تاريخ النشر 3 ابريل 2013     بواسطة الدكتور علي محمد زائري     المشاهدات 201

شائعات «الفتنة» أخطر من «التخويف»..!

يختلقها «حسود» وينشرها «حاقد» ويصدقها «جاهل» نقل الشائعات أصبح طريقة البعض في كسب الأشخاص والتقرب منهم نقل الشائعات أصبح طريقة البعض في كسب الأشخاص والتقرب منهم تتنقل "أم سليمان" بين جاراتها حاملةً حكايات متنوعة عن باقي الجارات الساكنات في الحي، وتحديداً خلال اجتماعهم الأسبوعي، فهذه جارتها "س

لاتتحدث في اعراض الناس

المرأة أكثر نقلاً

د.ناصر العود

د.علي زائري

أحمد البار

لمى" اكتشفت بالصدفة خيانة زوجها لها، ولذلك علت أصواتهم مساء ليلة الأمس، فيما لا تنتهي مشاكل الجارة "وفاء" مع حماتها التي تسكن معها، وذلك بسبب تدخلاتها المستمرة في حياتهم، وأمّا الجارة "أم إبراهيم" فهي تحاول إخفاء خبر انتقالهم لمسكنٍ جديد خوفاً من الحسد!.
ولا يخلو حديث "أم سليمان" من بعض الأسرار، والشائعات، وتلفيق الحكايات؛ مما جعلها نشرة أخبار متنقلة يستطيع كل من يريد أن ينشر معلومة عن أحد، فكل ما عليه الاتصال عليها وإعطاؤها "طرف الخيط"، لتكمل هي حبكة القصة، ومن ثم تسردها بعد إضافة "التوابل" عليها، والتي تجعل من الشائعات طبقاً مميزاً لكل مجلس نسائي.
لا تتحدث في «أعراض الناس» ولا تتدخل  في خصوصياتهم ولا تنقل ما يجرح كرامتهم
إضافة "رتوش"
وقد اضطر أحدهم لتطليق زوجته بعد أن أصبحت تشكل مصدر إزعاج لأسرته، حيث تتربص بهم، وتنقل أخبارهم بعد أن تضيف عليها بعض "الرتوش" التي تسيئ لأصحابها، حتى تضمن أن تضعهم في حرج أمام الآخرين، وذلك عندما تلوث سمعتهم بحكايات عن أبناء الأسرة، فهذه الابنة الصغرى على علاقة بأحد أبناء عمومتها، والشاب يمارس هواية صيد الفتيات في الأسواق، ويقع معهن في غراميات تفوح رائحتها، وعندما تم معرفة مصدر هذه المعلومات لم يكن هناك حلاً سوى أن قرر الزوج تطليق زوجته، وجنت ثمرة نشرها الشائعات.
تعليق الدراسة
وذكرت "إلهام خليل" أنّ الشائعات تكثر عادةً خلال موسم الأمطار، حيث يتم تداول أخبار حول تعليق الدراسة أو إلغائها؛ خوفاً من حدوث الكوارث الطبيعية، والجميع يتناقل مثل تلك الأخبار، وساهمت مواقع التواصل الإجتماعي والأجهزة في انتشار هذه الأخبار بين الطلبة والطالبات.
واعترف "عرفان الحمد" أنّ مجالس الرجال تشهد الكثير من الأحاديث التي تلوك أعراض الأسر، مضيفاً:"من المؤسف أنّها حكايات تؤثر على مستقبل العائلة، وقد تتسب في عزوف الكثير من الشباب عن الارتباط بفتيات هذه العوائل، والعكس كذلك، إذ يمكن أن يرفض البعض اقتران أحدهم بكريمته عطفاً على ما يتم تداوله من شائعات عنه"، ملقياً باللوم على كل مستمع لتلك الحكايات، معتبراً ذلك بوابة للدخول في المفاسد التي نهي عنها الدين الإسلامي.
أنواع الشائعات
وقال "د.علي زائري" - استشاري الطب النفسي - أنّ الشائعات انطلقت من بداية خلق الإنسان، لافتاً إلى أنّ الشائعة عبارة عن نوع من التواصل الاجتماعي غير الرسمي لنقل المعلومات، وقد تحتوى على الخرافات والاعتقادات الخاطئة، مبيّناً أنّ للشائعات أنواع منها: شائعات الرغبات التي تعكس رغبات الجمهور وأمنياتهم وتحقيق طموحاتهم، مثل ما يتردد (يقولون إن الحكومه بتصرف إعاناة جديده للناس)، بالإضافة إلى شائعات الخوف، وتعكس مخاوف الناس وخوفهم من نتائج أو كوراث معينة، مثلاً أن يردد البعض ( يقولون إن الشركة راح تفصل أغلب الموظفين بسبب الحالة المادية)، إلى جانب شائعات الفتنة، التي يقصد بها السيطرة أو التخلص من أشخاص أو مجموعات بقصد الانتصار عليهم.
أصمت ولا تتحدث في أعراض الناس أو تنقل عنهم كلاماً غير صحيح
غياب المصدر
وأضاف "د.زائري" أنّ الشائعات تتكاثر عند غياب مصدر موثوق للمعلومات، أو تضارب في مصادر المعلومات بين الجهات الرسمية، أو فقدان ثقة الناس في مصدر معلوماتهم، فمثلاً -في الوقت الراهن- كثر الجدال حول موضوع فيضان "بحيرة المسك"، ففي جريدة واحدة تجد مسؤولاً يطمئن الناس ويطلب منهم عدم الخوف، وفي الصفحة الأخرى تجد مسؤولاً آخر يتحدث عن امكانية فيضانها في أي لحظة!.
