تاريخ النشر 14 ديسمبر 2019     بواسطة البروفيسور سراج عمر ولي     المشاهدات 1

السعودية تشارك العالم الاحتفال بالنوم

شاركت المملكة العربية السعودية العالم في الاحتفال باليوم العالمي للنوم للمرة الرابعة ممثلة بمركز طب وبحوث النوم التابع لمستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة بالاشتراك مع نادي جدة لطب النوم، تحت شعار “نومٌ سليم .. لحياة مزدهرة”، والذي وافق 17 مارس هذا العام، وخصص للاحتفال يوم كامل عبر فعاليات متنو
عة شارك فيها الجمهور وأهالي جدة في أحد المراكز التجارية الكبرى.

وضم هذا الاحتفال التوعوي العالمي فعاليات متنوعة منها مناقشات ومعلومات حول النوم واضطراباته ولقاءات مع مـختصين في مراكز اضطرابات النوم، وإعطاء توجيهات آنية للزوار حول شكواهم من أعراض اضطرابات النوم بـما فيها الشخير ورداءة النوم ومتلازمة انقطاع التنفس أثناء النوم، والأرق الـمزمن واضطرابات الساعة الحيوية، واضطرابات الـحركة والسلوك خلال النوم كالـمشي والكلام وتـمثيل الأحلام خلال النوم، بلغة سهلة وواضحة، وبعض المعلومات حول أهم اضطرابات النوم التي تتسبب في سوء التوافق في النوم بين الأزواج وبعض المشكلات الحميمة، كمتلازمة تـململ الساقين والشخير المزمن، كذلك تضمن أركان عديدة ومتنوعة للتثقيف العلمي، مثل ركن الاستشارات الصحية وركن الإرشادات والنصائح العامة والذي تواجد به عدد من الاستشاريين والأطباء المتخصصين باضطرابات النوم، كما تم توزيع نشرات توعوية للزوار عن أبرز مشكلات النوم وكيفية تجنبها، إضافة إلى كيفية التواصل مع المركز للاستفادة من خدماته.

ويأتي الاحتفال باليوم العالمي للنوم ضمن بـمبادرة سنوية تدعو إليها وتنظّمها “الرابطة العالـمية لطب النوم” بمشاركة 72 دولة وعدد كبير من الـمختصين في مـجال طب النوم حول العالـم، بفعاليات تـهدف لزيادة الوعي الفردي والـمؤسساتي بارتباط النوم الصحي بنمط الحياة الـمعاصرة والتأثير السلبي لاضطرابات النوم الـمختلفة التي تصيب 45% من سكان العالم، على جودة الحياة والصحة النفسية والبدنية.

وأكد البيان الأساس لليوم العالـمي للنوم على خطر فرط النوم والـحرمان الـمزمن منه على الصحة ونوعية الحياة، وإمكانية التخفيف من أخطاره بنشر التوعية السليمة بين أفراد الـمجتمع العام والـممارسين الصحيين، وتكريس مفهوم الوقاية والشفاء من أكثر من 100 نوع من اضطرابات النوم عن طريق الـمختصين في طب النوم، ومن أمثلتها انقطاع التنفس أثناء النوم الذي يصيب حوالي 24% من الرجال، و 9% من النساء متوسطي الأعمار بدرجات مـختلفة، ويرتبط بعوامل خطر كثيرة من أهمها فرط الوزن، وارتفاع ضغط الدم، وهبوط سقف الـحلق والتدخين وغيرها.

ورفعت الرابطة العالـمية لطب النوم لعام 2017 شعار”نومٌ سليم .. لـحياة مزدهرة”للترويج  لليوم العالمي للنوم والدلالة على ضرورة الاهتمام بتشخيص وعلاج أي أعراض ترتبط بقلة أو رداءة النوم كرداءة وتقطّع النوم والأرق الـمزمن الذي يصيب مابين 30 إلى 45% من الأفراد البالغين، لارتباطه بالإصابة وتدهور بعض الأمراض الـمزمنة كارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين والسكّري والسمنة المفرطة، واضطرابات الـمزاج والشهية والسلوك وزيادة النعاس أثناء النهار، إضافة إلى ارتفاع خطر التعرض لـحوادث السيارات. وعلى الرغم من أن معظم اضطرابات النوم يمكن الوقاية منها وعلاجها، إلا أن أقل من ثلث الـمصابين بـها يسعون لطلب الـمساعدة والعلاج منها.

