تاريخ النشر 19 ابريل 2020     بواسطة الدكتورة سلمى القطب     المشاهدات 1

علم الاشعة العصبية

يعد علم الأشعة العصبية أحد التفرعات الحديثة من علم الأشعة، والذي يختص بعلاج وتشخيص الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي المركزي، والطرفي، والرأس، والرقبة. ينقسم هذا العلم إلى جزئين؛ هما: الأشعة العصبية التداخلية (Interventional Neuroradiology)، والأشعة العصبية التشخيصية (Diagnostic Neuroradiolo
gy).

يُطلق على الأشعة العصبية التداخلية اسم آخر هو جراحة المخ والأعصاب داخل الأوعية (Endovascular Neurosurgery)، وهو أحد التخصصات الطبية الجديدة نسبياً، ويُعنى بعلاج الأمراض الدماغية، وأمراض الرأس، والرقبة، والنخاع الشوكي بواسطة تقنيات تؤدي إلى الحد الأدنى من الأذى أو الألم، وبالتالي ينتج عنه الشفاء التام من أمراض لم يكن بالإمكان علاجها قبل 15 سنة من الآن.

أمّا بالنسبة للأشعة العصبية التشخيصية فهي أيضاً من التخصصات الفرعية الحديثة لعلم الأشعة، وتمثل الوسائل المستخدمة في تشخيص أمراض الجهاز العصبي والرأس والرقبة لتمكّن أخصائي الأشعة العصبية التداخلية من علاج مثل هذه الأمراض. وقد شهدت تطوراً كبيراً لدرجة تمكن الأخصائيين الآن من الوصول إلى التشخيص الدقيق وإجراء تدخلات علاجية وعائية دون الاضطرار حتى إلى عمل شق في الجلد في بعض الأحيان.


الأشعة العصبية التداخلية
 بدأ هذا التخصص في الثمانينات من القرن العشرين على يد أخصائي الأشعة العصبية وجراحي الأعصاب، وأخذ بالتطور السريع بشكل متزامن مع التطور الحاصل في التكنولوجيا الطبية بشكل عام، حيث تعتبر الأخيرة من العوامل المهمة التي سارعت عملية تطور هذا العلم الحديث نسبياً.

    ومع مرور الوقت أدت التقنيات والأجهزة المستحدثة من أخصائي الأشعة العصبية التداخلية في الخمس سنوات الأخيرة إلى علاج المزيد من الأمراض الدماغية التي تهدد حياة المصابين بها وبفعالية عالية. يمثل هذا العلم الحديث مرحلة انتقالية مهمة في دور أخصائي الأشعة من مستشارين فقط إلى أطباء فعليين يمارسون دوراً فاعلاً في العملية العلاجية وبمستوى كبير من المسؤولية.

    ساعد هذا التخصص في بداياته الأخصائيين والجراحين في مجال الأشعة على التوصل إلى تقنيات جديدة لعلاج المرضى الذين لم يكن بالإمكان علاجهم بالوسائل التقليدية كجراحة الدماغ المفتوح على سبيل المثال. وبالنسبة للحالات الطبية والأمراض التي أعاقت العلاج التقليدي فهي تشمل تمدد الأوعية الدموية المخية العملاق، وتمدد الأوعية الدموية غير قابل للجراحة، والتشوهات الوريدية الشريانية الكبيرة، والمشاكل الصحية الأخرى الصعبة المتزامنة مع الأمراض العصبية. وكبديل عن العلاج التقليدي لمثل هؤلاء المرضى فإنّ إدخال عملية التصوير الوعائي للمخ (Cerebral Angiography) أفسح المجال لعلاجهم بفعالية أكبر.


ومن الأمراض التي أصبح بالإمكان علاجها باستخدام تقنيات الأشعة العصبية التداخلية بشكل يحقق تعافي المرضى بشكل أسرع، وتقليل مدة إقامتهم في المستشفى، وتعريضهم لدرجة أقل من الخطورة التي تشكلها العمليات الجراحية:

- تمدد الأوعية الدموية، عن طريق إدخال لفائف البلاتين إلى الأوعية المتمددة لتحفيز تجلطها وتفادي انفجارها.
- السكتات الدماغية.
- تضخم الشرايين في المخ بواسطة حقن مادة تمنع النزيف.
- أورام الوجه الوعائية.
- كسور الفقرات.

الأشعة العصبية التشخيصية:

    تتضمن الأشعة العلاجية التشخيصية استخدام الوسائل والأجهزة الطبية والتصوير الشعاعي لتشخيص أمراض الجهاز العصبي والرأس والرقبة، وبالتالي تمكين الأطباء من علاجها.

    بدأ هذا التخصص الفرعي من الأشعة التشخيصية في عام 1927 مع صدور أول تقرير للتصوير الوعائي الذي تمكن فيه الأخصائيين من رؤية تشريح أوعية المخ في إنسان على قيد الحياة، وذلك بعد عمل شق جراحي صغير في الرقبة لثقب الشريان السباتي، ثم حقن مادة تباين ظليلة للأشعة بهدف التصوير السينمائي المتسلسل لشرايين وأوردة المخ.

    بعد ذلك بعشرات السنين، أخذ التصوير الوعائي بالتطور بشكل ملحوظ ليصبح أكثر أماناً وفعالية ودقة، حيث تم في البداية إلغاء الشق الجراحي والعمل على ثقب الشريان السباتي مباشرة عن طريق الجلد، وبعد ذلك أصبحت العملية المتبعة هي قسطرة الشريان الفخدي الجلدي، وذلك بإدخال أنبوب القسطرة خلال الشريان الفخدي بعد إجراء ثقب عبر الجلد، بالإضافة إلى استخدام مواد تباين أكثر أماناً.

    وفي التسعينات، أدخلت تطورات مهمة على عملية التصوير الوعائي؛ أوّلها تقنية الطرح الرقمي (Digital Subtraction)، والتي قللت من الحاجة لاستخدام الطرق التقليدية المتبعة في تحميض الأفلام، والتي تستهلك الكثير من الوقت بعد كل مرة تحقن فيها مادة التباين.

    وهناك كذلك تقنية Roadmap Fluoroscopic Imaging التي مكنت من توجيه أنبوب القسطرة إلى المكان الصحيح داخل الوعاء الدموي، وبالتالي نشر المادة الضرورية لعلاج تمدد الأوعية الدموية في المخ أو نفخ بالون في هذه الأوعية لسدها.

    بالإضافة إلى التقنيتين السابقتين، ساهمت عوامل كثيرة فيما بعد بجعل التصوير الوعائي طريقة آمنة وفعالة عند استخدامها من ذوي الخبرة والاختصاص، مثل تطور الأجهزة الميكانيكية المستخدمة لحقن مواد التباين وتطور أنابيب القسطرة ذات الأداء العالي.

    وتزامناً مع التطورات الحاصلة في التصوير الوعائي حصلت تطورات أيضاً في التصوير المقطعي المحوسب والرنين المغناطيسي، وأصبحت الآن تقنيات التصوير الوعائي المقطعي المحوسب (Computed Tomography Angiography-CTA) والتصوير الوعائي بالرنين المغناطيسي (Magnetic Resonance Angiography-MRA) تستخدم في التحري عن الأشخاص المحتمل إصابتهم بالأمراض الوعائية المخية.


أخبار مرتبطة