تاريخ النشر 23 يوليو 2020     بواسطة الدكتور نبيل عبدالله هاشم يماني     المشاهدات 1

الرجل المناسب في المكان المناس

د. هاشم عبدالله يماني. لست أنا ماسح جوخ ولا شيّال مشلح المدير. ولكن دوافعي للكتابة هي: أولا لأن هاشم كان - حقيقة - واحدا من نوابغ (ربما أنبغ) تلاميذ المدينة في وقته. وثانيا وجدتها فرصة لأستمتع باسترجاع بعض ذكريات الصبا وأمارس إحدى هواياتي في كتابة القصة القصيرة (لاسيما قصص الخيال العلمي).
الرجل أنا أعرفه وهو - غالبا - لا يعرفني لأنني لا أذكر قط أن هاشما جاء يوما ليشاركنا اللعب. كنا نراه من بعيد يذهب مع أخيه زهير من حوش درج (الحوش مجموعة كبيرة من البيوت في ساحة مغلقة ولها مخرج واحد أو بالكثير مخرجان) الى الحرم النبوي قبيل وقت صلاة العصر ويعودان سويّة من الحرم برفقة أبيهما (شيخ وقور يشع من جبهته نور الإيمان) بعد صلاة العشاء.

بينما كنا نحن أولاد أحواش (أسماء حارات المدينة القديمة) منطقة السيح غالبا لا نذهب الى الحرم - غفر الله لنا ولكم - الا في المناسبات والعيدين لنقضي معظم الوقت في مطاردة أسراب الحمام في جنوب غرب ساحات الحرم، أو نتجمّع - أحيانا- عند مدخل حوش درج لنتفرج على استعراضات مصلح الدانا دانة كابتن فريق العقيق (الأنصار الآن) وهو يداعب الكرة بقدميه الذهبيتين عندما كان يأتي لحضور اجتماعات الفريق في بيت شّهيد سيل المدينة عمر عزّي (مؤسّس ورئيس نادي العقيق). ثم ننطلق الى مجرى سيل البرابيخ لنلعب الكورة ونطبّق ما تعلمناه من الدانا دانة من حركات جديدة. وأحيانا - عندما نطفش من لعب الكورة - نعبر مجرى السيل الى الجانب الآخر لنشاهد أولاد زقاق الطيار وهم يلعبون المزمار (أولاد زقاق الطيار أمهر من يجيد رقصة المزمار في المدينة باستثناء أولاد حارة الأغوات).

لقد كان الشيء المفروغ منه ويسلّم به جميع طلاب المدينة في اختبارات التوجيهي أنه اذا كان يوجد أحد من أولاد اليماني ضمن الطلبة في الاختبار فإن الترتيب الأول محجوزا حصريا - مسبقا - ولا أمل لطالب أو طالبة غيرهم أن يكون ترتيبه الأول. وهكذا حدث ما يتوقعه الجميع فقد سمعنا أن هاشم كان الأول في دفعته وأنه على أول قائمة المبتعثين لأمريكا. ثم انقطعت عني أخباره بالكامل الى أن سمعت - فجأة - بعد سنوات طويلة في وسائل الإعلام أنه تم تعيينه وزيرا لوزارة الصناعة والكهرباء.

ومرّت الأيام ثم سمعت الآن - عن طريق وسائل الإعلام أيضا - أنه تم تعيين هاشم رئيسا لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذريّة والمتجدّدة. فساقني الفضول الى أن أبحث عن سيرته الذّاتية في النّت فوجدت في الويكيبديا شيئا أذهلني ولم أكن أتوقّعه. أولا بكالوريوس في الرياضيات وبكالوريوس في الفيزياء (أي: المبادئ الأساس للطاقة الذرية) من جامعة بيركلي (بيركلي مشهورة بتجاربها ومعاملها في ال controlled nuclear). ثم ماجستير ودكتوراه في الفيزياء (الفيزياء هي أم علم الذرّة) من جامعة هارفرد (هارفرد أنتم تعرفونها أكثر مني). سألت نفسي هل كل هذه المؤهلات في هاشم ثم تعيينه رئيسا لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة وفّرتها (أو جمّعتها) مجرّد الصدف أو أن هناك بوادر معجزة علمية جديدة - بإذن الله - تلوح في الأفق.

لا تنسون أنني كنت مغرما بقصص الخيال العلمي منذ أن قرأت اول كتاب كان مقرّرا علينا في الثانوي باسم The invisible man لذا فإن استخدام كلمة معجزة miracle في كتب الخيال العلمي تعني مجرّد التوصل الى انجاز علمي غير مسبوق ولا تعني - بأي حال من الأحوال - الخوارق أو الكرامات التي يختص الله بها أولياءه الصالحين.

- رئيس مركز اقتصاديات البترول" مركز غير هادف للربح"


أخبار مرتبطة