وأشار إلى أنّ مخاوف الناس أحد أسباب انتشار الشائعات، فكلما زاد الخوف من حدوث شيء زادت الشائعات عنه، فالناس تخاف من حدوث كارثة جديدة، فهم يتناقلون الأنباء بدون السؤال عن المصدر؛ بسبب الخوف من تكرار المأساة، وكنوع من ردة الفعل النفسية، ومحاولة طمأنة الناس لأنفسهم عن طريق الفضفضة ومشاركة مشاعرهم الداخلية بصوت مرتفع.
ظروف مختلفة
ولفت "د. زائري" إلى أنّ ناقل الشائعة ليس كائناً غريب الشكل، ولا يأتي متخفياً تحت جنح الظلام، وقد ينقل الجميع الشائعات بقصد أو من دونه، مبيّناً أنّ نقل الشائعات يزيد وينقص حسب الظروف المختلفة للشخص واقترابه من الأحداث وتأثره بها، فمثلاً الأشخاص المجاورين ل"بحيرة المسك" أكثر خوفاً وتناقلاً لأخبارها البحيرة ممن يسكنون في شمال "جدة"، والذين تأثروا بالسيل أكثر تناقلاً لشائعات الأمطار الغزيرة.
المرأة والشائعات
وقال إنّ المرأة أكثر نقلاً للشائعات في المجتمع العربي - من وجهة نظره -، وذلك نظراً لطبيعة حياتها المنغلقة وبعدها النسبي عن مصادر المعلومات، وصعوبة حصولها عليها بحكم اضطرارها للبقاء داخل المنزل أكثر من الرجل، بالإضافة إلى التفاعل العاطفي لدى المرأة، فهي أكثر تفاعلاً مع الخوف أو الرغبات من الرجل، وتتأثر بالشائعات.
وأضاف أنّ الشائعات تقل في المجتمعات المنفتحة ثقافياً وفيها حرية للتعبير، وتزداد في المجتمعات المنغلقه والأقل تعليماً، موضحاً أنّ ناقل الشائعة يشعر بمشاركة وجدانية من الأخرين عند نقل شائعته، وهذه المشاركة تخفف عليه من الضغط النفسي في كتمان مخاوفه، مبيّناً أنّ التقنية الحديثة ساعدت في نقل المعلومات بسرعة بالصوت والصورة.
شخصيات نرجسية
ورأى "د. ناصر العود" - أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - أنّ بعض الأشخاص الذين يصنفون على أنّهم شخصيات نرجسية أو تلك التي تتسم بالغيرة الزائدة تمارس نقل الشائعات، مضيفاً: "أعتقد أنّ التنشئة لها دور في تعزيز الشخصية أو تبسيطها، خصوصاً إذا كان الوالدين والمحيطين من أفراد الأسرة ممن يكون حديث مجالسهم أعراض الناس، وبعض الأسر يكون لديها القدرة على التحكم في التنشئة ولكن المدارس والمراكز الاجتماعية قد تعزز هذا الجانب السلبي في بعض النفوس الضعيفة، بالإضافة الى أنّ وسائل التواصل الاجتماعية المتنوعة ساهمت بإبراز الحديث في أعراض الأخرين وسهلته، وذلك بالتزويد في فن النقل أو الاستهتار".
المرأة أكثر نقلاً وتأثراً بالشائعات 
مسايرة ومجاملة
وقال إنّ بعض النساء أصبحت تجد متعة خاصة في نشر الشائعات بالمجالس، حيث تستمع الغيورة والحاقدة بإثارة الآخرين ضد رجل أو امرأة أو أسرة بكاملها، مضيفاً: "للأسف بعض الأشخاص يساير سماع تلك الأمور من باب المجاملة، رغم أنّ ذلك يدخل في باب الغيبة والنميمة، والتي حثنا ديننا بالابتعاد عنها، والبعض الآخر يفرغ شحناته السلبية ويشعر بالراحة عندما تصبح أحاديثه في أعراض الناس"، متناسياً أنّ الناس تتناقل الوقائع بسرعة" معتبراً أنّ هناك علاقة وثيقة بين الغيرة والحسد وتحطيم حياة الأخرين.
أعراض الناس
وأرجع "أحمد البار" - أستاذ الخدمة الاجتماعية - لجوء البعض لنشر الشائعات والوقوع في أعراض الناس إلى ضعف الوازع الديني، قائلاً: "عندما يجد الشخص من يستمع إليه ومتحمس لقصص أحوال الناس، فهو بذلك يؤيده، ويسانده، ويشعره بالثقة، غير منكر لما يسمع، والمشكلة أننا نستمتع بتلك الحكايات التي تلوك أعراض الناس، واذا وجد أحد يرد علينا بالحسنى فإننا نرفض ذلك، خاصةً إذا كان الكلام متعلقٌ بالعرض، وذلك يعتبر من صغائر العقول".
وأضاف إنّ البعض يستخدم أسلوب الحديث عن الناس نتيجة لثقافة مجتمعه، والتي ولا تخلو من الحسد، متسائلاً: لماذا نتحمل وزر الكلام السيئ وإن كان صحيحاً؟، مؤكّداً على أنّ بعض النساء متخصصات في القيل والقال، ولكن الرجال يغلبونهم في الحديث عن الأعراض، خاصةً إذا وجدوا من يستمع لهم ويؤيدهم في حديثهم.


أخبار مرتبطة