تاريخ النشر 15 اغسطس 2015     بواسطة الدكتورة ياسمين عبدالعزيز يوسف     المشاهدات 201

الفتقُ الأربي عندَ الأطفال

اذا أصبحت عضلاتُ البطن ضعيفة، فقد تندفع الأمعاء مع الطبقة الأولى التي تغطِّيها، أي الصفاق، من خلال نقطة الضعف. وهذا ما يدعى "فتقاً". ويشعر المريضُ بها مثل كتلة ناتئة تحت الجلد. هناك عدَّة أنواع من الفتوق. يحدث الفتقُ الأربي بسبب وجود عيب أو ضعف في الجزء السفلي من عضلات البطن. الفتقُ الأربي هو م
ن الحالات الشائعة التي تصيب الأطفال. من المحتمل أن يكونَ الطبيبُ قد نصح بإجراء عملية جراحية لفتق الطفل. تعدُّ الجراحة العلاجَ الوحيد الممكن لمعالجة الفتق الإربي. في أثناء الجراحة، يقوم الجرَّاح بدفع الأمعاء والصفاق إلى داخل البطن، ثمَّ يقوِّي الجدار العضلي عن طريق الخياطة. تعدُّ جراحةُ الفتق آمنةً جداً وفعَّالة. وتكون المخاطر منخفضة والمضاعفات نادرة. ولكنَّ معرفتها سوف تساعد المريض على اكتشافها ومعالجتها في وقت مبكِّر في حال حدوثها. 
مقدِّمة
الفتوقُ الأربية حالات شائعة تصيب الأطفال . من المحتمل أن يكونَ الطبيب قد نصح بإجراء عملية جراحية للفتق عند الطفل. إن قرار إجراء العملية أو عدم إجرائها يعود إلى الأوصياء الشرعيين للطفل أيضاً. سوف يساعد هذا البرنامج التثقيفي المراهقين والأوصياء الشرعيين على فهم أفضل لفوائد هذه الجراحة ومخاطرها. 
التشريح
تساعد المَعِدةُ والأمْعاء على هضم وامتصاص الطعام الذي نتناوله. إن المعدة والأمعاء موجودة داخل البطن. وهي مغطَّاة ومحمية بثلاث طبقات. الطبقةُ الأولى هي غشاء رقيق يدعى "الصِّفاق". والطبقةُ الثانية هي جدار يتألَّف من عدَّة عضلات. والطبقةُ الثالثة والأخيرة هي الجلد. 
الأعراض وأسبابها
إذا أصبحت عضلاتُ البطن ضعيفة، فقد تندفع الأمعاء مع الطبقة الأولى التي تغطِّيها، أي الصِّفاق، من خلال النقطة الضعيفة. ويشعر المريضُ بذلك مثل كتلة ناتئة تحت الجلد. وهذا ما يدعى فتقاً. هناك ثلاثةُ أنواع رئيسية من الفتوق: السُّرية والأربيَّة وفُتوق الشقوق الجراحية. يشرح هذا البرنامجُ معالجة الفتوق الأربيَّة. يحدث الفتقُ الأربي بسبب وجود عيب أو ضعف في الجزء السُّفلي من عضلات البطن. يُمكن الشعورُ بالفتق مثل كتلة ناتئة في الناحية الأربيَّة. وهو يظهر عند الذكور كتورُّم أو تضخُّم في الصَّفَن. يُمكن أن ينجمَ ضعفُ العضلات عن رفع أجسام ثقيلة. ويُمكن أن ينجم أيضا عن الضَعف التدريجي للعضلات نتيجة الإجهاد المتواصل. يميل حجمُ الفتق إلى الازدياد مع مرور الوقت. يمكن أن يكونَ الفَتق خطراً، لأنَّ بعض الأعضاء الموجودة داخل البطن، كالأمعاء مثلاً، يمكن أن تلتصقَ أو أن تَنفتل داخل الفتق، ممَّا يُسبِّب انقطاع تدفُّق الدم إليها. يُدعى الفَتقُ في هذه الحالة باسم "الفتق المختنق"، وقد يؤدِّي إلى موت ذلك الجزء من الأمعاء، ممَّا يتطلَّب إجراء جراحة أكثر تعقيداً وخطورة. الجِّراحةُ هي الحلُّ الوحيد لعلاج الفتق. 
