تاريخ النشر 24 اغسطس 2020     بواسطة الدكتورة الهام طلعت قطان     المشاهدات 1

د. إلهام قطان: لا قيمة للشكليات ما دام العقل خاليا

فكرياً للحديث معها نكهة مختلفة. فبعيداً عن العلم والدراسات، هي خبيرة في أمور اجتماعية كثيرة، وكلّما طرحت عليها سؤالاً تفاجئك بآخر يحمل من خبرتها وتطلّعاتها. الدكتورة إلهام بنت طلعت بن محمود قطان، باحثة في علم الفيروسات الممرضة والجزيئية وعضو هيئة التدريس في جامعة طيبة بالمدينة المنورة، حائزة
 شهادات عديدة وأوسمة وتكريمات في مجال الطب والدراسات والأبحاث. «نواعم» التقت بالدكتورة إلهام التي تحدّثت عن أمور عديدة منها آخر اللقاحات، واقع المرأة السعودية والعربية، ومواضيع أخرى، في الحوار الآتي:

 نرحّب بكِ الدكتورة إلهام بنت طلعت بن محمود قطان عبر «نواعم»، كيف تقيّمين تجربتك في عالم العلم  ودراسة الأمراض والفيروسات؟
 أشكر موقع «نواعم» المميز الذي أتاح لي الفرصة لكي أكون على لائحة الشخصيات التي يهتمّ بها. مررتُ بأيام شاقة وعصيبة وظروف سيئة، ولولا هذه الظروف لما استمتعت بهذا العلم ودراسته.

 هل ترين أنّ المرأة اليوم يمكنها أن تكون الأم، الزوجة، العاملة والعالمة كما سيّدة المجتمع؟ وهل التنسيق بين هذه الأمور الحياتية يسلب وهج أحدها؟
 نعم، من الممكن لها إذا تعاون الزوج والأسرة. فبالموازنة بين جميع المتطلبات والواجبات يمكن أن تكسب الكثير.  

من خلال تجربتك اليوم ودراساتك وتقييمك للواقع، ما هي أكثر الفيروسات والأمراض انتشاراً في العالم العربيّ؟
 هناك بعض الفيروسات توغلت في المجتمعات العربية لغياب الثقافة والوعي الصحي عند كثيرين. من أبرز هذه الفيروسات؛ حمى الضنك، فيروسات الكبد، الأنفلونزا على أنواعها التي هدّدت صحّة الإنسان عموماً.

 يُقال إنّ الوقاية خير من ألف علاج، كيف علينا الوقاية في يوميّاتنا من أن نصاب بأبسط أنواع الفيروسات؟
 الوعي والثقافة الصحية واتباع أبسط قواعد النظافة الشخصية  تحمي، لكنّنا في احتكاك دائم وتعايش مع الميكروبات، منها النافع ومنها ما يسبّب الأمراض، ولكن تختلف درجة احتكاك كلّ شخص بها. وبحسب درجة احتكاكه بها يتّخذ الوقاية واحتياطات الأمن والسلامة.

 32.6 مليون مصاب بمرض السكر في العالم العربي حسب آخر إحصائيات قرأناها؛ ماذا تقولين عن واقع هذا المرض في العالم العربي، وهل هناك من وسيلة للتخفيف من وطأة هذا المرض؟
إنّ مرض السكر مرض مزمن يصيب الفرد ويستمر معه طوال الحياة، ويحتاج إلى استمرارية العلاج والمتابعة الطبية، من الممكن التحكم به والتعايش معه، وهو ينقسم إلى قسمين:
الأوّل: مرض البول السكري المعتمد على الأنسولين وعادة ما يصيب الأطفال والبالغين ولكنه قد يصيب أيضاً كبار السن.
والنوع الثاني: المسمّى بمرض البول السكري غير المعتمد على الأنسولين وعادة ما يصيب كبار السن ونادراً ما يصيب الأطفال والبالغين.
التحليل المستمر من أهم الأركان في علاج مرض السكري وبذلك نستطيع أن نمنع حدوث مضاعفات.  

