تاريخ النشر 30 مايو 2015     بواسطة الدكتورة خديجة محمد شاه كاشغري     المشاهدات 201

الفيروسُ التنفُّسي المخلوي عند الأطفال

يمكن أن تسبِّب العدوى بالفيروس التنفُّسي المخلوي أعراضاً معتدلة شبيهة بالرشح أو الزُّكام عند البالغين والأطفال الكبار نسبياً. كما يمكن أن تسبِّب مشاكلَ عند الأطفال الصغار، بما فيها التهاب الرئة وعدد من المشاكل التنفُّسية الخطيرة. وقد يؤدِّي هذا الفيروس إلى الموت في بعض الحالات النادرة. يُمثِّل
الأطفالُ الخُدَّج أو المصابون بمشاكل صحِّية أخرى الفئةَ الأكثر تعرُّضاً لهذه الحالات. قد يظهر على الطفل المصاب بالفيروس التنفُّسي المخلوي حمَّى وانسداد أنف وسعال واضطراب في التنفُّس. ويجري التأكُّدُ من إصابة الطفل بهذا الفيروس عن طريق إجراء اختبارات طبِّية. ينتقل الفيروسُ التنفُّسي المخلوي بسهولة من شخص إلى آخر. ويمكن أن يُصابَ به الإنسان بسبب الاحتكاك المباشر مع أحد المصابين أو بسبب لمس الأشياء الملوَّثة، مثل الألعاب أو أسطح خزائن المطبخ. يعدُّ غسلُ اليدين المتكرِّر وعدم مشاركة الآخرين أدوات الطعام والشراب من الطُّرق البسيطة المفيدة للمساعدة في الوقاية من انتشار العدوى بالفيروس التنفُّسي المخلوي. ولا يوجد في الوقت الحالي لقاحٌ للفيروس التنفُّسي المخلوي. 
مقدِّمة
الفيروسُ التنفُّسي المخلوي هو فيروسٌ يمكن أن يسبِّب التهاباً في القصبات الهوائية في الرئتين، وهو يصيب الأطفالَ الرًّضع والأطفال الصِغار غالباً. يبدأ الفيروسُ التنفُّسي المخلوي بأعراض تشبه أعراض الأنفلونزا والرشح، ثمَّ سرعان ما يتطوَّر إلى سعال ووزيز أو أزيز، وهو صوت يرافق الزفير. يستطيع جسمُ الطفل التغلُّبَ على هذا المرض في معظم الحالات، وتزول الأعراضُ من دون علاج. ولكن هناك بعض الأمور التي يمكن للوالدين عملها ليساعدا طفلهما لكي يكون أكثر ارتياحاً. يمكن أن تصبح أعراضُ الفيروس التنفُّسي المخلوي في بعض الحالات أكثرَ شدَّة. ومعرفةُ الوالدين بهذه الأعراض أمر بالغ الأهمية كي يتمكَّنا من توفير العناية الفورية لطفلهما عند الضرورة. هذا البرنامجُ التثقيفي موجَّه للأبوين اللذين لديهما أطفال صغار قد أصيبوا بالفيروس التنفُّسي المخلوي. وهو يقدِّم نصائح حول وقاية الطفل من هذا الفيروس، كما يقدِّم شرحاً عن أسباب هذا المرض، وأعراضه، وكيفية معالجته، والعلامات التي ينبغي مراجعة الطبيب عند ظهورها. 
الرِّئتان
عدوى الفيروس التنفُّسي المخلوي هي مرض مُعدِ يصيب الرئتين. ويستعرض هذا الفصل تشريحَ الرئتين لجعل فهم الالتهاب بالفيروس التنفُّسي المخلوي أكثر سهولة. تسمح الرئتان لنا بتزويد دمنا بالأكسجين، حيث يَمتصُّ الدم الأكسجين الذي نتنفَّسه من خلال الرئتين. يمرُّ الهواءُ عندما نستنشقه، سواء بواسطة الفم أو الأنف، إلى القصبة الهوائية أو الرُّغامى. ومن الرُّغامى يذهب الهواء في حزمة من الأنابيب الصغيرة تُسمى الأنابيب القصبية، وهي توجد في كلِّ جانب من الرئتين. وتتشعَّب بدورها إلى أنابيب أصغر فأصغر، وتُسمَّى الأصغر بينها: القُصَيبات. هناك مادَّة خاصَّة تغطِّي كامل السطح الداخلي للأنابيب القصبيَّة، وهي المُخاط. ويساعد هذا المُخاط على التقاط الغُبار من الهواء الذي نستنشقه. ويخرج هذا المُخاط من الجسم عندما نسعل. كما أنَّ هناك أشعاراً صغيرة جداً تُسمَّى الأهداب، تحمي الجهاز التنفُّسي. وتقوم الأهداب بدفع المُخاط باستمرار إلى خارج الرئتين. ويتم طردُ المُخاط بشكل تلقائي في معظم الوقت. أمَّا عندما يكون هناك كمِّية كبيرة منه، فإنَّنا نطردها بواسطة السعال. 
