تاريخ النشر 6 يونيو 2015     بواسطة الدكتور مبارك شايع القحطاني     المشاهدات 201

سرطان الرأس والعُنُق

يشمل سرطان العنق والرأس كُلاًّ من سرطانات الفم والأنف والجيوب الأنفية والغدد اللعابية والحلق والحَنجرة والعُقد اللِّمفية في الرقبة. تبدأ مُعظمُ هذه السرطانات في الأنسجة الرخوة التي تبطِّن الفم والأنف والحلق. وتتضمَّن الأعراض: • كتلة أو قرحة لا تلتئم. • التهاباً في الحلق لا يُشفى. • صعوبة في الب
لع. •	تغيراً أو بُحَّة في الصوت. يزيد استخدام التبغ أو الكحول من خطورة الإصابة بسرطان الرَّأس والعُنُق، حيث يرتبط خمسةٌ وثمانون في المائة من سرطانات الرأس والعنق باستخدام التبغ، سواءٌ أكان ذلك عن طريق التدخين أو بطرق أُخرى "كالمضغ مثلاً". وتكون هذه السرطاناتُ قابلة للمعالجة غالباً، وذلك إذا جرى اكتشافها في وقت مبكِّر. قد تشمل المُعالجة الجراحةَ أو المُعالجة الإشعاعية أو المُعالجة الكيميائيَّة أو مجموعة من هذه الطُرُق معاً. وقد تُؤثِّر طُرُق المُعالجة المُستخدمة على قدرة المريض على تناول الطعام أوعلى قدرته على الكلام، وربَّما قدرته على التنفُّس أيضاً، لذلك قد يحتاج المرضى إلى إعادة تأهيل بعد المُعالجة. 
مُقدِّمة
يعدُّ سرطان الرأس والعُنُق شائعاً نسبياً. ويُصنِّف الأطبَّاء كلاً من سرطان التجويف الفموي وسرطان الغُدد اللُّعابية وسرطان الجيوب الأنفيَّة وسرطان التجويف الأنفي وسرطانات الحلق والحَنجرة والعُقد اللِّمفيَّة كأنواع من سرطان الرَّأس والعُنُق. يجري تشخيصُ إصابة أكثر من خمسمائة ألف شخص في العالم بسرطان الرَّأس والعُنُق كلَّ عام. ويُمكن الشفاء منه إذا اكتُشف مُبكِّراً. لا يُصنِّف الأطبَّاء السرطانات التالية مع سرطانات الرَّأس والعُنُق عادة:
سرطانات الدماغ.
سرطان العين.
سرطان الغدَّة الدرقية.
سرطان فروة الرَّأس أو الجلد أو العضلات.
سرطان عظام الرَّأس والعُنُق.
يُساعد هذا البرنامج التثقيفي على تكوين فهم أفضل لسرطان الرأس والعُنُق، ومعرفة سُبُل المُعالجة المتوفِّرة. 
السرطان
يتكوَّن الجسم من خلايا صغيرة جداً. تنمو الخلايا الطبيعيَّة في الجسم وتموت بطريقة مَضبوطة. تستمرُّ الخلايا في بعض الأحيان بالانقسام والنموِّ بشكل فوضوي، مُسبِّبة نمُوَّاً شاذَّاً يُسمَّى الورم. يُسمِّي الأطبَّاء الورم حميداً، أو غير سرطانيٍّ، إذا لم يتسبَّب في غزو انسجة وأعضاء الجسم المُجاورة. ولا تُشكِّل الأورام الحميدة أيَّ خطر حقيقي يُذكر على حياة المريض. يُدعى الورم ورماً خبيثاً، أو سرطاناً، إذا كان يغزو الأعضاء والانسجة المُجاورة. وتنتشر الخلايا السرطانيَّة إلى أجزاء الجسم المُختلفة عبر الأوعية الدمويَّة واالقنوات اللِّمفيَّة. يبدو اللِّمف كسائل رائق تقريباً، يُنتجه الجسم ويقوم بنزح الفضلات من الخلايا. وهو ينتقل عبر قنوات خاصَّة وأجسام تُشبه حبات الفاصولياء، تُدعى العُقد اللِّمفية. تُسمَّى السرطانات في الجسم تِبعاً للمكان الذي بدأ فيه السرطان، حيث يُسمَّى السرطان الذي بدأ في التجويف الفموي سرطان الفم دائماً، حتَّى إذا انتشر إلى أماكن أُخرى. ويُسمِّي الأطبَّاء السرطان الذي ينتشر من أحد انسجة الجسم إلى أجزاء الجسم الأُخرى سرطاناً نقيلياً (أي مُنتقلاً). تبدأ مُعظمُ سرطانات الرَّأس والعُنُق في الخلايا التي تُبطِّن الأغشية المُخاطيَّة في منطقة الرَّأس والعُنُق، كالفم والأنف والحلق. والأغشيةُ المُخاطية هي أنسجة رطبة تُبطِّن الأعضاء الجوفاء وأجواف الجسم التي تنفتح على المحيط الخارجي. 
