تاريخ النشر 21 أكتوبر 2021     بواسطة الدكتور الحسين محمد عسيري     المشاهدات 1

الذئبة .

الذئبة هو مرض التهابي مزمن، ينشأ عندما يُهاجم الجهاز المناعي (Immune system) أنسجة الجسم نفسه. الالتهاب الذي يُشكل مرض الذئبة مصدره قد يُصيب أجهزة الجسم المختلفة بما في ذلك المفاصل، والجلد، والكليتان، وخلايا الدم، والقلب، والرئتان. أنواع مرض الذئبة هنالك أربع أنواع من مرض الذئبة:
    الذئبة الحُمامية المجموعية (Systemic lupus erythematosus): تُصيب أي عضو من أعضاء الجسم.
    الذئبة الحُمامية الجلدية (Cutaneous lupus erythematosus): تُصيب الجلد فقط.
    الذئبة المحدثة بالأدوية (Drug induced lupus): تُصيب المريض بعد أخذ دواء معين.
    الذئبة الوليدية (Neonatal lupus): تُصيب الأطفال حديثي الولادة.

يُعد مرض الذئبة الحُمامية المجموعية النوع الأكثر انتشارًا وصعوبة من بين هذه الأنواع الأربعة.

في الماضي، كان مرضى الذئبة يُواجهون مصيرًا تعيسًا، لكن بسبب التقدم والتحسن الكبيران في مجال تشخيص مرض الذئبة وفي طرق معالجته حتى أصبح مرضى الذئبة يحظون بعلاجات لائقة تتيح لهم عيش حياة فاعلة.
أعراض الذئبة

أعراض الذئبة وعلاماتها قد تظهر بشكل فجائي، أو قد تتطور ببطء وبشكل تدريجي، وتختلف حالات الذئبة الواحدة عن الأخرى ولا توجد حالتان متماثلتان من مرض الذئبة. 

وقد تكون الأعراض طفيفة، أو خطيرة، أو مؤقتةً، أو دائمة، ويُعاني معظم مرضى الذئبة من نوبات المرض التي تستمر فترات زمنية مختلفة، تتفاقم خلالها العلامات والأعراض ثم تعود لتتحسن وقد تختفي كليًا لفترة معينة.

بشكل عام تتمثل أعراض الذئبة في الآتي:

    التعب.
    الحُمّى.
    ارتفاع الوزن، أو انخفاضه.
    آلام، وتيبّس وانتفاخ في المفاصل.
    طفح على شكل فراشة على الوجه (Malar rash) يُغطي منطقة الخدين وجسر الأنف.
    جروح في الجلد تظهر، أو تتفاقم، نتيجة التعرض للشمس.
    تساقط الشعر أو الصلع.
    متلازمة رايوناود (Raynaud''s phenomenon) تُصبح أصابع كفتي اليدين والقدمين بيضاء أو زرقاء اللون جراء التعرض للبرد، أو في التوتر.
    صعوبة التنفس.
    آلام في الصدر.
    جفاف في العينين.
    حساسية مفرطة.
    القلق والاكتئاب.
    فقدان الذاكرة.


أسباب وعوامل خطر الذئبة
الذئبة هو مرض من أمراض المناعة الذاتية، أي حينما يُهاجم الجهاز المناعي الأنسجة السليمة في الجسم بدلًا من مهاجمة الأجسام الغريبة فقط، كالجراثيم والفيروسات، ونتيجة لذلك تحدث التهابات وأضرار لأعضاء عديدة في الجسم بما في ذلك المفاصل، والجلد، والكليتان، والقلب، والرئتان، والأوعية الدموية والدماغ.
سبب حدوث الذئبة

حتى الآن لا يُعرف الأطباء السبب الحقيقي الذي يُولّد أمراض المناعة الذاتية، مثل: الذئبة، ويُعتقد على الأرجح أن مرض الذئبة يتكون نتيجة اجتماع عوامل جينية، ووراثية، وعوامل بيئية معًا.

يُؤمن الأطباء بأن قابلية الإصابة بمرض الذئبة يُمكن أن تكون وراثية، وقد يُصاب الأشخاص ذوي القابلية الوراثية بالذئبة عند التعرض لعامل بيئي يحفز مرض الذئبة، مثل: بعض الأدوية، أو الفيروسات.
عوامل الخطر

هناك عدد من العوامل التي قد تزيد من خطر تطور مرض الذئبة، من بينها:

    الجنس: مرض الذئبة أكثر انتشارًا بين النساء مقارنةً بالرجال.
    السن: قد يصيب مرض الذئبة الناس في أي مرحلة من العمر، لكن يتم تشخيصه لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 45 عامًا.
    أشعة الشمس: يُؤدي التعرض للشمس إلى ظهور آفاتٍ جلدية مرتبطة بالذئبة، أو ظهور ردة فعل داخلية لدى الأشخاص ذوي القابلية للإصابة.
    أدوية معينة: قد يؤدي تناول أدوية معينة لفترة طويلة إلى الإصابة بمرض الذئبة.
    عدوى بفيروس إبشتاين بار (Epstein barr virus - EBV): قد تُسبب العدوى إلى الإصابة بالذئبة.

