق في مجرى الدم
للسيطرة على نموِّ الجسم والاستقلاب (الأيض).
وهي تؤثِّر في بعض العمليَّات، مثل سرعة القلب ودرجة حرارة الجسم، كما تساعد على تحويل الطعام إلى طاقة للمحافظة على عمل الجسم.
أنواع التهاب الغدَّة الدرقية
توجد عدَّة أنواعٌ مختلفة لالتهاب الغدَّة الدرقية، والأنواعُ الشائعة منه هي:
· التِهابُ الدَّرَقِيَّةِ المَنسوبُ لهَاشيموتو.
· التهاب الدرقية دون الحاد.
· التهاب الدرقية التالي للولادة.
· التِهابُ الدَّرَقِيَّةِ الصَّامِت (من دون ألم).
· التهاب الدرقيَّة المُحدَث بالأدوية.
· التهاب الدرقيَّة المُحدَث بالإشعاع.
· التهاب الدرقيَّة العدوائي أو الحاد.
تُوصَف أعراض وعلاجات هذه الحالات باختصار فيما يلي:
التِهابُ الدَّرَقِيَّةِ المَنسوبُ لهَاشيموتو
يُعدُّ التِهابُ الدَّرَقِيَّةِ المَنسوبُ لهَاشيموتو Hashimoto''s thyroiditis من الأمراض المناعيَّة. وهذا يعني أنَّ جهازَ المناعة يهاجم بشكلٍ خاطئ الغدَّةَ الدَّرقيَّة، مؤدِّياً إلى حدوث تورُّمٍ تدريجيّ وتضرُّر في الغدَّة.
وما دام أنَّ الغدَّةَ الدَّرقيَّة تتضرَّر ببطءٍ مع مرور الوقت، فإنَّها لن تكون قادرةً على إنتاج كميَّات كافية من هرمون الغدَّة الدَّرقيَّة. المصطلحُ الطبي لانخفاض مستويات هرمون الغدَّة الدَّرقيَّة في الدم هو قصور الدَّرقيَّة hypothyroidism.
يؤدي هذا إلى ظهور أعراض قصور الغدَّة الدَّرقيَّة، والتي تكون عامَّة جدَّاً وغير نوعيَّة، وقد تشتمل على:
· التَّعب.
· زيادة الوزن.
· الإمساك.
· الجلد الجاف.
· الاكتئاب.
قد يُسبِّب تورُّمُ الغدَّة الدرقيَّة أيضاً تشكُّل كتلةٍ في الحلق، وهي ما تُعرَف باسم الدُّرَاق goiter.
ويمكن أن تمرَّ أشهرٌ أو حتى سنوات على الإصابة بهذه الحالة قبل أن تُكتَشف، لأنَّ المرضَ يتفاقمَ ببطءٍ شديد.
لا يزال سببُ التهاب الغدَّة الدَّرقيَّة المَنسوبُ لهَاشيموتو غيرَ مفهوم، ولكن يبدو أحياناً أنَّه ينتقل وراثيَّاً من الآباء إلى الأبناء، ممَّا يدلُّ على أنَّ الجيناتِ "الوراثيَّةَ" قد تزيد من احتمال حدوث هذه الحالة.
كما يرتبط التهابُ الغدَّة الدَّرقيَّة المَنسوبِ لهَاشيموتو أيضاً مع حالاتٍ مناعيّةٍ أخرى، مثل داءُ أَدِيسون (القُصور الكُظرِيّ الأَوَّلِيّ) والنوع الأوَّل من داء السُّكَّري. وتُصيب هذه الحالةُ النساءَ اللواتي تتراوح أعمارهنَّ بين 30-50 عاماً عادةً.
لا يمكن الشفاءُ من التهاب الغدَّة الدَّرقيَّة المَنسوب لهَاشيموتو، لذلك فإنَّ المستويات المنخفضة لهرمون الغدَّة الدَّرقيَّة تكون دائمةً عادةً؛ إلاَّ أنَّه يمكن علاجُ الأعراض بسهولةٍ على الأغلب باستعمال ليفوثيروكسين Levothyroxine، والذي هو دواء بديل لهرمون الغدَّة الدَّرقيَّة، وينبغي استعمالُه مدى الحياة.
نادراً ما تكون هناك ضرورةٌ لإجراء عملٍ جراحي، كأن يكوزن الدُّراق (تضخُّم الغدَّة الدَّرقيَّة) مزعجاً بشكلٍ أو عندَ الاشتباه بوجود سرطان.
التِهابُ الدَّرَقِيَّةِ المَنسوب لكُورفان (اِلتِهاب الدَّرَقِيَّةِ دُونَ الحادّ)
التِهابُ الدَّرَقِيَّةِ المَنسوبُ لكُورفان De Quervain''s thyroiditis (والذي يُسمَّى أحياناً اِلْتِهاب الدَّرَقِيَّةِ دُونَ الحادّ subacute thyroiditis) هو تورُّمٌ مؤلمٌ في الغُدَّة الدَّرقيَّة، ويُعتَقد أن سببَه عدوى فيروسيَّة، مثل النُّكاف أو الأنفلونزا.
