تاريخ النشر 19 سبتمبر 2015     بواسطة الدكتور علي محمد قاضي     المشاهدات 201

التَّعايشُ مع السَّرطان

السرطانُ مرضٌ شائع إذ تشخَّصُ الإصابة به لدى نصف الرِّجال وثلث النساء خلال حياتهم، ويمكنُ أن يشفى منه العديد من الأشخاص، فالملايين من الناس اليوم لديهم تاريخ للإصابة بالسرطان. تشكل الحياة مع السَّرطان التَّحدِّي الأكبر الّذَي يمكن أن يواجهه معظم مرضى السَّرطان على الإطلاق، إذ أنَّه يغير عاداتهم
 ويتحكَّمُ بعلاقاتهم ويتسببُ بمشاكل في الأمور المالية والعمل، كما أن العلاج قد يغير مظهر المريض وطريقة شعوره، ولذلك فإن تعلُّمَ المزيد عن طرق مساعدة النَّفس قد يزيل هذه المخاوف. ومن المهم الحصول على دعم الآخرين أيضاً. يجب أن يحظى جميع الناجين من مرض السَّرطان على الرِّعاية والمتابعة بعد العلاج، وتساعدُ معرفةُ ما يجب أن يتوقَّعه المرضى بعد علاج السرطان في مساعدتِهم وعائلاتهم على وضع الخطط وتغيير نمط الحياة واتخاذ القرارات المهمَّة. 
مقدمة
السرطانُ مرضٌ شائع إذ تشخَّصُ الإصابة به لدى نصف الرِّجال وثلث النساء خلال حياتهم، ويمكن أن ينجو العديدُ من المصابين بهذا المرض. تشكِّل الحياةُ مع السَّرطان التَّحدِّي الأكبر الَّذي يمكن أن يواجهه معظم مرضى السَّرطان على الإطلاق، ولذلك فإن تعلُّمَ المزيد عن طرق مساعدة النَّفس قد يزيل هذه المخاوف، ومن المهم الحصول على دعم الآخرين أيضاً. تشرحُ هذه المعلوماتُ الصحية التعايشَ مع السرطان، وتناقش أفضل الطرق التي يعتني بها المريض بنفسه خلال تكيُّفه مع المرض ومع علاجه. 
السَّرطان وعلاجه
يتكوَّنُ الجسمُ من خلايا صغيرة جداً، وتنمو الخلايا الطَّبيعية في الجسم وتموت بطريقة مضبوطة، إلا أنها أحياناً تستمرُّ بالانقسام والنمو وتسببُ هذه الخلايا الإضافية نمواً غير طبيعي ندعوه بالورم. يُدعَى الورمُ الذي لا يغزو الأنسجةَ وأجزاءَ الجسم المجاورة بالورم الحميد، كما يُدعى بالنموِّ غير السرطاني، وهو لا يهدِّد الحياةَ عادة. الورمُ الخبيث هو الورمُ الذي يغزو الأنسجةَ وأجزاءَ الجسم المجاورة، ويُدعى أيضاً بالسرطان. وتستطيع الخلايا السرطانيةُ أن تنتشرَ إلى أجزاءِ الجسم المختلفة عبرَ الأوعيةِ الدموية والأقنية اللمفية. اللمفُ هو سائلٌ صافٍ يصنعه الجسم يقوم بتصريف الفضلات من الخلايا، ويمرُّ في أوعية خاصَّة وبنى تشبه حبة الفاصولياء تُدعى بالعقد اللمفية. يُدعى السَّرطانُ الذي ينتقل من أحد أنسجة الجسم إلى أجزاء الجسم الأخرى بالسرطان النقيلي؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن ينمو سرطان الرئة عبر الطبقة الخارجية للرِّئة، ثم ينمو على الأنسجة المجاورة مع مرور الوقت. تُعطى السرطاناتُ في الجسم أسماء. وتُسمَّى السرطانات بحسبَ المكان الذي نشأت فيه، وهكذا يُدعى السرطان الذي نشأ في الثدي بسرطان الثدي دوماً حتى إذا انتشرَ إلى مناطقَ أخرى. يعتمد نوعُ المعالجة على نوع السرطان، وكذلك على:
حجم وموقع الورم.
مرحلة المرض.
الحالة الصحية العامة للمريض.
قد تتضمَّنُ معالجة السَّرطان:
الجراحة.
المُعالجة الكيميائية.
المُعالجة الشعاعية.
