تاريخ النشر 30 ابريل 2010     بواسطة الدكتور فايز عبدالله فلمبان     المشاهدات 201

د. فايز فلمبان: من طالب فاشل في كندا إلى أنجح جرّاح عظام بالمملكة

د. فايز فلمبان: من طالب فاشل في كندا إلى أنجح جرّاح عظام بالمملكة الدكتور فايز فلمبان جراح العظام الشهير كاريزما خاصة، جعلته مؤهلاً لإقناع مرضاه بكل ما يراه، دفعتني شهرته إلى بحث أسباب نجاحه، وسألت نفسي: لماذا لا يكون فلمبان واحدًا ممّن أرصد قصة نجاحهم خاصة أنه لولا إصرار زوجته لتحوّل إلى طال
ب راسب في الكلية الملكية الكندية، وهو ما أعطاني الحكمة بأن النجاح ليس معناه إحراز نقاط مستمرة، وإنما هو الحرص على إبراز هذه النقاط التي قد تختفي في عالم مزدحم، لا يراك أحد فيه، لم أكن مجرد كاتب أراد أن يرصد النجاح في بيت الدكتور فايز، بل واحدًا من أسرة تظلها أم وزوجة، ويتنافس فيها أولاد لا يغار فيها أحد من الآخر.
في بيت الدكتور فايز فلمبان بجدة كان كل شيء يبدو على أنه إجابة على سؤال مطروح، بيت تحوطه حديقة بطلها نبات الصبار الذي يطل من كل مكان، كأنه يؤكد التحدي والإصرار، قلت لنفسي وأنا أستعد للقاء أشهر جراح عظام سعودي: هل هناك علاقة بين الصبار والدكتور فايز؟ أحيانا نقبل التحدي بقليل من الماء، وكثير من الإرادة، كان في ذهني ما كتب في الصحف وما أعرفه عن الجراح الذي صنع النجاح على الرغم من أن الطريق لم تكن ممهدة، كنت أعرف أنني مقبل على الحوار مع شاعر ورسام وموسيقي، وليس مجرد طبيب مشهور، وكنت أتساءل كيف يمكن أن يحمل إنسان واحد كل هذا البركان، أحسست وأنا أحاوره أنني واحد من أفراد الأسرة، واكتشفت أن الجراح الذي أقف أمامه ليس وحده، وإنما وراءه أمه وزوجته، تلك التي كان لها حظ من المشاركة في رصد القصة.
لم تكن تلك المرة الأولى التي ألتقي فيها فلمبان، فقد جمعت أخباره منذ فترة، ودخلت على منتداه الالكتروني، وقرأت مداخلاته الطبية والشعرية، وعرفته أكثر من خلال أصدقائه ومشاركاته الحميمة، وقرأت أرشيف أخباره بالصحف.
أخبار عن إحرازه اكتشافات لم تتهيأ لغيره من نظرائه الأجانب، وكلام عن براعته في جراحة العظام، وكلام عن قيمته المحلية كجراح عظام سعودي، وعن مكانته المتميزة كجراح تميز بالجمع بين الفن التشكيلي والطب، وهو امتياز لم يتوفر لغيره.
كل هذا تفجر مرة واحدة في اللقاء الذي جمعنا ببيته الكبير بجدة، ذلك اللقاء الذي تحول إلى صحبة وليس مجرد جوار. ولازلت اتذكر كلمات الدكتور الصباحي وهو يقول أنا كما يقولون إنسان صباحي، أعشق بدايات الأشياء، أحب الصباح ولا أحب الغروب، أحب الإشراق، أعشق النور والفجر، هذا يعطيني نوعا من النشاط العجيب، لا يروقني منظر الغروب .
مرحلة مفصلية:
قلت له محاولا أخذه من النهارات إلى المساءات التي أحبها: ألا تحب السهر؟ قال: السهر له عندي قصة عجيبة، ابتلاني الله بمرض التأتأه في الكلام، أذكر في الصف الثاني المتوسط، في حصة القواعد سألني أستاذي لكنني لم أستطع الكلام رغم أنني كنت أعرف الإجابة، كنت قد شاركت في برنامج "طلابنا في الميدان" بالتليفزيون السعودي باعتباري من الطلاب الممتازين ضمن فريق من الطلاب بالمرحلة الابتدائية، وعندما وصلت الصف الثاني المتوسط فوجئت بهذا الموقف المفصلي.