دائماً هناك لقاحات جديدة وهناك تجارب أيضاً، ما هو آخر لقاح تم التوصل إليه؟
-هناك توصيات باستخدام لقاحات كانت تستخدم لبعض الفيروسات أثبتت فعاليتها على أنواع أخرى منها مثل لقاح التشكل الرباعي HPV4  للذكور ما بين 11 إلى 22 عاماً المصابين بفيروس الورم الحليمي البشريHPV  الذي يسبّب سرطان عنق الرحم. يعمل الباحثون أيضاً على استحداث لقاح ضد فيروس الإيدز HIV وبعض فيروسات الكبد (سي HCV وإي HEV) لعلّهم بذلك يصلون إلى نجاح يضمن المناعة ضد هذه الفيروسات. 

هل تؤمنين بأنّ هناك علاجات شافية طبيعيّة، أم لا بد من التركيبات الكيميائيّة للعلاجات؟
 طبعاً هناك ولكن لا أستطيع الجزم أو التعميم فأنا لم أجرّب العلاجات الطبيعية وإن كنت قد تطرّقت في بعض أبحاثي لبعض النباتات التي قيل إنّها تعالج فيروس الكبد سي HCV ولم تتأكد الأبحاث فيها قط. قد تُستخرج من الطبيعة مركبات ذات أهمية علاجية تضاف لها بعض المركبات الكميائيه لتحفز وتنشط عملها أو طبيعتها العلاجية.

 لكونك امرأة سعوديّة عاشت في الخارج وعملت هناك أيضاً، كيف وجدتِ نظرة الغرب إلى السعوديات؟
 إن المجتمع الغربي مجتمع مثقف يحترم عادات وتقاليد كل المجتمعات ولكنّنا يجب أن نعمل على تضيق الفجوة الإعلامية لإحداث تغيير شامل للنظرة الغربية لمجتمعنا العربي عموماً. وأعتقد أن هناك تقدماً واضحاً وملحوظاً حيث تتعاقد القنوات الفضائية العربية مع القنوات الغربية ولكن ما نحتاج إليه فعلاً هو الفكر والثقافة والمعرفة المتبادلة بيننا فهو أيسر لمعنى كلمة الاندماج الحضاري الذي يستلزم منا وجود طاقات فكرية وخطط عملية مدروسة لتحويل نظرتهم وفكرهم إلى الانطباع الإيجابي الذي من وجهة نظري قد بدأ بالتغيّر في الآونة الأخيرة.

 إلامَ تطمح الدكتورة إلهام بعد كلّ هذه الإنجازات والدراسات والتكريمات؟
 رغم كلّ الإنجازات والتكريمات، لم أصل إلى شيء بعد. لا أزال في أول الطريق وطموحي صعب أن أتحدث عنه ولكنّني أسأل الله التوفيق.  

عندما نتحدّث عن امرأة في مجال الطب والعلوم نتّجه أكثر إلى التعليم في هذا المجال، خضت التجربة التطبيقية، الإدارية والنظرية، إلى أي مجال أنتِ أقرب؟
 أحب العمل المتميّز الذي يتيح لي أن أمارس رؤيتي، ولكنّني الآن أركّز أكثر في مجال الأبحاث والعمل التطوعي، كما إيجاد الأفكار والمقترحات لبناء مجتمع سليم.

 كيف تقيّمين واقع السعوديات والعربيات المثقفات اللواتي دخلن مجالات متعددة ليثبتن أنّهن على قدر المسؤولية؟
 ها أنت ذا تجيب عن سؤالك، فهنّ أثبتن والحمد لله بما لا يدع مجالاً للشك أنهنّ على قدر كبير من المسؤولية والثقة والدقة والتميّز بما أثار دهشة الجميع والدليل سؤالك عزيزي.

