تاريخ النشر 2 ابريل 2015     بواسطة الدكتور احمد العبدالوهاب     المشاهدات 201

الأطفال الخدج أكثر عرضة للفتوق الأربية

يعد الفتق الأربي الحالة الأكثر شيوعا من حيث الحاجة للجراحة عند الأطفال، ويفترض أن نسبة حدوث الفتوق الأربية عندهم تبلغ 20- 1000/10ولادة حية، ونسبة الحدوث عند الصبيان مقارنة بالإناث (41)، وتتظاهر 50% من الحالات تقريبا قبل عمر السنة، ويشاهد معظمها خلال الأشهر الست الأولى. يعد الفتق الأربي غير المب
اشر أكثر أشكال الفتوق الأربية شيوعا عند الأطفال، والفتوق المباشرة نادرة الحدوث حيث تشكل نسبة 1%.
تقريبا منها، كما تعد الفتوق الفخذية نادرة أيضا عند الأطفال. يتوضع 60% من الفتوق الأربية في الجانب الأيمن . 30% في الجانب الأيسر وتكون ثنائية الجانب في 10% من الحالات، والملاحظ وجود نسبة حدوث أعلى لها عند الرضع الخدج إذ تحدث عند ما نسبته 30% منهم.
كيف يتكون الفتق؟
يمر الرسن في مسار نزوله عبر جدار البطن الأمامي في المكان الذي سيتحول مستقبلا إلى الحلقة الأربية الداخلية والقناة الأربية.. تهبط الخصيتان اللتان تتوضعان بادئ ذي بدء ضمن الحرف البولي التناسلي في الناحية خلف الصفاق، نحو منطقة الحلقة الباطنة للقناة في حوالي الأسبوع 28من الحمل، وتنظم الهرمونات الذكرية وعوامل آلية (زيادة الضغط ضمن البطن ) عملية نزول الخصية عبر القناة، وفي الأسبوع 29تقريبا تصل الخصيتان إلى كيس الصفن، وتهبط كل منهما عبر القناة الأربية.
يهبط المبيضان أيضا ضمن الحوض من الحرف البولي التناسلي، لكنهما لا يغادران التجويف البطني، ويتمايز الجزء الرأسي من الرسن إلى رباط المبيض فيما يصبح الوجه السفلي منه الرباط المدور الذي يعبر القناة الأربية.
تلتحم طبقة الغمد في الأسابيع الأخيرة القليلة من الحمل أو بعد الولادة بفترة قصيرة، بصورة طبيعية لتسد مدخل القناة على مقربة من الحلقة الداخلية لها، ويؤدي الإخفاق في حدوث هذا الانسداد إلى طائفة متنوعة من الشذوذات والعيوب الخلقية، بحيث إذا فشل حدوث الانسداد بصورة كاملة حدث الفتق الأربي الكامل.
التظاهرات السريرية:
تتظاهر كل الفتوق الأربية عادة على هيئة انبعاج في الناحية الأربية ويمتد باتجاه الصفن أو ضمنه، ويشاهد الطفل أحيانا وهو يعاني من تورم في الصفن دون قصة سابقة لانبعاج في الناحية الأربية، يكون أحد الوالدين الشخص الأول الذي يلاحظ وجود الانبعاج والذي قد يبدو للعيان عند البكاء أو الضغط للأسفل، وعندما يكون الطفل نائما أو مسترخيا يرتد الفتق عفويا دون انبعاج ملحوظ أو ضخامة في الصفن. وقصة وجود انبعاج متردد في الصفن الذي يرتد عفويا يعتبر صورة كلاسيكية للفتق الأربي غير المباشر.
يظهر الفحص انبعاجا أربيا عند مستوى الحلقة الداخلية أو الخارجية أو تورما في الصفن يمكن رده أو يتأرجح في حجمه، ولا يمكن استخدام طريقة الفحص المتبعة عند المريض الكبير بحثا عن الفتق الأربي بإدخال السبابة في ضمن القناة الإربية، عند الرضع والأطفال صغار السن إذ يمكن أن تسبب إزعاجا لا طائل وراءه، وسبب ذلك أن الحلقتين الخارجية والداخلية موجودتين في المستوى نفسه عند هؤلاء، كما لا توجد لديهم قناة أربية حقيقية ذات حدود واضحة.
