تاريخ النشر 2 ديسمبر 2014     بواسطة الدكتورة فاطمة خنيفس الثبيتي     المشاهدات 201

تنظير البطن

المصطلح (Laparoscopy) مصدره من اليونانية، وهو مكون من دمج الكلمتين lapara والتي تعني الحوض وبصورة اكثر شمولية منطقة البطن، وكلمة skopein والتي تعني القيام بالفحص. تنظير البطن هي تقنية جراحية التي تدخل تحت مجموعة التقنيات الجراحية محدودة الاختراق للجسم (باضعة بشكل صغير) او المنظار. والمقصود هو
الجراحات التي تهدف للتشخيص او العلاج بواسطة الاستعانة بجهاز تلسكوبي دقيق الذي يتم ادخاله الى الجسم من اجل فحص التجويفات الداخلية. وما يميز هذا العلاج هو انه يمكننا من التشخيص والعلاج الجراحي للكثير من الامراض التي تصيب اعضاء البطن والحوض دون الحاجة للقيام بشق جراحي.  
تم وصف المنظار لاول مرة في سنة 1806 عندما قام فيليب بوزيني ببناء جهاز يعتمد على انبوب بسيط وعلى شمعة كمصدر للضوء، من اجل كشف مجرى البول من الداخل. بينما في مجال طب النساء تم تنفيذ اول فحص بواسطة هذه الطريقة في سنة 1869 عن طريق بانتيليوني. بحيث حاول الكشف عن اورام حميدة لدى امراة عانت من نزيف غير منتظم عن طريق تنظير المثانة (جهاز منظاري معد لفحص المثانة). في سنة 1901 فحص جورج كيلينغ بواسطة تنظير المثانة تجويف البطن لدى الكلاب. بحيث قام بضخ هواء منقى الى تجويف البطن من اجل علاج النزيف البطني في الحالات مثل الحمل خارج الرحم (Ectopic pregnancy)، والقرحة (ulcer) النازفة وغيرها.  
تم ابتكار المصطلح تنظير البطن لاول مرة عن طريق جاكوبيوس السويدي في سنة 1911 عندما قام بواسطة منظار المثانة بتنظير تجويف البطن والصدر. كما قام راؤول بالمار من باريس في سنة 1944 بجراحات نسائية بواسطة تنظير البطن بحيث تستلقي المراة وراسها للاسفل ويتم نفخ تجويف البطن بواسطة غاز معين. مما يمكن من رفع جدار البطن وابعاده عن الاعضاء الداخلية، وبالاضافة ابعاد الاعضاء غير المرغوب بها عن موقع الجراحة المطلوب. في البداية كان مصدر الضوء الذي تم استخدامه لاجراء الجراحة يوضع في داخل البطن، مما عرض المرضى لخطر الحرارة والكهرباء. لذا تم في سنة 1952 تطوير جهاز ضوئي بارد والذي يكون فيه مصدر الضوء متواجد خارج الجسم. التطورات الكبيرة في مجال البصريات والتصوير والالكترونيات ودمجها مع التقنيات الطبية في العقود الاخيرة ادى الى تطور تقنيات جراحية جديدة التي كان قد تم تهميشها لسنوات عديدة.  
تقنية الجراحة بواسطة التنظير البطني تعتمد على عدة مراحل ثابتة، والتي تشمل: استلقاء المريض والقيام بتخديره بشكل تام، ادخال ابرة خاصة من خلال جدار البطن وضخ غاز ثاني اكسيد الكربون من خلالها من اجل نفخ تجويف البطن، ثم يتم ادخال منظار البطن لداخل تجويف البطن بواسطة كم خاص بقطر 1 سم يتم ادخاله عادة عبر السرة، يتم تفحص البطن والحوض بواسطة الصورة التي تنتقل عن طريق منظار البطن الى الشاشة، ثم يتم ادخال ادوات الجراحة عبر 2-3 شقوق صغيرة جدا في البطن، والقيام بالعملية المخطط لها.       
في يومنا هذا يتم استعمال تنظير البطن في عدة عمليات جراحية في مجالات مختلفة مثل الجراحة العامة، النسائية، جراحة المسالك البولية وغيرها.  
يتم تصنيف الاجراءات التنظيرية لغرض التشخيص او لغرض الجراحة. يتم القيام بتنظير البطن لغرض التشخيص في الحالات التي يكون هنالك شك بتواجد مشكلة في البطن او الحوض، وعدم المقدرة على تشخيص المشكلة بشكل دقيق بطرق غير باضعة, مثل حالات الالم المزمن في الحوض وعدم الخصوبة وغيرها. كما انه من الممكن ان تنفذ ايضا كجزء من المعاينة بعد التعرض لحادث في منطقة البطن، من اجل تشخيص الحالات مثل تمزق الحجاب الحاجز او الطحال او نزيف في تجويف البطن وغيرها. او عندما يكون هنالك شك بضرورة القيام بشق البطن. يتم استعمال تنظير البطن من اجل الجراحة في العديد من الحالات مثل: استئصال المرارة، استئصال الزائدة الدودية، والجراحة لعلاج الارتجاع المعدي المريئي، واستئصال القولون واستئصال الطحال، وعلاج الفتق الاربي وغيرها. في مجال طب النساء، استخدام هذه التقنية شائع عند: استئصال الخراجات المبيضية بالاضافة للمحافظة على الانسجة المبيضية الطبيعية، اصلاح قنوات فالوب، ازالة قنوات فالوب والمبايض، التعقيم (ربط قنوات فالوب)، علاج الحمل خارج الرحم، علاج الالتواء المبيضي، علاج بطانة الرحم، علاج متلازمة تكيس المبايض، علاج الخراج البوقي المبيضي، ازالة الالتصاقات، استئصال الرحم، ازالة الاورام الليفية من جسم الرحم مع الحفاظ على الرحم (بسبب عدم الخصوبة)، وفي السنوات الاخيرة يستخدم لعلاج مشاكل قاع الحوض والجراحات النسائية - السرطانية.    
هنالك العديد من الايجابيات للتنظير بالمقارنة مع طرق الجراحة العادية السائدة التي تشمل شق البطن. من بين هذه الايجابيات نجد: التعافي السريع، والحد من مدة الرقود في المستشفى، التخفيف من حدة الالام، ونتيجة لذلك الحد من استهلاك مسكنات الالم، نتائج جمالية افضل بشكل ملحوظ، والحد من المضاعفات، وخاصة مضاعفات الشق الجراحي مثل العدوى والفتق. نتيجة لكل هذه الايجابيات يتم التوجه للتنظير على انه الامكانية الجراحية المفضلة في عدد كبير من الامراض التي تحتاج للجراحة. من المتوقع ظهور العديد من الابتكارات والتطورات في مجال جراحة التنظير في المستقبل. حتى الان نقف عند مصب العصر الذي سيتم به تنفيذ العملية الجراحية بالمنظار ورؤية صورة ثلاثية الابعاد، بمساعدة رجل الي وامكانية التحكم فيه عن بعد.


أخبار مرتبطة