 ماذا تتوقّعين للمرأة السعودية في العقد المقبل من الزمن؟
 قبل أن أتحدث عن ماذا أتوقع لها يجب أن أشير إلى أن المرأة في بلدي تسعى جاهدة لبناء جيل ذي ثقافة ووعي حضاري وديني وأخلاقي وأتطلع إليها رائدة. إن ترسيخ قواعد الدولة مع إضفاء الحرية الفكرية والاستقرار الذي أوجده الملك عبد الله أضاف تحولاً جذرياً في تاريخ المرأة ولا أحد يستطيع أن يقول إنه تجاهلها بل على العكس تماماً، لأنه وفّر لها التعليم والحرية في إطار الثقافة العربية والإسلامية.
هل الاختلاط بين الموظفين الذكور والإناث في المكاتب والمصانع والمستشفيات وما إلى ذلك سوف يجعلنا نشعر بالحرية؟ ما الفرق بين أن أرتدي حجابي، وأسدل الغطاء على وجهي أو أرفعه؟ كل هذه شكليّات لا قيمة لها ما دام عقلي خالياً فكرياً.
أعتقد أننا يجب أن نسعى جاهدين للاهتمام  بالجوهر والعمل من أجل الحرية الفكرية وفقاً لمعتقداتنا الدينية ووفقاً لثقافتنا الاجتماعية، وليس خضوعاً لتقاليد قاسية لا مبرّر لها. 

كيف توظّفين طاقاتك وخبراتك في خدمة المجتمع النسائي؟ وفي خدمة الوطن؟
 أي مجال يتيح لي فرصة توظيف خبرتي ورؤيتي وطاقتي للعمل في خدمة المجتمع والوطن، لا أتأخر عنه، وبدون أي مقابل، هذا واجب وحب وهواية.

 ماذا تخبرنا الدكتورة إلهام عن المنشورات الطبية في العالم العربي، وإلى أي مدى تحمل معلومات صحيحة وأخرى مغلوطة؟
 عالمنا العربي مليء بالعمل والأبحاث والباحثين المغمورين والمنشورات قد يحتمل بعضها الخطأ ولكن أعتقد أن الجزء الأكبر منها هو صحيح ولكنّها لا ترقى إلى المستوى العالمي.

 ما هو الدور الذي تضطلع به المرأة العالمة في التنمية الاجتماعية؟
 هناك فرق كبير عندما أذكر المرأة العالمة في العالم أو في العالم العربي؛ فالمرأة العربية سواء أكانت عالمة أم عاملة هي تقريباً مهمّشة. ومع هذا فقد أثبتت وجودها وغرست فكرها التنموي في المجتمع الذي سوف تتشكل حضارته الجديدة في السنوات المقبلة، وأقصد بهذا أن المجتمع العربي سوف تتجه فيه التنمية الاجتماعية وتتحور إيجابياً لتأخذ منحى مغايراً لما هو عليه الآن.

 إلى كم يحتاج العلماء العرب من الوقت للحاق بالغرب وباكتشافاته على الصعيد الطبي؟
 علماؤنا يفوقون علماء الغرب علماً ومعرفة وأخلاقاً، ولكنّ الفرص معدومة والدعم غير موجود. ومن هنا هجرة العقول والمفكرين الذين سرعان ما يلمعون في الخارج، ثم يتلقّون دعوة من بلادهم للعودة وتوظيف أفكارهم. 

هل سنصل يوماً إلى إيجاد أدوية من المرض نفسه لشفائه؟
 العمل الجاد من الباحثين والدعم للأبحاث وصرف الأموال. نعم سوف نتمكن يوماً ما من التغلب على الأمراض، ليس كلها ولكن لنقل جزء منها.

 كلمة أخيرة لـ«نواعم»
 أبارك للموقع وانطلاقته، كما بحلول السنة الجديدة. أحيّي عزمكم للوصول إلى صدارة المواقع الإلكترونيّة، وأخيراً اسمح لي أن آتي بعبارة قالها البروفيسور مارشال غولدسميث: "إن القادة الحقيقيّين والناجحين الحقيقيّين ليسوا أولئك القادرين على الإشارة إلى مواضع الخلل، فأي إنسان تقريباً يمكنه القيام بذلك، القادة الحقيقيّون هم أولئك القادرون على إصلاح الخلل بخلق القدوة لا بالإشارة".


أخبار مرتبطة