تاريخ النشر 10 سبتمبر 2015     بواسطة الدكتور هاني صلاح الدين السرجاني     المشاهدات 201

كل شىء عن تصلب الشرايين .العلاج و الوقاية و النظام

س- هل هناك معطيات علمية توضح أهمية كولسترول الطعام في انتشار تصلب الشرايين عند الإنسان ؟ ج- اتضح أن المعطيات حول هذا الموضوع غير محددة على الإطلاق إن الانطباع العام لدي الأطباء هو أن أكبر من يعانون من تصلب الشرايين المبكر و الحاد هم الأشخاص الذين يتعاطون مع الطعام طوال حياتهم كمية كبيرة من ا
لدهن الحيواني ، و غيره من المواد الغذائية بالكولسترول ، و إن تصلب الشرايين أكثر انتشاراً بين الأفراد ذوي السمنة الزائدة الذين يأكلون بنهم ليس له حدود ، مما بين الأفراد النحاف الذين ليس لهم ولع خاص بالطعام الدسم ، و لكن هذا ليس بقاعدة ، فتصلب الشرايين يصادف أيضاً عند نحاف الجسم ، وعند الأشخاص المعتدلين في أكلهم.

و بالإمكان سرد أمثله توضح أن إدخال كمية كبيرة من الكولسترول مع الطعام لا يؤدي إلي زيادة كميته في الدم ، فلقد حدث أكثر من مرة أن تناول شخص كمية ليست كبيرة فحسب ، بل و هائلة من الكولسترول و لمدة أشهر متواصلة دون أن يؤثر ذلك في كمية الكولسترول في الدم ، لقد راقبت هذه الواقعة . ، كان صياد سمك من سكان السواحل يأكل كل يوم وخلال عشر سنوات متتالية 1.5 كيلو جرام من بيض السمك ( كافيار ) الغني جداً بالكولسترول و وفقا لحساباتنا كان هذا الصياد يبتلع في اليوم الواحد مع الطعام كمية من الكولسترول تزيد بعشر مرات على ما يأكله أي شخص عادي و مع ذلك فلقد كان مستوي الكولسترول في الدم عنده طبيعياً ( و لم يكن هذا الرجل البالغ من السن 50 عاماً أي عرض من أعراض تصلب الشرايين )

 

س- حتى الآن جري الحديث عن أهمية الغذاء بالنسبة للوقاية من ارتفاع ضغط الدم، فما أهمية الغذاء بالنسبة للوقاية من تصلب الشرايين ؟ فتصلب الشرايين كثيراً ما يظهر في آن واحد مع ارتفاع ضغط الدم ؟

ج- تلعب الحمية دوراً كبيراً في الوقاية من تصلب الشرايين، فتصلب الشرايين – مرض ناتج من خلل في عمليات التمثيل الغذائي و بالدرجة الأولي في عمليات تمثيل الدهون و أشباه الدهون، و من الطبيعي أن تطرح طبيعة المرض هذه قضية دور الطعام في نشوء المرض .

 

س- كيف يفسر إذن نشوء مثل هذا المرض الخطير ؟

ج- في البداية كان يعتقد بأن هذا المرض عبارة عن التهاب خاص يصيب الأوعية ، و لكن سرعان ما اقلعوا عن وجهة النظر هذه و لا سيما و أن تصلب الشرايين لا يرتبط بالعدوي أو بالتسمم ، المسببين للالتهاب في غالب الأحيان ، و قد فكروا أيضاً في أهمية المميزات الخلقية للأوعية الدموية – إلا أن هذه النظرية غير صحيحة بدون شك . أما في الوقت الحاضر فلقد حظيت النظرية التي تعتبر سبب المرض هو ترسب الكولسترول بأكبر مصداقية ، و أن التغيرات الخاصة بتصلب الشرايين التي تحدث في الشرايين أثناء المرض يمكن الحصول عليها بالتجربة ، عن طريق إدخال كمية زائدة من الكولسترول إلي جسم الحيوانات ؛ مما يؤدي إلي زيادة كمية الكولسترول الموجودة في الدم إلي حد كبير ، فيبدأ في الترسب داخل جدران الشرايين .

 

س- و لكن هذه التجارب قد أجريت على الأرانب التي لا يحتوي طعامها الطبيعي على الكولسترول ، فهو بالنسبة للأرانب ليس مادة غذائية ، بل مادة غريبة مضرة فهل يفسر تصلب الشرايين عند الأرانب مرض الإنسان ؟

ج- لقد تم التوصل في الوقت الحاضر إلي مثل هذه النتيجة عن طريق إدخال الكولسترول إلي أجسام حيوانات كثيرة أخري – الكلاب و حتى القرود – و حصل على تصلب عادي للشرايين عند الطيور أيضاً ، و هكذا فإنه بهذه الطريقة يمكن الحصول على تصلب الشرايين عند الحيوانات ذات التغذية المختلفة ، و بالطبع هناك بعض الاختلافات التشريحية بين تصلب الشرايين عند الحيوانات و عند الإنسان ، و لكن هذه الأمراض متشابهة من حيث المبدأ .

image004

س- و بالتالي و بناء على هذه التجارب هل ينجم تصلب الشرايين عن تناول كميات زائدة من الكولسترول مع الطعام ؟