وعند الرضع يطلب الرضيع مستلقيا مع ساقين ممتدتين واليدان فوق الرأس مما يدفع الطفل للبكاء وبالتالي رفع الضغط ضمن البطن وبروز الانبعاج في الصفن . أما الأطفال الأكبر سنا، فيمكن فحصهم بوضعية الوقوف التي يرتفع فيها الضغط ضمن البطن أيضا مما يوضح الفتق.
ويمكن للخصية المنكمشة أن تشابه الفتق الأربي عند الرضع صغار السن والأطفال (وهي كثيرة التوارد لديهم) حيث تظهر على هيئة انبعاج فوق الحلقة الخارجية، وهذه النقطة تجعل جس الخصية أمرا هاما قبل جس الانبعاج الأربي، وفعل ذلك يميز بين الحالتين ويؤدي لتجنب اللجوء لمداخلة جراحية غير ضرورية.
عند بروز مصاعب تشخيصية، يقدم الفحص المستقيمي عونا كبيرا في تمييز الشذوذات الحادثة بصورة حادة ويقوم فيه الطبيب أولا بفحص الحلقة الداخلية في الجانب غير المصاب ومن ثم يقوم باستعمال السبابة أو الإصبع الخامس نحو الحلقة الداخلية للجهة المصابة. وفي حال وجود الفتق الأربي غير المباشر، يمكن جس عضو ضمن البطن ممتد عبر الحلقة الداخلية. تفيد هذه الطريقة في تمييز الفتق المختنق للحبل أو الشذوذات الأربية الأخرى كالتهاب العقد اللمفية .
يصعب في بعض الأحيان تمييز الفتق الأربي الكامل عن الأدرة المعزولة (استسقاء في كيس الصفن )، ويمكن تمييز هاتين الحالتين عن بعضهما عادة بالقصة المأخوذ بعناية. ففي حالة الرضيع المصاب بالفتق الأربي الكامل يختلف حجم التورم الموجود في الصفن خلال النهار، حيث يكون كبيرا عادة عندما يبكي الطفل أو يبذل جهدا ويختفي أو يتضاءل حجمه كثيرا خلال فترات الاسترخاء، أما الأدرة المعزولة فلا يتغير حجمها خلال اليوم وعادة ما تختفي على مدى النسبة الأولى من الحياة. وتمرر الأدرة وكذلك الفتق الأربي الكامل الضوء وقد يكون من الصعب تمييز الحالتين بعضهما عن بعض لصعوبة رد الفتق يدويا نتيجة التضيق الموجود ضمن القناة الأربية الصغيرة.
وما يلزم في هذه الحالة لوضع القرار بالمداخلة الجراحية أو تجنبها أخذ القصة المرضية بعناية. قد لا يكون الانبعاج الأربي أو التورم الصفني موجودا عند المريض في بعض الحالات عند إجراء الفحص، وقد تكون العلامة الوحيدة الموجودة عبارة عن تسمك الحبل المنوي، ويمكن إيضاح هذه العلامة بجس الحبل المنوي فوق الحد العاني، حيث تعطي طبقتا الصفاق اللتان تحتكان بعضهما فوق بعض الشعور بعلامة الحرير، ويعتبر ترافق العلامة السابقة مع القصة المتماشية مع الفتق، أمرا مساعدا على تشخيصه.
ويمكن للمثانة الممتلئة أن تسد الفوهة الداخلية للقناة مما يمنع إيضاح الفتق ويساعد إفراغ المثانة على تحاشي ذلك. تشاهد نسبة حدوث مزدادة للفتوق الأربية غير المباشرة عند الأطفال ذوي القصة العائلية الإيجابية للفتوق والتليف الكيسي وخلع الورك الولادي وعدم نزول الخصيتين والأعضاء التناسلية والعيوب الخلقية في جدار البطن.
وهنالك خطورة متزايدة لحدوث الفتق الأربي عند الرضع المصابين باضطراب النسيج الضام لمتلازمة (إهلر - دانلوس) وداء عديدات السكريد المخاطية، وينبغي أن يبرز الشك عند الرضع من الإناث المصابات بالفتوق الأربية بوجود التأنث الخصوي لديهن بالنظر لوجود مثل ذلك تلك الفتوق عند أكثر من 50% من المصابات بالتأنث الخصوي، وبصورة معاكسة يمكن القول أن من الصعب تحديد نسبة حدوث التأنث الخصوي الحقيقية عند كل الرضع من الإناث بملاحظة وجود قند شاذ في كيس الفتق أثناء المداخلة الجراحية أو بجس الرحم من خلال الفحص المستقيمي إذ يسهل جس هذا العضو المتوضع على الخط المتوسط تحت افتراق العانة بسهولة، وتترك مسألة تحليل الكروموسومات للحالات التي يغيب فيها جس الرحم بصورة مؤكدة ينبغي إجراء تصوير للحوض بالأمواج فوق الصوتية إن كانت هنالك حاجة لذلك وقت إجراء الجراحة لنفي وجود التأنث .
