تاريخ النشر 14 يناير 2018     بواسطة الدكتورة عهود سالم المصلوخي     المشاهدات 205

اضطراب المعالجة السمعيَّة للأصوات

يُعَدُّ اضطرابُ المعالجة السمعيَّة auditory processing disorder (APD) من المشاكل السمعيَّة الأذنيَّة التي تنجم عن عدم معالجة الدماغ للأصوات بالطريقة الطبيعيَّة. يمكن أن يُؤثِّرَ هذا الاضطراب في قدرة الشخص على القيام بالأمور التالية: التحديد الدقيق لمصدر الصوت. تحديد أسبقيَّة وصول الأصوات إلى
 الأذن.
تمييز لفظ الأصوات المتشابهة عن بعضها بعضاً، مثل "سبعين" و "سبعة عشر".
فهم الكلام، وخصوصاً عندَ وجود ضجيج في المُحيط ، أو عندَ تحدُّث أكثر من شخص أو تَحدُّث الشخص بسرعة، أو سوء نوعيَّة الصوت.
تَذكُّر تعليمات سبقَ ذكرها.
قد يَصعُبُ على الأطفال، الذين يُعانون من هذه المشكلة، الاستجابة للأصوات، وفهم الأشياء التي يتلقونها، والتركيز، والتعبير عن أنفسهم من خلال الكلام. كما قد تتأثَّر قراءتُهم وإملاءهم نتيجة إصابتهم بهذه المشكلة أيضاً.
يجد الكثيرُ من الأشخاص أنَّ هذه الحالةَ تصبحُ أقلَّ أهميَّة بمرور الوقت، لأنَّهم يطوِّرون المهارات اللازمة للتعامل معها. وقد يحتاج الأطفالُ إلى دعمٍ ومساعدةٍ إضافيَّة في المدرسة، ويمكن أن يكونوا ناجحين مثل زملائهم في الفصل.
الأشخاص المُعرَّضون للإصابة باضطراب المعالجة السمعيَّة
يمكن أن يتعرَّض الأشخاصُ من جميع الأعمار للإصابة باضطراب المعالجة السمعيَّة، حيث تبدأ الحالةُ في كثيرٍ من الحالات في مرحلة الطفولة، رغم أنَّها قد تحدثَ أحياناً عند البالغين.
قد يُعاني الأطفالُ المصابون باضطراب المعالجة السمعيَّة من مشاكل ملحوظة في سنِّ مبكرة، رغمَ أنَّ الأعراضَ قد لا تكون واضحة أحياناً أو أنَّها قد تظهرُ لاحقاً عند الدخول إلى المدرسة أو الجامعة أو إلى عملٍ جديد.
ما زال سببُ إصابة الكثير من الأشخاص بهذا الاضطراب مجهولاً، ولكن يُعتَقدُ أنَّ احتمالَ وجود درجة نسبيَّة من هذا الاضطراب بين الأطفال قد يصل إلى 5%.
أسباب اضطراب المعالجة السمعيَّة
ما زال السببُ الدقيق لاضطراب المعالجة السمعيَّة مجهولاً. ويمكن أحياناً تحديدُ عاملٍ كامنٍ محتملٍ، ولكن ليس دائماً.
قد تحدث الحالةُ عندَ الأطفال بعدَ مشكلةٍ سمعيَّةٍ مزمنة في سنٍّ مبكرة، مثل الأذن الصمغيَّة glue ear، فقد تترك بعدَ الشفاء منها تأثيراً دائماً في طريقة معالجة الدماغ للأصوات. كما أنَّها قد تنجمُ عن عيبٍ وراثي، لأنَّ بعضَ الحالات يبدو أنَّها تنتقل وراثيَّاً.
قد تكون إصابةُ الأطفال والبالغين بهذه الحالة مرتبطةً بحدوث ضرر في الدماغ نتيجة إصابة في الرأس أو سكتة دماغيَّة أو ورم دماغي أو التهاب سحايا. 
كما قد ترتبط بعضُ الحالات عندَ البالغين بتغيُّراتٍ مرتبطة بالعمر تُؤثِّرُ في قدرة الدماغ على معالجة الأصوات، أو بحالاتٍ متقدِّمة تصيب الجهاز العصبي، مثل التصلُّب المتعدِّد multiple sclerosis.
كيف يمكن للطبيب تقديم المساعدة؟
ينبغي مراجعةُ الطبيب عند الاشتباه بوجود إصابةٍ بمشكلةٍ سمعيَّة، مثل اضطراب المعالجة السمعيَّة، حيث قد يقوم بتحويل الشخص إلى الطبيب الاختصاصي بالسمع، لإجراء بعض الاختبارات.
وقد تنطوي الاختباراتُ المطلوبة على ما يلي:
