تاريخ النشر 4 يونيو 2015     بواسطة الدكتور تركي عبدالعزيز الوسيدي     المشاهدات 201

العلاج بالخلايا الجذعية قد يعزز عملية زرع الكلي

وجدت دراسة أن معدلات الرفض التي تحدث على المدى القصير للكلية المزروعة، تقلُّ عند المرضى الحاصلين على الخلايا الجذعية أكثر مما عند أولئك الذين يتناولون العقاقير المعتادة. يشيرُ بحثٌ جديدٌ إلى استعمالِ تِقَنيَّةٍ جديدةٍ تُعْطي مُتَلَقِّي الكِلى خلايا جِذْعِيَّةً مأخوذةً من أجسامهم، مُشيرين إلى أ
نَّ هذه الطريقة قد تَحِلُّ يوماً مكانَ الأدويةِ المُضَادَّة للرَّفْضِ والتي تُعطى في بداية عملية الزرع، أو تقلِّلُ من استعمالها.
ووفقاً لما ذُكِرَ في الدراسة؛ بعدَ سِتَّة أشهرٍ منْ زراعةِ الكلى، فإنَّ حوالي 8 % فقط من الذين تمَّ إعطاؤُهم خلايا جذعيةً - مأخوذةً من أجسامهم – قَدْ حَصَلَ لديهم رفضٌ  للكلية المزروعة، مقارنةً مع 22 % تقريباً عند أولئك الذين يتناولون العقاقير التقليدية المضادة للرفض.
ويوضِّحُ الدكتور كاميليو ريكوردي، وهو الباحث الرئيسي للدراسة ومدير مركز زراعة الخلايا ومعهد أبحاث السُّكَّري في كلية الطب بجامعة ميامي ميلر: "إن الخلايا الجذعية المُتَوَسِِّطِيَّة هي تلك الخلايا الجذعية التي يُمْكِنُها أنْ تتحوَّلَ  إلى أنواعٍ أخرى من الخلايا".
ويقول: "إنَّ حقن الخلايا الجذعية المتوسطية في أثناءِ عملية الزَّرْعِ قَدْ تَحِلُّ مَحَلَّ العقاقير القويَّة المضادة للرفض، ويمكنُ أيضاً أنْ تَحِلَّ مَحَلَّ الأدوية المثبِّطة للمناعة. ويمكن لهذه التقنية أنْ تُسْتَخْدَمَ في زراعة الخلايا الجَزيريَّة (في البنكرياس) عند مرضى الداء السكري من النوع الأول؛ وكذلك الأمر في عمليات زراعة الأعضاء الأخرى مثل الكبد".
ويضيف الدكتور ريكوردي بأنَّ الأشخاصَ الذين حصلوا على خلايا جذعيةٍ مأخوذةٍ من أجسامِهم، قد تَحَسَّن أداءُ الكلية الوظيفي بشكلٍ أسرع بعد عملية الزرع.
سوفَ تظهرُ نتائجُ الدراسةِ في العددِ الصادرِ بتاريخِ 21 آذار/مارس منْ مجلةِ الجمعية الطبية الأمريكية.
هذا ويُعدُّ بقاءُ الحاجةِ لاستعمالِ أدويةٍ قويَّةٍ مضادةٍ لرفضِ العضوِ المزروع، والحاجةِ لاستعمالِ الأدوية المثبطة للمناعة التي تُعْطَى بعدَ عمليةِ الزَّرْع؛ منْ أكبرِ العقباتِ في عملية زراعة الأعضاء.
ويقول الدكتور روبرت بروفنزانو، وهو رئيس قسم أمراض الكلى وارتفاع ضغط الدم وزراعة الكلى في نظام سانت جون للعناية الصحية في ديترويت: "في الأساس، فإنَّ الطريقة المناسبة لِيَتَمَكَّنَ الجسمُ من قبول زرع الكلى هو إعطاءُ المريضِ مضاداتٍ قويةً لرفض الزرع، وكذلك إعطاؤه عواملَ مثبطةً أو كابتةً للمناعة لمنع الخلايا من مهاجمة هذا العضو الغريب عنها". ويضيف قائلاً: "ولكنَّ المعايير الحالية فيها بعض المشاكل، مثل زيادة خطورة العدوى واحتمالية تكوُّن خلايا سرطانية".
ويقول الدكتور بروفنزانو: "إنَّ نظامَ الجسمِ المناعي يُرْسِلُ خلايا تَرَصُّد لحماية الجسم ضدَّ دخولِ الأجسام الغريبة مثل (الجراثيم والفيروسات)، أو وجود عضو جديد كما هو الحال بالنسبة لزراعة الأعضاء. إنَّ الطريقة الحالية لمنع تلك الخلايا من مهاجمة العضو الجديد هي في الأساس تدمير خلايا الترصُّد تلك، ولكن الخلايا الجذعيَّة تستطيع طبيعياً كَبْتَ خلايا الترصُّد تلك ومَنْعَها من المهاجمة".
ولمعرفة ما إذا كان ذلك الكبت المناعي كافياً لمنع رفض العضو المزروع، قام الدكتور ريكوردي وزملاؤه ومعهم باحثون من جامعة شايمن في الصين بعمل دراسة على 159 شخصاً لديهم أمراض خطيرة في الكلى ويقومون بإجراء غسيل للكلى، وتتراوح أعمارهم من 18 عاماً إلى 61 عاماً.