العملية الجراحية
هناك طريقتان لإصلاح الفتوق الأربيَّة. تُدعى إحداهما "إصلاح الفتق بالجراحة المفتوحة"، وهي تجري من خلال شقٍّ في الجلد فوق مكان الفتق. كما يمكن أيضاً إصلاح الفتق بطريقة بديلة بواسطة المناظير التي يجري إدخالها عبر شقوق جراحية صغيرة. وهذا ما يُدعى باسم "إصلاح الفتق بالتنظير". تشمل مزايا الجراحة "التنظيرية" أنَّها تحتاج إلى فترة شفاء أقل، وإقامة أقصر في المستشفى. لكنَّ هذه الطريقة لا تصلح لجميع المرضى؛ فمثلاً، لا يمكن للمرضى الذين أجروا عمليات جراحية سابقة في البطن أو كان لديهم التصاقات بطنية الاستفادة من هذه الطريقة. في بعض الأحيان، يُمكن أن يبدأ الجرَّاح بإجراء العملية بواسطة "المنظار"، ثمَّ يتحوَّل إلى الجراحة المفتوحة. ويحدث ذلك عادةً إذا رأى الجرَّاح أنَّ الجراحة المفتوحة أكثر أماناً بالنسبة لهذا المريض بالذات. ولكنَّ هذا الأمر نادر الحدوث. تجرى العمليةُ المفتوحة تحت التخدير العام أو الشوكي أو تخدير فوق الجافية (أي التخدير النصفي) أو التخدير الموضعي. أمَّا العملية التنظيرية، فهي تجري تحت التخدير العام دائماً. وسوف يتحدَّث الطبيب أو طبيب التخدير مع المريض عن نوع التخدير المناسب في حالات الجراحة المفتوحة. في حالة الجراحة المفتوحة، يُجري الطبيب الجرَّاح شقاً في منطقة الفتق. ثمَّ يقوم بدفع الأمعاء والصِّفاق إلى داخل البطن. ثمَّ يقوم الطبيب بتقوية الجدار العضلي خلف الفتق عن طريق الخياطة. ويُمكن أن يُقرِّر الطبيب وضع شبكة اصطناعية للتقوية فوق ذلك المكان عند الأطفال الذين وصلوا الى مرحلة البلوغ . وفي النهاية يقوم الطبيب بإغلاق الشق. عند إجراء العملية بالتنظير، يجري ملءُ جوف البطن بغاز خاص. يُجري الجرَّاح شقوقاً صغيرة تدخل منها المناظير إلى جوف البطن. ثم يجري دفعُ الأمعاء والصِّفاق إلى داخل البطن. وتوضع شبكةٌ لتقوية المنطقة. 
المخاطر والمضاعفات
هذه الجراحةُ آمنةٌ جداً. ولكن هناك بعض الاحتمالات لحدوث مخاطر ومضاعفات. صحيح أنَّها مستبعدة، لكنَّها تبقى ممكنة، ولذلك يجب على المريض أن يتعرَّف إليها تحسُّباً لحدوثها؛ فمن خلال معرفتها، قد يتمكَّن من مساعدة الطبيب في الكشف عن المضاعفات فور حدوثها. هناك مخاطر ومضاعفات متعلِّقة بالتخدير، وهناك مخاطر ومضاعفات متعلِّقة بأيِّ نوع من العمليات الجراحية. تشمل مخاطرُ التخدير العام الغثيانَ والتقيُّؤ واحتباس البول وجرح الشفتين وتكسُّر الأسنان وآلام الحلق والصداع. وتشمل المخاطر الأكثر جدِّية للتخدير العام النوباتِ القلبيةَ والسكتات الدماغية وذات الرئة ، وهذه المخاطر الأكثر جدية نادرة الحدوث عند الأطفال. سوف يتحدَّث طبيبُ التخدير مع الأهل عن هذه المخاطر، ويسأل إن كان الطفل أو الأهل لديهم حساسية من بعض الأدوية. هناك مخاطر ممكنة في أيِّ نوع من الجراحة. ومنها:
العدوى. يمكن أن يُصابَ الشقُّ الجراحي في البطن بالعدوى. وقد تتطلَّب معالجة العدوى استخدامَ المضادات الحيوية، ويُمكن أن تحتاج إلى إجراء عملية جراحية لإزالتها.
