تاريخ النشر 5 ابريل 2020     بواسطة الدكتور عادل يوسف دانش     المشاهدات 1

"عاصفة السيتوكين"..

أودى فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" بحياة ما لا يقل عن 65272 شخصاً وإصابة أكثر من 1206480 في 190 دولة منذ بدء تفشي الوباء في الصين ديسمبر الماضي، وتم تسجيل 233300 حالة شفاء على الأقل، وفق تعداد وكالة فرانس برس استناداً إلى مصادر رسمية اليوم الأحد عند الساعة 11,00 ت غ. فما هي "عاصفة السي
توكين"؟ وما علاقتها بوفيات كورونا، وكيف تعمل؟، للإجابة عن هذه الأسئلة يجب أولاً أن تعلم أن 80 % من الحالات المصابة بفيروس كورونا تعاني أعراضاً "طفيفة أو معتدلة" من حمى ووهن وسعال جاف، لكن يضاف إلى ذلك أحياناً ضيق في التنفس يمكن أن يؤدي إلى متلازمة الضيق التنفسي الحاد. وهذه حالة 20 % من المصابين تقريباً مما يتطلب إدخالهم إلى المستشفى ليأملوا بالشفاء، بناء على ما تفيد به منظمة الصحة العالمية، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.

والسيتوكين مادة تفزرها خلايا الجهاز المناعي طبيعياً لتنظيم النشاط المناعي والتفاعل مع الالتهابات وهي رد دفاعي طبيعي عندما يتعرض الجسم لهجوم، لكن في حالة "عاصفة السيتوكين"، يسجل نشاط مفرط للنظام المناعي ما قد يؤدي إلى الوفاة.

ورداً على سؤال حول دور هذه "العواصف" في الإصابات الحادة لكوفيد-19؟ يقول الخبير الأمريكي في البيولوجيا المجهرية وعلم المناعة ستانلي بيرلمان الذي درس هذه الظاهرة مع مرضي سارس وميرس "أظن أن الرد المناعي الجامح هو الذي يقتل فعلا ًالمرضى (المصابين بكوفيد-19) من خلال القضاء على الأنسجة. لكن هذا غير مؤكد".

وقال بيرلمان وهو خبير في جامعة أيوا لوكالة فرانس برس "حتى الآن لا يوجد نهج علاجي فعال ومثبت لهذه الظاهرة" مشدداً على أن وصف الكورتيكوستيرويد وهي مضادات التهاب شائعة الاستخدام "سيكون ضاراً بالتأكيد" على مرضى كوفيد-19.

وينبغي تهدئة العاصفة عند مستوى الرئتين من دون خفض الحواجز المناعية للمرضى. وحتى الآن لا يملك الطب خارطة طريق واضحة في هذا المجال وتجرى تجارب على عجل في وقت يتسع فيه نطاق الجائحة.. فعلى سبيل المثال، باشرت المجموعة الاستشفائية العامة في باريس "AP-HP" في الأيام الأخيرة تجربة "كوريومنو" لاختبار عقاقير عدة في مواجهة هذا النشاط المناعي المفرط.

وتشكل صعوبات التنفس أو الشعور بضغط كبير على الرئتين أو ازرقاق الشفتين والوجه، مؤشرات يجب أن تدفع إلى استشارة طبية عاجلة على ما تؤكد المراكز الأمريكية للإشراف على الأمراض والوقاية منها.

وبحسب خبراء عالميين فإن ما يسمى "عاصفة السيتوكين"، وهي رد مناعي مفرط يؤدي إلى اعتداء شرس للخلايا على الرئتين، تلعب على ما يبدو دوراً أساسياً في حالات الإصابة الخطرة بكورونا ويقف الطب أمامها عاجزاً نسبياً.

وبحسب تقرير "أ ف ب" اليوم فإن غالبية المرضى الذين يدخلون المستشفى يعانون التهاباً رئوياً حاداً في الجهتين وهو مؤشر إلى إصابتهم بالشكل الخطر من مرض كوفيد-19 بحسب منظمة الصحة العالمية.. وغالباً ما يحصل التدهور فجأة بحدود اليوم السابع على بداية الأعراض على ما يقول يزدان يزدانباه مسؤول قسم الأمراض المعدية في مستشفى بيشا في باريس.

ويحيط الغموض بهذا التوقيت مع تفاوت كبير أحياناً لكنه يفضي بانتظام إلى "متلازمة الضائقة التنفسية الحادة". ويؤدي ذلك إلى توقف الرئتين عن توفير الأكسجين الكافي  للأعضاء الحيوية في الجسم فيتطلب وضع المريض على جهاز تنفس اصطناعي.

وكتبت الخبيرة في الالتهابات في جامعة "يونيفرسيتي كوليدج هوسبيتال" في لندن جيسيكا مانسون مع زملاء بريطانيين في مجلة "ذي لانسيت" العلمية، "تكثر الأدلة على أن قسماً من المرضى الذين يعانون من أشكال حادة من كوفيد-19 يصابون بعاصفة سيتوكين.

وترصد هذه الظاهرة منذ حوالي عشرين عاماً  فقط واعتبرت مسؤولة عن خطورة مرضين تنفسيين آخرين ناجمين عن فيروسات كورونا هما سارس (774 حالة وفاة غالبيتها في آسيا في 2002-2003) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس -866 حالة وفاة منذ العام 2012). ويشتبه بأن هذه الظاهرة كانت وراء جائحات إنفلونزا سابقة مثل "الإنفلونزا الإسبانية" التي حصدت نحو 50 مليون ضحية في 1918-1919.


أخبار مرتبطة