تاريخ النشر 20 ابريل 2020     بواسطة الدكتور طارق شريف     المشاهدات 1

مفاهيم خاطئة حول الطب النفسي يجب أن تُصَحح

تحتوي ثقافة مجتمعنا على العديد من الأخطاء و الشبهات تجاه الطب النفسي، و لذلك فالوعي بخصوص الصحة النفسية مهم جدا. والنفس كالجسد قد يُصيبها بعض الخلل البسيط أو الشديد و يظهر ذلك على هيئة أعراض نفسية معروفة لدارسي الطب النفسي. نهتم دوماً بأعراض الأمراض العضوية الجسدية ربما لأنها تُسبب لنا إعاقات ف
ي أسلوب حياتنا، فنلجأ فوراً للطبيب حتى إن البعض قد يُجري فحص دوري لصحته الجسدية، لكن ماذا عن صحتنا النفسية ؟

    ما هو الطب النفسي؟

هو المجال الطبي الذي يدرس العقل بشكل خاص بكل ما يحدث فيه من اضطرابات عقلية و نفسية، ويعمل على معالجتها بأنواعها الثلاث: الاضطرابات العقلية و اضطرابات الشخصية و صعوبات التعلم الشديدة.

الكثير منا يتعرض إلى أوقات عصيبة تحدث له فيها ضغوط نفسية، و أحياناً حتى في الأوقات أو الأحداث السعيدة كالزواج أو ربما الحصول على ترقية في العمل قد تؤدي لحدوث ضغوط.

 إذا كنتَ تُعاني من أي هذه الأعراض لعدة أسابيع أو أكثر، فقد حان الوقت لزيارة الطبيب النفسي.

     أعراض تستدعي زيارة الطبيب النفسي:

1. أصبحت سريع الانفعال :

هل أنت بالأساس إنسان هادئ و أصبحت مؤخراً سريع الانفعال بسبب أمور بسيطة؟ هل أصبحت كثير الشجار مع أصدقائك و أسرتك بلا سبب وجيه؟ إذا كانت إجابتك نعم، فانتبه ربما تكون علامة على مشكلة نفسية أو انفعالية كالاكتئاب أو القلق، كما قالت "سارة هايتاور" استشارية الطب النفسي من أتلانتا بولاية جورجيا بالولايات المتحدة الأمريكية "أن هذا الأمر يختلف عن تغير المزاج المؤقت، فالانخفاض الحاد للصبر عند التعامل مع الناس يستدعي الانتباه"

2. لا أستطيع الحصول على نوم كافي:

العديد من الناس لا يحصلون على كفايتهم من النوم لكنهم يفترضون أنهم يجب أن يتعايشوا مع هذا الأمر، مما يضر بصحتهم ويؤثر على أدائهم أثناء العمل أو القيادة أو على حياتهم بشكل عام، وهذا يُعاني منه عدد كبير من الناس. فإذا قمت بفحوصات ووجدت أنك لا تُعاني من أي مشكلة عضوية تمنع النوم الكافي كـ "مشاكل الغدة الدرقية" أو "الألم المزمن" ، فعليك أن تذهب للفحص و التأكد من سلامتك النفسية.

3. لم أعد أتحمل التواجد مع الناس :

عندما يتحول شخص اجتماعي بطبعه لشخص يميل إلى تجنب الناس ويبتعد عن الشبكات الاجتماعية، فربما تكون هذه أولى علامات الاكتئاب، لذلك إذا وجدت نفسك تبتعد عن الاجتماعيات، فربما يجب أن تسأل نفسك عن السبب !

4. ماذا حدث لشهيتي ؟

بعيداً عن أوقات الأعياد و المناسبات، لأنه ربما نتناول  فيها الطعام أكثر من الطبيعي و هذا أمر عادي، لكن الزيادة في الأكل بشكل دائم والبحث الدائم عن الأطعمة خصوصاً الغنية بالدهون أو السكر ربما تكون علامة على التعرض للضغوط أو التوتر أو ما يعرف بالأكل الانفعالي. و قد وجدت دراسة بكلية الطب جامعة هارفرد أن التعرض لضغط قصير المدى يسبب غالباً فقدان الشهية على عكس الضغوط طويلة المدى التي تُزيد من هرمون الكورتيزول فتزيد الشهية.

5. لا أستطيع الاسترخاء:

إن كنت دائم الانشغال وعقلك دوماً متسارع وممتلئ، فإن ذلك قد يكون من علامات القلق، وهذا غير الاكتئاب الذي يأتي في نوبات مما يجعله ملحوظاً ومحدداً، أما القلق يمكن أن يكون دائم ومتواصل مما يؤدي إلى عدم الانتباه إليه واعتباره جزء من حياة الشخص، وأحياناً تعيش بالقلق سنوات قبل أن يشك أحد أن الأمر له سبب نفسي، وذلك لأنه غالباً يظهر بأعراض جسدية غير معروفة السبب كصداع دائم أو اضطرابات في المعدة أو مشاكل نفسية أو شد في عضلات الكتف أو غيرها، مما يجعل التركيز على الفحص العضوي أكثر من الفحص النفسي. إذاً فربما يكون عدد كبير منا حقاً بحاجة إلى مساعدة أو توجيه نفسي و لو بسيط مما يُتيح له حياة أفضل خالية من الهموم أو القلق.

    مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي:

هناك بعض المفاهيم الخاطئة والخرافات التي نُقنع بها أنفسنا لكي لا نصدق أننا بالفعل نحتاج مساعدة الطبيب النفسي، مثل:

 1. الأمر لا يحتاج مساعدة أحد فقط ابتسم و أزل هذا العبوس و ستكون بخير !

المشاكل النفسية كالمشاكل العضوية تحتاج إلى رأي وتوجيه من يدرسونها ويتعلمون كيف يعالجون أصحابها، فمحاولة علاجك لنفسك ستكون كالشراب الدافئ عندما تُصاب بالمغص، سجعلك بخير قليلاً لكنك ستحتاج إلى علاج لا محالة، أو ستتحمل الألم فحسب ! وكذلك التفكير بالحصول على المساعدة والنصح في المشاكل النفسية من الأهل والأصدقاء والعلاج الروحاني في حين أنه يمكن الحصول على المساعدة من شخص متخصص في الطب النفسي.

2.  العلاج النفسي للضعفاء فقط!

اعترافك لنفسك أنك تحتاج إلى المساعدة دليل على قوتك وأنك لست الوحيد في هذا الإحساس بتزايد الضغوط أو عدم العمل على توجيهها بطريقة صحيحة.

 3. العلاج النفسي لفاقدي العقول فقط!

أي الأشياء أقرب لسلوكيات فاقدي العقل؟ الحصول على المساعدة عند حاجتك إليها، أم الابتعاد عنها خوفاً من حكم غير حقيقي؟ العديد من الأشخاص الناجحين والعاقلين يسعون للمساعدة النفسية عند حاجتهم إليها.

 وأخيراً .. لا تهمل صحتك النفسية وزد من وعيك عن الطب النفسي، ولا تتحمل مشكلة نفسية طالما كان التخلص منها متاحاً طبياً، لا تقبل أن تمارس حياتك بصحة نفسية متضررة، قيّم حالتك واحصل على المساعدة إن كنت بحاجة لها، وعش حياة أسعد، فصعوبات الحياة لا تحتمل تحديات نفسية إضافية


أخبار مرتبطة