النزف، سواء في أثناء العملية أو بعدها. يُمكن أن يُسبِّب النزف تبدُّلَ لون الجلد إلى الزُّرقة.
الندبات الجلدية التي قد تكون مؤلمة أو قبيحة الشكل.
هناك عددٌ من المخاطر والمضاعفات الأخرى المتعلِّقة بهذه الجراحة تحديداً. وهي نادرة جداً أيضاً، لكن من المهم معرفتها. يُمكن أن تُصابَ أعضاءٌ في البطن؛ فعلى سبيل المثال، يُمكن أن تَنثقب الأمعاء. كما يمكن أن تُصابَ الأعضاءُ التناسلية الداخلية للفتاة، كالرحم والمبيضين مثلاً. ويمكن أيضاً أن تُصابَ الكليتان والمثانة والحالبان. تؤدِّي إصابةُ هذه الأعضاء إلى حدوث ضرر دائم، ممَّا يستدعي إجراء عمليات جراحية أخرى. لكن هذه الإصابات نادرة جداً. ويمكن أن يحدثَ الموت في حالات نادرة للغاية بسبب هذه المضاعفات. من الممكن أن يعودَ الفتق، ويُمكن أن يظهر فتق جديد. إذا جرى وضعُ شبكة للتقوية في أثناء الجراحة، ثمَّ حدثت عدوى، فمن الممكن أن يحتاج الأمر إلى إزالة الشبكة للمساعدة على شفاء هذه العدوى. في الفتوق التي تحدث بجانب المنطقة الأربية، يمكن أن يُصاب أنبوب خاص يُدعى "الأسهر" أو "القناة الناقلة للنُطاف"، التي تمرُّ من الخِصية على جانب الفتق إلى القضيب. وينجم عن إصابة الأسهر العُقم، أو عدم القدرة على الإنجاب إذا لم تكن الخصية الأخرى سليمة. ويتطلَّب إصلاح هذه الإصابة إجراء عملية أخرى قد لا تُكلَّل بالنجاح. وفي الفتوق الأربيَّة، يُمكن أن تُصابَ الأوعية الدموية والأعصاب المتجهة إلى الساق، فتؤدِّي إلى بعض النزف أو إلى نقص الإحساس على السطح الداخلي للفخذ. ومن الممكن أن تكونَ هذه الإصابة دائمة. 
بعدَ الجراحة
بعدَ انتهاء العملية، يُنقل المريض إلى غرفة الإنعاش، ومن ثم إلى غرفة عادية في المستشفى. يعود معظمُ المرضى إلى منازلهم في يوم العملية نفسه. يعدُّ ظهورُ بعض التورُّم حول الشق الجراحي وتبدُّل لون الجلد إلى الأزرق أمراً طبيعياً في عمليات الفتوق الأربيَّة. ويمكن أن يصل التورُّم والازرقاق إلى القضيب أيضاً. لكن من الواجب إخبار الطبيب على الفور إذا كان الألم أو تغيُّر اللون شديداً جداً، أو إذا عجز المريض عن التَبوُّل. يجب الامتناعُ عدَّةَ أسابيع عن حمل أشياء ثقيلة والانحناء والالتواء، وذلك للوقاية من عودة ظهور الفتق من جديد. سوف يساعد الطبيبُ المريضَ في تقرير موعد عودة الطفل إلى المدرسة، وفي تحديد الأمور التي يجب أن يلتزم بها، وذلك تبعاً لحالته الصحِّية. يجب الحرص على مراجعة الطبيب في حال ظهور أيَّة أعراض جديدة، مثل الحمَّى أو الألم الشديد في البطن أو الضعف أو التورُّم أو العدوى. 
الخلاصة
الفتوقُ حالةٌ واسعة الانتشار. وهي تُصيب الأشخاصَ في كلِّ الأعمار. ومن الممكن أن تسبِّب ألماً شديداً ومضاعفات خطيرة إذا لم تُعالَج. يُوصى بالجراحة عادةً لمعالجة الفتوق. جراحةُ الفتق آمنةٌ جداً وفعَّالة جداً. كما أنَّ المخاطر والمضاعفات نادرة للغاية. يجب أن يتعرَّف المريض على هذه المخاطر والمضاعفات للتمكُّن من كشفها ومعالجتها في وقت مبكِّر. 


أخبار مرتبطة