مضاعفات الذئبة

قد يؤثر الالتهاب الناجم عن مرض الذئبة على أعضاء عديدة في الجسم مسببًا بعض الأمراض، ومن بينها:

    فشل الكليتان.
    مشاكل الجهاز العصبي المركزي.
    مشاكل في الدم والأوعية الدموية.
    أمراض في الرئتان.
    مشاكل في القلب.
    العدوى.
    السرطان.
    موت أنسجة العظام (Osteonecrosis).
    مضاعفات خلال الحمل.

تشخيص الذئبة

من الصعب تشخيص مرض الذئبة، لأن الأعراض تختلف كثيرًا من شخصٍ إلى آخر، قد تتغير علامات وأعراض الذئبة مع مرور الوقت، وفي بعض الأحيان قد تتطابق مع علامات وأعراض أمراض أخر،. لذلك يُفكر الأطباء في هذا التشخيص فقط عندما تكون العلامات والأعراض أكثر وضوحًا. 

وحتى في الحالات التي تكون فيها العلامات والأعراض واضحة من الصعب تشخيص مرض الذئبة، لأن هنالك تغيرات متواترة في درجة خطورة مرض الذئبة لدى جميع مرضى الذئبة تقريبًا، فأحيانًا يتفاقم المرض وأحيانًا أخرى يختفي تمامًا.
المعايير التي حددتها الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم (ACR) للتشخيص

لقد حررت الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم قائمة المعايير السريرية والمخبرية التي تُساعد الأطباء في تشخيص وتصنيف مرض الذئبة.

الأشخاص الذين تتوفر لديهم أربعة معايير من أصل 11 في آنٍ واحد، أو تظهر بشكل منفصل الواحد تلو الآخر يُعانون في الغالب من مرض الذئبة، قد يُفكر الطبيب في هذا التشخيص حتى لو ظهرت أقل من أربع أعراض عند بعض المرضى.

من أهم هذه المعايير:

    طفح جلدي في الوجه يُسميه الأطباء (Malar rash)، وهو طفح على شكل فراشة تُغطي جسر الأنف وتنتشر إلى بعد الوجنتين.
    طفح جلدي أحمر ومتقشّر يسمى الطفح القـُرْصِيّ الشكل (Discoid rash)، يبدو مثل الرّقَع القشرية على الجلد.
    طفح جلدي مرتبط بالشمس، يظهر بعد التعرض لأشعة الشمس.
    جروح في الفم ليست مؤلمة عادةً.
    آلام وانتفاخ في مفصلين أو أكثر.
    انتفاخ في الأغشية المحيطة بالقلب والرئتين.
    مرض كلويّ.
    اضطراب عصبي، مثل: الاختلاج (Convulsion)، أو الذهان (Psychosis).
    تعداد دم منخفض، مثل: قلة كريات الدم الحمراء، أو قلة الصفيحات الدموية (Thrombocytopenia)، أو قلة كريات الدم البيضاء (Leukopenia).
    نتائج إيجابية لاختبار الأجسام المضادة للنواة (ANA)، والتي تدل على أن المريض قد يكون مصابًا بداء مناعة ذاتية.
    نتائج إيجابية في فحوصات دم أخرى قد تدل على وجود داء مناعة ذاتية، مثل:

    نتائج إيجابية في اختبار الأجسام المضادة للحمض الريبي النووي (DNA).
    نتائج إيجابية في اختبار الأجسام المضادة للعضلات الملساء.
    نتائج إيجابية في اختبار مضادات التخثر.
    نتيجة إيجابية خاطئة في اختبار الزهري (Syphilis).

الفحوصات المخبرية

لتحديد التشخيص قد يطلب الطبيب إجراء فحوصات الدم والبول الآتية:

    العَدّ الدموي الشامل (Complete blood count).
    سُرْعَةُ تَثَفُّلِ الكُرَيَّاتِ الحُمُر (ESR - Erythrocyte sedimentation rate).
    الأداء الوظيفي للكبد والكليتين.
    فحص بول.
    اختبار الأجسام المضادة للنواة.
    تصوير الصدر بالأشعة السينية (X ray).
    مخطط كهربائية القلب (ECG - Electrocardiogram).
    اختبار الزهري.