وإضافة إلى تعزيز الحياة الصحية يرتبط النوم السليم بزيادة الشعور بالسعادة والثقة في النفس وارتفاع الأداء الوظيفي وجودة العمل، وتـجنب أعراض التوتر والقلق والاكتئاب والـمشكلات الزوجية.

وأفادت إلاحصاءاتٌ أن ثلاثة من كل أربعة أشخاص بالغين في المجتمع الأمريكي، يستيقظون من النوم بصورة متكررة خلال الليل، أو أنـهم مصابون بالشخيـر، كما أظهر استبيان شمل عينة من النساء الأمريكيات، شكوى 50% منهن من رداءة النوم بصورة مزمنة، ويُعد الشخير ومتلازمة انقطاع التنفس أثناء النوم، أهم العوامل التي تسبب خللا في توافق النوم بين الأزواج، لكن عادات النوم وطقوسه، وتفضيل درجة حرارة معينة، وطبيعة النوم (خفيف أم ثقيل)، والإصابة بمتلازمة الساقين غير المستقرتين، واضطرابات السلوك كالمشي وتمثيل الأحلام (الركل والكلام) أثناء النوم، إضافة إلى الأرق المزمن، كلها قد تسبب الخلل نفسه بدرجات متفاوتة.

وأوضح الدكتور أيـمن بدر كريّـم استشاري اضطرابات النوم ومـمثل الرابطة العالـمية لطب النوم في السعودية ورئيس نادي جدة لطب النوم، أن غياب الإحصاءات الدقيقة عن مدى انتشار اضطرابات النوم في الـمجتمعات العربية، وانخفاض الوعي العام حتى لدى فئة الأطباء غير المتخصصين، إضافة إلى قلة عدد الـمتخصصين في مـجال طب النوم، من التحديات الصحية التي يواجهها الـمجتمع السعودي وتتسبب في تأخر التشخيص الدقيق والعلاج الـمناسب لعدد كبير من الـمرضى الذين يعانون من الشخير الـمزمن بنسبة 25% من متوسطي الأعمار في الـمجتمع السعودي، ويتعرضون لعوامل خطر الإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم بنسبة 11% لدى الرجال و 4% لدى النساء تقريبا، بـحسب نتائج دراسة حديثة صادرة من مركز طب وبـحوث النوم بـجامعة الـملك عبدالعزيز بجدة.

ومن ضمن الرسائل الـمهمة لليوم العالمي للنوم لهذه السنة التركيز على ضرورة النوم بشكل عميق ومستقر، حيث تفيد الدراسات والملاحظات أن جودة النوم فضلا عن عدد ساعات النوم المطلوبة، يؤثر بشكل مباشر في قدرة الشخص على الاستيقاظ نشيطا ومزاولة مهامه اليومية دون فرط نعاس ولا إرهاق، حيث اشتكي قريبا من 35% من الأشخاص في إحدى الدراسات من عدم القدرة على الاستغراق في النوم العميق الـمُجدد للنشاط.

وحول استخدام الأدوية الـمساعدة على النوم، أشار الدكتور أيـمن كريّــم أن الأفضل تجنب استخدام الأدوية المساعدة على النوم، فبعض تلك الأدوية غير مصرح بـها لعلاج الأرق أو المساعدة على النعاس تحديداً من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وإنـما تم التصريح لها بوصفها علاجا لأمراض أخرى كالحساسية وحالات احتقان الأنف والتهاب الجيوب الأنفية الحاد والمزمن، وهي غير مضمونه الفعالية وتختلف الاستجابة لها من شخص آخر، وقد تتسبب في آثار جانبية مزعجة مثل زيادة التوتر والأرق، وفرط الـخمول والنعاس خلال ساعات النهار، الأمر الذي يؤثر على التركيز أثناء القيادة والعمل، وحذّر في السياق نفسه من استخدام مضادات الـهيستامين لكبار العمر لاحتمال تسببها في انخفاض الوعي وعدم الاتزان وبالتالي ارتفاع نسبة الضرر الناتج عن السقوط وأن مفعولها المطلوب قد يقل عن المتوقع مع كثرة الاستخدام، مما يحفز الشخص على مضاعفة الجرعة للحصول على نفس التأثير وبالتالي ارتفاع خطر المضاعفات.

