تاريخ النشر 17 أكتوبر 2020     بواسطة البروفيسور سلوى عبدالله الهزاع     المشاهدات 1

سلوى الهزاع.. طبيبة القارات الخمس

للعيون حكاياتها في الذاكرة العربية منذ القدم إذ لا تكاد أن تمر كلمة (عين) على مسامعنا حتى يتراءى لنا جرير- بما قيل أنه أجمل ما كُتب في الغزل- (إن العيون التي في طرفها حور)، ومنذ جرير لم يرتبط في ذاكرتي شيئاً بالكلمة سوى الدكتورة سلوى الهزاع، وقد تكون المسافة بين النظرة العلمية والأدبية شاسعة جد
اً، فإبن الصحراء يرى في العيون سيوف وغارات وعزاوي، وإبن البحر يرى في سواحلها الغرق، والعاشق يرى فيها النقيضين التيه والوطن، أما من الناحية العلمية فعشقت طبيبتنا العيون لأنها رأت فيها الباطنة والجراحة في مكان واحد، قد نقول أن العين في ذاكرتنا الأدبية والفنية هي نظرتنا نحن لعين الآخر، أي تأثيرها، فيما الطب يتسائل كيف ترى العين نفسها الأشياء؟
وعندما يبدأ النظر يشاكس صاحبه ويخادعه كما يفعل معي فإنه من الطبيعي أن ينصرف ذهني عن مناقشة جماليات قصيدة جرير، ويفكر تلقائياً بالدكتورة سلوى الهزاع، تقريباً نفس الحدث – وإن كان بصيغة أخرى- الذي تتذكره سلوى و شكّل المنعطف الأهم، فعندما عادت مع شقيقاتها الخمس من الولايات المتحدة بمعية والديها في يوم عادي كما يبدو، لكن كلمات صديق والديها الذي استقبلهم في ذلك اليوم بالمطار وكلمات عفوية : ( لو كانوا بناتك أولاد لصار لهم شأن في المجتمع )، كلمات عادية ربما لو لم تتقبلها الشابة بشكل مغاير، أشعلت تلك الكلمات جذوة التحدي لتثبت أنها هي (البنت) قادرة على أن تسهم في بناء بلدها وإنسان وطنها، ولرغبة الأب ألا تبتعد عنه بناته تنازلت سلوى عن حلمها بتخصص آخر واختارت طب وجراحة العيون، بعد التخرج وفي تلك الحقبة كان عمل المرأة يثير الريبة، والكثير من الأسئلة الشائكة، فكانت الأسرة تتحاشى الجهر بمهنة الإبنة خوفاً من سلطة المجتمع الرافضة آنذاك، لكن الطموح لا ينتهى، والتيسير يأتي في غفلة ليحقق لك طموحك، فالقدر يعيد سلوى إلى الولايات المتحدة مرة أخرى، وبصحبة زوجها هذه المرة، هناك تكرّس حياتها لمواصلة تحصيلها العلمي بجهدٍ لا يعرف الكلل وتحصل على عدد من الزمالات في تخصصها، لتعود مجددا لوطنها وتحقق عدداً من الأولويات التي توازي تفردها، فأصبحت أستاذة طب وجراحة العيون وأول طبيبة سعودية تحصل على جائزة أفضل بحث علمي من الجمعية السعودية لأمراض العيون، وجائزة أفضل امرأة عربية في مجال الطب والخدمات المجتمعية لعام 2005 من مركز دراسات المرأة العربية في باريس، كما نشرت طبيبة العيون السعودية ما يقرب من 63 ورقة بحثية دولية، كما أنها عضوة في 16 جمعية محلية وعالمية، وحازت على لقب “طبيبة القارات الخمس” من المجلس العالمي للعيون، وفي عام 2010 نالت ميدالية المجلس الدولي لطب العيون، كما اختارتها مجلة فوربس العالمية كأشهر امرأة عربية بعام 2006، وكانت ضمن قائمة أقوى النساء العربيات تأثيرا لعام 2005، وفي عام 1997 رشحتها قائمة ماركيز لتكون ضمن أكثر 14 شخصية مؤثرة حول العالم.
وليس أسمها بخافٍ على الجميع، وسرد إنجازاتها لا يخفى، لكننا هنا فقط أحببنا أن نشكرها على طريقتنا كرائدة سعودية..


أخبار مرتبطة