تاريخ النشر 4 مارس 2021     بواسطة الدكتورة عفاف علوي بافقيه     المشاهدات 1

المشاكل الكلوية الخلقية عند الجنين

الجهاز الكلوي هو المنظم الرئيس لحجم السوائل وتركيز الشوارد ودرجة الحموضة (PH) في الجسم، وتبدأ الكلى بالنمو خلال الشهر الأول من حياة الجنين، وقد تتعرض للعديد من المشاكل في أثناء نمو الجنين، هذه المشاكل يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات بعد الولادة، لكن التشخيص السليم والمبكر لها يمكن أن يقلل من خطر تلك
المضاعفات.

ما أهم المشاكل الكلوية الخلقية عند الجنين؟
تشمل مشاكل الكلى التي يمكن أن تحدث في أثناء نمو الجنين التشوهات التشريحية الخلقية وخلل التنسج الكلوي. تحدث التشوهات الولادية في الكلية أكثر من أي عضو آخر في الجسم، وبعضها يكون غير عرضي ولا يسبب أي مشاكل صحية ولا يكتشف إلا عن طريق المصادفة، وبعضها الآخر يؤدي لاضطرابات خطيرة قد تكون مهددة للحياة، وأهم التشوهات:

غياب الكلى الخلقي: يؤدي عدم تشكل الكلى ثنائي الجانب إلى متلازمة بوتر، وفيها يترافق عدم التخلق الكلوي مع تشوهات هيكلية في الوجه والأطراف، ويولد الأطفال المصابون ميتين (مليص) أو يموتون خلال فترة قصيرة بعد الولادة.

الكلية الوحيدة: في هذه الحالة يكون هناك عدم تخلق لإحدى الكليتين، ويولد طفل واحد من أصل كل 500 تقريبًا ولديه كلية وحيدة، وتكشف هذه الحالة بالمصادفة، ورغم أنها عادة ما تتوافق مع الحياة الطبيعية فإنها غالبًا ما تترافق مع تشوهات أخرى، كما تزداد احتمالية الإصابة بالإنتان والحصيات في الكلية الوحيدة، لذلك يجب مراقبتها بشكل دوري.

تعدد الكلى: قد توجد كلية ثالثة في حالات نادرة جدًا، وغالبًا ما تكون الكلية الإضافية ضامرة وغير وظيفية، ولا تحتاج لأي علاجات إلا إذا سببت اضطرابات مرضية.

نقص تصنع الكلية: في هذه الحالة تكون الكلية صغيرة الحجم وناقصة الوظيفة، وعادة ما تكون غير عرضية لذلك لا تحتاج إلى أي تداخل، ولكن إذا سببت إنتانات متكررة أو ارتفاع توتر شرياني معند على العلاج الدوائي فإن استئصالها يصبح مستطبًا بشرط كون الكلية الثانية طبيعية، وتحدث هذه الحالة عند تعاطي الحامل الكحول أو الكوكائين.

كلية نعل الفرس: في هذه الحالة يكون هناك التحام بين القطبين السفليين للكليتين، ويولد طفل واحد من أصل كل 1000 تقريبًا ولديه كلية نعل الفرس، وفي أغلب الحالات تكون الحالة غير عرضية، لكنها قد تسبب انسدادًا حالبيًا في بعض الأحيان، كما يزداد احتمال الإنتان والحصيات الكلوية.

الكلية الهاجرة التي تكون في غير مكانها الطبيعي: تكون الكلية الهاجرة عادة أسفل مكانها الطبيعي، ويتركز معظمها في الحوض، ويعود ذلك لعدم صعودها في الحياة الجنينية، وتكون الكليتان الهاجرتان قريبتين من بعضهما وقد تكونان ملتصقتين على شكل الكعكة، وفي حالات نادرة قد تكونان موجودتين في جهة واحدة.

الدوران غير الطبيعي للكلية: تقوم الكلى في الحياة الجنينية بالصعود من أسفل البطن نحو الأعلى مع دورانها لتصبح سرتها نحو الداخل، قد يحدث فشل الكلية بالدوران فتبقى سرتها نحو الأمام، وقد يحدث سوء دوران فتدور نحو الخارج بدل دورانها نحو الداخل وتصبح سرة الكلية متجهة نحو الخارج، وربما حدث دوران زائد للكلية فتصبح سرتها متجهة نحو الخلف، وعادة ما يترافق سوء دوران الكلية مع الكلية الهاجرة.

انسداد أو تضيق الوصل الحويضي الحالبي: هو أشيع سبب للاستسقاء الكلوي عند الأطفال، حيث يؤدي هذا الانسداد أو التضيق لارتفاع الضغط داخل الحويضة الكلوية فيحدث توسع في الحويضة والكؤيسات، ويسبب التخريب التدريجي للنسيج الكلوي، وتكون الحالة ثنائية الجانب في 20% من الحالات، وقد تكشف عند الجنين في أثناء مراقبة الحمل، أو تكشف عند الرضيع في أثناء الاستقصاء عن سبب وجود كتلة بطنية مجسوسة.

