تاريخ النشر 21 يونيو 2019     بواسطة الدكتورة سمية خضر الزيلعي     المشاهدات 1

لقاح مضاد لفيروسات «الروتا»

يبدو أن الفترة المقبلة سوف تشهد عودة ثقة الآباء من جديد في أهمية اللقاحات الطبية للأطفال ودورها الأساسي في الحماية من الإصابة بالأمراض المختلفة خاصة بعد ظهور العديد من حالات الإصابة بمرض الحصبة في الولايات المتحدة وكندا. ومن المعروف أن العديد من الآباء كانوا يرفضون الالتزام بالتطعيمات مؤخرا وذ
لك بعد انتشار المخاوف من تناولها بسبب معلومات غير مؤكدة طبيا عن احتمالات أن تتسبب هذه اللقاحات في الإصابة بالتوحد أو غيره من الأمراض، وهو الأمر الذي لم يثبت حتى الآن.

- فيروس معوي
وقد أشارت أحدث دراسة تناولت الدور الهام للقاحات، إلى أن التطعيم ضد فيروس الروتا rotavirus ربما لا يكون واقيا فقط من الإصابة بالمرض ولكن يمكن أن يلعب دورا وقائيا في الحد من الإصابة بمرض البول السكري من النوع الأول. وكانت الدراسة الأميركية التي قام بها باحثون من جامعة ميتشغان ونشرت في منتصف شهر يونيو (حزيران) من العام الجاري في مجلة «ساينتفيك ريبورتس» Scientific Reports قد أشارت إلى أن الطفل الذي يحصل على الجرعات الكاملة للقاح الروتا يكون أقل عرضة للإصابة بمرض البول السكري من النوع الأول بنسبة 33 في المائة أقل من أقرانه الذين لم يتناولوا اللقاح.
وتعتبر هذه النتائج مهمة جدا خاصة أن مرض السكري هذا، يحتاج إلى العلاج بالأنسولين مدى الحياة فضلا عن الوخز اليومي لحقن الأنسولين والمضاعفات المترتبة على المرض. والأمر الجيد أن اللقاح فعال أيضا وبشكل كبير في دوره الأساسي في الحد من الإصابة بفيروس الروتا الذي يسبب العديد من أمراض الجهاز الهضمي حتى أنه يسمى (أنفلونزا المعدة stomach flu). وتسبب أنواع فيروسات الروتا، التقيؤ والإسهال وتعد أهم سبب لحالات الإسهال الحادة لدى الأطفال.
اعتمدت الدراسة الجديدة على بيانات مليون ونصف طفل تم جمعها من خلال ملفات التأمين الطبي في الولايات المتحدة سواء الأطفال الذين تمت ولادتهم قبل أو بعد إقرار لقاح فيروس الروتا في عام 2006. وأظهرت النتائج أن الأطفال الذين أكملوا الجرعات الثلاث للقاح كانت لديهم فرصة أقل في الإصابة بمرض السكري وفرصة أكبر في الوقاية منه.
وأكد الباحثون أنه رغم أن الدراسة لا يمكنها إثبات أن اللقاح يمنع مرض السكري وأن الأمر بالطبع يحتاج إلى مزيد من الدراسات لإثبات ذلك إلا أنه لا يمكن إغفال الارتباط الواضح بين تناول اللقاح وانخفاض معدلات الإصابة. وتبعا لمراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها فإن الأطفال الأميركيين يتناولون التطعيم بداية من الأسبوع الـ15 من العمر وتنتهى الجرعات قبل بلوغ الطفل عمر 8 أشهر. ويتم تناول اللقاح عن طريق التنقيط بالفم وليس بالحقن (تكون الجرعات في عمر شهرين و4 شهور وجرعة ثالثة كل 6 شهور). وأوضح الباحثون أن ما يعزز ثقتهم في النتائج أن هناك دراسة أسترالية تم نشرها مبكرا هذا العام حملت نفس النتائج تقريبا ولاحظت انخفاض مرض السكري في الأطفال الأستراليين في عمر الرابعة بنسبة 14 في المائة للمرة الأولى منذ ثمانينات القرن الماضي وذلك بعد بدأ استخدام التطعيم بشكل نظامي في عام 2007.

- دور البنكرياس
أوصت الدراسة بضرورة أن يتناول كل الأطفال الأميركيين الجرعات بشكل كامل حيث إن ذلك يمكن أن يخفض من الإصابة بمرض السكري بمقدار 8 حالات لكل 100 ألف حالة كل عام. وأشار الباحثون إلى أن التطعيم حتى إذا كان دوره في الوقاية من السكري ما زال قيد الدراسة فإن دوره في الوقاية من فيروس الروتا مؤكد، ويقلل من الحجز في المستشفيات جراء الإصابة بنسبة 94 في المائة. وفي الوقت الحالي هناك طفل فقط من كل 4 أطفال أميركيين يتناول جرعات اللقاح كاملة وهو الأمر الذي يجب الالتفات إليه وتغييره ويفترض تبعا للدراسة الجديدة بعد مرور 5 سنوات أن تنخفض حالات البول السكري.
الجدير بالذكر أن تطعيم فيروس الروتا عن طريق الفم، يعتبر من التطعيمات الحديثة نسبيا ومعظم الدول لم تبدأ استخدامه في الأطفال قبل بداية الألفية الجديدة وتم استخدامه للمرة الأولى في الولايات المتحدة عام 1998. ورغم فاعليته إلا أن التطعيم كلن يترافق مع بعض الأعراض الجانبية. ولكن النماذج الأكثر تطورا من اللقاح والتي بدأ استخدامها للأطفال في عام 2006 تلافت هذه الأعراض الجانبية.
وبعد استخدامه بشكل موسع ظهر الربط بينه وبين انخفاض حالات السكري. واعتمد الباحثون على دراسات قديمة كانت تربط بين الإصابة بفيروس الروتا واعتباره من علامات الخطورة لاحتمالية الإصابة بالبول السكري حيث ظهرت على الأطفال المصابين بفيروس الروتا أجسام مناعية للبول السكري من النوع الأول وهو الأمر الذي لفت نظر العلماء. وعندما تمت دراسة هذه النتائج مختبريا تبين أن خلايا البنكرياس المصابة بالعدوى الفيروسية للروتا كان لديها القدرة لجذب تفاعلات مناعية تؤدي إلى تدمير الخلايا المنتجة للأنسولين مثل ما يحدث في مرض السكري.
نصحت الدراسة الآباء بعدم الخوف من التطعيمات وأعراضها الجانبية المؤقتة وعدم الاهتمام إلا بالمعلومات الطبية من مصادرها الموثقة وعبر الجهات الرسمية، حيث إن جميع التطعيمات لا يتم إقرارها إلا بعد إجراء العديد من الاختبارات العلمية على مدى الأمان والفاعلية كما أن منظمة الصحة العالمية دائما ما تقوم بإصدار أحدث التوصيات الخاصة بكل تطعيم والعمر الملائم له وكذلك الجرعات المقررة وحذرت من تداول بعض الآراء على أنها معلومات علمية قاطعة الدلالة ربما تتسبب في حرمان طفل من الوقاية.


أخبار مرتبطة