تاريخ النشر 13 اغسطس 2020     بواسطة الدكتور علي محمد زائري     المشاهدات 1

التهيئة النفسية أهم عنصر في التفوق الرياضي.

الطب النفسي له علاقة مباشرة بالمجال الرياضي كونه أحد مجالات الابداع والتي تحتاج لمتابعة دقيقة لحالة المنتمي لهذا المجال النفسية حتى يواصل ابداعه حول هذا الموضوع وعن مدى العلاقة الوطيدة بين الطب النفسي والمجال الرياضي حاورت «عكاظ» الدكتور علي بن محمد زائري استشاري الطب النفسي بمستشفى الصحة النفس
ية بأبها وجاءت الحصيلة كالتالي:
بداية ما مدى علاقة الطب النفسي بالمجال الرياضي؟
- الطب النفسي له علاقة بالمجالات التي لها علاقة بالأداء والابداع والتفوق ومن ذلك المجال الرياضي.

الأخصائي النفسي منقذ
هل تؤيد تواجد الأخصائي النفسي ضمن الأجهزة العاملة في الأندية والمنتخبات الوطنية؟
- نعم فالأخصائي النفسي لديه القدرة على تقييم نفسية اللاعب وأي تغير في معنوياته وتحديد الكفاءة النفسية له ، بل ورفع معنوياته وثقته بنفسه وعلاج أي سبب يضعف الثقة والأداء لدى اللاعب والأخصائي النفسي يتدخل في الوقت المناسب لانقاذ أداء اللاعب الذي قد يؤثر على أداء الفريق ككل فقد شاهدنا نجوما يختفون في مباريات هامة ولم يقدموا العطاء المأمول منهم بالرغم من ثقة الجماهير والمسئولين فيهم ومعرفة الجميع بما في ذلك الأجهزة الفنية بقدراتهم.
وماذا تغير في اللاعب؟
- كل ماتغير في اللاعب هو نفسيته ، معنوياته ، روحه وكل هذا يستطيع الأخصائي النفسي التعامل معه بكل سهولة.
كيف تتم تهيئة الرياضي لخوض المنافسة من الناحية النفسية؟
- التهيئة النفسية للاعب تبدأ بعمل مقابلة شخصية معه يتم من خلالها تقييم حالة اللاعب النفسية والاطمئنان على عدم تعرضه لأي من الأمراض النفسية الشائعة مثل الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى ثم علاجها ان وجدت أيضا التأكد من سلامة اللاعب من استخدام العقاقير المخدرة والمنشطة والتي تشكل من قدرات اللاعب مهما كانت موهبته بعد ذلك يتم تعزيز ثقة اللاعب بنفسه واحترامه لموهبته واحترامه لجمهوره والمسئولين الذين منحوه الثقة أيضا تذكيره ضرورة احترام الخصم وعدم الاستهانة به أو احتقار مستواه والعكس صحيح اذا كان الفريق المقابل فريقا شهيرا وقويا وعدم تضخيم الخصم واحتقار الذات بل التركيز على تقديم الأداء الأفضل والشعور بالندية ولعل أكبر دليل على ذلك ما قدمه منتخبنا الوطني خلال مونديال 1994 عندما كان ندا قويا لمنتخبات عالمية وكان أداؤه في منتهى الابداع والروعة وكسب احترام العالم.
ما السر وراء ذلك الابداع من وجهة نظركم كنفسانيين؟
- السر بسيط جدا وهو التهيئة النفسية الجيدة والتي كانت أهم عنصر في التفوق وأتذكر تصريحات أمير الشباب الراحل الأمير فيصل بن فهد رحمه الله في حينها عندما قال لاحدى الشبكات التلفزيونية العالمية نحن نشارك في كأس العالم للفوز والتقدم للأمام وليس للمشاركة فقط تلك الكلمات كانت تأهيلا نفسيا للاعبين من الطراز الأول منحتهم الثقة بالذات ورفعت من معنوياتهم فتحقق ما تحقق في ذلك الوقت.