تضاعف الحالب التام أو الجزئي: يقصد بهذه الحالة تضاعف الحويضة والجزء البطني للحالب بحيث يخرج حالبان من كلية واحدة، ويمكن لكل حالب منهما أن يصب بشكل منفصل في المثانة، أو أنهما يلتقيان ليشكلا حالبًا واحدًا ثم يصب في المثانة، وتشاهد هذه الحالة عند 1% من المواليد، وهو تشوه سليم لا يسبب أي أعراض ولا يحتاج إلى أي علاج.

الكلية إسفنجية اللب: تتميز بوجود توسع في الأنابيب الكلوية، وتترافق بمعدل إنتان وحصيات كلوية أكثر من الطبيعي.

التكيس الكلوي و داء الكلية عديدة الكيسات: تعتبر الكلية عديدة الكيسات أشيع خلل تنسج يصيب الكلية، وأحد أشيع سببين للكتل الكلوية عند الجنين (إلى جانب الاستسقاء الكلوي)، وتتكون الكلية في هذه الحالة من كيسات عديدة غير متصلة ببعضها ومملوءة بالسائل، وتكون الكليتان المصابتان بالتكيس الكلوي غير وظيفيتين، لكن هذه الحالة فعليًا تكون أحادية الجانب، وتشفى معظم الحالات عفويًا.

أما داء الكلية عديدة الكيسات فهو مرض وراثي له نمط طفلي متنحٍّ ونمط كهلي سائد، في النمط الطفلي تكتشف الحالة في أثناء تقييم كتلة كلوية مجسوسة في البطن عند الرضيع، ويموت الرضع المصابون خلال أسابيع من الولادة، أما النمط الكهلي فيكشف في مرحلة الكهولة حيث تكون الكيسات كبيرة جدًا ويتطور في النهاية إلى قصور كلوي ويكون زرع الكلية خيارًا علاجيًا جيدًا.

الاستسقاء الكلوي: يقصد به تضخم الكلية نتيجة الانسداد الذي يسبب عودة البول إليها، ما يؤدي إلى توسعها وظهورها بحجم أكبر من الطبيعي، وهو أشيع سبب للكتل الكلوية عند الجنين، ويعتبر تضيق أو انسداد الوصل الحويضي الحالبي والتكيس الكلوي أشيع أسباب الاستسقاء الكلوي، ويقسم الاستسقاء الكلوي إلى خمس درجات، تشير الدرجة صفر إلى عدم وجود أي استسقاء، بينما تشير الدرجة الرابعة إلى الحالة الشديدة، و في حال الكشف عن إصابة الجنين باستسقاء الكلية ينبغي على الأم مراجعة طبيب المسالك البولية للأطفال بين فترتي 20- 30 أسبوعًا من الحمل لمراقبة حالة الجنين، ومن المُمكن أن تختفي الحالة قبل الولادة أو في الأشهر القليلة الأولى بعد الولادة، فلا تستلزم الكثير من حالات الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة إلى علاج، أما في الدرجة الرابعة فقد يتم إجراء عملية جراحية لتصحيح الخلل، الأمر الذي غالبًا ما يكون كافيًا لحل المشكلة.

كيف تُشخّص المشاكل الكلوية عند الجنين؟
تُشخّص معظم الاضطرابات الكلوية عند الجنين قبل الولادة بالمصادفة عن طريق التصوير الشعاعي، حيث يمكن لاختصاصي الأشعة تصوير كليتي الجنين في الأسبوع الـ14 أو الـ15 من التطور، و في الأسبوع الـ20 يستطيع اختصاصي التصوير الفوتوغرافي رؤية الهياكل الداخلية للكلية، كما أن الموجات فوق الصوتية تساعد الأطباء على تشخيص حالات تشوه وخلل التنسج الكلوي.

كما يمكن أن يتأخر تشخيص بعض الحالات إلى ما بعد الولادة، حيث يلجأ لإجراء التصوير بالموجات فوق الصوتية أو الطبقي المحوري (CT scan).

هل تحتاج المشاكل الكلوية الخلقية إلى علاج؟
معظم التشوهات الكلوية غير عرضية وتكشف بالمصادفة ولا تحتاج إلى أي علاج، وفي بعض الحالات قد تحدث مضاعفات تحتاج للعلاج الدوائي (إنتان، حصيات، ارتفاع توتر شرياني،…)، كما تحتاج بعض الحالات الخاصة للعلاج الجراحي (الاستسقاء الكلوي الشديد، نقص تصنع الكلية، انسداد أو تضيق الوصل الحويضي الحالبي، داء الكلية عديدة الكيسات).


أخبار مرتبطة