تاريخ النشر 10 نوفمبر 2015     بواسطة الدكتور طارق حبيب     المشاهدات 201

جراحةُ سرطان القولون

سرطانُ القولون هو حالةٌ تهدِّد الحياة، وتصيب الآلاف من الناس. ينصح الأطبَّاء عادةً بإجراء جراحة لاستئصال سرطان القولون. إذا نصح الطبيب بالجراحة، فإنَّ القرار بإجرائها أو عدم إجرائها يعود للمريض أيضاً. تنجح جراحةُ سرطان القولون عادة في استئصال السرطان. لكن قد يحتاج المريض بعدها إلى معالجة إشعاعي
ة ومعالجة كيميائية للمساعدة على منع انتشار السرطان أو عودته. يقوم الطبيبُ خلال الجراحة باستئصال القولون المصاب بالسرطان، ثمَّ يعيد وصلَ طرفي القولون المتبقِّي معاً، أو يجري عملية مُفاغرة. ويكون فغرُ القولون (إجراء فتحة في القولون إلى خارج البطن) ضرورياً أحياناً إذا اعتقد الجرَّاح أنه لا يمكن إعادة وصل القولون بنجاح. يوضع كيسٌ على فتحة القولون لجمع البراز عندما تُجرى للمريض عملية مُفاغرة للقولون. يمكن أن يُعادَ وصل طرفي القولون فيما بعد، بعد ثلاثة الى ستَّة أشهر عادة إذا كان ذلك مجدياً. إن عملية جراحية القولون آمنةٌ جداً، والمخاطر والمضاعفات نادرة جداً. ولكنَّ معرفتها يمكن أن تساعد على كشفها ومعالجتها باكراً في حالة حدوثها. 
مقدِّمة
سرطان القولون هو حالة تهدد الحياة وتصيب الآلاف من الناس. ينصح الأطباء عادة بإجراء جراحة لإستئصال سرطان القولون. إذا نصح الطبيب بالجراحة، فإن القرار بإجرائها أو عدم إجرائها يعود للمريض أيضاً. يساعد هذا البرنامج التثقيفي على فهم أفضل لمنافع ومخاطر عمليات القولون المختلفة. 
التشريح
يشكل القولون الجزء الأخير من الأمعاء ويُعرف أيضا باسم الأمعاء الغليظة. يمر الطعام بعد البلع عبر المريء، الذي يُعرف أيضاً بإسم أنبوب الطعام. ثم ينتقل الطعام إلى المعدة حيث يتم هضمه. بعد ذلك ينتقل الطعام المهضوم من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة حيث يتم هضم العناصر الغذائية وامتصاصها بشكل جزئي. أخيرا تصل الألياف والطعام المهضوم إلى القولون. في القولون، يجري امتصاص بقية العناصر الغذائية، ويتشكّل البراز. يجري تخزين البُراز في الجزء الأخير من القولون أو القولون السيني والمستقيم، قبل طرحه خارج الجسم. تمد الشرايين القولون بالدم وتعيد الأوردة الدم إلى القلب. تصفي الأنسجة والعقد اللمفاوية السائل الزائد إلى مجرى الدم. تساعد العقدُ اللمفاوية في محاربة الالتهابات. ولكن السرطان الذي يبدأ في القولون يمكن أن ينتشر عبر هذه العقد إلى الكبد والأمعاء الدقيقة والأعضاء الأخرى. يمكن أن ينتقل السرطان من القولون إلى الكبد، والأمعاء الصغيرة والأعضاء الأخرى بهذه الطريقة. يتألف القولون من أجزاء عديدة هي: القولون الصاعد. القولون المستعرض. القولون النازل. القولون السِّيني. المستقيم والشِّرج. 
الأعراض وأسبابها
سرطان القولون مرض شائع الى حد غير قليل، وهو يصيب واحداً من كل أربعة عشر أو خمسة عشر شخصاً. هناك طرق عديدة لاكتشاف سرطان القولون ومن الممكن اكتشافه خلال فحص طبي روتيني، بما في ذلك الفحص الشَّرجي وفحص القولون بالمنظار عبر المستقيم. قد يكون الدم في البُراز مؤشراً على الإصابة بسرطان القولون. من أعراض سرطان القولون أيضا ألم البطن، نقص الوزن، الانزعاج العام، والوّهن، والتعب. حين يُكتشف سرطان القولون، يكون الحلّ الجراحي ضروريًا لاستئصال السرطان وفحص العقد اللمفاوية في البطن للتأكد من خلوها من السرطان. 