أكثر ما تُشاهَد هذه الحالةُ عندَ النساء اللواتي تتراوح أعمارهنَّ بين 20-50 عاماً.
يُسبِّب التهابُ الغدَّة الدَّرقيَّة دون الحاد عادةً حدوث حمَّى مع ألمٍ في الرقبة أو الفكِّ أو الأذن. كما قد يُسبِّب زيادةً كبيرةً أيضاً في إفراز هرمونات الغدَّة الدَّرقيَّة إلى الدم (التَّسمُّم الدَّرقي thyrotoxicosis)، مؤدِّياً إلى ظهور أعراض فرط نشاط الغدَّة الدَّرقيَّة، بما في ذلك:
· القلق.
· الأرق.
· خفقان القلب.
· نقص الوزن.
· التَّهيُّج.
يمكن علاجُ الخفقان والرَّجفان المرتبطين بالتَّسمُّم الدَّرقي باستعمال حاصرات بيتا beta-blocker.
قد يؤدِّي استعمالُ مسكِّنات الألم، مثل الأسبرين Aspirin أو مضادَّات الالتهاب غير الستيرويديَّة (NSAIDs) مثل إيبوبروفين Ibuprofen، إلى تخفيف الألم النَّاجم عن التهاب الدَّرقيَّة المنسوب لكورفان غالباً. ويمكن وصفُ أدوية كورتيكوستيرويدات Corticosteroids في الحالات التي تكون فيها الأدويةُ السابقة غيرَ فعَّالة.
يخفُّ التهابُ الدَّرقيَّة دون الحادّ بعدَ مرور عدَّة أيَّام، وغالباً ما يتبعها نَوبةٌ من قصور الدرقيَّة تستمرُّ بضعةَ أسابيع أو أشهر، وذلك قبلَ أن تتعافى الغدَّةُ الدَّرقيَّة بشكلٍ كامل.
وقد تتكرَّر الحالةُ في بعض الأحيان أو يصبح انخفاضُ مستويات هرمونات الغدَّة الدَّرقيَّة النَّاجم عن هذه الحالة دائماً، وقد يتطلَّب علاجاً مديداً بالأدوية المعيضة عن هرمون الغدَّة الدَّرقيَّة.
التهاب الدَّرقية التالي للولادة
مثل الإصابة بالتِهاب الدَّرَقِيَّةِ المَنسوب لهَاشيموتو، يعدُّ التهابُ الغدَّة الدَّرقيَّة بعد الولادة Post-partum thyroiditis حالةً مرتبطة بالمناعة الذاتيَّة، ولكنَّها تُصيب النساءَ اللواتي أنجبنَ حديثاً فقط؛ حيث يقوم جهاز المناعة بمهاجمة الغدَّة الدَّرقيَّة خلال الأشهر الستَّة التالية من الولادة تقريباً، مُسبِّباً ارتفاعاً مؤقَّتاً في مستويات هرمون الغدَّة الدَّرقيَّة (التسمُّم الدَّرقي) وظهور أعراض فرط نشاط الغدَّة الدَّرقيَّة.
ثمَّ تصبح الغدَّةُ الدَّرقيَّة بعد بضعة أسابيع مُستنفَدَة (ناضِبة) من هرمونها، ممَّا يؤدِّي إلى حدوث انخفاضٍ في مستويات هرمون الغدَّة الدَّرقيَّة وظهور أعراض قصور الغدَّة الدَّرقيَّة؛ إلاَّ أنَّه ليس بالضرورة أن تَمُرَّ كلُّ امرأةٍ مصابةٍ بالتهاب الدرقيَّة التالي للولادة بكلِّ هذه المراحل.
قد تكون هناك ضرورةٌ إلى إعطاء هرمونات الغدَّة الدَّرقيَّة التعويضيَّة حتى تتحسُّن الحالة عندما تكون مستوياتُ هذا الهرمونات منخفضةً، ومُسبِّبةً لظهور أعراضٍ شديدة.
تعود الغدَّة الدرقيَّة إلى عملها بشكلٍ طبيعي خلال 12 شهراً من الولادة، وذلك عند معظم النساء اللواتي تُعانينَ من هذه الحالة، رغمَ أنَّ انخفاضَ مستويات هرمون الغدَّة الدَّرقيَّة قد يكون دائماً في بعض الأحيان.
التِهابُ الدَّرَقِيَّةِ الصَّامِت (من دون ألم)
يكون التهابُ الغدَّة الدَّرقيَّة الصامت Silent thyroiditis شديدَ الشبه بالتهاب الغدَّة الدرقيَّة التالي للولادة Post-partum thyroiditis، حيث إنَّه حالة مناعيَّةٌ ذاتيَّةٌ أيضاً، ولكن لا علاقةَ له بالولادة، وقد يُصيب الرجالَ والنساء على حدٍّ سواء.