كما يمكن استخدام توليفة من العلاجات السابقة. تعتمدُ جراحةُ السَّرطان على موقعه، وفي غالب الحالات يقومُ الجرَّاح باستئصال الورم وبعضَ الأنسجة المحيطة به. ويساعدُ استئصال الأنسجة المجاورة على الوقاية من عودة أو نكس الورم. كما قد يستأصلُ الجراح بعضَ العقد اللمفية المجاورة. المعالجةُ الشعاعية هي مُعالجة للسرطان تَستخدمُ الأشعةَ السينية مرتفعةَ الطاقة أو أنواعاً أخرى من الأشعة لقتلِ الخلايا السرطانية أو منعها من النمو، وتعتمدُ طريقةُ إعطاء المعالجة الشعاعية على نوع ومرحلة السرطان المُعالَج. يمكن أن تُعطى المعالجة الكيميائية في مجرى الدم عن طريق الوريد أو عن طريق الفم، كما يمكن أن تُوضَعَ في منطقة محدَّدة من الجسم. ويعتمدُ نوعُ العلاج المستخدَم على نوع ومرحلة السرطان المُعالَج. قد تستخدَم المعالجة الشعاعية والمعالجة الكيميائية مع بعضهما بعضاً أحياناً، ويمكنُ استخدامها وحدَها قبلَ الجراحة أو بعدَها. قد تتضمَّن علاجات السرطان أحياناً:
المعالجة الحيوية.
المُعالجة الهرمونية.
زرع الخلايا الجذعية.
على مريض السرطان التحدّثُ مع مقدِّم الرعاية الصحية لمعرفة المزيد عن خيارات المعالجة. كما قد توجدُ تجاربٌ سريرية على مرضى السرطان، وهي تختبرُ الأساليب والعلاجات الطبية الحديثة. 
تدبير الآثار الجانبية
قد يؤدِّي السَّرطانُ وعلاجه إلى مشاكلَ صحية أخرى، ومن المهم الحصولُ على معالجة داعمة وتلطيفية قبلَ وخلالَ وبعدَ علاج السرطان. المعالجةُ الداعمة هي معالجة للسيطرة على الأعراض، وتخفيف الآثار الجانبية للعلاج، ومساعدة المريض على التكيُّف مع انفعالاته. المعالجةُ التلطيفية هي رعاية لتخفيف الأعراض بدون شفاء المرض، وهي جزءٌ أساسي في علاج الأمراض الخطيرة أو المهدِّدة للحياة. ويساعد البدءُ المبكِّر بالمعالجة التلطيفية لمصابي السرطان على تحسين نوعية حياتهم ورفع مزاجهم. تتضمَّنُ رعاية المحتضرين (وهي رعاية المرضى في آخر أيام حياتهم) معالجةً تلطيفية دوماً، إلا أنه يمكن تقديم المعالجة التلطيفية للمرضى في أي مرحلة من العلاج، لمنحهم الراحة وتحسين نوعية حياتهم. تركِّزُ المعالجةُ التلطيفية على تخفيف الأعراض والألم والشدة عند المرضى، ويمكن تقديمُها في المستشفى أو عيادة خارجية أو المنزل أو مركز رعاية المحتضرين أو أي مكان آخر، ويمكنُ للمريض التحدّث مع مقدِّم الرعاية الصحية للحصول على المزيد من المعلومات. تتضمنُ الآثارُ الجانبية الشائعة للسرطان وعلاجاته:
فقر الدَّم ومشاكل النزف.
الإمساك أو الإسهال.
الوَهن أو التعب.
الغثيان والتقيؤ.
ومن الآثار الجانبية الأخرى:
التخليط ومشاكل الذاكرة.
الحمَّى والعدوى.
الألم.
تغيُّرات الجلد.
على المريض الذهاب لجميع جلسات العلاج ومواعيد المتابعة، وقضاء الوقت مع مقدِّم الرِّعاية الصحية لسؤاله عن جميع مخاوفه؛ فمعرفةُ المزيد حول ذلك ستساعد المريض على الشعور بأنه أكثر قدرة على التحكُّم بمرضه وحياته. قد يصف مقدِّم الرِّعاية الصحية الأدوية لتساعد المريض على التعامل مع أعراض معالجة السرطان. قد يؤثِّر السرطانُ وعلاجه في حياة المريض الجنسية أو استجابته، كما قد يؤثِّر في خصوبته. لذلك، يُنصَح بالحديث عن الخيارات المتاحة مع مقدِّم الرِّعاية الصحية قبلَ البدء بالعلاج، كما يجب أن يتحدث المريض مع شريكه (الزوج أو الزوجة) عن مشاعره تجاه هذا الامر. لا يكون السرطان شائعا خلال فترة الحمل، إلاَّ أنَّ بعضَ علاجات السرطان قد تؤذي الجنين. لذلك، لابدَّ من الحديث مع مقدِّم الرِّعاية الصحية عن خيارات منع الحمل خلال معالجة السرطان. قد يحدثُ تساقطُ الشعر نتيجة علاج السرطان، ويعود للنمو بعد 3 إلى 6 أشهر بعد انتهاء العلاج. ينصح المريضُ الذي فقد شعره أن يقوم بما يلي:
تغطية رأسه بقبعة أو وشاح لحمايته من الشمس.
