تاريخ النشر 17 نوفمبر 2021     بواسطة الدكتور ياسر محمد البحيري     المشاهدات 1

العلاج الطبيعي.. يقلل الألم ويساعد على الشفاء

بقلم د. ياسر بن محمد البحيري لعلكم جميعاً قد سمعتم عن مصحات العلاج الطبيعي والاستجمام في التشيك وفي ألمانيا وفي النمسا وغير ذلك من الدول الأوروبية وكيف أن هذه المصحات متقدمة وفاخرة وممتازة وتصنع المعجزات في بعض الأحيان. وعلى الرغم من المبالغات الكثيرة في هذه الأخبار إلا أنها تبين بوضوح أه
مية العلاج الطبيعي والتأهيلي (Physiotherapy) في علاج الأمراض المزمنة وغير المزمنة التي تصيب العظام والمفاصل والعمود الفقري. بل ان أهمية العلاج الطبيعي لا تقل عن أهمية الجراحة والطاقم الجراحي في كثير من الحالات فمثلاً إذا ما أخذنا عملية تغير مفصل الركبة ومفصل الورك فإن هذه العملية أصبحت من العمليات السهلة والروتينية والتي لا تستغرق أكثر من ساعة إلى ساعة ونصف في معظم الحالات. إلا أن نجاح العملية من فشلها لاسمح الله يعتمد على الله ثم على طاقم العلاج الطبيعي الذي يقوم بتدريب وتأهيل المريض أو المريضة في مرحلة ما بعد العملية الجراحية (Postoperative physiotherapy). فعلى الرغم من أن الجراح يقضي ساعة أو ساعتين داخل غرفة العمليات ويشرف بشكل عام على حالة المريض إلا أن أخصائي العلاج الطبيعي أو أخصائية العلاج الطبيعي يقضون ساعات طويلة مع المريض أو المريضة ليضمنوا نجاح الجراحة بإذن الله. إذاً فطاقم العلاج الطبيعي هو جزء مهم لايتجزأ بل هو جزء ذو أهمية قصوى في علاج الكثير من الحالات. ومع التقدم السريع الذي تشهده المملكة في مجال الطب فإن هناك الكثير من المراكز الطبية العامة والخاصة التي تنشأ كل يوم والتي يقوم أصحابها بتقديم خدمة العلاج الطبيعي والتأهيلي. وما بين المراكز الجيدة والمراكز ذات الجودة المنخفضة فإن المريض قد يحتار ويسأل أين يذهب وقد يضطر في كثير من الأحيان إلى التفكير بالسفر إلى خارج المملكة. ولكن إذا جئنا إلى الحقيقة فإن العلاج الطبيعي داخل المملكة وخارجها هو في الأساس نفس العلاج الطبيعي وإنما يفرق هو خبرة الأخصائيين وتفاني المريض وإعطاؤه الوقت اللازم لهذه الجلسات لكي تؤتي ثمارها. فالمريض الذي يسافر ويقضي أربعة وعشرين ساعة في اليوم ويقضي أسابيع أو شهورا مخصصة للعلاج الطبيعي سوف تكون النتائج لديه مختلفة عن المريض الذي يقضي ساعة أو ساعتين أو ثلاث ساعات فقط أسبوعياً ولا يلتزم بإجراء التمرينات في المنزل وهذا هو الفرق الكبير في العلاج الطبيعي خارج المملكة وداخلها. والواقع اننا كجراحين وأطباء نرى نتائج ممتازة وباهرة في كثير من المرضى داخل السعودية والحمد لله نتيجة تفاني وإخلاص أخصائيي العلاج الطبيعي المميزين وكذلك نتيجة تفهم المريض وإعطائه المجهود اللازم لهذه الجلسات لكي تؤتي ثمارها.

يخفف الألم
ولكن ماهو الهدف من العلاج الطبيعي وكيف يتم وصف العلاج الطبيعي من منطلق الأطباء والجراحين وماهو الهدف المطلوب منه من وجهة نظرنا.