وكأن السهر يرتبط في ذهن الدكتور فايز بالآلام، والاحتشاد والإصرار، قلت له وأنا أريد أن آخذه إلى الصباحات مرة أخرى : كيف قطعت المسافة ما بين بيت متواضع في مكة، وطفل يعاني التأتأه في الكلام إلى طبيب متحقق، وبيت كبير، قال: ولدت في بيت شعبي في مكة لا تزيد مساحته عن ثلاثين مترا، كنت وحيد أمي وأبي، لا إخوة لي ولا أخوات، أمي كانت معلمة، وعوض فقداني للإخوان وجودي مع خالي عبدالحميد الذي يقاربني في السن، ويعمل مدرسا، وخالي عبدالرحمن -رحمه الله- وكان يكبرني بثماني سنوات، وعندما تزوجت كنت أملي أن أنجب عشرة أطفال وصار لي ستة والحمد لله، أنا عندي من نسلي خمسة.
كنت أطالع الصور المعلقة على الجدران، حملت عيني تساؤلات وتساؤلات فطن الدكتور إليها سريعا فقال: هذا لؤي، وهذه بنتي بشاير، وهذا رحيم، وهذا عبدالعزيز، عبدالعزيز من النوع المزاجي، كل شيء من رأسه يسويه.
هذه أمي وهذه جدتي، وهذا والدي، جزء من عائلتي جنيت عليهم فترة طويلة في الابتعاد عنهم لسفري وعملي.
أبي من رواد التعليم بالطائف:
أنا درست بالطائف حيث كان يعمل والدي كمدرس، وبالمناسبة كان والدي من أوائل الذين أنشأوا التعليم بالطائف، هو والأستاذ عبد الله الحصين، والأستاذ محمد علي جنبي والأستاذ العبادي، والأستاذ عبدالحي صفدي، والأستاذ سعيد الغامدي، هؤلاء أنشأوا التعليم في منطقة الطائف، الأستاذ عبدالله الحصين كان مدير التعليم في ذلك الوقت، أبي كان دارسا للقرآن، وبعد حوالي أربع سنوات من تعيينه تزوج الوالدة، وأخذها معه إلى الطائف، وولدت هناك، أنا عشت بالطائف تقريبا كل عمري، كنا ننزل مكة بالصيف، أنا من طبعي إنسان منفتح ومتحرر جدا، ومرح جدا، لا يمكن أن تطلق علي تعبير منطو وأنا صغير، أتذكر زملائي صالح الجابري وكان معي حتى الثانوية العامة بالمدرسة، ودخل معهد الاتصالات وصار داعية وأنا أتواصل معه، وعبد الوهاب دحوان وهو يمني وكان على درجة عالية من الذكاء لم أجد مثلها، كان معي ثم ترك السعودية وانقطعت أخباره، وسمعت بعدها أنه ولي محافظة مأرب، ثم انقطعت أخباره مرة أخرى، وقابلت القنصل اليمني وأعطيته رقم هاتفه، لكنه لم يرد، ولا أعرف طريقه، كنا في المدرسة اليمانية، وأذكر أنه كان لدينا مدرس اسمه جميل الجفري، وهو حي، الله يعطيه العافية ويرزقه، وكان يدرس الرسم، وكان يعطينا الواجب ويضربنا إذا قصرنا فيه، ورغم أن الرسم لم يكن مادة أساسية كان يعاقب عليه كمادة أساسية ويجبرنا على احترامها، وكان شديدا في حصة الرسم، وكنت أحب الرسم وتعلمت منه، الرسم يجسد شخصيتك في اللوحة، تستطيع أن تحدد معالم حياتك، هذه نفعتني في شغلي كثيرا، أذكر أن الملك فيصل رحمه الله استقبل الرئيس السوداني محمد الأزهري بالطائف، وكان الجفري يرسم اللوحة للملك فيصل، وتعلمت منه كيف أرسم اللوحة، الجفري أثر بي حتى في شغلي الان، ربى في نفسي حب الرسم والحرفية، شغلي كله عبارة عن رسم، حرفية باليد، أنا أستخدم الرسم في عمل مفاصل صناعية، ولايمكن أن يشبه مفصل آخر.