جميع المشاركين في الدراسة كان لديهم أقرباءٌ مُطابِقون لهم من النَّاحية الطبيَّة التي تخصُّ تقبُّل العضو الذي سَيُزْرَع، وهم على استعدادٍ للتبرع لهم بالكلى.
وتم توزيعهم بالطريقة العلمية المنهجية المعروفة التي تُدعى "التوزُّع العشوائي"، للحصول على إحدى ثلاثة أنواع من المعالجة بعد عملية الزرع، فالمجموعة الأولى حصلت على الطريقة المعتادة في المعالجة وهي تناول أدوية مضادة للرفض (المعالجة التقليدية) وكذلك أدوية كابتة للمناعة تعرف بـاسم كابتات "كالسينيورين" Calciurin (CNIs)؛ والمجموعة الثانية تمَّ حقنهم بخلاياهم الجذعية بالإضافة إلى إعطائهم الجرعة المعتادة من (CNIs)؛ بينما المجموعة الثالثة حصلت على الخلايا الجذعية بالإضافة إلى جرعة أقل من (CNIs) (80% من الجرعة المعتادة).
وَجَدَت الدراسة أن معدلات البَّقاء في حالة الحياة عند المرضى وكذلك بقاء الكلية الجديدة، كانت متماثلة في المجموعات الثلاث خلال الفترة من 13 إلى 30 شهراً بعد العملية.
ولكنْ قبل ذلك وبعد مضي ستة أشهر على الزراعة، كانت المجموعة التي حصلت على المعالجة المعتادة، قد حصل لها رفض للعضو المزروع بما يقارب 21.6%، مقارنةً بنسبة 7.5% للمجموعة التي حصلت على الخلايا الجذعية إضافةً إلى الجرعة المعتادة من  (CNIs)، ومقارنةً بنسبة 7.7% للمجموعة التي حصلت على الخلايا الجذعية إضافةً إلى جرعة منخفضة من (CNIs).
كانت كلتا المجموعتين اللتين حصلتا على الخلايا الجذعية قد عادت الكلية لأداء وظيفتها بشكل أسرع من المجموعة التي حصلت على المعالجة المعتادة؛ وبعد مُضِيِّ عامٍ وَجَدَ الباحثون أنَّ مخاطر العدوى الانتهازية قد انخفضت بنسبة 60% عند الأشخاص الذين حصلوا على الخلايا الجذعية.
وأَعْرَبَ الدكتور بروفنزانو عن حَماسِهِ تجاه هذا الإجراء الجديد وقال: "إني أرى هذا الإجراء مثالاً على التطور المستمر في طب زراعة الأعضاء، ومن المثير للغاية أن نتمكن من استخدام الخلايا الطبيعية الموجودة في أجسامنا بدلاً من الكثير من الأدوية السامة". ويُبَيِّنُ أهمية إجراء المزيد من الدراسات لإثبات تلك النتائج ودراسة الآثار بعد مدة طويلة من تناول هذه الخلايا؛ ولكنْ يقول: "إن المعطيات المتوفرة في هذه الدراسة تبدو مُبَشِّرَة".
وهناك بعض الخبراء أقل انبهاراً بهذه الدراسة بمن فيهم الدكتور غلين مورغان، المدير المساعد في قسم زراعة الأعضاء في مركز لانغون الطبي بجامعة نيويورك في مدينة نيويورك حيث يقول: "إن هذه تقنية جديدة، ولكنْ لا أعتقدُ أنها بمثابة خطوة كبيرة للأمام، إنها كانت مُهمةً خلال الستة أشهر الأولى فقط". ويضيف: "إنها مجرَّد تغيير في البرتوكول الذي يُبْدأُ به عند مباشرة عمليَّة الزرع؛ وأما بالنسبة للأدوية الأساسيَّة الكابتة للمناعة فمازالت تستخدم على المدى الطويل".
وأجرى باحثون آخرون تجارب حول استخدام الخلايا الجذعية في زراعة الأعضاء؛ وفي العدد الصادر بتاريخ 7 آذار/ مارس من مجلة العلم والطب الانتقالي، حيث نُشِرَ فيه تقريرٌ عن محاولة نقل خلايا جذعية من المتبرِّع إلى المريض المستقبل للزراعة قبل عملية الزراعة؛ في محاولةٍ لإنتاج جهاز مناعي هَجِين لكي يَقْبَلَ العضوَ الجديد. ووفقاً لما ذكر في الدراسة فإنَّ خمسةً من ثمانيةِ مرضى تمَّ إجراءُ الدراسة عليهم لم يحتاجوا إلى أدوية كابتة لأجهزتهم المناعية.
ويقول الدكتور ريكوردي: "ربما يكون لاشتراك مجموعةٍ من العلاجات بالخلايا الجذعية من شأنها أن تؤدي إلى كَبْتٍ – للمناعة - أكثرَ فعاليةً ".


أخبار مرتبطة