متى يمكن اللجوء إلى العلاج الطبيعي
في الواقع ان الغالبية العظمى من أمراض العظام والمفاصل والعمود الفقري تتكون خطته العلاجية من استخدام الأدوية والمسكنات ومضادات الالتهابات وأيضاً من استخدام جلسات العلاج الطبيعي التي قد تكون جزءا مهماً في علاج هذه الأمراض. والعلاج الطبيعي قد يستخدم في علاج حالات الخشونة المزمنة في مفصل الورك أو في مفصل الركبة مثلاً أو في علاج حالات الالتهابات غير الجرثومية مثل مرض النقرس (Gout) أو مرض الروماتويد (Rheumatoid arthritis). كما أن العلاج الطبيعي مهم جداً في علاج حالات الإصابات الرياضية مثل تمزق الأربطة أو الكدمات. أيضاً فإن حالات الإصابات والكسور التي هي منتشرة بشكل كبير داخل المملكة حمانا الله وإياكم تحتاج في كثير من الأحيان لجلسات العلاج طبيعي في علاجها. وبالإضافة إلى ذلك فإن العلاج الطبيعي هو جزء لايتجزأ من الخطة العلاجية في حالات العمليات الجراحية سواء كانت عمليات جراحية اختيارية مثل تغيير مفصل الركبة أو مفصل الورك أو حالات الانزلاق الغضروفي أو حالات تثبيت الفقرات أو حتى حالات تثبيت الكسور بجميع أنواعها. فالمريض الذي تجرى له عملية جراحية يحتاج إلى القيام والوقوف والحركة أيضاً إلى ممارسة الرياضة والتمرينات وتقوية العضلات إلى غير ذلك من أهداف العلاج الطبيعي المهمة في علاج مثل هذه الحالات. إذاً فالعلاج الطبيعي مهم في علاج جميع أمراض العظام والمفاصل والعمود الفقري سواء كان العلاج تحفظياً أو غير جراحي. والعلاج الطبيعي يختلف عن أنواع العلاج البديل أو الطب البديل (Alternative medicine) الأخرى فمثلاً الإبر الصينية (Accupuncture) مع أنها قد تشكل سلاحاً فعالاً في علاج بعض الأمراض إلا أنها تعتبر من أنواع الطب البديل بالإضافة إلى ذلك هناك أنواع من الطب الشعبي مثل الحجامة أو الكي ولكن العلاج الطبيعي يعتبر جزءا من الطب العلمي المعترف به في علاج هذه الأمراض.

يساعد في الشفاء من مرض الروماتويد

لماذا نحول المريض أو المريضة إلى العلاج الطبيعي؟
في الواقع عندما يحول الطبيب أو الجراح المريض أو المريضة إلى أخصائي العلاج الطبيعي فإن هناك أهدافاً محددة يرغب في الوصول إليها. فالهدف ليس هو جلسات علاج طبيعي مفتوحة إلى فترة غير معروفة وإنما هناك أهداف محددة يتم إبلاغ أخصائي العلاج الطبيعي بها لكي يقوم بالتعاون مع المريض بمحاولة الوصول إليها. ولذلك فإن الجلسات التي يحتاجها المريض تختلف من مرض إلى آخر وتختلف من شخص إلى آخر كل حسب مرضه وأيضاً حسب تعاونه ومدى قدرته على تطبيق الأهداف التي يتم إرشاده إليها خلال الجلسات الطبيعي. ومن أهم الأهداف التي يتم تحويل المريض إلى العلاج الطبيعي من أجلها هو ما يلي : -

إعادة القدرة على الحركة
وهذه إحدى أهم أهداف العلاج الطبيعي وخصوصاً عند المرضى في مرحلة ما بعد الإصابات في الكسور وأيضاً في مرحلة ما بعد عمليات استبدال المفاصل. ويقوم أخصائي العلاج الطبيعي في هذه الحالات وتحت ارشادات الطبيب المعالج بإرشاد المريض أو المريضة على كيفية الوقوف والمشي باستخدام العكاكيز الطبية أو الهيكل الطبي المساعد للمشي وحسب إرشادات الطبيب عن ما إذا كان بإمكان المريض وضع وزن جزئي أو وزن كامل على الطرف المصاب. وهذا الهدف هو من أهم الأهداف حيث إنه يساعد على قيام المريض وحركته وبالتالي يؤدي إلى تحسن كبير في نفسية المريض وتقليل الخطورة التي قد تنتج من عدم الحركة لفترات طويلة مثل تسبب مضاعفات من ضمنها تقرحات الجلد (Skin ulcers) واحتباس البول (Urinary retention) والإمساك (Constipation) وصعوبة التنفس وأيضاً الخطورة الكبيرة المعروفة بالجلطات الوريدية العميقة (Deep vien thrombosis). إذاً فتحريك المريض ومساعدته على المشي في جلسات العلاج الطبيعي هي ذات أهمية قصوى وهي هدف أساسي في علاج الكثير من المرضى. وعلى الرغم من أن هذا الهدف قد يكون صعباً في البداية إلا أنه بالمثابرة وبالإخلاص أخصائيين وأخصائيات لعلاج الطبيعي وبتشجيع الطبيب المعالج وبتصميم المريض على التحسن فإن الغالبية العظمى من المرضى تستطيع الحركة وتصل إلى الهدف النهائي وهو الحركة بشكل مستقل بإذن الله.


أخبار مرتبطة