ويصمت الدكتور فايز كأنه يريد أن يتذكر أولئك الأعلام الذين مروا بحياته، ثم يتكلم كأنه توصل إلى ما يريده:
الشيخ صالح الحيدان كان يراني كابن وليس طبيبا، وأنا كنت أراه كإنسان وليس باعتباره رئيس المجلس الأعلى وقتها، وكان يعتب علي إن تأخرت عن الاتصال به قائلاً: ليه ما تسأل عني لا في أعياد ولا في مناسبات، ولا في فتاوى، كنت إنسانًا منطلقًا جدًا في الطفولة، في المرحلة المتوسطة توقفت عن الكلام نهائيا، كنت أقوم بالصحف الجدارية كوني رسامًا ذا موهبة، المرحلة المفصلية في حياتي أني توقفت عن الكلام، وصرت أبكي، هذا اليوم أثر على حياتي بشكل إيجابي، فجر في نفسي الارادة، ما هناك مستحيل إلا ما جعله الله مستحيلا، كملت الدراسة في جامعة الرياض وحصلت على تقدير ممتاز، رسبت في الكلية، في الشهور الأولي، كان يدرس لي الدكتور محسن الحازمي، درس الطب وكان متخصصا في الكيمياء الحيوية، وكان من العلامات السعودية، ذهبت إليه وأنا أعرض عليه مشكلتي في الرسوب في الشهور فقال لي يا أخي ذاكر .
حلم رسام:
ويحدق الدكتور فايز في الفضاء، قائلاً: ما كان طموحي أن أصير طبيبًا، إنما أرسم، أصير رسامًا، مهندسًا، لكن طموح العائلة تركز أن أصير طبيبا، وعندنا إذا كان هناك طبيب في العائلة فإنه يكون مدعاة للفرح، واستجبت لرغبة أبي وأمي، ثم أحببت الطب بعد ذلك، أبي علمني الرضا، كان إنسانا مكافحا، في الطائف كنا نعد من الطبقة المتوسطة، كنا نسكن بيتا من الطوب اللبن، لكن كانت دخلته الكهرباء، أما قبل ذلك في مكة كنا نعيش في حي المسفلة، وكان الوسط كله تقريبا في مستوى واحد، في الطائف لم يكن الطب قد وصل إلى ما وصل أليه هذه الأيام، كانوا يخافون علي من الفيرسات الشهيرة بالمنطقة التي كانت منتشرة في ذلك الزمن كتاب أمي، أمي كان عندها كتاب وتهوى التدريس بدون دراسة، وتخرج من كتابها مشاهير: العميد محمد الغامدي، والملحق السعودي في كندا الدكتور بوكر سندي، علمتني والدتي الانضباط وتقديس العمل، هناك أشياء خلقية، أعتبر نفسي أتمتع بكاريزما عالية، هذه ساعدتني أن أخدم مرضاي، كثير من المرضى يأتون إليك وأنت تساعدهم، لكنك لا تستطيع اتخاذ القرار، هذه مشكلة تواجه بعض الأطباء، الكاريزما ساعدتني أن أقنع المريض بالشيء المضبوط، عندي قناعة، لا شيء مستحيل إلا ما جعله الله مستحيلاً. 
زواجي تقليدي
في السنة الخامسة من كلية الطب أخبرتني والدتي بأنها قد خطبت لي هي وأبي، وكان ابي مهتما جدا بهذا الزواج، خفت أن أختار حتى لا تأتي على غير مزاج أمي، كنت وحيد أمي وأبي، واكتشفت مع السنوات صواب هذه الفكرة، وجاء اختيار الأبوين لزوجتي موفقا، هي امرأة عاقلة حصلت على الثانوية وتوقفت عن التعليم، كنت أتركها في كندا أياما، درست في مونتريال في جامعة مجيل، التدريب في كندا قوي جدًا، وهو يعطيك ثقة عالية بالنفس، كما أن نلك الجامعة من الجامعات الكندية الكبيرة، حيث تقف في مصاف الجامعات الأميركية الكبيرة مثل هارفارد، وكاليفورنيا، وقد غيرت في حياتي الكثير .
ولأنني وجدتها فرصة لفتح مجال آخر للحديث سألته، من من الرياضيين تذكر أنك قمت بعلاجه؟
فقال: عالجت كثيرا ومنهم لاعبون من الأهلي والاتحاد والهلال، بس أنا اتحادي ولكن ليس لي في الرياضة، وأحب الشعر.