وأفاد البروفيسور سراج عمر ولي مدير مركز طب وبـحوث النوم بـمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بـجدة، أستاذ الأمراض الصدرية واضطرابات النوم، أن أهمية مختبر النوم وهو عبارة عن غرفة مهيئة لاستقبال المريض وضمان راحته أثناء النوم بسرير نوم كبير مريح وإضاءة مناسبة وحرارة معتدلة. وأثناء فحص النوم يتم تسجيل رسم الدماغ والقلب وحركة العينين إضافةإلى رصد الشخير وحركة عضلات الحلق والساقين بواسطة موصلات سلكية تثبت قبل النوم. كما يتم رصد حركة التنفس عن طريق حزام يوضع حول الصدر وآخرحول البطن ومتابعة تدفق الهواء عن طريق مـجسات توضع قريبا من الأنف، وتسجيل نسبة الأوكسجين في الدم خلال ساعات النوم باستخدام مقياس للأوكسجين عـن طـريق النبض.

ويـجب التنويه أن إجراء فحص النوم غير مؤلم على الإطلاق، بل ويُطلب من الـمريض النوم بصورة عادية قدر الإمكان، فبالرغم من وجود أقطاب ومـجسّات مثبته على الـجسم، ينام معظم الأشخاص بشكل جيد نسبيا. وفي حالة عدم القدرة على النوم فإنه لا يفضل أبدا تناول الأدوية الـمنومة قبل أو أثناء الفحص، كما أنه من الضروري أن لاينام المريض في فترة النهار ولا يتناول أي منبهات أو مشروبات كحولية في اليوم الـمقرر لإجراء الفحص.

ولايقتصر فحص النوم على فترة الليل بل يمكن إجراء إختبار خاص للنوم أثناء ساعات النهار لتشخيص حالات معينة من النوم الـمفرط كمرض نوبات النوم القهري (Narcolepsy)، حيث يقوم المريض بالنوم على فترات قصيرة مدة كل فترة منها 20 دقيقة وذلك لقياس قدرته على مقاومة النوم و الظهور المبكر وغير الطبيعي لمرحلة النوم الحالم. ولا تتوقف أهمية مُـختبر النوم عند الفحص التشخيص، بل تتعداه إلى الفحص العلاجي ومتابعة المرضى للوقوف على مدى استجابتهم لأنواع العلاج المختلفة. فمثلا يتم فحص الذين يعانون من إنقطاع في مـجرى التنفس أثناء النوم بتركيب جهاز “سي باب” (CPAP) الذي يقوم بدفع هواء مضغوط بدرجات متفاوته خلال مجرى التنفس بواسطة كمامة توضع على الأنف أو الأنف والفم معا، وبـهذا يعمل الهواء المضغوط على إبقاء مجرى الهواء مفتوحاً وتأمين استقرار وظيفة التنفس والمحافظة على نسبة الأكسجين طبيعية أثناء فترة النوم.

وحاليا يـمكن فحص المريض في المنزل بواسطة جهاز تقني صغير متنقل يـمكنه رصد معظم التغيرات الـمطلوبة للتأكد من التشخيص السليم وبـخاصة انقطاع التنفس أثناء النوم دون الحاجة لتنويم المريض في المستشفى، وهو إجراء معتمد عالميا وطبيا ومتوفر في السعودية ويتم إجراؤه بحسب دواعي الحالة بعد العرض على طبيب اضطرابات النوم.


أخبار مرتبطة