ج- نعم هذا صحيح في التجارب المذكورة ، و لكن السؤال هو هل يكفي تأثير هذا العامل وحده لنشوء تصلب الشرايين ؛ عند الأرانب بدون شك يكفي، و لكن للحصول على تصلب الشرايين عند الكلاب مثلا ، لا يكفي إطلاقاً إدخال كمية كبيرة من الكولسترول مع الطعام فقط ، فلكي نحصل على تصلب الشرايين عند الكلاب ليس من الضروري فقط اعطاؤها الكولسترول لمدة طويلة ( 6 أشهر – سنة ) ، بل و في نفس الوقت يجب أن نخمد عندها نشاط عضو معين ذي إفراز داخلي ، و بالذات الغدة الدرقية . على هذا الأساس فإن تصلب الشرايين لا يحصل عند الكلاب إلا أثر تغير في عمليات تمثيلها الغذائي ( فالمعروف أن الغدة الدرقية لها تأثير كبير في عمليات التمثيل الغذائي ) ، و يوضح هذا المثال أن زيادة كولسترول الطعام بحد ذاتها قد لا تؤدي إلي تصلب الشرايين إذا لم ترافقها في الجسم تغيرات تساعد على نشوئه ، و عليه فلا يجوز أن ننسب السبب في تصلب الشرايين إلي نوع التغذية فقط .

 

س- ما جوهر تصلب الشرايين ؟و ما الاختلافات بين الاصطلاحين (Atherosclerosisو Arteriosclerosis) ؟

ج- يعني بالاصطلاح (Atherosclerosis)، تصلب باثولوجي لجدران شرايين ذات طابع مختلف، و ينجم تصلب الجدران عن تكون نسيج ضام فيها و هذا هو الـ (Sclerosis) أما (Atherosclerosis) فهو أحد أشكال (Arteriosclerosis) و هذا خطير ، و من أكثر أشكال التصلب التي تصيب شرايين أعضاء مهمة للغاية مثل القلب و المخ، و اختلافه عن غيره من الأشكال يكمن في عملية خاصة، هي ترسب اشباه الدهون الكولسترول في جدران الشرايين ، فبدون ترسب الكولسترول لا يمكن أن يحدث تصلب الشرايين ، هذا و يدخل الكولسترول جدران الشرايين من الدم . و توجد في الدم عادة كمية معينة منه .

فإذا وجدت في الدم كمية زائدة من الكولسترول ، أو إذا ما وصلت إليه باستمرار زادت عمليه الترسب في جدران الشرايين، و تكونت فيها بؤر لتجمعه. فينتفخ جدار الشريان و ينمو فيه نسيج ضام ؛ و بذلك تتكون البقع (Patches) الخاصة بتصلب الشرايين، و نتيجة لهذه العملية تصبح جدران الشريان خشنة، و تضيق فتحته، و يفقد مرونته ، و بعد مرور مدة معينة يترسب الكلس أيضاً في هذه البقع ؛ مما يعطي جدران الشرايين صلابة أكبر، فتصبح الشرايين عديمة المرونة ، و يصبح من السهل تكون سدادات – جلطات دموية – في هذه الشرايين الضيقة و المشوهة بالبقع ، و ينتج عن ذلك اختلال في الدورة الدموية للعضو ، الذي تغذيه هذه الشرايين ، و تحدث فيه تشوهات تشريحية خطيرة .

س- بماذا يفسر إذاً هذا التناقض: التجارب تؤكد بشكل لا لبس فيه، الدور المهم لعامل الطعام ( و هذا ما تؤكده أيضاً انطباعات الأطباء ). في حين أن إدخال كمية زائدة من الكولسترول مع طعام الإنسان لا يؤدي حتى إلي ارتفاع مستواه في الدم ؟

ج- يعلل هذا التناقض بأنه تعمل عند الإنسان تلك الأجهزة الفسيولوجية التي تتحكم في عمليات التمثيل الغذائي بدقة – و في مثالنا في تمثيل الكولسترول ولا تدع له مجالا للاختلال بتأثير مثل تلك العوامل البدائية كالطعام ، فإنه لا تحدث أية حالات مرضية بسبب تناول مواد غذائية غير الكولسترول بكميات كبيرة مع الطعام ، إن مرض البول السكري مثلاً لا يقتصر على الذين يحبون أكل المواد السكرية بكثرة ، و الإنسان السليم الجسم في مقدروه أن يبتلع أي مقدار من الملح و السوائل دون أن تتكون عنده تورمات .. الخ . و إن تصلب الشرايين لا يظهر كنتيجة مباشرة لزيادة كمية الكولسترول في الطعام ، فكمية الكولسترول الموجودة في الدم و الأنسجة تحددها الكثير من التأثيرات المعقدة ، و أهمها تأثير الجهاز العصبي ، و الظروف العامة للتمثيل الغذائي في الجسم ، ففي مثال صياد السمك الذي ذكرناه لم تؤد زيادة الكولسترول المتناول مع الطعام إلي تجمعه في الدم ، و الأنسجة ؛ لأنه كما يظهر قد أنفق في الجسم محترقاً كمادة دهنية في ظروف العمل الجسماني الشاق في منطقة باردة .

من هنا يتضح أن المهم في نشوء تصلب الشرايين ليس بدرجة دخول الكولسترول إلي الجسم ، بل تحوله غير الكافي في الجسم ، و النسبة المئوية لتمثيله .

