تاريخ النشر 15 سبتمبر 2020     بواسطة البروفيسور سمير محمد علي عباس     المشاهدات 1

الصوم.. أساس العلاج في مصحّات عالمية

قال تعالى: «وأن تصوموا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون» (سورة البقرة الآية: 184). وصيام شهر رمضان من كل عام أحد أركان الإسلام وهو فرض بالإجماع وما عداه إمّا واجب مثل صوم القضاء أو النذر أو الكفارة. وإمّا تطوع ويشمل المسنّين المؤكد والمستحب والنفل المطلق. الإعجاز العلمي في الصيام وآياته كشفت عنه البحو
ث العلمية الآن، حيث أثبتت الدراسات الطبية أن أخطر ما يصيب الإنسان في حياته هو إسرافه في طعامه.
وأنه مهما حدد واختصر كمياته فإنه يزيد على حاجته يقيناً.. الأمر الذي لابد أن يصيب الإنسان بالمرض، بداية من إرهاق أجهزة الهضم.. إلى زيادة المجهود على القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم.. والإصابة بالبؤرات الصديدية، ثم زيادة الوزن التي قد يصاحبها مرض السكر.. وأنه لا سبيل إلى الوقاية من هذه الأمراض وعلاجها إلاّ بمنع أسبابها وذلك بفرض الجوع المؤقت على الجسم، بحيث تتحرك الأجهزة الداخلية نحو استهلاك الخلايا الضعيفة لمواجهة الجوع، ثم يعود الجسم ليبني بعد ذلك الخلايا السلمية القوية.

يقول محمد كامل عبدالصمد في كتابه «الإعجاز العلمي في الإسلام»: «الدراسات العلمية في الغرب والشرق.. تؤكد أن الصوم وقاية، وعلاج من أخطر أمراض العصر، فضلاً عنه أنه يجدد الأنسجة، ويؤدي إلى تآكل المواد الضارة الزائدة على حاجة الجسم»،
كما أن الصيام يمنح المعدة والأمعاء فرصة أن تظل خالية من أي طعام.. وبهذا تهدأ حركات وإفرازات المعدة والأمعاء، ويمكن أن تكون هذه هي الفرصة الملائمة التي تشفى فيها القروح والجروح بالأغشية المخاطية.. وأيضاً يتوقف الامتصاص من الأمعاء، فلا تصل إلى الكبد أحماض أمينية أو جلوكوز أو أملاح.
وعلى هذا فإن الخلايا الكبدية لا تستطيع أن تقوم بتكوين مركبات جليكوجين أو بروتينات أو كوليسترول لعدم وصول مكونات هذه المركبات.. وذلك نتيجة لخلو الأمعاء من أي طعام وبالتالي توقف الامتصاص، وكذلك يتيح الصيام الفرصة للخلايا الكبدية للتخلص مما قد يكون ترسب في داخلها من دهنيات.

وثبت كما يقول الدكتور عبدالرزاق نوفل في «علم وبيان من آيات القرآن» أن الصيام يفيد في علاج مرضى السكر، حيث تبين أن معدل السكر في الدم ينخفض أثناء الصيام، وفي أمريكا تمخضت الأبحاث العلمية عن قدرة الصوم على الوقاية ومعالجة المرء من مرض السكر، وفي ألمانيا أقيمت دور للصحة والعلاج، تفرض الصوم على المرضى، حيث يصوم النزيل لفترة تزيد على عشر ساعات، وتقل عن العشرين ساعة يومياً.. ثم يتناول وجبات خفيفة جداً، ويطبق هذا النظام لمدد متتابعة ومتوالية لا تقل عن ثلاثة أسابيع، ولا تزيد على أربعة.. أي بما يتماشى تماماً مع نظام الصوم الإسلامي.
وجاء في مجلة «الأغذية» الروسية أن البروفيسور «نيكولايف ونيلوف» جزم في كتابه «الجوع من أجل الصحة» بأنه لكي يتمتع كل مواطن في المدن الكبرى بالصحة يجب عليه تخليص الجسم من النفايات والمواد السامة بأن يقوم وبصفة دورية بالامتناع التام عن الطعام لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع ولا تزيد على أربعة.
وأساس العلاج في المصحات العالمية كمصحة الدكتور هنريج لاهمان في سكسونيا هو التخلص من الفضلات الزائدة على حاجة الجسم والتي ترهق الأعضاء على اختلافها، وإتاحة الفرصة للأعضاء الهاضمة المرهقة من الأطعمة لأن تستريح قليلاً..
ويكون في ذلك غالباً الشفاء من اضطراب الهضم والبدانة، وأمراض القلب وغيرها.

فوائد بالجملة
ويقرر الطب الحديث أن الصيام يفيد المصابين بأمراض جلدية حيث إن الامتناع عن الغذاء والشراب مدة ما يقلل من الماء في الجسم والدم.. وهذا بدوره يدعو إلى قلّته في الجلد، وحينئذ تزداد مقاومة الجلد للأمراض المعدية والميكروبية، حيث إن قلة الماء في الجلد تقلل من حدة الأمراض الجلدية الالتهابية الحادة والمنتشرة بمساحات كبيرة في الجسم.
كما أن الصيام يؤدي إلى نقص المواد الدهنية وبالتالي إلى نقص مادة «الكوليسترول» وهي مادة تترسب على جدار الشرايين، وتسبب تصلبها.. كما تسبب تجلط الدم في شرايين القلب والمخ.. وهكذا فإن الصيام يفيد القلب ويساعد على التخلص من السمنة فهبوط كمية الدهن والشحم الموجودة حول القلب تجعله يعمل بنشاط أكثر.

