تاريخ النشر 6 مارس 2020     بواسطة الدكتور عادل يوسف دانش     المشاهدات 1

كيف تتجدّد خلايا الأمعاء؟

ماذا يمكنك أن تتعلمه من خلال النظر إلى أمعاء ذبابة الفاكهة؟ يؤكد العلماء أن لدى الذبابة الكثير من الدروس التي تقدمها لنا. سمحت أداة بحث جديدة لعلماء الأحياء بمراقبة عملية تجدّد الخلايا التي تحافظ على صحة أنسجة الأمعاء أثناء الحياة‏ وفي الوقت الفعلي، وكذلك متابعة التفاعلات بين الأنواع البكتير
ية المختلفة التي تشكل الميكروبيوم، وهو مجموع الميكروبات المتعايشة مع إنسان أو أي كائن حي وتعيش على جسمه أو في داخل أمعائه.

نشرت الدراسة في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي بقيادة لوسي أوبراين وكي سي هوانغ من جامعة ستانفورد، وويل لودينغتون من جامعة كارنيجي الأميركيتين في دورية "بلوس بيولوجي".

نافذة مُشرعة
يقولون إن الصورة بألف كلمة، مثلٌ بقي خالدا على مر الأزمنة والعصور، لأن علاماتها قليلة التعقيد وشديدة الوضوح، ولكن ماذا عن امتلاك نافذة مُشرعة على تعقيد الجهاز الهضمي لذبابة الفاكهة أثناء حياتها في الوقت الحقيقي؟

تمكّن الباحثون من مشاهدة الخلايا الجذعية وهي تقوم بالتنسيق أثناء عملية تجديد الأعضاء عن طريق استخدام طريقة بسيطة لتصوير بطن ذبابة الفاكهة أطلقوا عليها "بليماونت" (Bellymount)، بمعني حامل أو حاضن البطن، واكتشفوا أن المعدل الذي توَلد فيه الخلايا الجذعية الفردية خلايا بديلة للبالغين يختلف اختلافا كبيرا.

وتسمح "بليماونت" للباحثين بالتلصص على الأنسجة الحية لأمعاء ذبابة الفاكهة والأعضاء الحشوية الأخرى في الوقت الفعلي. وتوفر للباحثين كميات هائلة من البيانات الثورية في العلوم البيولوجية.
طورت أوبراين هذه الطريقة لفهم كيف تقود الخلايا الجذعية في الجهاز الهضمي عملية تجديد الأنسجة التي تتخلص من الخلايا المريضة وتستبدلها بخلايا جديدة وصحية، واستهدفت دراسة تأثير هذه العملية على الشيخوخة.

تقول أوبراين "قبل الآن، لم يسبق لأحد أن شاهد كيف يحرز تجديد القناة الهضمية تقدما لأنه يحدث على مدى أيام عديدة ويحدث في عمق الجسم".

التنصت على الخلايا
مكنت تقنية "بليماونت" لودينغتون، المتخصص في فهم التفاعلات بين أنواع الميكروبيوم، من فهم أفضل لكيفية مساهمة بكتيريا الأمعاء في العديد من وظائفها من خلال مشاهدتها تنجلي بوضوح.

ووجد أن هناك تباينات في استقرار الميكروبيوم تحاكي نشاط منطقة الخلايا الجذعية، وشاهد بعض أجزاء الميكروبيوم تتحول بشكل مستمر، ورأى البعض الآخر ثابتا بلا تغيير، يشبه الخزان.

وقد سمحت "بليماونت" للباحثين بإلقاء نظرة خاطفة على نشاط جميع الأعضاء الحشوية للذباب، ومراقبة الحديث المتبادل للخلايا عبر الأنسجة، ومراقبة المناعة، والتكاثر، والشيخوخة، وتطور السرطان.
وقال المؤلف المشارك كي سي هوانغ "تجعلك (هذه التقنية) تتساءل كيف تتحدث الخلايا الجذعية للأمعاء والبكتيريا المعوية مع بعضها بعضا وربما تنسق أعمالها؟". وأضاف "الآن لدينا القدرة على التنصت على محادثاتهم في الواقع".

ثورة طبية
خارج نطاق القناة الهضمية، ستسمح تقنية "بليماونت" للباحثين بالتجسس على الأعضاء الحشوية الأخرى في ذباب الفاكهة، ومراقبة كيفية تواصل الأعضاء مع بعضها بعضا أثناء حدوث العمليات داخل كامل الجسم.

يمكن أن تؤدي نتائج هذه الدراسة إلى تحسينات في وسائل الطب المتفرد أو الدقيق، الذي يقدم المساعدة في الممارسة الطبية، ويمكن الاستفادة منها في مساعدة المرضى، والوصول للتشخيص الصحيح، والعلاج والوقاية من الأمراض.

كما يمكن أن تساهم تقنية "بليماونت" في تطوير علاجات في الطب التجديدي، وهو فرع من الأبحاث المختصة بترجمة هندسة الأنسجة وعلم الأحياء الجزيئي لاستعاضة وتجديد خلايا وأنسجة وأعضاء البشر لجعلها تعمل بطريقة طبيعية. كما يهدف هذا المجال البحثي لتنشيط آليات الإصلاح الذاتي للجسم، كي تبرئ ما لم يكن ممكنا بالوسائل المعروفة.


أخبار مرتبطة