الأسباب
يحتوي الهواءُ الذي نتنفَّسه على جراثيم. ويقوم جهازنا المناعي بحماية الرئتين من العدوى بمحاربته لمعظم هذه المكروبات من فيروسات وجراثيم. ولكنَّ بعضَ هذه الجراثيم تتمكَّن أحياناً من تجاوز الجهاز المناعي وتستقر في الرئتين. وعندما يحدث ذلك، يمكنها أن تسبِّب التهاباً في الرئتين. الالتهابُ هو استجابةُ الجهاز المناعي الطبيعية تجاه الملوِّثات أو الأذى الذي يتعرَّض له الجسم. ويسمَّى الالتهاب الذي يحصل في القصيبات التهابَ القُصيبات. عندما يُصاب الطفل بالتهاب القُصيبات، فإنَّ قُصيباته قد تَمتلئ بالقيح والمُخاط وسوائل أخرى. وعندما تُصيب العدوى كلَّ الرئة، فإنَّها تُدعى التهابَ الرئة. تكون القُصَيبات عند البالغين والأطفال الكبار واسعةً، لأنَّها أخذت الوقت الكافي للنموِّ. أمَّا عند الرُّضَّع والأطفال الصغار، فإنَّ القُصيبات لم تأخذ الوقت الكافي للنمو، ولذلك تكون ضيِّقة جداً. وهذا هو السببُ الذي يفسِّر إصابة الرُّضَّع والأطفال الصغار بمشاكل تنفُّسية أكثر من غيرهم، حيث إنَّ مجاريهم التنفُّسية قد تُسدُّ بسهولة، خاصَّة إذا تراكم القيح والمخاط وسوائل أخرى. في كثير من الأوقات، يكون الفيروس التنفُّسي المخلوي هو المسبِّب لالتهاب القُصيبات عند الأطفال. والمضاداتُ الحيوية غير مفيدة في مقاومة الفيروسات. ولهذا السبب، فإنَّ الأطبَّاء لا يستطيعون وصف المضادَّات الحيوية عادة لمعالجة التهاب القصيبات أو الفيروس التنفُّسي المخلوي. تنتقل الفيروساتُ التي تسبِّب التهاب القُصيبات عبر الهواء الذي نتنفَّسه، والأشياء التي نلمسها، تماماً مثل الفيروسات التي تسبِّب الزكام والأنفلونزا، كما يمكننا ان نلتقطها من بعضنا البعض. تحتاج الفيروساتُ إلى مدَّة معيَّنة من الوقت، بضعة أيَّام عادة، كي تسبِّب المرض، إذا لم يتمكَّن الجسم من القضاء عليها. التهابُ القصيبات مرضٌ مُعدِ، أي أنَّه ينتقل من شخص لآخر. كما أنَّ الوقاية منه أفضل دائماً من معالجته. يمكن للوالدين حماية طفلهما من التقاط العدوى بالفيروسات، وذلك بقيامهما بغسل أيديهما وتجنُّب الاحتكاك بأطفال يعانون من التهاب القُصيبات. 
الأعراض
تشبه أعراضُ عدوى الفيروس التنفُّسي المخلوي الأعراض التي تحدث في حالة الرشح أو الزُّكام العادي. وكما في حالةِ الرشح، فإنَّ معظم حالات التهاب الفيروس التنفُّسي المخلوي تحدث في الشتاء وأوائل الربيع. يعاني معظمُ الأطفال المصابين بالفيروس التنفُّسي المخلوي من بعض الأعراض التالية:
الحمَّى.
القشعريرة.
السعال.
سيلان الأنف.