ومثلما يحدث في التهاب الغدَّة الدَّرقيَّة التالي للولادة، فقد يكون هناك طورٌ من ارتفاع مستويات هرمونات الغدَّة الدَّرقيَّة (التسمُّم الدَّرقي)، مُسبِّباً ظهورَ أعراض فرط نشاط الغدَّة الدَّرقيَّة.
وقد يتبعها أيضاً المرور بمرحلةٍ تظهر فيها أعراضُ قصور الغدَّة الدَّرقيَّة، وذلك قبل أن تزولَ هذه الأعراض تماماً خلال حوالى 12-18 شهراً.
عندما تُسبِّبُ مستوياتُ هرمون الغدَّة الدَّرقيَّة المنخفضة أعراضاً شديدة، فقد تكون هناك ضرورةٌ لاستعمال أدويةٍ بديلة للهرمونات الدَّرقيَّة حتى تَحسُّن الحالة. وقد تصبح مستوياتُ هرمون الغدَّة الدرقيَّة منخفضةً بشكلٍ دائمٍ في بعض الحالات.
التهابُ الدرقيَّة المُحدَث بالأدوية DRUG-INDUCED THYROIDITIS
قد يحدث التهابُ الغدَّة الدَّرقيَّة أيضاً نتيجة استعمال بعض الأدوية ، والتي منها الإنترفيرون Interferon وأميودارون Amiodarone وليثيوم Lithium وصنفٌ من الأدوية لمعالجة بعض أنواع السرطانات (التي تشتمل على سونيتينيب Sunitinib)، وذلك إذا سبَّبت هذه الأدويةُ الضَّررَ للغُدَّة الدَّرقيَّة.
يمكن أن تكونَ هناك أعراضٌ لفرط نشاط الغدَّة الدَّرقيَّة أو أعراض لقصور الغدَّة الدَّرقيَّة، ولكنَّها تكون قصيرةَ الأجل عادةً، وقد تتحسَّن بعدَ إيقاف استعمال الدواء المُسبِّب لهذه الحالة. ورغم ذلك، فإنَّه يجب عدمُ إيقاف استعمال أيِّ دواءٍ موصوفٍ قبل مناقشة ذلك مع الطبيب أوَّلاً.
قد يُسبِّب التهابُ الغدَّة الدَّرقيَّة النَّاجم عن استعمال الأدوية في بعض الأحيان ألماً في المنطقة المُحيطة بالغدَّة الدَّرقيَّة.
ويمكن التخفيفُ من هذا الألم غالباً باستعمال مضادَّات الالتهاب غير الستيرويديَّة NSAIDs، رغم أنَّه قد تكون هناك ضرورةٌ لاستعمال أدوية كورتيكوستيرويديَّة Corticosteroid medications.
التهاب الدرقيَّة المُحدَث بالإشعاع
قد يؤدِّي علاجُ فرط نشاط الغدَّة الدَّرقيَّة باليود المُشع Radioactive iodine treatment أو العلاج الإشعاعي Radiotherapy لبعض أنواع السرطان إلى حدوث ضررٍ في الغدَّة الدَّرقيَّة أيضاً، مسبِّباً ظهورَ أعراض فرط نشاط الغدَّة الدرقيَّة أو قصور الغدَّة الدَّرقيَّة.
يكون انخفاضُ مستويات هرمون الغدَّة الدَّرقيَّة دائماً بعدَ العلاج باليود المُشِع، وقد يُسبِّب ظهورَ أعراض قصور الغدَّة الدَّرقيَّة والتي تكون هناك ضرورةٌ بعلاجها باستعمال بدائل لهرمون الغدَّة الدَّرقيَّة على مدى الحياة.
التهاب الدرقيَّة العدوائي أو الحادّ
ينجم التهابُ الدرقيَّة العدوائي أو الحاد Acute or infectious thyroiditis عن العدوى الجرثوميَّة عادةً. وهو حالةٌ نادرةٌ ومرتبطةٌ بوجود ضَعفٍ في الجهاز المناعي أو بوجود مشاكل في تخلُّق الغدَّة الدَّرقيَّة.
قد تشتمل الأعراض على ما يلي:
· ألم في الحلق.
· شعور بالتوعُّك العام.
· تورُّم الغدَّة الدَّرقيَّة.
وقد تظهر أحياناً أعراضُ فرط نشاط الغدَّة الدرقيَّة أو أعراض قصور الغدَّة الدرقيَّة.
تتحسَّن هذه الأعراضُ عادةً عندما تُعالَج العدوى بالمضادَّات الحيويَّة. وفي غضون ذلك يمكن تدبيرُ ألم الغدَّة الدَّرقيَّة غالباً باستعمال مضادات الالتهاب غير الستيرويديَّة NSAIDs. ويحتاج الأطفالُ عادةً إلى إجراء عمليَّة جراحيَّة لإزالة الجزء غير الطبيعي من الغدَّة الدَّرقيَّة.


أخبار مرتبطة