تاريخ النشر 6 ابريل 2021     بواسطة الدكتور ماهر حسونة     المشاهدات 1

ما هي السكتة الدماغية؟

السكتات أو الجلطات الدماغية هي أحداث مفاجئة يتم خشيتها، فتلك الأحداث قد تتمثل تبعاتها في إعاقات صعبة. لا تحصل الخلايا الدماغية على الأوكسجين بشكل كاف خلال السكتة الدماغية وتموت هذه الخلايا بسرعة عند انعدام التدخل، لذا يمكن أن تتوقف الوظائف الدماغية جزئياً أو بشكل كلي. تتمثل الأعراض المحتملة
للجلطة الدماغية في أعراض الشلل أو اضطرابات الوعي أو الشعور بالتنميل أو التخدًّر. يعد الوقت عاملاً هاماً جداً بعد حدوث سكتة دماغية.

كلما تمت معالجة الشخص المعني بشكل مبكر، كلما كانت فرص إنقاذ الخلايا الدماغية المصابة أكبر. لذا كان من المهم للهواة أو الأشخاص الغير عالمين معرفة علامات السكتة الدماغية والاتصال بطبيب الطوارئ مباشرة عند الشك بوجود سكتة دماغية.

ماذا يحدث في السكتة الدماغية؟
يكمن السبب في قرابة ٨٠٪ من السكتات الدماغية في اضطرابات التروية الدموية في الدماغ. حينها يكون هناك تضيق أو حتى انسداد في أحد أو العديد من الأوعية الدموية وذلك عبر ترسبات جدران الأوعية أو عبر خثرة دموية. من خلال ذلك لا يعود بالإمكان تزويد المناطق الدماغية المصابة بالأكسجين والمواد الغذائية بشكل كاف. بعد القليل من الوقت تموت الخلايا العصبية.

كلا الشرايين الدماغية الكبيرة والصغيرة في داخل الدماغ يمكن انسدادها في حال السكتة الدماغية. يتعلق مدى الضرر الدماغي من المنطقة التي يغطيها الشريان المصاب. في قرابة ١٠-١٥٪ من جميع المرضى تكون حالات النزيف في النسيج الدماغي هي السبب وراء السكتة الدماغية.

ما الذي يسبب سكتة دماغية؟
يمكن أن ينشأ اضطراب التروية الدموية بسبب خثرة دموية أيضاً. تتكون الخثرة الدموية من صفائح دموية. ينبغي على هذه الصفائح الدموية أن تغلق إصابات الأوعية الدموية بشكل سريع مجدداً. لا تتشكل الخثرات الدموية في الرأس غالباً بل تتشكل في مناطق أخرى من الجسم. هناك تنفصل في وقت ما هذه الخثرات عن الجدار الشرياني وتنتقل مع تيار الدم وصولاً إلى الرأس. إذا وصلت الخثرة منطقة ضيقة من الشريان لا تكفي لعبورها، تبقى الخثرة عالقة وتسد الطريق بالنسبة للدم المنساب.

يمكن لحالات النزيف في الرأس أن تحدث عندما يكون ضغط الدم في الشرايين شديد الارتفاع و/أو تكون جدران الأوعية متضررة. ينفجر وعاء الدم بعد ذلك وذلك لأن جدران الأوعية تصبح غير قادرة على الصمود أمام ضغط تيار الدم. كما يمكن لتشوهات الأوعية كأمهات الدم أن تسبب نزيفاً دموياً.

أعراض: كيف يلاحظ المرء سكتةً دماغية؟
تجري الجلطات الدماغي بشكل فردي ويمكن أن تحدث دون أعراض أو إشارات قوية. كما تختلف درجة الإعاقة بعد السكتة الدماغية. تحدث أغلب السكتات الدماغية بشكل مفاجئ ودون تحذير مسبق. بحسب المنطقة الدماغية المصابة يمكن حدوث حالات تعطل حركية وحسية وإدراكية. هذا يعني بشكل دقيق:

اضطراب حركي
تنميل، شعور بالحرقة، شد في مناطق معينة من الجسم
شعور بالتنميل
اضطرابات في النظر
اضطرابات في التوازن
ضعف أو شلل
آلام في الرأس
غثيان وتقيؤ
ضيق تنفس
اضطرابات في وظيفة المثانة
اضطراب لغوي واضطراب في الحديث
تشخيص السكتة الدماغية
يتوجب عند الشك بوجود سكتة دماغية تحديد ما إذا كان السبب نزيفاً أم انسداداً وهو ما ينبغي الكشف عنه لتحديد ماهية العلاج اللاحق. أفضل وسيلة للتفريق بين الحالتين هي التصوير الطبقي المحوري للرأس (cCT). يتم من خلال ذلك بواسطة الأشعة السينية عمل صور مقطعية للرأس ودمجها في الكمبيوتر لتصبح صورة ثلاثية الأبعاد. تتمثل ميزة التصوير الطبقي المحوري في سرعة إنجازه وفي إمكانية عرض حالات النزيف الحديثة بشكل جيد.