استخدام شعر مستعار يناسب نوع شعره ولونه أو اختيار مظهر جديد.
استخدام مستحضرات ترطيب الجلد.
ويمكن التحدَّثُ مع مقدِّم الرِّعاية الصحية عن الخيارات المتاحة. 
التغذية والتمرين
فقدُ الشهية أثرٌ جانبي شائع عند المرضى الذين يخضعون لعلاج السرطان؛ فقد يتغيَّر تذوُّق المريض للطعام وقد يُصابُ بالغثيان. ومع أنَّ تناول الطعام يصبح أصعب لبعض مرضى السرطان إلا أنَّ التغذية الجيدة أمرٌ ضروري للحفاظ على وزن الجسم وقوته خلال العلاج. التغذيةُ الجيدة تعني تناول الأنواع الصحيحة من الطعام بكميات مناسبة. ومن المهم لمرضى السرطان بشكل خاص أن يتناولوا نظاماً غذائياً مغذياً، فهذا يدعمَ الجهازَ المناعي في الجسم والحالة الصحية العامة. يمكن دعم معالجة أنواعٍ معينة من السرطان باتباع أنظمة غذائية معينة، ويمكن التحدَّثُ مع مقدِّم الرِّعاية الصحية عن خطة الوجبات الأفضل للمريض ولخطة العناية بالمرض. يمكن أن يستمتع المريضُ بأختيار غذاء صحي من خلال:
ملء مطبخه بأطعمته الصحِّية المفضلة.
زرع حديقة للخضار أو الأعشاب لاستخدامها في تحضير الطعام.
حضور جلسات لتعليم الطبخ.
استخدام كتاب جديد للطبخ، فيه خطط لوجبات صحية.
يساعد النشاط الجسدي المنتظم على منح المريض إحساساً أفضل في أثناء معالجة السرطان وبعدها. وللتمرين العديد من الفوائد فهو يزيد قوةَ المريض الجسدية وتحمُّله. كما أنَّ النشاطَ يمنحُ المريض نوماً أفضل، ويساعدُ في الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم خلال معالجة السرطان وبعدها، كما يساعد على احتفاظ المريض بطاقته وشعوره بالانتعاش. ومن المهمِّ أن يتناقش مرضى السرطان مع مقدِّمي الرِّعاية الصحية قبل البدء بنظام للتمارين، حيث يمكنهم معاَ التوصل الى نظام للتمارين يناسب المريض. 
السرطان والانفعالات
يمكنُ أن يغيرَ السرطان ومعالجته نظامَ حياة المريض وعاداته وعلاقاته ومظهره وطريقة شعوره. من الطبيعي الشعور بالغضب أو الصدمة أو الخوف أو الحزن بعد تشخيص الإصابة بالسرطان، ويجبُ ألا يتجنَّبَ المريض انفعالاته وعواطفه، فمن الأفضل أن يدركَها ويعبِّر عنها بدلاً من أن يحتفظ بها داخله. ومن الأفضل أن يشرحَ المريض لعائلته والأشخاص الذين يحبهم كيفيةَ شعوره، فقد يكون لديهم بعض الأفكار عن الطريقة الافضل التي يمكنُ أن يتعامل بها مع انفعالاته. تؤثر الصفاتُ الشخصية في كيفية تعاملِ مريض السرطان مع تشخيص إصابته وتفاعله مع فريق رعايته؛ فلا يملكُ جميع الأشخاص ذات الميول في التواصل والتفاعل والتخلُّص من الشدة. قد يجدُ بعضُ المرضى أن الإكثارَ من السؤال عن صحتهم ومشاركة أخبار علاجِهم مع الآخرين مفيداً في التحكُّم بانفعالاتهم، ويحتاج المرضى للدعم والتحفيز من الآخرين ليتمكنوا من تجاوز هذه الأوقات العصيبة. قد يكون البعضُ الآخر أكثرَ تأمُّلاً في تشخيصهم وعلاجهم، وقد يفضِّلُ المريضُ أن يبحثَ ويفكِّرَ مليَّاً بتشخيص إصابته أولاً قبل أن يشارك أخبارها مع الآخرين، وقد لا يخبرُ المريضُ إلاَّ بعضَ أفراد العائلة والأصدقاء المقرَّبين. وحسبَ ميول المريض، فقد تتضمَّن باقي إستراتيجيات التكيُّف:
المشاركة ببعض الفعاليات الجماعية، كرحلات المشي والركض التي يستطيعُ فيها المريض أن يمنحَ ويتلقَّى الدعم من الآخرين بفعاليّة.