رسالتي في مستشفى مونتريال العام لزوجتي ويروي ذكري له فيقول كنت أكتب لأم لؤي أشياء كثيرة تحتفظ بها في جوالها القديم، كلمات غزل ومشاعر. واذكر في ليلة من ليالي الشتاء القارص بكندا حيث الحرارة 40 درجة مئوية تحت الصفر كنت وقتها مناوبا في مستشفى مونتريال العام وتبلغ سعة المستشفى 1400 سرير و ما يصاحب ذلك من عمل مجهد إنني وصلت لمنتهى اليأس وقتها وكنت في السنة الثانية فقط فكتبت رسالة لزوجتي طويلة أتذكر منها ما يلي: «أيتها الغالية.. لقد أتوا بنا إلى هذه البلاد المقفرة إلاّ من هذا الثلج والجليد، وحالنا حال من قيل لهم: هيا ازرعوا نخلة هنا، في هذا القاع الثلجي، وعلى النخلة إن تثمر، فمن أين لها إن تثمر، فلا الأرض أرضها ولا الهواء هواؤها ولا الماء ماؤها» وأعطيتها رسالتي في اليوم الثاني، وكنت أتمنى لو أنها بكت تعاطفا، إلا أنها لم تفعل فقد ضحكت مني وقالت: «انه يوم عصيب فقط، ولن يكون الأخير» استغربت فعلتها وكنت أقول في نفسي من أين تأتي هذه المرأة بهذا القدر من الصمود والتماسك. وبعد سنوات أدركت بأنها كانت تقطر في داخلها دما كلما تعبت أنا، لكنها حجبت كل ذلك دعما وحفاظا على كل مكتسب جديد. وذلك كان حال معظم زوجات المبتعثين.
أول مولود:
عندما شاهدت ابنه الأكبر لؤي الذي حضر اللقاء سألته عن إحساسه وقتها به كأول مولود له، قال مربتا على كتفيه: أول مولود لي لؤي، سعدت بأن زوجتي حامل، عرفت الخبر بعد سبة أشهر من الزواج، كنا قلقين للغاية، كان مثار فرحة الأسرة كلها، ووالدتي التي رأت في ابني البكر لؤي امتدادًا لوحيدها، عندما شاهدت معاناة زوجتي فيه، وكانت تريد أن تسميه لؤي(وكان لا يعجبني الاسم) قلت لها سمّيه كما تريدين إن شاء الله مرجان ما عندي أي مشكلة، بعد لؤي بثلاث سنوات جاء عبدالعزيز وكنا وقتها في كندا، عبدالعزيز قصته مع لؤي عجيبة، أول مرة أجد طفلا لا يغار من أخيه، لؤي لا يغار أبدًا من عبدالعزيز، بعد عبدالعزيز جاءت بشاير في كندا أيضا، بعدها جاءت شهد وكنا عدنا إلى المملكة، ثم أريج الأخيرة.
قلت ومن كان الأكثر نجاحا في دراسته؟
قال مدافعًا: كلهم كانوا ممتازين، لؤي خريج كلية العلوم قسم أحياء دقيقة ويعمل بأحد البنوك، عبدالعزيز الآن في كلية الهندسة قسم الميكانيكا، بنتي بشاير أول سنة جامعة بجامعة الملك عبدالعزيز تريد أن تصير طبيبة، وأريج أيضًا تريد أن تصير طبيبة حبًا في الطب من خلالي.
سألته هل تجد وقتا لممارسة الهوايات؟
قال وكأنه حريص على تقديم نفسه كفنان، وليس كطبيب، نافضًا سنوات الطب عن ذاكرته: أنا رسام حقيقي، وموسيقي حقيقي، أعزف العود والأورج وأغني، تعلمت من حالي، لم يعلمني أحد الغناء، أبي كان مؤذنا والشخص الذي يغني فاسق هكذا كان المجتمع ينظر إلى المغنين، كانت هناك حواجز رهيبة، كان صعبًا عليه أن يقبل بالغناء من ولده، وعندما أصبت بالثأثأة كان يشفق علي فيلهيني بأي شيء.
وقال: أنا مؤمن بأن الشخص لا بد أن يتميز، لا بد أن يكون هناك فرق بينك وبين الشخص الذي يجلس بجوارك، التميز الإيجابي من أجل خدمة المجتمع، أما إذا كان التميز من أجلك أنت فهذا تميز سلبي، عندما كنت في كندا كنت أريد أن أتميز في أشياء محددة، كنت متميزًا في مجال الأطفال، والمفاصل الصناعية، والإصابات الرياضية.