اختبارات السمع hearing tests: حيث يُطلَبُ من المريض الاستماع إلى مجموعةٍ متنوِّعة من الأصوات، مع تدوين مستوى الاستجابة لها.
الاستبيانات questionnaires: قد تُوجَّه أسئلةٌ إلى الشخص، مثل: "إذا ناداك أحد أصدقائك أو أفراد عائلتك باسمك، فهل يمكنك معرفته دون النظر إليه؟".
اختبارات المَساري الكَهرَبِيّة electrode tests: حيث توضَع براعمُ أذنيَّة earbud أو سمَّاعات رأس في الأذنين، ثمَّ تُوضَع المساري الكهربية على الرأس لقياس درجة استجابة الدماغ للأصوات.
إجراء تقييم للنطق والكلام وللإدراك (التفكير).
وبمجرَّد تشخيص اضطراب المعالجة السمعيَّة، يحصل الشخصُ على الإرشادات اللازمة التي تُمكِّنه من التعامل مع هذه المشكلة.
معالجة اضطراب المعالجة السمعيَّة
لم يتوصَّل العلماءُ حتَّى الآن إلى إيجاد علاجٍ شافٍ من اضطراب المعالجة السمعيَّة، ولكن تتوفَّر عدَّةُ إستراتيجيَّات قد تساعد على التعامل مع هذه الحالة. وفيما يلي بعض هذه الإستراتيجيَّات:
التدريب السمعي
قد يُنصَحُ الشخصُ بمحاولة القيام بنشاطاتٍ خاصَّة تساعد على تدريب الدماغ على تحليل الأصوات بشكلٍ أفضل، ويُعرَفُ هذا بالتدريب السمعي auditory training. ويمكن أن يقومَ الشخصُ بهذا التدريب منفرداً أو بمساعدة أحد المهنيين الصحيين، أو بمساعدة برنامجٍ في الكمبيوتر أو قرصٍ مضغوط.
يمكن أن يشتملَ هذا التدريبُ على القيام بمجموعةٍ من المهامّ، كتحديد نوع ومصدر الأصوات أو محاولة التركيز على أصواتٍ معيَّنة مع وجود ضوضاء خفيفة مُحيطة بها. ويمكن تبديلُ هذه المهامّ باختلاف سنِّ الأشخاص، حيث يجري التعاملُ مع الأطفال بتعليمهم من خلال الألعاب أو القراءة مع أبويهم غالباً.
إحداث تغييرات في المنزل أو المدرسة
ينبغي معرفةُ ظروف السَّمع في الغرفة ومدى تأثيرها في الشخص؛ فالغرفُ ذات الأسطح الملساء تؤدِّي إلى إحداث صدى، لذلك فالغرفُ المحتوية على السجَّاد والمفروشات الليِّنة هي الأفضل. يجب إغلاقُ أجهزة المذياع والتلفزيون والابتعاد عن أيَّة أجهزة مُسبِّبة للضجيج، كالمراوح.
عند معاناة الطفل من مشاكل في السمع، يمكن طلبُ المساعدة من مسؤولي المدرسة لإجراء تغييراتٍ قد تكون مفيدة، مثل جلوس الطفل قريباً من المعلم مع استعمال الوسائل المرئيَّة والتخفيف من الضجيج في محيط وجوده. 
وقد يستفيد الطفلُ من استعمال جهاز استقبالٍ لاسلكي أو من وجود مُكبِّر ثابتٍ للصوت قريباً من مقعده في المدرسة، بحيث يكون متَّصلاً لاسلكيَّاً بمكبِّر صوت صغير يحمله المعلم. وبدلاً من ذلك، قد يساعد استعمالُ نظام المكبِّرات في الفصل والمتَّصلة  بمكبر الصوت الذي يحمله المعلم على إمكانية سماع الطفل لما يقول معلمه، رغم وجود ضجيج في الفصل.
المساعدة من الآخرين
قد يكون مفيداً إعلامُ الأشخاص الآخرين عن مشاكل السمع التي يُعاني منها الشخص، وإخبارهم عمَّا يمكنهم القيام به للمساعدة على أن يكونَ السمع أكثرَ وضوحاً.
لذلك ينبغي أن يُطلَبَ منهم ما يلي:
التأكُّد من انتباه الشخص المُصاب لهم بحيث يكونوا مقابله قبلَ البدء بالكلام.
التحدُّث بوضوح وبسرعةٍ أقلّ من المعتاد.
اتباع أسلوب التأكيد في أثناء حديثهم، لتسليط الضوء على النقاط الرئيسيَّة في هذا الحديث.
تكرار أو إعادة صياغة مضمون الحديث عندَ الضرورة.


أخبار مرتبطة