سرطان الرَّأس والعُنُق
يجري تحديد سرطانات الرَّأس والعُنُق وفقاً للمنطقة التي نشأ فيها. وتنقسم هذه السرطانات إلى قسمين: سرطانات التجويف الفمَوي وسرطانات التجويف الأنفي. تضمُّ سرطانات التجويف الفموي كلاً من:
سرطان الغُدد اللُّعابيَّة.
سرطان الجُيوب الأنفية.
يضمُّ سرطان التجويف الأنفيِّ كلاً من:
سرطان البُلعوم.
سرطان الحَنجَرة.
سرطان العُقد اللِّمفيَّة.
البُلعومُ هو أُنبوب أجوف، يبلغ طوله ثلاثة عشر سنتيمتراً تقريباً، ويبدأ خلف الأنف ويمتدُّ حتى المريء والرُّغامى. أمَّا المريءُ فهو الأُنبوب الذي يسير إلى المَعِدة. يتألَّف البُلعوم من ثلاثة أجزاء:
البُلعوم الأنفي، وهو الجزء العُلويُّ من البُلعوم الذي يقع خلف الأنف.
البُلعوم الفموي، وهو الجزءُ الأوسط من البُلعوم، ويتكوَّن من الحنك الرَّخو أو شراع الحنك، وقاعدة اللسان، واللوزتَين.
البُلعوم السفلي أو الحَنجريُّ. وهو الجزء السفلي من البُلعوم.
الحَنجرةُ، وتُدعى صُندوق الصوت أيضاً، هي ممرٌّ قصير مُكوَّن من غضاريف، يقع في العُنُق تحت البلعوم مباشرة. وتحتوي الحَنجرة على الحبال الصوتيَّة. 
الأسبابُ وعوامل الخطورة
لا يمكن تحديد السبب الدقيق لظهور السرطان عند مريض معيَّن عادة، ولكنَّنا نعرف الأسبابَ العامَّة للسرطان. ويعرف الأطباء أيضاً أنَّ هناك عوامل مُعيَّنة يُمكن أن تزيد من احتمال الإصابة بالسرطان، ويسمُّون هذه العوامل: "عوامل الخطورة". إنَّ تعاطي التبغ والكحول هما أكثر عوامل الخطورة أهميَّة بالنسبة لسرطان الرأس والعُنُق، حيث يرتبط خمسة وثمانون بالمائة من حالات الإصابة بسرطان الرَّأس والعُنُق باستعمال التبغ. ويكون الأشخاص الذين يتعاطون التبغ والكحول معاً معرَّضين لخطر الإصابة بسرطان الرَّأس والعُنُق أكثر من الذين يتعاطون أحدهما فقط. تتعلَّق عوامل الخطورة الأُخرى بالمنطقة التي ينشأ فيها السرطان. وتشمل عوامل الخطورة بالنسبة لسرطان التجويف الفمويِّ تعرُّضَ الشفة للشمس، وربَّما الإصابة بفيروس الوَرَم الحُلَيمي البَشَري أيضاً. يُشكِّل تعرُّضُ الرَّأس والعُنُق للأشعَّة عامل خُطورة للإصابة بالسرطان الذي يبدأ في الغُدد اللُّعابيَّة. ويُمكن أن يكون التعرُّض للأشعَّة بسبب التصوير بالأشعَّة السينيَّة أو بسبب المُعالجة الإشعاعيَّة لحالات طُبِّية مُعيَّنة. يُمكن أن تؤدِّي بعضُ حالات التعرُّض المهني إلى زيادة خطورة الإصابة بالسرطان الذي يبدأ في الجيوب الأنفيَّة أو التجويف الأنفي. ومن الأمثلة على ذلك استنشاقُ غُبار الخشب أو النيكل. وقد يمارس استعمالُ الكحول والتبغ دوراً أقلَّ في هذا النوع من السرطان. إنَّ للسرطان الذي يبدأ في البلعوم الأنفي عوامل خُطورة مُتعدِّدة، حيث يزيد التعرُّض المُتكرِّر لغُبار الخشب واستهلاك أنواع مُعيَّنة من الأغذية المحفوظة أو المُملَّحة من خُطورة إصابة الشخص بالسرطان الذي يبدأ في البُلعوم الأنفيِّ. ومن عوامل الخُطورة الأُخرى الإصابة بفيروس إيبشتاين ـ بار، والتحدُّر من أُصول آسيويَّة، لاسيَّما الصينيَّة. يُعدُّ إهمالُ العناية بصحَّة الفم عامل خُطورة للإصابة بالسرطان الذي يبدأ في البلعوم الفموي. ومن عوامل الخُطورة الأُخرى الإصابة بفَيروس الوَرَمِ الحُلَيمِيِّ البَشَرِيِّ واستعمال الغُسولات الفمويَّة التي تحوي كميَّة كبيرة من الكحول. يزيد التعرُّضُ لجُسيمات الأسبست، أو الحرير الصخري، المُعلَّقة في الهواء، لاسيَّما في أماكن العمل، من خطورة الإصابة بسرطان الحَنجرة. يجب على الناس المعرَّضين لخطر الإصابة بسرطان الرأس والرقبة التحدُّث مع أطبَّائهم حول سُبُل الحدِّ من هذا الخطر. 