وثبت علمياً أن الصيام له قدرة عجيبة على إزالة أورام صغيرة في أول تكونها.. ويمنع تكوين الحصوات والرواسب الجيرية، إذ يحللها أولاً بأول.. وفي ذلك يقول الدكتور «روبرت بارتولو»:«لا شك في أن الصوم من الوسائل الفعالة في التخلص من الميكروبات وبينها ميكروب الزهري. لما يتضمنه من إتلاف للخلايا، ثم إعادة بنائها من جديد». كما يذهب الدكتور «بيلر شرنبر» إلى أن الصوم لشهر واحد في السنة هو أساس الحياة والشباب، فضلاً عن الفوائد النفسية التي تقي المرء من كثير من الأمراض العضوية.. فالصوم خير في مجموعه.

الشوارد الحرة
ومن جهة أخرى يقول محمد كامل عبدالصمد: «إن الدراسات الحديثة أثبتت أن الإسراف في تناول الطعام يرتبط ارتباطاً مباشراً بزحف أعراض الشيخوخة على الإنسان في مرحلة مبكرة من العمر.. فقد تبين أن احتراق الغذاء يتولد عنه ما يعرف علمياً ب «الشوارد الحرة»، وهي ذرات أحادية من الأكسجين تشبه إلى حد كبير عادم السيارات الناتج عن استهلاك الوقود.. وهذه النظرية العلمية التي تفسر أسباب الشيخوخة المبكرة، جاءت في دراسة أجراها فريق من باحثي كلية طب جامعة «نبراسكا» الأمريكية وقد أوضحت أن زيادة كميات الطعام تعني زيادة إنتاج هذه «الشوارد الحرة» في الجسم الإنسان.

وجدير بالإشارة أنه بعد إجراء سلسلة من التجارب على بعض الحيوانات الشبيهة بالإنسان، تبين أن هناك علاقة طردية بين نسبة «الشوارد الحرة» في جسم الحيوان وأعراض الشيخوخة، فكلما زادت «الشوارد الحرة» كانت أعراض الشيخوخة أسرع زحفاً وأكثر وضوحاً.
كما أظهرت تلك الدراسات أن تناول البروتينات الحيوانية بمعدلات زائدة على حاجة الجسم، أدى إلى إنقاص أعمار حيوانات التجارب بنسبة 10٪، وذلك لأن الأحماض الأمينية الموجودة في البروتينات الحيوانية سهلة الأكسدة، وبالتالي تزيد نسبة ذرات الأكسجين الأحادية - أي الشوارد الحرة - الناتجة عنها، والتي تنطلق داخل خلايا الجسم وتؤدي دوراً كبيراً في إضعافها وتدمير حيويتها، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى شيخوختها ومن ناحية أخرى تبين أن البروتينات النباتية ليست سهلة الأكسدة، ولهذا فهي أكثر فائدة للجسم من البروتينات الحيوانية.
وأيضاً كشفت البحوث العلمية الحديثة أن الامتناع عن الطعام يعد في حد ذاته فرصة طبيعية لراحة الأنسجة المخاطية للفم من تلقي المفرزات الهاضمة التي تطلقها الغدد الهاضمة، مثل الغدة الصفراء، والغدة اللعابية الفمية. وأن الصيام يعطي الفرصة الكافية لبعض الخمائر الموجودة ضمن المفرزات اللعابية داخل الفم للقضاء على الجراثيم التي ستحدث - فيما لو تركت - بعض أمراض اللثة الخطرة، مثل: داء تخلخل الأسنان.

كما أن الامتناع عن تناول الطعام لفترة من الزمن يعطي فرصة كافية لأنسجة الفم الرخوة لكي ترمم نفسها جيداً، بعيداً عن الحوامض التي ينتجها الطعام في الفم وذلك بعد أن تكون هذه الأنسجة قد «تخربشت» أو جرحت بتأثير بعض الأطعمة الخشنة.
كذلك فإن الصيام يعد فرصة جيدة لفوهات أقنية الغدد اللعابية داخل الفم والتي تقدر بالملايين، لكي تأخذ راحة واستجماماً من عملها الدائب.
ويعد الصيام أيضاً فرصة طيبة تتيح للمدخن التخلص من رائحة فمه المزعجة، فضلاً عن توفير الجهد على أجهزة تنظيف الفم الغريزية وارتياح الأنسجة اللينة في باطن الفم واللسان من امتصاص كميات من القطران، وبالتالي تجنب الإصابات السرطانية الرئوية والفمية الناتجة عن القطران المترسب على اللثة وفي قاع الفم، وما بين الأسنان، وأخيراً أوضحت دراسة علمية أن صيام شهر رمضان يزيد من قدرة الرجال على الإخصاب حيث أكدت دراسة أجراها الدكتور سمير عباس أستاذ العقم والمستشار الفني لمركز أطفال الأنابيب بجدة، أن عدد الحيوانات المنوية والهرمونات لدى الرجال الذين يعانون من الضعف، تزداد وتقوى نتيجة لصيام شهر رمضان المبارك.


أخبار مرتبطة