الضغط النفسي مؤثر
قبل خوض المنافسات الهامة والمواجهات الحساسة والحاسمة يتعرض اللاعب الى ضغط نفسي من قبل الاعلام والجمهور كيف يمكن ابعاد اللاعب عن ذلك؟
- أولا عن طريق اللاعب نفسه وذلك عندما يكون ناضجا من الناحية النفسية فتكون الضغوط الخارجية كالاعلام والجمهور ذات تأثير لا يكاد يذكر ولا يوليها أي اهتمام بعكس اللاعب غير الناضج نفسيا تجده يتأجج من التصريحات ويغضب ويتوعد ويدلي بتصريحات الثأر والانتقام فهذا اللاعب يتعرض للاستنزاف النفسي ويصل للمباراة وهو جثة هامدة ولا يستطيع التركيز والأداء بفن انما يكون متنرفزا ومتوترا ويخرج من أجواء اللقاء ويتعرض للحصول على البطاقات الملونة ثم بتهيئة اللاعب من قبل الأجهزة الادارية والنفسية والفنية وتدريبه على التحكم في شعوره وتعليمه موهبة البرود خلال التمارين حتى يكون في أقصى مستويات التركيز خلال المنافسة.
هناك البعض من اللاعبين يتعرضون للنرفزة السريعة وخصوصا في الأوقات الحاسمة والمواجهة الحساسة كيف يمكن التعامل مع أولئك اللاعبين؟
- اللاعب العصبي والمتنرفز هو لاعب لايجيد التصرف ويهدر طاقاته وقدراته في مشادات وعنف في اللعب لاتعود عليه ولا على فريقه بالنفع بل قد يجني على فريقه ويكون السبب في خسارته فأغلب ضربات الجزاء التي نشاهدها ناتجة عن توتر اللاعب وضعف تركيزه والتصرف بحماقة والحل يكمن في حسن التصرف من قبل الأجهزة الادارية والفنية وحتى الطبية حيث تم اعادة تأهيل اللاعب المعروف عنه النرفزة وفلتان الأعصاب حتى لو لزم الأمر اعطاءه أدوية تساعد في كبح جماح غضبه ونرفزته الشديدة.

التهيئة سر النجاح
ما مدى تأثير الاعداد النفسي قبل المواجهات الهامة في أداء اللاعب؟
استطيع القول أن الفرق الكبيرة على المستوى العالمي والتي أخذت شهرة عالمية واحتراما دوليا هي فرق يتمتع لاعبوها بالهدوء النفسي والتركيز العالي والتحكم في الأعصاب ولاننسى الأداء الفني الجيد وبعض تلك الفرق يوجد لديها أخصائيون نفسيون يساعدون في تأهيل اللاعبين للمواجهات الحاسمة ولهذا فان التأهيل النفسي قبل المواجهات الهامة عامل مهم ويجب تفعيله.
هناك فروق فردية من الناحية الفنية بين اللاعبين وبين الفرق فكيف يمكن أن يتفوق الفريق الأقل حظوظا؟ وهل للتهيئة النفسية دور في ذلك؟
- نعم للتهيئة النفسية دور كبير في ذلك فالفريق عندما يتفانى ويأخذ المباراة بجدية ورغبة في الفوز فان ذلك ينعكس بالايجاب على الأداء داخل الملعب أثناء اللقاء فيما لاعبي الفريق الأكثر تفوقا فنيا وشهرة يقلل لاعبوه من شأن الفريق الأخر ويؤدون بدون حماس ولا روح ويخوض اللقاء وهو متأكد من الفوز فتكون النتيجة فوز الفريق الأقل حظوظا.

الحكم بشر
أصبح لدى اللاعب السعودي خصوصا في كرة القدم عدم ثقة في الحكم المحلي وربما نتج ذلك بسبب عدم ثقة ادارات الأندية في الحكم كيف يمكن تغيير تلك النظرة المجحفة بحق الحكم السعودي؟
- هذه نظرة خاطئة وفيها اجحاف بحق الحكم وأحيانا يكون الحكم هو الشماعة التي تعلق عليها الأخطاء لتبرير الخسارة فقط وابعاد الأنظار عن الأسباب الحقيقية وراء تلك الخسارة ويمكن تغيير تلك النظرة فمعرفة أمر مهم وهو أن مسئولية تقييم الحكم ليست من مسئولية اللاعب ولا المدرب ولا حتى المسئولين على الأندية فهناك من هو مسئول عن تقييم الحكم حتى الاعلام يجب أن لايهاجم الحكام.
الحكم ذاته كيف يمكننا اعادة الثقة بالنفس وبالذات اليه؟
- الحكم يظل بشرا يتأثر بالجمهور والاعلام والتعليقات التي تطلق على شخصه والحكم لدينا يحتاج الى تأهيل نفسي كما يحتاج للجراءة والشجاعة والثقة في مايتخذه من قرارات وعدم السماح لأي ضغوط جانبية للتأثير على قراراته مهما كانت.

