تاريخ النشر 19 ابريل 2020     بواسطة الدكتور عادل يوسف دانش     المشاهدات 1

رحلة فيروس كورونا في جسم الإنسان

يحاول علماء الأمراض فهم طبيعة مرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورنا المستجد، وتشير المعلومات المتوافرة حتى الآن إلى أنه لا يهاجم الرئتين فحسب بل أيضا أعضاء الجسم الأخرى مثل القلب والأوعية الدموية والأمعاء والمخ والكليتين. ويقول طبيب القلب هارلان كرومهولز من جامعة ييل إن المرض يستطيع مهاجمة كل
أجزاء الجسم ويدمرها.

موقع "sciencemag.org" في تقرير مطول رسم صورة لكيفية قيام الفيروس بمهاجمة أجساد ضحاياه وقتل المرضى من ذوي الحالات الحرجة.

يقول باحثون في معهد ويلكوم سانغر إنه عندما يستنشق شخص ما رذاذ مصاب بالفيروس، فإنه يدخل الجسم الجديد عبر الأنف والحلق، ويجد مأوى له في بطانة الأنف.

وهناك يجد مستقبلا يسمى "ACE2" وهو إنزيم يساعد بروتينا موجودا على النتوءات السطحية للفيروس على الالتصاق بالخلايا، وبدخوله الخلايا يتكاثر الفيروس ويهاجم خلايا جديدة.

في هذه المرحلة، لا تظهر الأعراض، أو قد تظهر في صورة الحمى أو السعال الجاف أو التهاب الحلق أو فقدان حاسة الشم أو التذوق أو حدوث آلام في الرأس والجسم.

إذا لم يقم الجهاز المناعي بضرب الفيروس والقضاء عليه خلال المرحلة الأولى، فإن الفيروس يتجه بعد ذلك إلى القصبة الهوائية لمهاجمة الرئتين، وهنا يصبح وحشا قاتلا.

وتكمن الخطورة في أن الأكياس الهوائية الصغيرة التي تسمى بالحويصلات الهوائية في الرئتين تحوي خلايا غنية بهذه المستقبلات التي تساعد الفيروس على دخول الجسم.

وعندما يهاجم كورونا الرئتين، تتعطل عملية انتقال الأكسجين من الحويصلات الهوائية إلى الشعيرات الدموية ثم إلى باقي الجسم.

وهنا، يتدخل جهاز المناعة، وتطلق خلايا الدم البيضاء جزيئات تسمى "كيموكين" تقوم باستدعاء المزيد من الخلايا المناعية لقتل الخلايا المصابة بالفيروس، تاركة وراءها صديدا وخلايا ميتة.

وهنا يحدث الالتهاب الرئوي وتكون أعراضه السعال، والحمى وسرعة التنفس.

في هذه المرحلة، يتعافى بعض المرضى، أحيانا دون الحاجة إلى أجهزة لدعم التنفس، لكن قد تزداد الأمور سوءا عندما تنخفض مستويات الأكسجين في دم المريض ويجد صعوبة أكبر في التنفس.

 وهنا يحدث ما يسمى بمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة (ARDS)، وما يستلزم عادة وضع المرضى تحت أجهزة التنفس الصناعي، والكثير من المرضى في هذه المرحلة ينتهي بهم الحال بالوفاة.

وتظهر عمليات التشريح أن الحويصلات الهوائية للمرضى في هذه المرحلة تكون محشوة بالسوائل وخلايا الدم البيضاء والمخاط وبقايا خلايا الرئة المدمرة، وتنهار جدرانها أثناء الهجوم، وهو ما يقلل امتصاص الأكسجين.

ووجدت دراسات حديثة أن الفيروس أو مقاومة الجسم له (لا يعرف بعد) يؤدي أيضا إلى تدمير لأعضاء أخرى في الجسم.