المعالجات الأخرى
بعد تشخيص سرطان القولون، فإن العلاج الأفضل للشفاء منه هو الجراحة. بعد الجراحة، قد يحتاج المريض إلى معالجة شعاعية ومعالجة كيميائية للمساعدة في منع انتشار السرطان أو عودته. 
المعالجة الجراحية
يُنظف القولون جيداً قبل الجراحة للحدّ من فرص العدوى. يجري ذلك باستخدام مُليّنات قوية وحُقن شرجية، أو بأن يشرب المريض 3.7 لتر من سائل منظّف خاص عشية يوم الجراحة من أجل "شطف" القولون. تجري العملية تحت التخدير العام، ويكون المريض نائماً. يُجرى شق في البطن. ثم يتم الدخول الى البطن. يجري استئصال الجزء المُصاب من القولون ويُربط طرفا القولون معاً أو يُفاغران معاً. عندما يصيب السرطان المستقيم أو الشَّرج، يمكن إجراء شق آخر بالقرب من المستقيم. وعندما يُستأصل هذا الجزء من القولون، قد لا يبقى أي جزء من القولون لوصل الجزء المتبقي من القولون بعد استئصال السرطان، لذلك يجري تغيير مسار القولون إلى خارج البطن عبر شق ثانٍ. تسمى هذه العملية الجراحية فغر القولون. يُجري الجرّاح أحياناً عملية فغر القولون عندما يرى أنه لا يمكن إجراء عملية مفاغرة لطرفي القولون بنجاح. يتخذ الجرّاح هذا الخيار عندما يرى أن القولون غير نظيف بما فيه الكفاية أثناء الجراحة. يوضع كيس على فتحة القولون الى الخارج لجمع البراز عندما تُجرى للمريض عملية فغر القولون. ولكن، لا يستطيع المريض التحكم بالبراز بعد هذه العملية. ويُمكن أن يُعاد وصل طرفي القولون فيما بعد (بعد ثلاثة الى ستة أشهر عادة) إذا كان ذلك مجدياً. يخبر الجراح المريض عن هذه الإمكانية. بعد ذلك يجري تحليل العقد اللمفاوية لمعرفة ما إذا كان السرطان قد انتشر خارج القولون. كما يجري أيضاً فحص دقيق لبقية الأعضاء في البطن.وفي حال العثور على كتل مشبوهة ، فيمكن استئصالها من الأعضاء المجاورة، مثل الكبد والأمعاء الدقيقة والكليتين والرحم، لمعرفة ما إذا كانت كتلاً سرطانية. 
المخاطر والمضاعفات
جراحة القولون هي عملية آمنة جداً. ولكن هناك العديد من المخاطر والمضاعفات المحتملة رغم أنها مستبعدة. ويجب على المريض أن يتعرف عليها تحسُّبا لحدوثها لأن معرفتها تجعله قادراً على مساعدة الطبيب في الكشف المبكر عنها. من المخاطر والمضاعفات ما يتعلق بالتخدير، ومنها ما يتعلق بنوع الجراحة. مخاطر التخدير العام هي الغثيان والتقيّؤ واحتباس البول وجرح الشفتين وكسر الأسنان والألم في البلعوم والصداع. أمّا الأخطار الجدية فهي النوبات القلبية والسكتات والالتهاب الرئوي. يناقش طبيب التخدير هذه المخاطر مع المريض، ويستفسر منه ما إذا كان لديه تحسًّس تجاه أيِّ نوع من الأدوية. يمكن أن تحدث الخثرات الدموية في الساقين بسبب عدم حركة المريض خلال العملية وبعدها. وتظهر هذه الخثرات بعد أيام قليلة من الجراحة، حيث تتورم الساق وتؤلم المريض. يمكن أن تنطلق هذه الخثرات من الساق وتنتقل إلى الرئتين، حيث تسبب صعوبة في التنفس وألما في الصدر، وقد تسبب الموت أحياناً. من المهم جداً إبلاغ الطبيب عند ظهور أحد هذه الأعراض. وفي بعض الحالات، يعاني المريض من صعوبة في التنفس دون سابق إنذار. إن النهوض من السرير بعد وقت قصير من الجراحة قد يساعد على تقليل مخاطر هذه المضاعفات. هناك مخاطر نجدها في أي نوع من الجراحة، وهي:
العدوى، سواء أكانت عميقة أم على سطح الجلد. العدوى يمكن أن تصيب الشق الجراحي في البطن، والعدوى العميقة يمكن أن تصيب جوف البطن نفسه، وهذا ما يسمى التهاب البريتوان أو الصفاق. قد تحتاج معالجة العدوى العميقة إلى إعطاء مضادات حيوية لفترة طويلة، وربما إلى إجراء جراحة ثانية.