كبوة وتجاوزناها
منتخبنا الوطني بصدد خوض غمار نهائيات كأس العالم للمرة الرابعة على التوالي كيف يمكن تهيئة نجومه لخوض المنافسة خصوصا عقب اخفاق مونديال 2002؟
- يكفينا فخرا أن منتخبنا الوطني المنتخب العربي الوحيد الذي وصل الى نهائيات كأس العالم أربع مرات متتالية فالأخضر يتطور ويتقدم ويحقق الانجازات تلو الأخرى ويجب أن ينسى الجميع ما حدث في مونديال 2002 سواء مسئولين أو لاعبين حتى الجمهور السعودي الوفي ويجب اعتبار ذلك المونديال مجرد تجربة ويجب الاستفادة مما حدث واعتباره زيادة في الخبرة ولم يكن فشلا على الاطلاق فلو قرأنا تاريخ كأس العالم لوجدنا أن هناك العديد من المنتخبات المرموقة تعرضت للاخفاق فهل كان ذلك نهاية المطاف وما حصل لمنتخبنا كان مجرد عثرة جواد ويجب أن نعي أن الأخضر قادر على تخطي الصعاب وأن نضع الثقة في نجومنا الذين لن يخيبوا الآمال.

المصاب بحاجة للتأهيل النفسي
اللاعب الذي يتعرض لاصابة قوية مادور الطب النفسي في مسألة اعادة تأهيله للعودة مجددا للملاعب؟
- بالطبع هناك ضغط نفسي على اللاعب المصاب كونه يرى نفسه بعيدا عن الأضواء والمنافسة واذا كأن اللاعب ضعيف من الناحية النفسية فانه يستسلم للاكتئاب والقلق والحزن مما يؤدي الى تأخر وتقييم عملية شفائه واعادة تأهيله ، وهذا اللاعب أكثر حاجة لتدخل الطب النفسي خلال فترة الاصابة من أي وقت أخر حتى يتم ابعاده عن الدخول في معمعة الاكتئاب.
هل للناحية النفسية دور بارز في عودة اللاعب للملاعب بالشكل المطلوب؟
- نعم فاللاعب المضطرب نفسيا يكون غير منظم في حياته وقد يمارس عادات سيئة وغير صحية وينتج عن ذلك عدم الانتظام في التدريبات والمعسكرات مما يسبب في تأرجح المستوى الفني وفقدان الأداء المطلوب.

توتر نفسي
عدم التركيز لدى بعض اللاعبين في المواجهات الهامة ما دور الأمور النفسية في ذلك؟
- عدم التركيز والتوهان ناتج عن التوتر النفسي الشديد والخوف من الخسارة وهذا يحتاج الى تقييم نفسي وعمل خطة علاج مناسبة لظروف كل لاعب.

المنشطات أساس كل داء
ما مدى تأثير المنشطات على اللاعب خصوصا من الناحية النفسية؟
- المنشطات سبب جميع الأمراض النفسية تؤدي أحيانا للوفاة هذا على مستوى الجسد أما من الناحية النفسية فانها تسبب تقلبات شديدة في المزاج ولخبطة في النوم وتوتر وحزن وخوف وقلق وشك في الآخرين بالاضافة الى العنف والقسوة والتغير في الشخصية وعدم التحكم في التصرفات والسلوك.

هدوء المسئول
نصيحتكم لمسئولي الأندية؟
- كل ما أود قوله لمسئولي الأندية عليهم أن يتحلوا بالثقة والهدوء في تعاملهم مع اللاعبين كون ذلك سينعكس ايجابيا على اللاعبين وعلى حالتهم النفسية مما يجعلهم يقدمون أفضل المستويات.

الثقة بالنفس
كلمة أخيرة.
-هناك حكمة نفسية تقول(أنت ما تعتقده عن نفسك) فاذا اعتقد اللاعب أنه صاحب كفاءة عالية ومهارة جيدة وموهبة كبيرة وصاحب أداء راقي وعالي فانه سيكون كذلك والعكس صحيح ، قال تعالى(ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) لذا فانني أرجو من أخي اللاعب أن يخرج من ذهنه وتفكيره شعور الانهزام وسيشعر بطاقة هائلة وثقة لاتوصف وأداء يثير اعجاب واحترام الآخرين.


أخبار مرتبطة