تستمرُّ هذه الأعراض حوالى يومين. ثم تزداد حالة السعال سوءاً في العادة، ويبدأ الطفلُ بالوزيز، وهو صوتٌ يصدره الطفل في أثناء الزفير بسبب تضيُّق القصبات. تتحسَّن الأعراضُ عند معظم الرُضع دون معالجة. ولكنَّها قد تزداد سوءاً في بعض الأحيان، فيصبح تنفُّسُ المريض سريعاً وسطحياً؛ ثمَّ يصبح من الصعب على الطفل أن يتنفَّس، وتُسمَّى هذه الحالة التنفُّس الجهدي. كما أنَّ الطفل قد يأخذ باللهاث طلباً للهواء، وتتوسَّع فتحتا أنفه وتكبران مع الشهيق والزفير. وقد يتسارع معدَّل ضربات قلبه، ويصبح الطفل متهيِّجاً ومتعباً ويُصاب بالنعاس. وربَّما يتوقَّف الطفل عن تناول الطعام كما قد يتقيَّأ بعد السعال، بل قد يتوقَّف الطفل عن التنفُّس لفترات قصيرة من الزمن. ومع زيادة الأمور سوءاً، قد يصبح الطفل متجفِّفاً وغير قادر على تزويد دمه بكمِّية كافية من الأكسجين، ممَّا يسبِّب تلوُّنَ الجلد والأظافر باللون الأزرق، وهذا ما يسمَّى الازرقاق. قد يحتاج الطفلُ، في الحالات الشديدة من عدوى الفيروس التنفُّسي المخلوي، إلى نقله إلى المستشفى، حيث يوضع مؤقَّتاً على آلة تساعده على التنفُّس بشكلٍ أفضل. 
العنايةُ الذاتية
تستمرُّ معظم حالات الفيروس التنفُّسي المخلوي حوالي أسبوعين، ولكنَّ بعضَ الأطفال قد يستمرُّون بالسُّعال بضعةَ أسابيع أخرى. ويتحسَّن معظمُ الأطفال الذين يصابون بالفيروس التنفُّسي المخلوي من تلقاء أنفسهم. يمكن للوالدين أن يجعلا طفلهما أكثر ارتياحاً، إذا كان مصاباً بالفيروس التنفُّسي المخلوي، وذلك باتِّباع الأمور التالية:
تشجيع الطفل على شرب كمِّيات كبيرة من السوائل لحمايته من الجفاف.
استخدام الأجهزة المرطِّبة أو المرذاذ للمساعدة على حلِّ المخاط وتمييعه.
وضع الطفل في وضعية الجلوس بدلاً من الاستلقاء، وذلك لمساعدته على التنفُّس.
يمكن استعمال "شفاطة" لتخفيف احتقان الأنف.
يمكن إعطاء الطفل الجرعة المناسبة من الأسيتامينوفين أو التيلينول. ولكن يجب عدمُ إعطاء الأسبرين أو المستحضرات التي تحوي الأسبرين للأطفال الصغار، لأنَّها قد تسبِّب تأثيرات جانبيَّة خطيرة عند الأطفال الصغار. يجب الطلب من أفراد الأسرة المدخِّنين والضيوف أيضاً عدم التدخين داخل المنزل؛ فالدخانُ يمكن أن يجعل أعراض الفيروس التنفُّسي المخلوي أكثر سوءاً. 
متى ينبغي مراجعةُ الطبيب
يجب الاتِّصال بالطبيب إذا أصبحت أعراضُ المرض عند الطفل أكثرَ شدَّة. وقد يكون الطفل بحاجة إلى دخول المستشفى لوضعه على آلة للمساعدة على التنفُّس. إن الحالات الشديدة من عدوى الفيروس التنفُّسي المخلوي يمكن أن تهدِّد حياة الطفل إذا لم تُعالج. ينبغي الانتباه للأمور التَّالية:
التنفُّس السريع جداً.
التنفُّس الجهدي الذي يسبِّب حركة غير طبيعية في الرقبة وأعلى الصدر.
ارتفاع درجة حرارة الطفل.
السُّعال الذي يزداد سوءاً، مع مرور الوقت ولا يتحسَّن.
الجفاف.
زيادة النُّعاس.
ازرقاق الجلد أو الشفاه أو الأظافر.