 

س- و مع ذلك أليست هناك معطيات إحصائية من شأنها أن توضح العلاقة بين نوع التغذية و مستوي الكولسترول في الدم ، و الميل إلي نشوء الإصابات بتصلب الشرايين ؟

ج- نشر في المدة الأخيرة العالم الأمريكي ( كيس ) و مساعدوه إحصاءات عن بعض بلدان العـالم ، فظهـر أن مــدي

انتشار مرض تصلب الشرايين ( و بالضبط نوعه المنتشر تصلب شرايين القلب الإكليلية على شكل انسداد قلبي ) يختلف اختلافاً كبيراً للغاية ، ففي البلدان التي يستعمل سكانها كمية كبيرة من الدهن الحيواني ( السويد و الولايات المتحدة ) نلاحظ الإصابات بالانسداد القلبي أكثر بكثير منه في البلدان التي يتناول أهلها مع الطعام كمية أقل من الدهون ( جنوب إيطاليا ، بعض بلدان أفريقيا ، اليابان ) ، و كانت نسبة الكولسترول في الدم عند الناس الذين جري عليهم الفحص من المجموعة الأولي أعلي منها في المجموعة الثانية .

 

س- هل يعود الدور هنا لكولسترول الطعام بالذات أو للدهن،و لأي نوع من الدهن ، الحيواني أو النباتي ؟

ج- لا يمكن إنكار أهمية كولسترول الطعام نفسه ، و لكن حسب ما أظهرته بعض التجارب الخاصة فإن تناول الدهن يلعب دوراً خاصاً . و بالذات الدهن الحيواني لا النباتي ، فالدهن الحيواني الغني بالكولسترول يحتوي كذلك علي ما يسمي بالأحماض الدهنية المشبعة ، التي تزيد من ترسب الكولسترول في الأنسجة ، بينما تحتوي الدهون النباتية على أحماض دهنية غير مشبعة تساعد على ذوبان الكولسترول ، بالإضافة إلي احتوائها على كولسترول نباتي صعب الامتصاص في الأمعاء.

sickartery

س- هل يمكننا أن نستنتج مما قيل أن الأنواع النباتية من الدهون مفيدة من حيث الوقاية من مرض تصلب الشرايين ؟

ج- إن الأبحاث التي أجريت في المدة الأخيرة تؤكد ذلك ، فزيت الذرة و زيت عباد الشمس يقلل من كمية الكولسترول في الدم ، و لذلك يمكننا أن نفترض أن الناس الذي يستعملون مع غذائهم هذه الأنواع من الزيوت النباتية هم ( من حيث انتشار تصلب الشرايين ) في وضع أحسن من أولائك الذين يتغذون بالدهن الحيواني ( الزبدة ، الشحم ) إن المرضي المصابين بتصلب الشرايين يحب أن يراعوا هذه الحقيقة في أكلهم ، بل يمكننا حتى أن نفترض أن قلة انتشار تصلب الشرايين نسبياً بين سكان البلدان الجنوبية مرتبط إلي حد ما بظروف التغذية ، و من بينهما استعمالهم في الأكل الزيوت النباتية ( بينما يكثر سكان البلدان الشمالية من استعمال الدهون الحيوانية في أغذيتهم ) و لكن يجب إظهار الحذر في الاستنتاجات و أن لا نعتبر أن تصلب الشرايين هو على طول الخط نتيجة للاستعمال الزائد للدهن الحيواني، و في نفس الوقت فإنه بالكاد يمكننا أن نري في زيت عباد الشمس و زيت القطن أو زيت الذرة درعاً واقياً من مرض تصلب الشرايين .

 

س- و مع ذلك لا يجوز أن ننكر أن المعلومات التي جاء ذكرها عن تأثير مختلف الدهون يظهر مجالا لإيجاد وسائل جديدة للتأثير في تمثيل الدهـون أو الكـولسـتـرول فـي الـجـسـم ، و يـبـرز بهذا الصـدد سـؤال : ما بالضبط التغيرات التي تحدث في تركيب المواد الدهنية في الدم و الأنسجة في حالة مرض تصلب الشرايين عند الإنسان ؟

ج- إن هذه التغيرات مدروسة جيداً في الوقت الحاضر ، فمن مميزات مرض تصلب الشرايين المتفاقم ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم ، و من مميزاته أيضاً تغير النسبة بين نوعين من أشباه الدهون الموجودة في الدم – الكولسترول و الليسيثين ، اللذين يقللان من ترسب أشباه الدهون في جدران الأوعية .

 

س- على هذا الأساس فإن فحص كولسترول الدم يجب أن تكون له أهمية في تشخيص تصلب الشرايين عند الإنسان ؟

ج- نعم . و لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن التغيرات المذكورة أعلاه التي تحدث في الدم لا تلاحظ دائماً ، بل في فترات معينة من مراحل المرض فقط – و هي الفترات التي يكون المرض إثناءها أكثر نشاطاً ، أما في فترات هدوء المرض فكثيراً ما تكون كمية كولسترول الدم عادية ، من هذا نري أن معطيات الفحص لها أهمية نسبية ، و من الممكن أن تصادفنا مثل هذه التغيرات أيضاً في حالات أمراض أخري ، لا يجمعهما جامع بتصلب الشرايين ( مثلا أمراض الكبد و الكلي ) .

 

س- كيف يجب أن ننظر إلي معطيات الفحوص المختبرية التي تشير إلي ارتفاع كمية الكولسترول في الدم ؟

ج- يجب أن نقدرها بحذر ، فإن ارتفاع كمية الكولسترول في الدم عند إنسان لا يشعر إطلاقاً بالمرض . قد يشير فقط إلي احتمالات معينة ؛ لظهور تصلب الشرايين عنده في المستقبل ، و لكنه لا يعني بعد وجود المرض بشكله الظاهر ، و بالإضافة إلي ذلك توجد كما ذكر في السابق أسباب أخري من شأنها أن تؤدي إلي ارتفاع كمية الكولسترول في الدم في الظروف الطبيعية ، هذا بالإضافة إلي أنه تستعمل في المختبرات طرق مختلفة ، لتحديد الكولسترول في الدم ، تعطي دلائل مختلفة لكمية كولسترول الدم في الظروف الطبيعية ( إذ لم يجر حتي الآن توحيد هذه الفحوص ) ، بالإضافة إلي أن نفس طرق التحديد تحتاج إلي تحسين من حيث دقتها ، حيث لا تؤخذ بنظر الاعتبار ألا التحديات المتشابهة و المتكررة .