التعبير عن المشاعر بشكل مبدع من خلال المشاريع الفنية.
التفاعل في مجموعات الدعم الشخصية.
كتابة اليوميات أو الكتابة في المدوَّنات عن المشاعر.
التأمّل أو ممارسة اليوغا.
كما يُوصى المريضُ أن يبقى منشغلاً، وأن يخرج من المنزل، ويشارك في النشاطات التي ستشغل تفكيره عن مخاوفه. الخوفُ من النكس أمرٌ شائع لدى مصابي السرطان الذين يمرون بمرحلة هجوع للمرض أو عند الذين شفوا منه، وتلازمهم هذه الفكرة دوماً رغم بقائهم لسنوات بدون أي علامة على المرض. يمكن أن يتكيَّفَ المريضُ مع خوفه بأن يكونَ صادقاً مع نفسه حيال مشاعره، ويحاولَ ألاَّ يشعر بالذنب بسببها أو يهملَها على أمل أن تتلاشى، بل عليه أن يسيطر على هذه المخاوف ويفعل ما يستطيعه ليتحكَّمَ بصحته المستقبلية. 
الخلاصة
يشكل التعايش مع السَّرطان التَّحدِّي الأكبر الذي يمكن أن يواجهه معظم مرضى السَّرطان على الإطلاق، ولذلك فإن تعلُّمَ المزيد عن طرق مساعدة النَّفس قد يزيل هذه المخاوف. ومن المهم الحصول على دعم الآخرين أيضاً. يوجدُ العديدُ من العوامل التي تحدِّد نوعَ المعالجة المستخدمة لعلاج السرطان. وقد يؤدي السَّرطانُ وعلاجه إلى مشاكلَ صحية أخرى، لذلك لا بدَّ من الحصول على عناية داعمة وتلطيفية قبلَ وخلالَ وبعدَ علاج السرطان. التغذية الجيدة تعني تناول الأنواع الصحيحة من الطعام بكميات مناسبة. ومن المهم لمرضى السرطان بشكل خاص أن يتناولوا نظاماً غذائياً مغذياً ليدعمَ الجهازَ المناعي في الجسم والحالة الصحية العامة. يساعد النشاطُ الجسدي المنتظم على منح المريض إحساساً أفضل خلال وبعد معالجة السرطان، وللتمرين العديد من الفوائد فهو يزيد قوةَ المريض الجسدية وتحمُّله. قد يجدُ بعضُ المرضى أن الإكثارَ من السؤال عن صحتهم ومشاركة أخبار علاجِهم مع الآخرين مفيداً في التحكُّم بانفعالاتهم، ويحتاج المرضى للدعم والطاقة من الآخرين ليتمكنوا من تجاوز هذه الأوقات. قد يكون البعضُ الآخر أكثرَ تأمُّلاً في تشخيصهم وعلاجهم، وقد يفضِّلُ المريضُ أن يبحثَ ويفكِّرَ مليَّاً بتشخيص إصابته أولاً قبل أن يشارك أخبارها مع الآخرين، وقد لا يخبرُ المريضُ إلا بعضَ أفراد العائلة والأصدقاء المقرَّبين. يمكنُ أن يغيرَ السرطانُ ومعالجته نظامَ حياة المريض وعاداته وعلاقاته ومظهره وطريقة شعوره، ومن الطبيعي الشعور بالغضب أو الصدمة أو الخوف أو الحزن بعد تشخيص الإصابة بالسرطان، ولكن يجبُ ألا يتجنَّبَ المريض انفعالاته وعواطفه، فمن الأفضل أن يدركَها ويعبر عنها بدلَ أن يحتفظَ بها داخله. 


أخبار مرتبطة