الكبد:
تشير البيانات إلى أن المرضى ترتفع لديهم مستويات إنزيمات تشير إلى سوء حالة الكبد، وربما ينتج ذلك عن إفراط عمل جهاز المناعة أو نتيجة للأدوية التي يتعاطها المريض لمحاربة الفيروس.

الكلي:
تلف الكلى شائع في الحالات الشديدة ويزيد من احتمالية الوفاة. قد يهاجم الفيروس الكلى مباشرة، أو قد يكون الفشل الكلوي ناتجا عن أشياء أخرى في الجسم مثل انخفاض ضغط الدم. وقد وجدت دراسة أن 27 في المئة من 85 مريضا أدخلوا المستشفى في ووهان يعانون من فشل كلوي.

الأمعاء:
يصيب الجهاز الهضمي السفلي (الأمعاء الدقيقة) الغني بمستقبلات "ACE2"، ويجدر بالذكر أن دراسة حديثة وجدت أن نحو 20 في المئة على الأقل من المرضى يعانون من الإسهال.

الدماغ:
بعض المرضى يعانون من السكتات الدماغية والنوبات والارتباك العقلي والتهاب الدماغ، ويحاول الأطباء معرفة أي منها ناتج عن الفيروس مباشرة. 

ويقول روبرت ستيفنز، طبيب العناية المركزة في جامعة جونز هوبكنز، إن مستقبلات "ACE2" موجودة في القشرة العصبية وجذع الدماغ، ولكن لا يُعرف بعد كيف يخترق الفيروس الدماغ ويتفاعل مع هذه المستقبلات.

العينان:
يعاني مرضى كوفيد-19 من التهاب الملتحمة، والتهاب الغشاء المبطن للجزء الأمامي من العين والجفن الداخلي، وهي من أكثر الأعراض شيوعا بين ذوي الحالات الحرجة.

الأنف:
يفقد بعض المرضى حاسة الشم، ويتكهن العلماء بأن الفيروس قد يتحرك لأعلى الأنف حتى النهايات العصبية للأنف ويتلف الخلايا.

القلب والأوعية:
يدخل الفيروس خلايا الأوعية الدموية، عن طريق الارتباط بمستقبلات "ACE2" على سطح تلك الخلايا. وتؤدي العدوى إلى حدوث الجلطات والنوبات القلبية. 

وتشير ورقة بحثية نشرت في مجلة "جاما" إلى تعرض حوالي 20 في المئة من 416 مريضا بكوفيد-19 في ووهان لتلف القلب. 

ووجدت دراسة أخرى أجريت قرب ووهان أن نحو 44 في المئة من 138 مريضا أدخلوا المستشفى يعانون من اضطرابات في القلب.

لكن ما الذي يقتل تحديدا؟ هل هو الفيروس أم الاستجابة المفرطة لجهاز المناعة؟، والتي تسمى "عاصفة السيتوكين" التي تدمر الرئتين.

والسيتوكين هو بروتين يستخدم في عمليات نقل الإشارة والتواصل ما بين الخلايا، وعند حدوث "العاصفة"، ترتفع نسبته إلى مستويات أكبر من اللازم، فتبدأ الخلايا المناعية في مهاجمة الأنسجة السليمة. في هذه الحالة يحدث تسرب للأوعية الدموية، وينخفض ضغط الدم، وتحدث الجلطات، وتفشل الأعضاء في أداء وظائفها.

وحينها، يضطر بعض الأطباء إلى استخدام الأدوية التي تقلل من استجابة الجهاز المناعي، وهو ما يقلق جوزيف ليفيت، طبيب الرعاية الرئوية الحرجة في كلية الطب بجامعة ستانفورد، لأن هذه الأدوية قد تثبط الاستجابة المناعية التي يحتاجها الجسم لمحاربة الفيروس.

ويقول التقرير إنه بينما يتقدم العلم باتجاه اختبار الأدوية لمحاربة المرض القاتل، فإن الأمل هو في إيجاد العلاجات "الأكثر دهاء من الفيروس الذي أوقف العالم عن مساره".


أخبار مرتبطة