 

س- إذا لم يكن تصلب الشرايين عند الإنسان ليس نتيجة مباشرة لزيادة تناول الكولسترول مع الطعام ، وارتفاع كميته في الدم ، فغير واضح إذاً ما أسبابه الحقيقية ؟

ج- يكمن السبب في أنه نتيجة لاختلال عمليات التمثيل الغذائي تترسب جزيئات الكولسترول في جدران الشرايين الكبيرة ، بصرف النظر عن مقدار الكولسترول الداخل إلي الدم مع الطعام أو كميته في الدم ، ففي الحالات الطبيعية توجد في الدم و الأنسجة كمية معينة ، و بالأحرى كمية كبيرة من الكولسترول الذي يلعب دوراً هاماً في النشاط الحيوي للخلايا و بالأخص الخلايا العصبية ( أكثر الأنسجة غني بالكولسترول هو نسج المخ )، إن الكولسترول ليس مادة سامة ولا سُماً بل مركب كيماوي ضروري للجسم يدخل جزئياً مع الطعام ، و يتكون جزئياً في أعضاء معينة ( مثل الكبد ) . و يحدث تصلب الشرايين ؛ نتيجة التمثيل الغذائي للشحوم ، و من المحتمل أن تكون هنالك أهمية خاصة للتغيرات الأولية في جدران الأوعية نفسها ، تساعد على عملية ترسب الكولسترول فيها ، أما تغذية الإنسان فتلعب دوراً و لكنه دور إضافي .

 

س- هل هناك أهمية للجهاز العصبي في نشوء تصلب الشرايين ؟

ج- نعم . ففي حالات الإجهاد العصبي ترتفع كمية الكولسترول في الدم ، و يلاحظ ذلك أيضاً عند إدخال الأدوية المثيرة للجهاز العصبي ، و علي العكس فعند هدوء الجهاز العصبي المركزي ينخفض مستوي الكولسترول في الدم ، و لقد برهنت التجارب أن إثارة الجهاز العصبي بتأثير أدوية معينة يزيد من تصلب الشرايين الناتج عن الكولسترول ، بينما تقلل منه تهدئة الجهاز العصبي ، إن هذه المعطيات تكون ما يشبه الجسر بين العامل العصبي و عامل التمثيل في ظهور تصلب الشرايين .

بالإضافة إلي ذلك فإن الإثارة العصبية كما سبق ذكرها تؤدي إلي ردود فعل في الأوعية كانقباضها و ارتفاع ضغط الدم ؛ و لهذا أهمية كبيرة في نشوء تصلب الشرايين ، فلقد برهنت بعض التجارب الخاصة أن ارتفاع ضغط الدم يساعد على ظهور تصلب الشرايين ، و انحصرت هذه التجارب الخاصة أن ارتفاع ضغط الدم يساعج على ظهور تصلب الشرايين ، و انحصرت هذه التجارب في إعطاء الكولسترول لمجموعتين من الحيوانات الأولي ذات ضغط دم عادي ، والثانية ذات ضغط دم مرتفع ، فظهر عند حيوانات المجموعة الثانية ذات الضغط المرتفع تصلب الشريان الأورطي بشكل أكثر وضوحاً منه عند حيوانات المجموعة الأولي ذات الضغط العادي ، و معروف جيداً في المستشفيات أن تصلب الشرايين ، و ارتفاع ضغط الدم كثيراً ما يحدثان في آن واحد ، فالظاهر أن ارتفاع ضغط الدم في استطاعته أن يزيد من تطور مرض تصلب الشرايين .

 

س- ألا يجب أن نخرج بنتيجة مما سبق قوله أن كل تلك الأدوية التي تستعمل في حالة مرض ارتفاع ضغط الدم تلعب أيضاً دوراً مهماً في علاج مرض تصلب الشرايين و الوقاية منه ؟

ج- بدون شك نعم ، فإن الإجراءات الرامية إلي القضاء على العصاب ، وتقوية الجهاز العصبي ، لـهـا نـفـس الأهـمـيـة

الكبيرة في مكافحة تصلب الشرايين و مرض ارتفاع ضغط الدم ، و بصورة عامة هناك ارتباط داخلي بين هذين المرضين ، أو بعبارة أخري هناك صفات كثيرة مشتركة بينهما ، بل هناك حتى افتراض بأن هذين الشكلين ما هما إلا ظاهرتان مختلفتان لمرض واحد ، مع أنهما بشكل منفرد أيضاً ( أي لا يشترط اجتماعهما ) .