المعالجة:
يشكل العمل الجراحي المعالجة المختارة، حيث لا يتلاشى الفتق الأربي بصورة عفوية، وتجرى المعالجة الجراحية بصورة انتقائية بعد برهة وجيزة من وضع التشخيص نظرا للخطر العالي لحدوث الاختناق خاصة خلال السنة الأولى من الحياة . وليس هنالك من استطباب للأجهزة الداعمة أو أحزمة الفتق حيث يمكن أن تكون مصدراً للخطر، ولا يستطب العمل الجراحي لحالات الأدرة المعزولة ولا يوجد استطباب للمداخلة على أدرة الحبل والتي تترافق مع فتق في أغلب الأحوال. تجد الأدرة المعزولة غالبا سبيلها نحو التلاشي خلال السنة الأولى من الحياة، وبعد بقاءها بعد تلك الفترة يوضع تشخيص الفتق الأربي الكامل، الذي يستدعي استكشاف الناحية الأربية
إذا ما كان ذلك الإصلاح وحيد الجانب في الجهة اليسرى، تبلغ نسبة تطور الفتق في مرحلة لاحقة بالجهة اليمنى 40% ويحتمل أن يكون سبب ذلك النزول المتأخر للخصية في الناحية اليمنى خلال الحياة الجنينية. ويبدو أن خطر تطور فتحة في الجهة المقابلة بعد إصلاح الفتق وحيد الجانب أعلى عند الرضع الأصغر سنا ويصل إلى ما مقداره (50%) عند الأطفال الذين أجري إصلاح وحيد الجانب في غضون السنة الأولى من الحياة .
ويكون خطر حدوث الاختناق في الفتق أعلى عند الأطفال الذين يقل عمرهم عن السنة (30% تقريبا)، مع تركز معظم حالاته عن الأطفال الذين يقل عمرهم عن ستة أشهر، استنادا إلى المعطيات السابقة، يوصي معظم جراحي الأطفال بالاستكشاف الثنائي الجانب للناحية الأربية عند معظم الاطفال الذين يقل عمرهم عن السنة وعند المرضى ذوي الحالات التي تترافق مع خطر متزايد لحدوث فتق أربي عند الاطفال دون عمر السنتين والذين يعانون من فتق في الناحية اليسرى لتطور فتق في الجهة المقابلة مما يستدعي أخذ مسألة استكشاف الناحية اليمنى لديهم بعين الاعتبار.
وبينت دراسة أجريت في اليابان وتضمنت متابعة لعدة سنوات ولعدد كبير من المرضى عقب إصلاح فتق وحيد الجانب عند الأطفال، أن نسبة حدوث فتق في الجهة المقابلة تبلغ تقريبا (12%)، ومن خلال هذه الدراسة وعدة دراسات أخرى برزت مسألة تتعلق. بمدى الحكمة التي تبرر الاستكشاف الجراحي الثنائي الجانب لحالات الفتوق وحيدة الجانب بصورة روتينية.
وتبين من خلال استخدام منظار البطن لاستجلاء الناحية المقابلة للفتق أنها تتمتع بالكفاءة وتغني عن الاستكشاف الجراحي غير الضروري لها فيما لو أجريت بأيد خبيرة. وينبغي أخذ القرار بالاستكشاف الجراحي الثنائي الجانب أيضا في ضوء خبرة الجراح والمخدر والحالة العامة للطفل.
تتخذ قضية التغطية بالمضادات قبل تنفيذ الإصلاح الجراحي للفتق أهمية بالغة عند الأطفال المصابين بمرض القلب الخلقي. والأمبيسيلين والجنتاميسين هما الدواءان محل الاختيار في هذه الحالة، ويبدأ بهما قبل ساعتين من الجراحة مع الاستمرار بهما في الفترة المبكرة التالية لها.


أخبار مرتبطة