إحدى خيارات التشخيص الأخرى تتمثل في الرنين المغناطيسي. هنا يكون الحديث عن تصوير مقطعي للرأس أيضاً. تتمثل الميزة هنا في إمكانية عرض المنطقة الدماغية المصابة والتورم المحيط بها بشكل أفضل مقارنةً بالتصوير الطبقي المحوري.

علاج السكتة الدماغية
يتم علاج المرضى في قسم متخصص يسمى بوحدة السكتة الدماغية. يتم التركيز أولاً على استعادة التروية الدموية للدماغ. هنا يتم اللجوء إلى العلاج بانحلال الخثرة. يتم بواسطة مواد معينة - يستحسن استخدام منشط بلازمينوجين النسيجي معاد التركيب rtPA – حل الخثرة الدموية. ينبغي تنفيذ هذه الطريقة خلال فترة زمنية قصوى تبلغ أربع ساعات ونص بعد السكتة الدماغية.

بعد مرور هذه الفترة الزمنية يصبح انحلال الخثرة غير مجدياً. إذا كان أحد الأوعية الكبيرة المغذية للدماغ مسدوداً، يمكن أن إجراء إعادة فتح الوعاء ميكانيكياً. يمكن إجراء ذلك حتى بعد العلاج بانحلال الخثرة. تبلغ الفترة الزمنية القصوى لتنفيذ هذه الطريقة ست ساعات. يتم في سبيل ذلك الدفع بسلك معدني عبر الشريان الإربي مع دعامة وصولاً إلى الرأس عند المنطقة المغلقة. يتم الدفع بالدعامة عبر المنطقة المسدودة لتفتح الدعامة من خلال ذلك الشريان مجدداً. يتم بعد ذلك تثبيت الدعامة وذلك لمنع انغلاق جديد للشريان. ولكن نادراً ما يتم استخدام هذه الوسيلة على المرضى ذوي السكتة الدماغية. يمكن تطبيقها على ١-٥٪ من المرضى فقط ممن لديهم انسداد.

تنبؤ السكتة الدماغية
يتعلق مسار المرض وفرص الشفاء في السكتة الدماغية بدرجةٍ أولى بمكان وحجم الضرر الدماغي الدائم. يموت ٢٠٪ من المصابين بعد أربعة أسابيع، يبقى ٥٠٪ من الناجين في حاجة الرعاية والتمريض بسبب الإعاقات بالإضافة إلى كونهم شديدي الإعاقة.

أما عن فترة إقامة المريض في المستشفى فإن اتخاذ القرار يعود بشكل فردي إلى الأطباء. كلما كان المريض أكبر سناً وكلما كانت إعاقته بعد السكتة الدماغية أشد، كلما كانت التنبؤ أكثر سوءاً. المرضى الصغار في السن لديهم فرص أفضل في تراجع الإعاقات الحاصلة إلى حد بعيد.

ينبغي اتخاذ إجراءات عامة للوقاية من سكتة دماغية أخرى أو الوقاية من أمراض الأوعية. من ضمن ذلك الضبط المناسب لبعض الأمراض الرئيسية كالسكري وارتفاع ضغط الدم وفرط كوليسترول الدم... إلخ. ينبغي التفكير في تمييع الدم.

إعادة التأهيل بعد السكتة الدماغية
يتبع الإقامة في المستشفى في الغالب إعادة تأهيل. يتم خلال ذلك الوقت معالجة المصابين من قبل أخصائيي العلاج الطبيعي واللغة والعلاج الحركي. يكمن الهدف من إعادة التأهيل في التعايش مع حالات القصور المتبقية والتعامل مع ذلك في النشاطات اليومية. تتم إعادة التأهيل في العيادات الداخلية في الغالب في مستشفى متخصص في هذا الشأن. توجد عيادات خارجية للحالات الأخف. يُنصح بإعادة التأهيل لمدة تتراوح بين ٤ إلى ٦ أسابيع وذلك بحسب درجة الإعاقة.


أخبار مرتبطة