 

س- إلي أي حد يتوقف تصلب الشرايين على الخلل في عمل الغدد ذات الإفراز الداخلي ، و هل توجد إمكانية للعلاج في هذا المجال ؟

ج- لقد سبق و أن ذكرنا بأنه لا يمكن عند بعض الحيوانات إحداث تصلب الشرايين عن طريق إدخال الكولسترول مع الطعام ، إلا في حالة ما إذا أخمد في نفس الوقت نشاط الغدة الدرقية ، و يظهر تصلب الشرايين عند المرضي المصابين بانخفاض في نشاط الغدة الدرقية (Hypothyreosis) في سن مبكرة أكثر و شكل أقوي ، و علي العكس من ذلك في حالة مرض جحوظ العين الدرقي (Hypersthyreosis) إذ يكون تصلب الشرايين أقل و أضعف ؛ لذا فمن الطبيعي أن يوصي باستعمال هرمون الغدة الدرقية ( تيريويدين ) لعلاج تصلب الشرايين أو للوقاية منه ، لا سيما و قد أثبتت التجارب أنه عند إعطاء الحيوانات التيريويدين يصبح في الإمكان ليس فقط تدارك تصلب الشرايين ، بل و إلي حد ما تعريضه للنمو العكسي ( إذ يمكن أن يعاد امتصاص ترسبات الكولسترول في الشريان الأورطي ) ، إن هذه الاكتشافات الرائعة قد فتحت المجال ؛ لمكافحة تصلب الشرايين عند الإنسان ، إذ لا تعطي الجرعات الكبيرة تأثيرات أخري غير مرغوب فيها ( من ناحية القلب مثلاً ) ، و لذلك فإن استعمال هرمون التيريويدين في حالات تصلب الشرايين يجب أن يتم بحذر شديد .

images

س- هل لمركبات اليود تأثير في هذا المجال ؟

ج- إن جرعات اليود الصغيرة تضعف نشاط الغدة الدرقية إما الجرعات الكبيرة منه فتقوية ، و يستعمل الأطباء منذ القدم مركبات اليود ؛ لعلاج تصلب الشرايين و يتحمل المرضي مثل هذا العلاج عادة بشكل جيد .

و لقد استطاعت التجارب أن تثبت التأثير الإيجابي لليود من حيث إضعاف عمليات التصلب ، أما في المستشفي فإنه من الصعب تقدير نتائج العلاج باليود في حالات تصلب الشرايين ، و لكن هذا العلاج حسب ما تظهره الخبرة العملية ، يعطي مفعولاً إيجابياً عند تكراره لمدة طويلة و باستمرار ( يعطي اليود على شكل نقط مع الحليب أو علي شكل محلول يوديد البوتاسيوم و غيرها ) ، و تؤثر مركبات اليود بدون شك في عمليات تمثيل الكولسترول ، و هي تساعد على تقليل كميته في الدم .

 

س- و ماذا يمكن قوله عن التأثيرات الأخري للغدد ذات الإفراز الداخلي ؟

ج- إنها أقل تحديداً . و عادة ما يلفت الانتباه السؤال حول مدي علاقة تصلب الشرايين باختلال نشاط الغدد التناسلية ، إذ يشير إلي هذه العلاقة الانتشار الواسع لتصلب الشرايين عند الرجال ( إذ يظهر تصلب الشرايين عند النساء أقل بكثير ، و في سن أكثر تقدماً مما عند الرجال ) ، و قد يزداد تصلب الشرايين في فترة خمود نشاط الغدد التناسلية ، و علي كل حال لقد برهنت التجارب أن تصلب الشرايين يتفاقم بسرعة و بشدة أكثر عند استئصال الخصيتين ، كما برهنت التجارب أن الهرمون التناسلي الأنثوي باستطاعته في الظروف التجريبية أن يوقف أو يخفف من عملية تصلب الشرايين ، ولكن هذا التأثير لم يظهر بشكل منتظم عند المرضي المصابين بتصلب الشرايين ، و يعطي الأطباء الهرمونات التناسلية ( المؤنثة منها و المذكرة ) في بعض حالات تصلب الشرايين ، مثل تصلب شرايين القلب ، و تصلب شرايين القدمين ، و لكنهم يعتمدون بذلك بشكل رئيسي على تأثيرها ( المضاد للانقباض ) ( إذ أن للهرمونات تأثيراً موسعاً في الأوعية .

أما فيما يخص هرمونات الغدة الكظرية ، و الغدة النخامية فمع وجود عدد غير قليل من المؤلفات العلمية حول تأثيرها على الكولسترول إلا أنها عملياً لا تستعمل لعلاج تصلب الشرايين في المستشفيات ، أما هرمون البنكرياس – الأنسولين – فلا يستعمل في حالات تصلب الشرايين إلا إذا رافقه مرض البول السكري .

 

س- إذا أعيرت الأهمية في نشوء تصلب الشرايين للعلاقات بين أشباه الدهون ( ما يسمي بمعامل ليستين كولسترول ) فيبرز لدينا تساؤل : ألا يعطي الليسيتين الذي يوقف ترسب الكولسترول في جدران الأوعية للمرضي خصيصاً ، لأجل تحسين ذوبان الكولسترول ؟

ج- هذا ما يجب القيام به ، و لذلك فإنه يجري في الوقت الحاضر في الحياة العملية على نطاق واسع إعطاء أدوية تقلل من توقف الكولسترول و غيره من المواد الدهنية في الأنسجة ، و يعطي الليسيتين بشكل دورات طويلة خلال 4 – 6 أسابيع ، و يتحمل المرضي الليسيتين بشكل جيد ، و لكن لا توجد لدينا حتى الآن معطيات دقيقة تثبت أن مثل هذا العلاج يوقف فعلاً تقدم مرض تصلب الشرايين . و بالمناسبة فإن بيض الدجاج الغني جداً بالكولسترول يحتوي أيضاً على كمية قليلة من الليسيتين ؛ و لذلك فإنه من الأفضل ألا تظهر صرامة زائدة ، و تمنع المتقدمين في السن أكل البيض منعاً باتاً ؛ ظناً منا بأن هذا يساعد على الوقاية من تصلب الشرايين ، إذ يكفي الحد من أكل البيض .

