تاريخ النشر 26 فبراير 2022     بواسطة الدكتور سعد علي الموسى     المشاهدات 1

التهاب العنبية

جميع طبقات العين باستثناء الغلاف الخارجي تُدعى العنبية" (Uvea)، لأن شكلها يُشبه عنقود العنب، والتهاب العنبية هو التهاب يُصيب محتويات العين. التهاب العنبية هو مرض مزمن، ولذلك على كل من يُعاني منه أن يخضع لمراقبة طبية ومتابعة طوال سنوات عديدة، وأحيانًا مدى الحياة، فقد يكون المرض ذا طبيعة مستقرة
أو متفاقمة مع مرور السنين، أو قد يتجلى في المقابل بنوبات تحصل بشكل مفاجئ مع أو بدون أي علامات مسبقة.
من الممكن أن يظهر المرض ويزول دون أن يٌسبب أي أضرار ودون حصول نوبات متكررة، وهذه الحالات تتطلب متابعة طبية لعدة سنوات من أجل التحقق من أن الالتهاب قد حصل لمرة واحدة فقط، وقد تحدث نوبة أخرى بعد عدة سنوات من حصول النوبة الأولى على الرغم من مرور فترة طويلة دون التعرض إلى أي نوبات.
يُمكن بواسطة المراقبة الطبية الوثيقة والعلاج المناسب تحقيق التوازن والتحكم بالتهاب العنبية لدى غالبية المرضى المصابين به، ومع ذلك يجدر الانتباه إلى أن التهاب العنبية لا يزال يُشكل في العالم الغربي أحد الأسباب الشائعة لضعف البصر، وأحيانًا على الرغم من العلاجات قد يتفاقم المرض ويلحق أضرارًا بالغة بالقدرة على الرؤية.
أعراض التهاب العنبية
من أعراض التهاب العنبية:
    الألم.
    تشوش الرؤية.
    احمرار العينين.
أسباب وعوامل خطر التهاب العنبية
هناك عدة أسباب لالتهاب العنبية، نذكر أهمها:
1. أمراض المناعة الذاتية
ينجم التهاب العنبية غالبًا عن خطأ في عملية التحديد التي يقوم بها الجهاز المناعي (Immune system)، يقوم الجهاز المناعي بعمليات تحديد الهوية على مدار 24 ساعة يوميًا، ومن خلالها يقوم هذا الجهاز بتفحص مكونات الجسم ويُحدد منها الذي ينتمي إليه ويستحق الحماية من الهجوم، والذي لا ينتمي إليه.
محتويات الجسم التي يتم تعريفها على أنها غريبة يتم تحديدها من قبل جهاز المناعة، ثم تتم مهاجمتها في وقت لاحق وتدميرها بواسطة عملية التهابية معقدة، وتؤدي الأخطاء التي تحصل خلال هذه العملية إلى ردات فعل التهابية تجاه مكونات الجسم السليمة، وهذه تُدعى ردات فعل مناعية ذاتية (Autoimmune)، بسبب تفعيل الجهاز المناعي ضد مكونات الجسم نفسه.
2. العدوى الجرثومية
ينجم عدد قليل من حالات التهاب العنبية بشكل مباشر عن عدوى طفيلية، أو بكتيرية، أو فيروسية، أو فطرية، تلك هي الحالات التي يدخل فيها العامل الملوث إلى العين، مباشرة، أحيانًا بعد عملية جراحية في العين، وفي حالات نادرة على خلفية إنتان دموي (Septicemia).
مضاعفات التهاب العنبية
مضاعفات التهاب العنبية المترتبة تنبع من جراء هذا المرض نفسه، ومن تضرر طبقات العين المختلفة، ومن العلاج المضاد للالتهاب نفسه، مثل:
    الزرق (Glaucoma).
    السادّ (Cataract).
هما المضاعفتان الأكثر شيوعًا هما ينجمان عن التهاب العنبية ذاته، ولكن قد يحصلان أيضًا عن العلاج بالستيرويدات (Steroids).
تشخيص التهاب العنبية
من السهل تشخيص التهاب العنبية ويُمكن القيام بذلك في عيادة طبيب العيون عن طريق جهاز الفحص العادي وهو المصباح ذو الفلعة (Slit lamp) الذي يستخدمه طبيب العيون، في الفحص الأولي يُحدد الطبيب شدة الالتهاب، ودرجة الأذى اللاحق بعمل العين، وفي كثير من الحالات يُمكن للطبي، بواسطة الفحص العادي تأكيد أو نفي وجود عامل ملوِّث.