يستطيع الطبيبُ تشخيص عدوى الفيروس التنفُّسي المخلوي عادة عن طريق فحص الطفل وطرح بعض الأسئلة على الوالدين. كما يقوم الطبيبُ في أثناء الفحص بالإصغاء إلى رئتي الطفل بواسطة السمَّاعة الطبِّية بحثاً عن أصوات الخرخرة والفرقعة. كما يبحث أيضاً عن أصوات القرقرة التي تدلُّ على وجود سائل كثيف في الرئتين. وقد يشير أيٌّ من هذه الأصوات إلى الإصابة بالعدوى. يمكن أن يُوضَع التشخيصُ اعتماداً على السجل المرضي والفحص الطبي فقط، ولكن قد تدعو الضرورة أحياناً إلى إجراء صورة للصدر بالأشعة السينيَّة. كما قد يطلب الطبيب أيضاً إجراء فحص لدم الطفل للبحث عن علامات العدوى. 
المعالجة
يمكن أن يصف الطبيبُ، في الحالات الشديدة للفيروس التنفُّسي المخلوي، أدويةً تساعد على فتح المجاري التنفُّسية في رئتي الطفل. وقد يكون من الضروري بقاءُ الطفل في المستشفى إذا كان يعاني من مضاعفات ناجمة عن الفيروس التنفُّسي المخلوي. وهنا، يقوم الطاقم الطبي بمساعدة الطفل على التنفُّس بشكل أفضل بإعطائه الأكسجين، أو بوضعه تحت أجهزة تنفُّس خاصَّة. وعند الحاجة، يُعطى الطفلُ السوائلَ عن طريق الوريد لمنع الجفاف. 
الوقاية
إنَّ الأطفال ذوي الخطورة العالية للإصابة بالتهاب القُصيبات قد يعطون حقنةً شهرية للوقاية من عدوى الفيروس التَّنفُّسي المِخلَوِي. والأطفال ذوو الخطورة العالية للإصابة بعدوى الفيروس التَّنَفُّسي المخلَوِي هم الأطفال الذين يولدون قبل أوانهم، أو الذين يعانون من مشاكل قلبية أو رئوية. عدوى الفيروس التنفُّسي المخلوي هي مرض معدٍ. ويمكن للوالدين حماية الطفل من التعرُّض للإصابة بهذا الفيروس باتِّباع العادات الصحية الجيِّدة، مثل:
المحافظة على طفلهم بعيداً عن الأطفال الآخرين المصابين بالتهاب القصيبات والالتهابات الأخرى.
غسل أيديهم باستمرار بالماء الدافئ والصابون.
إبعاد الألعاب والأشياء الأخرى التي تعود لأطفال مصابين أو متعافين للتو من التهاب القُصيبات أو التهابات أخرى عن متناول يدي طفلهم.
عدم تعريض الأطفال لدخان التبغ أو "التدخين السلبي".
الخلاصَة
يسبِّب الفيروسُ التنفُّسي المخلوي عدوى رئوية، مثل التهاب القُصيبات. وهو يصيب الرُضَّع والأطفال الصغار دون السنتين من العمر. يجب مراجعةُ الطبيب فوراً إذا كان الطفل يعاني من أحد الأعراض التالية لمدَّة تزيد على بضعة أيَّام:
نوبات من السعال الحاد.
ضيق التنفُّس.
التنفُّس الجهدي.
ارتفاع درجة الحرارة.
النعاس أو التعب أو الخمول.
الجفاف.
ازرقاق الجلد أو الأظافر.
تعدُّ الوقايةُ من الإصابة بعدوى الفيروس التنفُّسي المخلوي والتهاب القُصيبات هي دائماً أفضل من معالجتها. ويمكن للوالدين منع إصابة طفلهم بعدوى هذا الفيروس باتِّباع العادات الصحِّية الجيِّدة:
المحافظة على طفلهما بعيداً عن الأطفال الآخرين المصابين بعدوى.
غسل أيديهم باستمرار بالماء الدافئ والصابون.
إبعاد الألعاب والأشياء الأخرى التي تعود لأطفال مصابين، أو مُتَعافين للتوِّ من التهاب القُصيبات أو عدوى الفيروس التنفُّسي المخلوي عن متناول يدي الطفل
عدم تعريض الأطفال لدخان "التدخين السلبي".
يمكن للوالدين، باتباعهما عاداتٍ صحِّية جيِّدة، أن يفعلوا الكثير لحماية طفلهم من الإصابة بالفيروس التنفُّسي المخلوي، كما أنَّه من المناسب أن يتعلَّما ما هي الأمور التي عليهما الانتباه إليها فيما إذا أصيب طفلُهما بهذا الفيروس. كما أنَّ عليهما ألاَّ يتردَّدا في الاتِّصال بالطبيب إذا كان لديهما أيَّةُ أسئلة أو استفسارات. 


أخبار مرتبطة