و هذا أيضاً ينطبق على المواد الأخرى الغنية بالكولسترول ( المخ ، الكبد ، ..الخ )، فهذه المواد الغذائية تحتوي في العادة على كمية كبيرة من الليسيتين أيضاً.

 

index

س- ما المستحضرات الطبية التي تحول دون تصلب الشرايين ؟

ج- يوجد الكثير من هذه الأدوية ، مثلا يمكن الإشارة إلي أن الكولين و الميتيونين موجودان في المواد الزلالية ، و بالأخص في اللحم و اللبن ، و الميتيونين حامض أميني معقد يحتوي على الكبريت ، و لقد أثبتت التجارب أكثر من مرة أن في استطاعته أن يوقف تقدم مرض تصلب الشرايين ، و أن تأثيره هذا يتلخص في : أن تناوله يزيد كثيراً من كمية الفوسفرليبيدات في الدم ، وتقلل الفوسفرليبيدات كما ذكرنا من ترسب الكولسترول في الأنسجة ( في جدران الأوعية ) ، و لقد أجريت مراقبات حول تأثير الكولين و الميتيونين عند المرضي . فاتضح أن هذه الأدوية تؤثر تأثيراً حسناً في العمليات البيوكيماوية التي لها علاقة بتصلب الشرايين ( بالطبع ليس في امكاننا حتى الآن مراقبة ما إذا كانت هذه الأدوية تؤثر في حالات تصلب شرايين الإنسان ) إلا ان استعمال الكولين لمدة طويلة يقترن باختلال في عمليات الهضم و غيرها ، أما الميتونين – القريب من حيث خواصه من الكولين فيستحمله المرضي عادة بشكل جيد ، و هو يستعمل بكثرة ؛ لعلاج تصلب الشرايين و الوقاية منه .

 

س- تستعمل بكثرة في السنوات الأخيرة ، لأجل علاج تصلب الشرايين و الوقاية منه بعض الفيتامينات و بالأخص فيتامين C ( حامض الاسكوربيك ) ، فهل من الصحيح أن لهذه الفيتامينات مفعولاً نشيطاً ؟

ج- هنالك مؤلفات كثيرة عن تأثير حامض الاسكوربيك على نشوء تصلب الشرايين ، حددت أن حامض الاسكوربيك يوقف بشكل ملحوظ أو يقلل من تصلب الشرايين ، إن تناول فيتامين C يقلل من كمية الكولسترول في الدم ( إذا كانت مرتفعة قبل تناوله ) ، و باستطاعة المرضي أن يتناولوا حامض الاسكوربيك خلال مدة طويلة – عدة أشهر و حتى سنوات ، و يعطي بجرعات كبيرة نسبياً 1.5 جرام في اليوم ، و من الأفضل أن يعطي من حين لآخر لا عن طريق الفم ، بل علي شكل حقن في الوريد في فترات معينة ، و يمكن تأثيره في حالات تصلب الشرايين في تنشيط عمليات التمثيل الغذائي و بالإضافة إلي ذلك فإن فيتامين C ينشط عمل الكبد الذي من ضمنه إفراز خلايا الكبد للكولسترول من الدم إلي العصارة الصفراء ، و من ثم إلي الأمعاء ، و علي هذا الشكل يستطيع الجسم أن يتخلص من الكولسترول الزائد عن حاجته .

 

س- ألا تظهر أية تأثيرات ضارة من استعمال فيتامين C لمدة طويلة و بهذه الجرعات الكبيرة ؟

ج- إن المراقبات الكثيرة التي تجمعت حتى الآن لا تذكر مثل هذه التأثيرات المضرة، و يتحمل المرضي دائماً حامض الاسكوربيك بشكل جيد ، و يتحسن مزاجهم ، و في وقت من الأوقات ظهرت تخوفات تتعلق بتأثير حامض الاسكوربيك على عملية تخثر الدم ، فبتأثر هذا الفيتامين و تحت شروط معينة من المحتمل أن يزداد تخثر الدم ، و يحدث ذلك مثلاً في حالات أمراض الكبد ، حيث يكون تخثر الدم ، أحياناً منخفضاً ، و يـؤثـر حامـض الاسكـوربـيك تأثيراً حسناً جداً في نشاط الكبد ، و لذلك فهو يستعمل بشكل واسع لعلاج التهاباته ، و بتحسين فيتامين C لنشاطات الكبد الأخرى يساعد على تكوين تلك المواد التي تدخل في عملية تخثر الدم ، و لكن عندما يكون نشاط الكبد عادياً ، و في حالات تصلب الشرايين يكون تخثر الدم عادة غير منخفض ، و أبانت التجربة أنه لا أساس للتخوفات في مثل هذه الحالة في أن يرتفع تخثر الدم تحت تأثير العلاج بحامض الاسكوربيك ، وتعتبر هذه المسألة مهمة طبعاً في حالات تصلب شرايين القلب عند المرضي المصابين بانسداد القلب ، أو الذين يعانون من الذبحة الصدرية ، ففي هذه الحالات يظهر التخوف : هل يعيق حامض الاسكوربيك الذي يعطي لأجل العلاج و الوقاية من تصلب الشرايين تكون الجلطات الدموية ؛ إن الفحوص التي أجريت بهذا الشأن في العديد من المستشفيات تعطينا الحق في أن نستنتج أن لا مبرر لمثل هذه التخوفات ؛ إذ لم تلاحظ ولا حالة واحدة لهذه المضاعفات المذكورة ، بالرغم من إعطاء حامض الاسكوربيك للمرضي في أحيان كثيرة نسبياً .