الإجراءات بعد تأكيد التشخيص بالتهاب العنبية
عندما يشخص الطبيب بواسطة فحص العينين التهاب العنبية فإن الأمر يستوجب استيضاح إذا كان الأمر يتعلق بمرض في العين فحسب، أم أن إصابة العين هي جزء من ظاهرة مناعة ذاتية أعمّ وأشمل، مثل:
    التهابات في المفاصل (Arthritis).
    مرض بهجت (Behcet''s disease).
    ساركويد (Sarcoidosis) وغيرها.
على الطبيب استجواب المريض بغية الحصول على معلومات إضافية قد تُساعد في التشخيص، وعلاوة على ذلك ينبغي إجراء فحوص مخبرية في محاولة للعثور على خصائص أمراض المناعة الذاتية، وكذلك لاستبعاد وجود عوامل ملوثة لا يُمكن استبعاد وجودها بواسطة الفحص السريري.
الإجراءات الاستيضاحية هذه تشمل:
    فحص البول.
    التصوير الشعاعي للصدر.
يتم مناسبة إجراءات الاستيضاح هذه لكل مريض على حدة طبقًا لحالته الصحية.
علاج التهاب العنبية
يتمثل علاج التهاب العنبية بشكل عام في المعالجة الدوائية بواسطة الأدوية التي تكبت أنواعًا مختلفة من الالتهابات، وعند الاشتباه بوجود عامل مسبب للتلوث يُضاف إلى ذلك علاج بالمضادات الحيوية المختلفة، وفي بعض مضاعفات التهاب العنبية قد تكون هنالك حاجة أحيانًا إلى عملية جراحية.
1. العلاج بالسترويدات
يستند العلاج المضاد للالتهاب على الستيرويدات التي تُعطى بشكل موضعي، مثل: قطرات، أو أقراص عند طريق الفم، أو عبر الوريد (Infusion).
2. العلاج بالكيميائي
والأدوية الأخرى مضادة للالتهابات، أو العلاج الكيميائي (Chemotherapy)، مثل: ميثوتريكسات (Methotrexate)، وأزاثيوبرين (Azathioprine) التي تُعطى بغرض تجنيب المرضى مضاعفات العلاج القاسية بالستيرويدات.
تُستخدم هذه المواد في معالجة مرضى السرطان بجرعات أكبر من ذلك بكثير تصل إلى 10000 ضعف من الجرعة المعمول بها لدى المرضى الذين يُعانون من التهابات العنبية، ولذلك فإن الآثار الجانبية التي تميز العلاجات ضد السرطان، مثل: تساقط الشعر، أو الغثيان الحاد، لا تظهر في العلاج المتبع لدى مرضى التهاب العنبية.
في معظم الحالات يُفضل المرضى العلاج بهذه المواد على العلاج المستمر بالستيرويدات، وقد بدأت تظهر في الآونة الأخيرة منشورات عن علاج بأدوية موجهة ضد مركبات معينة في ردة الفعل الالتهابية، مثل: مضادات عامل نخر الورم (TNF - Tumor necrosis factor alpha)، لكن التجربة العملية في استخدام هذه الأدوية لا تزال محدودة جدًا.
3. معالجة مضاعفات التهاب العنبية
معالجة مضاعفات التهاب العنبية، مثل: الزرق تتم بالأساس بواسطة قطرات من أنواع مختلفة.
أما الساد والزرق اللذان لا يستجيبان للمعالجة بالأدوية فتتم معالجتهما بواسطة عمليات جراحية، وكشرط أساسي مسبق قبل إجراء أي عملية جراحية لدى مرضى التهاب العنبية، يتوجب أولًا وقف الالتهاب وإخماده لبضعة أشهر في الغالب، قبل إجراء العملية الجراحية نفسها.
الوقاية من التهاب العنبية
يُمكن الوقاية من الإصابة بالتهاب العنبية عن طريق أخذ العلاجات اللازمة اتجاه أمراض المناعة الذاتية، والأمراض المعدية والتزام فيها.


أخبار مرتبطة