تاريخ النشر 31 مارس 2015     بواسطة البروفيسور عبدالرحمن الشيخ     المشاهدات 201

مستقبلات الإنسولين.عطبها هل يؤثر في عمل المخ ووظ

الهرمونات هي مواد كيميائية خاصة تؤدي وظائف محددة، ولكي تقوم هذه الهرمونات بعملها المنوط بها لابد أن تكون هناك مستقبلات خاصة بها توجد عادة على سطح الخلايا. من هذه الهرمونات هرمون الإنسولين والذي يتحد مع مستقبلاته على سطح الخلايا لتنظيم حرق السكريات وتنظيم مستوى السكر في الدم. إن أهم هذه الخلايا
التي تعتبر مكان عمل هرمون افنسولين هي خلايا الكبد والعضلات والدهون. توجد على هذه الخلايا كما هو معروف مستقبلات الإنسولين، إلا أنه في الآونة الأخيرة تم اكتشاف مستقبلات الإنسولين في خلايا الأعصاب في الدماغ وكذلك الجهاز العصبي. ولا يعرف حتى الآن أهمية وجود هذه المستقبلات في الجهاز العصبي. سنتحدث هنا عن دور جديد لهذه المستقبلات، ودورها في تنظيم الوزن أو الذاكرة أو التكاثر.
مستقبلات الإنسولين في الدماغ
لقد مضى الآن أكثر من عشرين عاما على معرفة وجود مستقبلات هرمون الإنسولين في الجهاز العصبي وخاصة مخ الإنسان ودماغه. وبعد هذا الكشف العظيم، بدأ التساؤل الأهم والبحث الأجل وهو: ما أهمية وجود مستقبلات الإنسولين في الدماغ وكافة أجزاء الجهاز العصبي.
لقد كان معروفا ومعلوما أن مكان مستقبلات هرمون الإنسولين ومواقع تواجدها هو خلايا جسم الإنسان المختصة بإنتاج الطاقة، ولكن الآن الوضع قد تغير وهناك مواقع أخرى تم التعرف عليها وأهمها الجهاز العصبي.
ومن الأسئلة المطروحة أيضا هو ماهية الدور المنوط بهذه المستقبلات. وهل دور الإنسولين في الدماغ هو فقط تيسير وتسهيل العمليات الاستقلابية التفاعلية الخاصة بعنصر السكر أم أن الأمر يتعدى ذلك إلى أمور قد تكون مجهولة لنا في الوقت الحاضر.
إن مقالة اليوم تتحدث عن أهمية الإنسولين ووظائفه خارج نطاق الوظيفة المعتادة التي إعتادها الناس وهي حرق السكريات وإنتاج الطاقة. ويدفعنا ذلك إلى طرح تساؤل مهم وهو هل يمكننا الاعتقاد بأنه لو كان هناك عطب في هذه المستقبلات سيؤثر ذلك على عمل المخ ووظائف الجهاز العصبي إضافة إلى إصابة هذا الشخص بمرض السكري المعتاد.
بعد التعرف على وجود مستقبلات الإنسولين في الدماغ والجهاز العصبي، بدأت بعض الدراسات الأولية الحيوانية العمل على محاولة إنتاج فئران تجارب تفتقد مستقبلات الإنسولين أو تفتقد فعالية هذه المستقبلات ويكون بإحداث عطب في هذه المستقبلات ومن ثم العمل على دراسة عمل مخ وأعصاب هذه الحيوانات بعد فقدها لهذه المستقبلات وإبطال عملها.