الأعراض
الأعراضُ العامَّة لسرطانات الرَّأس والعُنُق هي:
كتلة أو قرحة لا تلتئم.
التهاب حلق لا يشفى.
صعوبة في البلع.
تغيُّرات أو بُحَّة في الصوت.
ترتبط الأعراض الأُخرى بالمكان الذي ينشأ فيه السرطان. اختر نوع السرطان الذي تريد أن تعرف أعراضه: التجويف الفموي. التجويف الأنفي. الغُدد اللُّعابيَّة. البلعوم الفموي والبلعوم السفلي أو الحَنجري. البلعوم الأنفي. الحَنجرة. يمكن أن تُشبه أعراض السرطان أعراضاً أخرى تنجم عن أمراض أُخرى. لذلك، ينبغي استشارة الطبيب أو طبيب الأسنان عند ظهور أيِّ عرض من هذه الأعراض. 
التشخيص
إن أفضل طريقة لمُعالجة سرطان الرأس والعُنُق تكمن في اكتشافه في وقت مبكِّر جدَّاً. وفي بعض الأحيان، يُمكن اكتشاف هذا النوع من السرطان حتَّى قبل أن يُسبِّب أيَّةَ أعراض. إذا ظهرت لدى المريض أعراضُ سرطان الرَّأس والعُنُق، يُحاول الطبيب أن يكتشف ما إذا كان السرطان هو سبب هذه الأعراض أم أنَّها ناجمة عن سبب آخر. قد يُجري الطبيب فحصاً سريريَّاً للبحث في التجويفين الفموي والأنفي، والعُنُق والحلق واللِّسان، وذلك باستعمال مرآة صغيرة ومصباح. وقد يشمل الفحصُ السريريُّ أيضاً قيام الطبيب بتحسُّس الكتل في العُنُق والشفتَين واللثتين والخدَّين. قد يلجأ الطبيبُ إلى التنظير لفحص الحًنجرة والمريء وتجويف الأنف، والبلعوم الأنفي. ويستخدم الطبيب خلال التنظير أُنبوباً رقيقاً مُضيئاً يسمَّى المنظار الداخلي لدراسة المناطق داخل الجسم. كما قد يطلب الطبيب أيضاً إجراء بعض الفحوص المختبريَّة لعَيِّنات من الدم أو البول أو غير ذلك من موادِّ الجسم. وقد يطلب الطبيب إجراء تصوير بالأشعَّة السينيَّة للحصول على صور للرَّأس والعُنُق من الداخل. التصويرُ الطبقي المحوري هو نوع آخر من الفحوص التي قد يلجأ الطبيب إليها لتشخيص سرطان الرَّأس والعُنُق، حيث يُكوِّن التصوير الطبقي المحوري صوراً تفصيليَّة للرأس والعُنُق من الداخل. قد يُستعمل التصوير بالرنين المغناطيسي أيضاً لبناء صور تفصيليَّة لمناطق مُعيَّنة في الجسم. يعتمد التصوير المقطَعيُّ بالإصدار البوزيتروني على استخدام مادَّة سُكَّرية مُشعَّة آمنة مُعدَّلة بطريقة خاصَّة بحيث يجري امتصاصُها من خلايا السرطان لتبدو كمناطق قاتمة في أثناء التصوير. ويجري حقن المادَّة السُّكَّرية في الوريد، ويقوم الجهاز بالتقاط صور تفصيليَّة تُظهر مناطق الجسم التي توجد فيها خلايا سرطانيَّة. الخُزعةُ هي الطريقةُ الوحيدة المؤكَّدة للتحقُّق من الإصابة بالسرطان. وتعني الخُزعة نزع قطعة صغيرة من النسيج، حيث يفحص اختصاصي التشريح المرضي هذا النسيج تحت المِجهر للبحث عن خلايا السرطان. إذا كان المريضُ مُصاباً بسرطان الرَّأس والعُنُق، يُحدِّد الطبيب المرحلة التي بلغها السرطان. وتصنيفُ المراحل هو مُحاولة لكشف إذا ما كان السرطان قد انتشر، ومعرفة أجزاء الجسم التي انتشر إليها إذا كان قد انتشر بالفعل. تُحدَّد المراحلُ عادة باستخدام الأرقام من واحد إلى أربعة، حيث يشير الرقم الأدنى إلى مرحلة مُبكِّرة أكثر. ويستفيد الطبيب من تصنيف المراحل في تحديد خطَّة المُعالجة المُثلى. قد تحتاج عمليَّةُ تصنيف سرطان الرَّأس والعُنُق إلى الجراحة والتصوير بالأشعَّة السينيَّة وغير ذلك من إجراءات التصوير والفحوص المختبريَّة. 