السيدة نسرين الزوجة التي رأت النجاح قبل أن يصبح يقينًا: 
وعن تجربتها مع زوجها تحكي السيدة نسرين عن ذكرياتها مع الدكتور فايز قائلة: زواجنا تم منذ ست وعشرين سنة، كل مرحلة في حياته كانت لها صعوباتها المختلفة، دراسته، نفسيته، سفره إلى كندا، الغربة غيرت حياتنا بشكل كامل، وكونه وحيد أمه وأبيه جعل زاد من صعوبة السفر، هناك كل شيء جديد، بلد لم نكن نعرف فيها شيئًا، مرحلة الغربة هي التي علمتني وصقلتني، وعرفت كيف أتعامل ولا أعتمد على أهلي، وخرجت من تحت "ماما" كما يقولون، وصرت أعتمد على نفسي في كل شيء، زوجي كان جاري لكنني لم أكن أراه قبل أن أتزوجه، كان جاري ولا أعرفه، كان عمري ستة عشر عامًا حين أصبحت زوجة ومسؤولة عن بيت، وأحببت هذا البيت.

وتقول: الدكتور يتمتع بذكاء عال، هو حريص على الوجود بيننا في الفترة التي يحتاجه الجميع فيها، غاب عنا في الماضي ست سنوات، هناك مراحل يحتاج الطفل الأم أكثر، وأخرى يحتاج إلى الأب أكثر، بمعنى أن في المرحلة التي يكون الطفل فيها أكثر احتياجا إلى الأب تبدأ الأم بالراحة، ويأخذ الأب بزمام الأمور، فالأولاد يحتاجون الأب في الجامعات، والعمل، والبنات في الزواج، وفي الفترة الأخيرة صار زوجي أقرب لأولاده أكثر . وتضيف: السفر كان بهدف الوصول إلى مستوى مادي وتحقيق نجاح أكثر، والحمد لله وصلنا إلى مرحلة الاستقرار المادي، تنازلت عن حقوقي كثيرًا لأصل إلى هذه المرحلة، كل شيء غرسته في أولادي أحصده الآن، الآن أثق فيهم بشكل كافٍ وهم يخرجون إلى الشارع، التربية الآن صعبة ليست كما كانت في الماضي، أولادي كلهم في الجامعات، كونا البيت الذي كنت أحلم به، لم يكن همي الأول أن أسافر في كل سنة إلى دولة مختلفة، ومكان مختلف للسياحة، إنما كنت أخطط للوصول إلى الاستقرار المادي، الآن بدأنا نخطط لمرحلة أخرى تتضمن السياحة، دخل زوجي اختبار الزمالة، ووفقه الله في الإجابات، 
وجاءت النتيجة بأنه رسب في الاختبار، كان إحساسي يؤكد أنه اجتاز الاختبار، وهذا كان يعذبني، كنت أشعر أنه اجتهد وما قصر، وجاءت الأسئلة حسب ما كان يتوقع، وتأزم زوجي نفسيًّا، وأنا أكثر منه، وكان لا بد أن نرجع إلى السعودية لأنه استوفى حقه في الابتعاث، لكن كان شيئًا مريرًا أن نرجع بلا شهادة زمالة، بعد خمس سنوات من الدراسة والعمل،
قلت لزوجي راجعهم لعلهم أخطأوا، أنا إحساسي أنك نجحت، وكان يقول لي: أنت تعذبينني، في كل مرة يقولون لي أنت راسب، وبالفعل راجع النتيجة وقالوا له أنت راسب والأوراق تؤكد، لكن الشعور بأنه ناجح لم يغادرني، واستخدمت صلاحياتي وكلمت أباه وأمه بأن إحساسي بأنه ناجح، وطلبت منهما أن يضغطا عليه ليصحح أوراقه للمرة الثانية، زوجي كان استسلم للأمر وبدأ يذاكر من جديد، كنت أنظر إليه وأبكي من القهر، وكلمته أمه بأن يستجيب لرضاها بأن يصحح أوراقه مرة ثانية وبالفعل قام بتصحيح الأوراق وجاءت النتيجة بأنه راسب، وقال لي زوجي: هل أنت ارتحت نفسيًّا؟ قلت له ما ارتحت، أنت ناجح، فقال لكن الورق يقول أنني راسب، وبدأنا نلم أغراضنا، ولم يبق على عودتنا سوى أسبوع، ونزل زوجي لقضاء بعض الأغراض، وأتى بالبريد، ووضعه بالسيارة، ولمح خطابا عليه خاتم الكلية الملكية وسأل نفسه ماذا يبغون مني؟ أنا راسب، ثم راجع نفسه وفتحه، فوجد أن الكلية تعتذر عن خطأ سقوط اسمه سهوا من قائمة الناجحين، وكانت هذه أول مرة تحدث في تاريخ الكلية.


أخبار مرتبطة