النزف، سواء خلال العملية أو بعدها. وقد يستدعي النزف نقل الدم الى المريض أو إجراء عملية أخرى.
تشكل الندبات على الجلد.
هناك مخاطر ومضاعفات تتعلق بهذه الجراحة تحديداً. وهي نادرة للغاية أيضاً، ولكن من المهم معرفتها. يمكن أن تُصاب أعضاء البطن، ولا سيما إذا كانت مصابة بالسرطان. و هذه المشاكل قد تصيب ما يلي: الطحال يمكن أن تنثقب المعِدة أو الأمعاء الدقيقة. ويمكن أن تًصاب المثانة والحالبان. يمكن أن تصاب الأعضاء التناسلية الأنثوية، مثل الرحم والمبيضين. يمكن أن تصاب الأوعية الدموية التي تغذي الطرفين السفليين. قد تواجه الجراح صعوبات غير متوقعة تستدعي فغر القولون المؤقت أو الدائم دون تخطيط مسبق لذلك. يمكن أن يحدث تمزّق أو انهيار في جدار البطن مما يتطلّب عملية ثانية. يمكن أن تؤدي إصابة هذه الأعضاء الى أذى دائم يستدعي عمليات أخرى. ومرّة ثانية نقول إن هذه الحالات نادرة جداً. من الممكن أن يحدث فتق من خلال الشق أو الشقوق البطنية، وهذا ما يحدث عندما يكون الجدار الداخلي للبطن ضعيفاً ومعرضاً لضغط الأمعاء الدقيقة تحت الجلد, ويمكن أن تحتاج هذه الحالة إلى جراحة ثانية. من المضاعفات الممكنة الأخرى تخرّب المُفاغرة، أي منطقة وصل طرفي القولون، وهذا ما يؤدي إلى عدوى داخل البطن، ويستدعي عملية أخرى لتحويل مسار القولون وإجراء فغر القولون. 
بعد الجراحة
يُنقل المريض بعد العملية الى غرفة الإنعاش، ثم الى غرفة عادية في المستشفى. يُمنع المريض من الأكل والشرب بضعة أيام ريثما يلتئم مكان المفاغرة. يمكن وضع أنبوب أنفي مَعِدي لبضعة أيام من أجل امتصاص الهواء وعُصارات المعدة. وهذا ما يحمي المريض من الشعور بالنفخة والغثيان ريثما يلتئم مكان المفاغرة. بعد ذلك، يُسمح للمريض بالأكل. سوف يتمكن المريض من العودة إلى منزله خلال بضعة أيام، اعتماداً على تحسن وضعه. من المحتمل أن يحتاج المريض إلى معالجة إضافية إذا أظهرت تقارير تحليل القولون المستأصل والفحوصات الأخرى لزوم ذلك. ويمكن أن تشمل المعالجة الإشعاعية. ويمكن أن تشمل أيضا المعالجة الكيميائية. يجب أن يحرص المريض على مراجعة الطبيب عند ظهور أية أعراض جديدة، مثل الحُمى أو النّز من الجرح أو الألم المُبرح أو الضعف أو التورم أو العدوى. 
الخلاصة
سرطان القولون هو حالة شائعة وتصيب حوالي 7 بالمائة من الناس. يوصى عادة بعملية جراحية لاستئصال سرطان القولون.وهي عملية ناجحة في استئصال السرطان عادةً . إن جراحة القولون آمنة جداً وناجحة. المخاطر والمضاعفات نادرة للغاية. ولكن معرفتها يمكن أن تساعد على كشفها ومعالجتها باكراً إذا حدثت. 


أخبار مرتبطة