تاريخ النشر 11 أكتوبر 2014     بواسطة الدكتور احمد عرقبي     المشاهدات 201

الصوت العالى .. سموم من نوع اخر

لم يعد من الصعب ملاحظة انتشار اجهزة الوسائط المتعددة و تشغيل الموسيقى فى ايادى الشباب و الكبار , خاصة بعد التطورات التكنولوجية المتزايدة التى جعلت اسعارها فى متناول الكثير . لكن المؤسف فى الامر انه مع كل جهاز يزيد تزداد امكانية اصابة أحد الافراد بمشاكل دائمة فى السمع نتيجة الاستخدام الخاطئ لسما

علامات الإنذار

عات الرأس و وضعها فى مستويات صوت مرتفعة جدا . 
 
تقول منظمة الصحة ان الاستماع لأصوات تزيد على 85 ديسيبل (وحدة قياس شدة الصوت ) لمدة ساعة عن طريق سماعات الاذن قادر على احداث ضرر غير قابل للرجوع فى السمع , و تكمن المشكلة هنا ان الاصوات التى تصدرها السماعات فى المستويات العليا قادرة على ان تتجاوز حتى حدود الـ85 ديسيبل وصولا الى 104 ديسيبل تصب مباشرة فى الاذن لتحدث اضرار "مدوية" . 
و قد وجدت الدراسات ان اكثر من ثلثى الاشخاص من عمر 18 الى 30 سنة يضعون السماعات فى مستويات صوت مرتفعة لدرجة خطرة , و هم لا يدركون كم المخاطر التى يعرضون انفسهم لها . مما دفع بعض المنظمات لأصدار نداءات للشركات المصنعة للسماعات بوضع تحذيرات بخطورة الاستخدام الخاطئ و الصوت المرتفع المبالغ فيه . 
و سعياً منا لتوضيح اضرار الصوت العالى سوف ننطلق معا فى جولة لتوضيح الالية العضوية لحدوث هذا الضرر: 
- من البداية يدخل الصوت من الاذن الخارجية التى تستقبله و توصله الى طبلة الاذن حيث تحوله الى اهتزازات تنتقل عبر عظيمات ( تصغير عظمة ) ثلاثة فى الاذن الوسطى حتى تصل الاهتزازات الى الوسط السائل فى الاذن الداخلية . 
الصوت العالى .. سموم من نوع اخر
- و داخل الاذن الداخلية تبدأ رحلة استقبال اهتزازات الوسط السائل عن طريق خلايا شعيرية مبطنة للأذن الداخلية , حيث ان الموجات الاهتزازية تقوم بتحريك الخلايا الشعيرية ( على شكل شعيرات دقيقة ) , و هذه الحركة للشعيرات المتصلة بأعصاب مخية يتم نقلها عن طريق هذه الاعصاب الى المخ فى صورة اشارات كهربية يترجمها المخ الى اصوات . 
- و هنا تظهر اهمية الشعيرات الدقيقة المبطنة للأذن الداخلية , و التى تتأثر بفعل الموجات الاهتزازية القوية المنقولة اليها فى حالة الاصوات العالية بدرجة مبالغ فيها , حيث تقوم هذه الموجات العنيفة بتحويل الشعيرات الى الوضع المائل بدلا من الوضع المنتصب القادر على استقبال الموجات و ترجمتها . 
- و رغم ان الشعيرات تستعيد وضعها الطبيعى لكن مع تكرار تعرضها لهذه الموجات العنيفة يحدث ضرر دائم فى الشعيرات المستقبلة للموجات الاهتزازية الصوتية , حيث يحدث فيها ما يشبه الكسر الذى لا يمكن اصلاحه لأن هذه الخلايا الشعيرية من النوع الغير قابل للتجديد , و من هنا يحدث الفقدان الدائم لجزء من القدرة السمعية تدريجيا وصولا الى الفقدان الكامل للسمع .
الصوت العالى .. سموم من نوع اخر
علامات الإنذار : 
عندما تكون معرض لمستويات مرتفعة من الاصوات لابد انك لاحظت حدوث فقدان جزئى و مؤقت لقدرتك على السمع , و ربما لاحظت ايضا صوت الصفير الذى يرن فى اذنك لفترة بعدها كلما جلست فى مكان هادئ , هذه الاعراض تدل على ان جهازك السمعى قد تعرض لهجوم شرس من الاصوات العالية و لكنه يحاول علاج نفسه و نحاول الشعيرات فى الاذن الداخلية استعادة وضعها الطبيعى . 
لكن ينبغى عليك الحذر لأن اصرارك على تعريض اذنك لهذه المستويات المرتفعة من الاصوات يرشحك بشدة لأن تفقد سمعك بشكل دائم تدريجياً .

هناك دائما حلول : 
رغم كل ما سبق و رغم ان اغلبنا سوف يتعرض لقلق مما جاء فى الجزء السابق من المقال , لكن لابد ان يلوح أمل و يقدم العلم بعض الحلول لهذه المشكلة تعتمد بشكل اساسى على الوقاية . 
القاعدة الأولى : عندما يستطيع الجالس بقربك سماع الموسيقى التى تضعها فى سماعة اذنك , هذا يعنى ان الصوت عالى جدا , اكثر مما يفترض باذنك تحمله . 
القاعدة الثانية : أعطى نفسك فاصل , تحتاج على الاقل لخمسة دقائق فاصل و راحة لأذنيك بعد كل ساعة من وضع السماعات , لتسمح لجهازك السمعى بأستعادة توازنه . 
القاعدة الثالثة : نوع السماعة يصنع فرق , حيث تقوم بعض أنواع السماعات بمنع وصول الضوضاء الخارجية للأذن اثناء وضعها , مما يساعد على الاستماع الى الصوت فى اقل مستوى ممكن دون ان تعوقه الضوضاء المحيطة . 
القاعدة الرابعة : لا تزيد عن 4.5 ساعات فى اطول الحالات , حيث وضع الباحثون فى جامعة كولورادو حدود الاستماع الامن لجهاز اى بود بـ 4.6 ساعة بمستوى صوت لا يتعدى 70 % فى وجود السماعات القياسية المتوافرة مع الجهاز .

الحلول التكنولوجية : 
سعياً من الشركات المتخصصة فى مجال الصوتيات لأيجاد حلول لحماية المستخدمين - لتأكدها ان مجتمع من الطرشان لن يشترى منتجاتها لأنه ببساطة لن يسمعها - قامت بعض الشركات المنتجة لأجهزة الـ mp3 بتطوير امكانية الحد من الضوضاء عن طريق برنامج يلفت انتباه المستخدم عندما يتجاوز الحدود الامنة فى ارتفاع مستوى الصوت او طول الفترة الزمنية . 
و قد قامت شركة أبل بتطوير هذه التقنية بزرع جهاز صغير داخل اجهزة اى بود قادر على قياس مستوى الضوضاء و تعديل مستوى الصوت لتجنب الضرر السمعى قدر الامكان . 
فى النهاية , تذكر ان التكنولوجيا صنعت لرفاهيتنا و جعل حياتنا أفضل ,لذا لا داعى لأفساد هذا بالافراط فى الاستماع الى مستويات صوت مرتفعة أو قضاء وقت طويل معها . 
ببساطة , اخفض مستوى الصوت الى مستويات هادئة و خذ فواصل , و استمتع بنعمة السمع السليم . 


أخبار مرتبطة