المُعالجة والرعاية الدَّاعمة
تعتمد مُعالجةُ سرطان الرَّأس والعُنُق على مكان الورم والمرحلة التي بلغها السرطان وعُمر المريض وحالته الصحيَّة العامَّة. وعلى المريض أن يُناقش مع الطبيب طرق المُعالجة والتأثيرات الجانبيَّة التي تُصاحبها. يُمكن مُعالجةُ سرطان الرَّأس والعُنُق بواسطة الجراحة، حيث يقوم الجرَّاح باستئصال السرطان وبعض النسيج السليم الذي يُحيط به. وقد يلي ذلك استخدام الأشعَّة أيضاً. يقوم الجرَّاح باستئصال العُقد اللِّمفيَّة في العُنُق إذا اشتبه بانتشار السرطان. وتُدعى هذه العمليَّة تَسليخَ العُقد اللِّمفيَّة. تستخدم المُعالجةُ الإشعاعيَّة أشعَّةً سينيَّة مُرتفعة الطاقة لقتل خلايا السرطان. وقد تكون المُعالجة الإشعاعيَّة خارجيَّةً أو داخليَّة. تنبع الأشعَّة في المُعالجة الخارجيَّة من جهاز خارج الجسم، أمَّا في حالة المُعالجة الداخليَّة، فإنَّ الأشعَّة تنبع من مُوادَّ نشيطة إشعاعيَّاً توضع في منطقة قريبة من مكان وجود الخلايا السرطانيَّة مُباشرة. المُعالجةُ الكيميائيَّة هي طريقة أُخرى لمُعالجة سرطان الرَّأس والعُنُق. وتعتمد هذه الطريقةُ على استخدام مُوادَّ كيميائيَّةٍ قويَّة جداً لقتل خلايا السرطان في كلِّ أنحاء الجسم، وتُدعى هذه المُوادُّ "الأدوية المُضادَّة للسرطان" أحياناً. قد تُتاح للمريض أحياناً المُشاركة في بعض التجارب السريريَّة لمُعالجة سرطان الرَّأس والعُنُق. وتعني التجارب السريريَّة اختبار طُرُق ومُعالجات طُبِّية جديدة. 
الخُلاصة
يعدُّ سرطانُ الرأس والعُنُق شائعاً إلى حدٍّ ما، حيث يجري تشخيصُ إصابة أكثر من نصف مليون شخص بسرطان الرَّأس والعُنُق على امتداد العالم كلَّ عام. ويرتبط خمسة وثمانون بالمائة من حالات الإصابة بسرطان الرأس والعنق باستخدام التبغ. يُصنِّف الأطبَّاء كلاً من سرطان التجويف الفموي وسرطان الغُدد اللُّعابية وسرطان الجيوب الأنفيَّة وسرطان التجويف الأنفي وسرطانات الحلق والحَنجرة والعُقد اللِّمفيَّة كأنواع من سرطان الرَّأس والعُنُق. لا يُصنِّف الأطبَّاء سرطانات الدماغ وسرطان العين والسرطان الدَّرَقيَّ وسرطان فروة الرَّأس أو الجلد أو العضلات أو سرطان عظام الرَّأس والعُنُق مع سرطانات الرَّأس والعُنُق عادة. 
تعتمد مُعالجةُ سرطان الرَّأس والعُنُق على مكان الورم والمرحلة التي بلغها السرطان وعُمر المريض وحالته الصحيَّة العامَّة. وتشمل سُبُل المُعالجة الجراحية والمُعالجة الإشعاعيَّة والمُعالجة الكيميائيَّة. لقد أصبح من المُمكن الآن، وبفضل التقدُّم في المُعالجات والتكنولوجيا الطبِّية، الشفاء من سرطان الرَّأس والعُنُق إذا اكتُشف مُبكِّراً. أمَّا إذا لم يتحقَّق اكتشافُ السرطان باكراً جدَّاً، فإنَّ فُرصة نجاح المُعالجة تبقى أفضل كُلَما اكتُشف المرض في وقتٍ أبكر. 


أخبار مرتبطة