 

س- و لكن فيتامين C يدخل إلي الجسم مع المواد الغذائية ، و الغذاء النباتي غني به – الكرنب و البصل و البطاطس و عنب الثعلب و الليمون و غيرها – و بالتالي فالعلاج بواسطة فيتامين C يرتبط بالعلاج بواسطة الحمية ؟

ج- بالطبع هذا صحيح ، و لكن من الأفضل أن يعطي هذا الدواء بالإضافة إلي ذلك على شكل مسحوق ، أو – كما ذكرنا قبل قليل – على شكل حقن ، و هذا ينطبق أيضاً على غيره من الفيتامينات التي تدخل مع المواد الغذائية اللازمة ، و لكنها بدورها قد تستعمل خصيصاً كأدوية .

س- ما أهمية الفيتامينات الأخرى في علاج تصلب الشرايين و الوقاية منه ؟

ج- توجـد فيـتـامـينـات ذات مـفـعـول إيـجـابي ، و توجد تلك التي في إمكانها أن تزيد من عملية تصلب الشرايين ، و أخيراً ثمة فيتامينات تعتبر في هذا المجال حيادية ، أي ليس لها تأثير معين ، فمن الفيتامينات التي تقلل من تصلب الشرايين ، يجب التأكد على أهميتها فيتامين B12 ، فإن هذا الفيتامين يعتبر مادة فعالة جداً لعلاج نوع معين من فقر الدم ( المسمي بفقر الدم الخبيث ) ، و يلعب دوراً كبيراً في علاج إصابات الدم و الأعضاء المنتجة للدم في حالات مرض الإشعاع الذري (Morbus Radiationis) و غيرهــا و قصارى القول إنه دواء قيم جداً ضد فقر الدم ، بالإضافة إلي ذلك فقد أتضح أن هذا الفيتامين يؤثر أيضاً في حالات مرضية أخرى – مثل إصابات الكبد ، و تراكم المواد الدهنية – و يوقف فيتامين B12 أيضاً تقدم مرض تصلب الشرايين ، كما و يعتقد أنه يؤثر في هذا المجال فيتامين B6 ، و من الفيتامينات التي تؤثر زيادتها في تقدم مرض تصلب الشرايين يمكن ذكر فيتامين D2 ( العامل المضاد للكســاح ) ، فهذا الفيتامين يستعمل على نطاق واصع ؛ للوقاية من الكســاح ، و علاجة عند الأطفال و هو موجود في زيت السمك ، و الكبد ، و غيرها من المواد ، و برهنت التجارب على أن اعطاء فيتامين D2 يضاعف من تصلب الشرايين الناتج عن الكولسترول إذاً فإنه ليس من المفيد دائماً للمتقدمين في السن أن يأكلوا ما هو مفيد للأطفال .

 

س- يتساءل البعض: هل يجب أن يراعي كل الناس الحمية للوقاية من تصلب الشرايين في سن معينة ؟

ج- إن ذلك سيكون على الأكثر مضجراً و غير مستحب ، بل ويتجاوز الهدف المحدد له . فتصلب الشرايين و ارتفاع ضغط الدم ليس من بوادر الكهولة ، فهي ليست عمليات ناتجة عن تغيرات حصلت بسبب تقدم السن ، بل المرض ، و هي لا تلازم كل المتقدمين في السن أن إن كثيراً من الناس لا يمرضون بها حتى آخر أيام حياتهم ، و بالتالي فإن التقيد بالحمية اعتباراً من سن معينة غير ضروري بتاتاً .

إن الحمية المقصود بها الوقاية لا تكون مفيدة إلا في حالات الضرورة و لكن و من أنه سن يجب التقيد بالحمية ؟ إذ أن بداية كل من ارتفاع ضغط الدم و تصلب الشرايين تكون في العادة في سن مبكرة نسبياً ( سن الازدهار ) ، بالإضافة إلي أنها قد تكون عند مختلف الناس في أعمار مختلفة ، و بالتالي فلا داع إلي وصف الحمية لكل الناس من سن معينة .

 

س- إذاً فما الأسباب الداعية لوصف الحمية ( الوقاية ) ؟

ج- إن الأسباب تختلف من حالة لآخري ، أي أنها تتعلق بالفرد. و لكن من الممكن أن تعين المقاييس العامة التالية ، يمكن وصف الحمية في الغذاء للناس الذين تزيد أعمارهم على سن الأربعين :

في حالة وجود استعداد وراثي لمرض تصلب الشرايين .
عند ارتفاع كمية الكولسترول في الدم .
عند وجود ميل للخلل في عمليات التمثيل الغذائي ( السمنة الزائدة – مرض النقرس ، و البول السكري ) .
عند وجود انخفاض في نشاط الغدة الدرقية ، و الكبد .
في حالة مرض ارتفاع ضغط الدم ، مع ميلة لإحداث تصلب الشرايين في سن مبكرة .
في حالة وجود أول أعراض التغيرات الناتجة عن تصلب الشرايين .
س- ما أول أعراض التغيرات الناتجة عن تصلب الشرايين ؟

ج- مع الأسف إن تشخيص أبكر فترة من تصلب الـشـرايين عـملياً أمر صعب المنال ، إذ يمكن تشخيص هـذه الـفترة المبكرة فقط عن طريق فحوص خاصة بواسطة أجهزة معينة ( التصوير بالأشعة السينية ، و تعيين سرعة انتشار موجة النبض و غيرها ) ، و حتى هذا لا يحدث دائماً أما أول الأعراض الظاهرة مثل الذبحة الصدرية ، و تغير وتيرة ضربات القلب ، و الأعراض الناتجة عن خلل في المخ ، و العرج المتقطع ، فإنها قد تظهر في حالة تطور المرض .