ومن الدراسات الشائقة دراسة عملت في حيوانات التجارب أوضحت أن إعطاء فئران التجارب كميات كبيرة من السكريات يؤدي إلى اختلال الذاكرة وفي المقابل أن إعطاء كمية من الإنسولين تساعد في حفظ الذاكرة وزيادة التركيز. كما ان هناك دراسات مختلفة في الإنسان أوضحت أن وجود خلل في مستقبلات الإنسولين مرتبط بوجود خلل في الذاكرة وضعف التركيز إلى درجة أن الباحثين أشاروا إلى وجود علاقة بين مرض الألزهايمر ومرض السكري المرتبط بضعف مستقبلات الإنسولين. كما أن العديد من الدراسات أوضحت أن إعطاء مريض الألزهايمر وخاصة ذلك المصاب بمرض السكري هرمون الإنسولين يزيد من درجة استيعابه وتركيزه وإدراكه. وهناك أيضا من الدراسات الحديثة على الإنسولين البخاخ أو ما يعرف بالإنسولين الرذاذي التي أثبتت وجود تحسن في حالة مريض الالزهايمر عند تعاطي هذا النوع من الإنسولين الجديد وان التحسن يزداد بزيادة جرعات الإنسولين البخاخ. إن علاقة الإنسولين ومستقبلات الإنسولين أصبحت واضحة جدا مع تقدم العمر، فمع تقدم العمر تنقص مستقبلات الإنسولين في الدماغ وفي المقابل تنقص الذاكرة والقدرة على التركيز، وتنصب الدراسات إلى إيجاد وسيلة لزيادة عدد هذه المستقبلات إن أمكن لمقاومة مرض ضعف الذاكرة. لقد كان في الماضي يعتقد أن ضعف الذاكرة لدى مريض السكري بسبب نقص مستوى السكر في الدم وبسبب نوبات التشنج المصاحبة لنقص السكر التي تصيب مريض السكري ولكن الآن تبين أن هناك عوامل أخرى منها نقص عدد مستقبلات الإنسولين ونقص هرمون الإنسولين وأيضا زيادة مستوى السكر في الدم.
مستقبلات الإنسولين وزيادة الوزن
من المستغرب، أن إبطال عمل مستقبلات هرمون الأنسولين في الحيوان (وقد ينطبق الأمر على الإنسان) أدى إلى زيادة في شراهة الأكل لدى هذه الحيوانات، وكأن لسان الحال يقول إنه عندما يكون هناك عطب في مستقبلات الإنسولين، فإن الشخص لا يصاب فقط بمرض السكري ولكن قد يكون أكثر شراهة للأكل وبالتالي يكون أكثر عرضة للإصابة بزيادة الوزن. إن هذه النظرية قد تغير من مفهومنا عن مرض السكري الذي يسببه خلل مستقبلات الإنسولين، فنحن دوما نعتقد أن زيادة الوزن هي التي تضعف مستقبلات الإنسولين وبالتالي تسبب مرض السكري، إلا أن هذه التجربة اوضحت أن عطب أو خلل مستقبلات الإنسولين قد يكون سببا في المرضين معا وهما زيادة الوزن ومرض السكري.
مستقبلات الإنسولين والقدرة على الإنجاب
لعل الكثير من مرضى السكري يتساءلون عن مدى القدرة على الإنجاب والتكاثر وهل مرض السكري خاصة غير المتحكم به يؤثر سلبا على القدرة على ذلك. لعله من المعروف ومن المعلوم أن مرض السكري قد يؤثر على القدرة الجنسية سواء للذكر أو الأنثى، فهو يؤثر على الأعصاب والأوعية الدموية وبالتالي قد يؤثر على الانتصاب والجماع. إلا أن بعض الدراسات الحيوانية والتي عملت على حيوانات التجارب أوضحت أنه بمجرد وجود خلل في مستقبلات الإنسولين قد يؤثر ذلك على عدد الحيوانات المنوية لدى الذكر وإن كان مرض السكر متحكماً به، مما يدل على أهمية مستقبلات الإنسولين وأهمية عملها خارج نطاق ضبط مستوى السكر في الدم وحرق السكريات. فدور مستقبلات الإنسولين لا يقف عند حد ذلك، بل كما ذكرنا من قبل، فهو يلعب دورا في التكاثر المنوي وزيادة الوزن إلى جانب التطور الذهني والفكري.


أخبار مرتبطة