علاج الذئبة

علاج الذئبة يتعلق بالعلامات والأعراض، ويتطلب اتخاذ القرار بشأن الحاجة إلى معالجة الأعراض، وبشأن أنواع الأدوية التي ينبغي وصفها، وتقييمًا دقيقًا للأفضليات مقابل المخاطر من خلال التشاور طبيب الروماتيزم (Rheumatologist)، وعندما تتفاقم الأعراض، أو تهدأ يستطيع الطبيب والمريض معًا اتخاذ قرار باستبدال الأدوية أو تغيير الجرعة.
1. أدوية شائعة لمعالجة مرض الذئبة

هنالك ثلاثة أنواع شائعة من الأدوية لمعالجة مرض الذئبة في حال وجود علامات وأعراض طفيفة أو معتدلة، وتتطلب معالجة الذئبة الحادة أدوية أقوى تأثيرًا وفاعلية.

وإجمالًا بعد تشخيص الذئبة بشكل أولي يتناقش الطبيب مع المريض حول الأدوية الآتية:

    مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (Non steroidal anti inflammatory drug - NSAIDs)
    أدوية مضادة للملاريا.
    كورتيكوستيرويدات (Corticosteroids).

2. معالجة علامات وأعراض محددة للذئبة

يتم تحديد نوع العلاج بحسب العلامات والأعراض، وتشمل هذه المعالجات:

    معالجة المفاصل المؤلمة والمنتفخة.
    معالجة الطفح الجلدي.
    معالجة التعب.
    معالجة الانتفاخ حول القلب والرئتين.

3. علاج الحالات الصعبة والحادة من الذئبة

حالات الذئبة التي تُشكل خطرًا على الحياة تشمل تلك التي تؤدي إلى مشاكل في الكليتين، أو التهاب الأوعية الدموية، أو مشاكل في الجهاز العصبي المركزي، كنوبات الاختلاج، فهذه قد توجب علاجًا أكثر حدة، وفي مثل هذه الحالات قد يُفكر الطبيب والمريض باستخدام:

    الكورتيكوستيرويدات بجرعات كبيرة.
    أدوية كابتة للجهاز المناعي.
    ريتوكسيماب (Retuximab).

4. أبحاث سريرية حول علاجات حديثة

يجري الباحثون أبحاثًا سريرية لتطوير علاجات جديدة للذئبة، وتُتيح هذه الأبحاث لمرضى الذئبة فرصة تجربة علاجات جديدة، لكنها لا تضمن الشفاء.

من بين العلاجات التي يتم بحثها في الأبحاث السريرية:

    زرع خلايا جذعية.
    دِيهيدروإيبيأندرُوستِيرُون (DHEA - Dehydroepiandrosterone).

الوقاية من الذئبة

بما أن أسباب الذئبة الحمراء غير معروفة، لذلك من الصعب الوقاية منها، ولكن يُمكن التخفيف من ظهور نوباتها، ومنها:

    تجنب التعرض الشديد لأشعة الشمس.
    النوم بشكل كافي.
    أخذ جميع الأدوية بالانتظام.

العلاجات البديلة

المرضى الذين لا ينجحون في السيطرة على جميع أعراض مرض الذئبة بواسطة الأدوية، أو الذين تعبوا وملّوا من نوبات مرض الذئبة، قد يبحثون عن حلول في مجال الطب المكمل (Complementary medicine)، أو الطب البديل (Alternative medicine)، ويُلاحظ في الآونة الأخيرة أن الأطباء التقليديين بدأوا يبدون قدرًا أكبر من الانفتاح في مناقشة هذه الإمكانيات مع مرضاهم.

ولكن بما أن جزء صغير فقط من طرق العلاج هذه قد تم بحثها من خلال التجارب السريرية، فمن الصعب تقدير مدى فعاليتها في معالجة مرض الذئبة، إضافة إلى أن المخاطر المحتملة لهذه العلاجات في قسم من الحالات لا تزال غير واضحة.

وفي كل الأحوال يُوصى المرضى المعنيون بتجربة العلاجات المكملة أو البديلة باستشارة الطبيب المعالج أولًا، فقد يُساعد الطبيب في فحص الحسنات مقابل المخاطر، وتحديد إذا كان العلاج البديل يُمكن أن يُعيق فعالية الأدوية التي يتناولها المريض.

العلاجات المكملة والبديلة الشائعة في معالجة مرض الذئبة تشمل:

    زيت السمك: يحتوي على الأحماض الدهنية من نوع أوميغا 3 التي قد تفيد المصابين بمرض الذئبة.
    بذور الكتان: تحتوي بذور الكتان على الحمض الدهني من نوع ألفا لينولينيك، التي قد تخفض من حدة الالتهاب في الجسم.


أخبار مرتبطة