س- هل يمكن تشخيص تصلب الشرايين عن طريق جس النبض إذ أن الشرايين تصبح أكثر صلابة ؟

ج- إن أهم التغيرات عند تصلب الشرايين تحدث في الشرايين المركزية الكبيرة و فروعها ، أما الشرايين الدقيقة و المتوسطة فلا تشملها الإصابة ، و لذلك فإن صلابة و التواء الشريان الشعاعي للعضد ( الذي يجس عليه النبض ) يـشـيـر في العادة إلي ارتفاع ضغط الدم الذي تصبح عنده الشرايين متوترة و ملتوية ، و تصادف مثل هذه التغيرات في الشرايين ( أي بهذا المرض الذي من صفاته نشوء إصابات خطيرة في القلب و المخ ) .

س- هل توجد وسائل أخري لمكافحة تصلب الشرايين عدا الحمية و غيرها من الوسائل المذكورة أعلاه ؟ في الحياة العملية ينتشر استعمال النوفوكايين . هل لهذه الوسيلة أهمية ما ؟

ج- من الطبيعي أن الإنسان يبحث بشغف عن الوسائل الكفيلة بـإطـالـة عـمـره ، و من بينها وسائل مكافحة التصلب ، و كل اقتراح في هذا المجال يصبح مركزاً للاهتمام . فمن مدة غير بعيدة اشتد إقبال الناس على إعادة الشباب عن طريق حمامات الصودا ، فاختفت الصودا من الصيدليات في مدة وجيزة ، و قبل ذلك كان تناول محلول الثوم منتشراً ، و من قبله تعاطي حقن محلول أملاح الدم على شكل ما يسمي بمصل مايكون ..الخ .

و بدأ استعمال النوكايين ولا ينكر أن حقن النوايين ، ( و هو دواء مزيل للألم ) تؤدي إلي تحسين المزاج ، و حتى إلي الإنتعاش و انبعاث القوي ، فالظاهر أن هذا يحدث بسبب أن النوفوكايين لا يخفف الإحساس بالألم فحسب ، بل و الإحساس بالانفعال أيضاً ، ويهدئ الجهاز العصبي ، و لكن النوفوكايين لا يؤثر في سير مـرض تــصـلب الشرايين ، هذا ما أثبتته التجارب و الأبحــاث فـي المستشفــيــات .

 

س- كــيف يفســر إذاً شــيـوع هـذه الـطريقــة ؟

ج- للإيحاء و الإيحاء الذاتي أهمية كبيرة في علاج الأمراض العصبية و الاختلال العصبي للأوعية الدموية ، و كثير من الأدوية يؤثر بهذه الطريقة بالذات ، و ليس هنالك شئ غريب أو شئ في ذلك ، و مثل هذه الـطرق فـي العــلاج ( و من بينهما الهوميوباتي أي علاج المثل بمثله ) نأتي بفائدة معينة ، و لكن بشرط أن لا تحل محل غيرها من الوسائل العلاجية الأكثر فعالية ، بل أن تكون إضافية ، و فقط في الحالات الملائمة لذلك .

 

س- حتى الآن جري الحديث عن علاج ارتفاع ضغط الدم و تصلب الشرايين و الوقاية منها ، و لكن هذه الأمراض تؤدي إلي اختلال الصحة و بشكل رئيسي أثناء حدوث خلل في نشاط أعضاء معينة ، فما الأعضاء التي نعاني أكثر من غيرها أو قبل غيرها ؟

ج- أكثر ما يبرز هو تأثير هذه الأمراض الضارة على حالة القلب و المخ ، و تؤدي إصابة القلب و المخ بالذات عادة إلي إقعاد المرضي عن العمل أو حتى إلي موتهم .

 

س- ما التغيرات التي تحدث في القلب في حالة مرض ارتفاع ضغط الدم و تصلب الشرايين ؟

ج- في البداية يتضخم القلب أي يكبر نتيجة لوقوعه تحت جهد عملي أكبر من العادة ، مما يجعل القلب يعمل ضد المقاومة المـتـزايـدة فـي أنـحـاء الجسم من جراء انقباض الشرايين الدقيقة ، و بالأخص في الأعضاء الداخلية (و هو أساس ارتفاع ضغط الدم ) و أيضاً نتيجة لتصلب و عدم مرونة جدران الأوعية الدموية الكبيرة والشريان الأورطي و فروعة ( و هذا ما يحدث عند تصلب الشرايين ) ، و عادة تكـون الشـرايـيـن مـرنـة ، و تـسـاعـد مـيـزتـهـا هـذه على تـحـرك الـدم مما يـسهـل عـمـل القلب ، و لكن عند تصلبها تفقد صفات المرونة مما يعيق الدورة الدموية ، و يتطلب من القلب رفع نشاطه الانقباضي ، و لكن تضخم القلب الذي يحدث أثناء هذه الأمراض نتيجة للعمل الزائد لا يكون بحد ذاته ظاهرة مضرة ، إلي أن يصيب الإجهاد عضلات القلب ، أو إلي أن يحدث خلل في عمليات التمثيل فيها ظهرت أعراض إصابة القلب ، على شكل نقص في عمل القلب ، أو أعراض النمو أو اختلال في إيقاع ضربات القلب .. الخ .أما الاختلال في شرايين القلب التاجية ( الاكليلية) فله دور أكبر من ذلك ، إذ يؤدي إلي الذبحة الصدرية ، و تمزق عضلة القلب .


أخبار مرتبطة